برلماني: نمر بمرحلة تتطلب تكاتف الجميع    الطفل الأسواني أنس: حققت حلمي بمصافحة الرئيس السيسي    بعد واقعة التسمم، رئيس جامعة الأزهر ونائبه للوجه القبلي يتناولان وجبة العشاء مع طالبات الأقصر    طلب إحاطة وسؤال برلماني للحكومة بشأن أزمة التصالح على العيادات    محافظ الغربية يوجه برفع درجة الاستعداد لموسم الأمطار    عضو بغرفة شركات السياحة: تغيير نظام الترانزيت بالسعودية بسبب تلاعب بعض المعتمرين    وكالة الطاقة الذرية: المنشآت النووية في إيران لم تتأثر بالضربة الإسرائيلية    مدرب منتخب مصر السابق يفجر مفاجأة بشأن عقوبات كاف ضد الزمالك    الدوري الفرنسي.. آنجيه يتفوق على سانت إتيان برباعية وبريست يهزم ريمس    كلاسيكو الأرض| شوط سلبي بين ريال مدريد وبرشلونة    مصرع نائب رئيس مجلس الدولة فى انقلاب سيارته على طريق سوهاج الشرقي    محافظ الأقصر: حالات طالبات الأزهر بسيطة    قال عنها العندليب «مطربة كما قال الكتاب»| أهم أغاني الفنانة شريفة ماهر    أصل الحكاية | التاج الذهبي للملك «توت عنخ آمون» رمز العظمة والوحدة    خالد الجندي: لبس الرجال سلسلة فضة تشبه بالنساء.. فيديو    محافظ المنيا يتفقد سيارات خدمة الزيارة المنزلية ضمن مبادرة "بداية"    الحكومة حلت الأزمة.. الصيادلة تزف بشرى للمواطنين بشأن الأدوية    صفعة تصيب شابا بنزيف في المخ.. ماذا حدث في مدينة الصف؟    بأهداف عكسيه.. الرائد يضرب الفتح بثنائية في الدوري السعودي    بمشاركة تريزيجيه.. التعادل يحسم مباراة الريان ضد الأهلي في الدوري القطري (فيديو)    رفع لافتة كامل العدد.. استقبال مميز ل فيلم أثر الأشباح أثناء العرض العربي الأول    جورجيا.. الحزب الحاكم يعلن تصدره انتخابات البرلمان بعد انتهاء التصويت    كل السماوات تتأثر بأعمال بني آدم لهذه الأسباب.. أزهرى يُوضح بقناة الناس    كرة طائرة – مصطفى المنيري يترشح لعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري    مواصفات امتحانات شهر أكتوبر 2024 لصفوف النقل    في بيان مُصوّر.. حزب الله يُصدر أوامر إخلاء لسكان 25 مستوطنة إسرائيلية    توقعات سعيدة تنتظر 3 أبراج في النصف الثاني من نوفمبر.. «استعدوا للارتباط»    هجوم إسرائيلي على إيران.. القاهرة الإخبارية تعرض تقرير "نجاح مزعوم"    التشكيل الرسمي ل ريال مدريد ضد برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    جولة سياحية للمشاركين بالمسابقة الإقليمية لمدارس الأبطال الموحدة للأولمبياد الخاص    دمياط الجديدة .. تنفيذ 11 قرار غلق وتشميع وإزالة مبان مخالفة بعدد من الأحياء    الرئيس السيسي يشاهد فيلما عن تطوير الطرق في احتفالية القبائل العربية بنصر أكتوبر    أبو العينين يهنئ محمد اليماحي بفوزه برئاسة البرلمان العربي    «الأرصاد»: حان الوقت لارتداء الملابس الشتوية    تفاصيل مواعيد مترو الأنفاق بعد تطبيق التوقيت الشتوى.. فيديو    السيطرة على حريق داخل معهد الأورام بالقصر العيني    جمعية رجال الأعمال المصريين توقع اتفاقية تعاون مع لجنة مدينة لينيي الصينية لتعزيز التجارة الدولية    رئيس أركان القوات المسلحة يتفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى    مصر تواصل قيادة المجموعة العربية في صندوق النقد الدولي بانتخاب معيط    ألمانيا.. فريق إدارة الأزمات يجتمع وسط مخاوف بشأن الشرق الأوسط    وزير الصحة يثمن دور الإعلام في تغطية مؤتمر السكان بصورة مشرفة لمصر    مفتي الجمهورية: جمود الفكر الديني أكبر تحدي للدعوة الإسلامية في العصر الحديث    أخبار الفن.. زوج جيهان سلامة يضربها.. صدمة أحمد عز.. حجاب نجمة ذا فويس    رئيس «النواب» يهنئ محمد اليماحي لفوزه برئاسة البرلمان العربي    وزير الخارجية: أتوقع زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وأوكرانيا ل 2 مليار دولار    وفد من نقابة الصحفيين جامعة أسيوط لبحث التعاون بالمجالات التدريبية والصحية    مصرع طالب جامعي أسفل عجلات قطار في الشرقية    إعلامى يكشف عن موقف هانى أبوريدة من الترشح بانتخابات اتحاد الكرة المصري    وزير التعليم العالي يفتتح عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة الإسكندرية    صحة الدقهلية: تطعيم 7500 سجين باللقاح الكبدي الفيروسي "بي "    مدبولي: نحرص على دفع العمل في القطاعات المُنتجة لخفض فاتورة الاستيراد    «فاو» تكرم مدير مشروع حصر ومكافحة مرض العفن البني في البطاطس    وجه بها الرئيس السيسي..مدبولي :تجربة المدارس اليابانية شديدة التميز    وزير الأوقاف: القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أيد الله عز وجل بها نبيه    فيديو.. خبير سياسات دولية: إسرائيل تهول من نجاح الهجوم على إيران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 26-10-2024 في المنيا    هل تجب قراءة الفاتحة بعد الإمام في الصلاة الجهرية أم يجوز تركها؟    إغلاق المجال الجوى الإيرانى بعد استهداف مطار الخميني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سينما 2010 .. حصاد ينقصه التوازن
نشر في القاهرة يوم 04 - 01 - 2011

ولكن جاءت رسائل البحر التي أخفاها داوود عبدالسيد في زجاجته السحرية سبعة أعوام قبل أن يطلقها هادرة مدهشة.. لتشعرنا بأن النار ما زالت تشتعل تحت الرماد.
وما إن مرت فترة بسيطة حتي جاء المخرج الشاب (محمد أمين) ليقدم بفيلمه الجميل (بنتين من مصر) رؤية سينمائية عن العنوسة وأثرها النسائي في مصر.. ربما كانت رؤية يسيطر عليها التشاؤم وتطفح بالكأبة وشيء من اليأس، ولكنها تحمل في جنباتها نورًا سينمائيا باهرًا.. وميضاً حكيمًا يعرف كيف يجد موطن الداء وكيف يفقأ الدمل المليء بالقبح.
فيلمان فقط لمخرج مخضرم ومخرج شاب وقف أمام سلسلة مهيبة من أفلام رديئة في محتواها وفي أسلوبها وفي طريقة أدائها واعتمادها علي الافيهات اللفظية.. والايماءات الجنسية المكشوفة والتي تذكرنا بأسوأ ما كانت تقدمه سينما المقاولات قبل عشرين سنة أو يزيد.
وأطل علينا فيلم لمخرج شاب.. لم نكن نتوقع منه كثيرًا هو (كريم العدل) الذي فاجأنا ب (ولد وبنت) برؤية شبابية مليئة بالحيوية وكثير من الشاعرية الحيية ومن خلال وجهين جديدين استطاعا إقناعنا بعفوية وواقعية قصة حب عصرية كم كنا بحاجة لها.
عكس المتوقع
وتمامًا علي عكس ما توقعناه.. جاء الفيلم الذي طال انتظارنا له.. والذي أخرجه مخرج شاب آخر عن قصة شهيرة لفتحي غانم (تلك الأيام) مخيبًا للآمال ومليئًا بالادعاء والسفسطة.. قضي تمامًا علي الروح الجميلة والثورية التي كانت تتسم بها القصة.. والتي لم ينقذها الأداء البالغ الجودة لمحمود حميدة.
وكان علينا بعد ذلك أن ننتظر نهاية العام والانطلاق المدهش لسينما الشباب الفقيرة كي نستعيد ثقتنا واحترامنا لسينمانا القومية.ولكن قبل أن تأتي نهاية العام.. ويفاجئنا الشباب بأفلامهم الزاهية البراقة التي تعيد للسينما بهاءها.. ولأنوارها سطوعها المعتاد.
استطاع بعض هؤلاء الشباب أن يرقوا الكوميديا الهابطة بفيلمين خارجين عن نطاق الإسفاف المضاد.. والإثارة الجنسية الرخيصة هما فيلما (عائلة ميكي) و(سمير وشهير وبهير).
الأول والذي أخرجه أكرم فريد دخل بنا مرة أخري في أسلوب ضاحك.. يعتمد علي الروح الكوميدية التي رسخها مسرح القودنيل الفرنسي وخصوصًا مسرحيات فيدو ولابيش والتي تتغلغل إلي أعماق أسرة مصرية (محتشمة) اختيرت لتكون الأسرة المثالية أمام جمهور الإعلام الكبير.. ولتكشف خفاياها وأسرارها التي تبعدها تمامًا عن هذا الوصف الذي يريدون إلصاقه بها.
نقد اجتماعي خفيف، ولكنه يمس الأعماق، وأداء شديد العفوية والصدق من مجموعة الأولاد كلهم وخصوصًا (لبلبة) التي لعبت باقتدار كبير دور الأم المحجبة.. التي تكتشف فجأة أن الماء يسيل تحت قدميها وأن ما اعتقدته بيتاً ذا دعائم.. ليس إلا بيتًا من ورق.
أما الكوميديا الثانية (سمير وبشير وبهير).. فهي تنويعة مصرية حلوة.. علي فيلم (العودة للمستقبل) الأمريكي.. ولكن بروح مصرية حقة.. وبمزاج ضاحك عالمي.. وبسخرية حلوة عن (الزمن الجميل) الذي نحن إليه دومًا.. ناسين ما كان يحفل به من متناقضات وقبح أحيانًا.
فيلم متواضع وذكي.. ولكنه يمسك بقوة بأطراف الكوميديا التي طال بحثنا عنها وجاءت نهاية العام.. وانفجرت القنبلة الشابة التي طال انتظارنا لها.
ثلاثة أفلام
ثلاثة أفلام مصرية شابة.. دون نجوم كبار ودون ميزانيات ضخمة.. صنعت بالموهبة والحب والصدق تتفجر بأسماء المهرجانات العربية.. وتحوز علي الجوائز الكبري.. إلي جانب التقدير النقدي والإعجاب الجماهيري (ميكروفون) أحمد عبدالله و(678) لمحمد دياب و(الحاوي) لإبراهيم البطوط.
الأول فيلم عن إسكندرية وعن فرقها الموسيقية الشابة التي تحاول عبثًا إثبات وجودها أمام حيتان الإنتاج وانتصار الأغاني المسفة الهابطة، إنه الحلم الذي يتمسك به مجموعة من الشباب الموهوبين الذين يرفضون التنازلات حتي النهاية ويبثون ألمهم ويأسهم لهذا البحر الواسع الأزرق الذي ينظر إليهم بلا مبالاة ولكن حركة موجه المستمرة.. تدفع الدماء مجددًا إلي عروقهم.
فيلم ينشد الأمل المستحيل، والإرادة الصعبة.. والطموح الشاب والموهبة التي لا تعرف الكذب والرياء فيلم جدير بأن يحمل صفة الفيلم الشاب.. لأن كل ما فيه ينطق حيوية وصخبًا وحماسة وألمًا.. وتحديًا.
أحمد عبدالله الذي لفت الأنظار النقدية كثيرًا في فيلمه الأول (هليوبولس) يعود بقوة. هذه المرة ليثبت أنه من أهم الأعمال الشابة التي يمكن للسينما المصرية أن تعقد حولها الآمال. أما (678) لمخرجه كاتب السيناريو الموهوب محمد دياب الذي يخوض لأول مرة تجربة الإخراج السينمائي. فهو يخوض في موضوع شديد الحساسية هو موضوع (التحرش الجنسي) الذي شاع كثيرًا في السنوات الأخيرة، وأصبح حديثًا عامًا عالي النبرات.. بعد أن كان همسًا خافتًا وخجولاً، من خلال ثلاثة نماذج نسائية.. وتعاني هذا القهر الجنسي وتحاول الاعتراض عليه كل علي طريقتها قبل أن يجمعها ثأر واحد، وغاية واحدة.
فيلم جريء وصادق.. ومثير.. أعطته الممثلات الثلاث بعدًا فنيًا وجماليًا كبيرًا، ولكنهن فتحن رغم ذلك بابًا واسعًا لممثل عملاق انطلق كالصاروخ إلي القمة من خلال دوره في هذا الفيلم هو (ماجد الكدواني).
أسماء لامعة
ومادمنا نتحدث عن الأداء في أفلام هذا العام.. فعلينا كما ذكرنا اسم (الكدواني) أن نعود ونقف أمام انطلاقة الشباب (آسر ياسين) و(حسن الرداد)، في بطولات نحن بأمس الحاجة إليها.. وبأسلوب جديد وحساس يختلف كل الاختلاف عن أداء نجومنا الكبار الذين احتلوا الشاشات المصرية خلال ثلاثة عقود من الزمن.
وعلي مستوي أقل من ذلك بدرجات.. يقف محمد رمضان الذي استطاع أخيرًا أن يتغلب علي (عقدة) أحمد زكي. وأن ينطلق بأدائه وأسلوبه الخاص.. الذي يمزج فيه بين براءة الفتي المصري وخبثه في آن واحد وبين وجهه المصري الصميم.. وتعبيراته الدافئة المعبرة.
وعلي الجانب النسائي تألقت إلي جانب نيللي كريم وبشري وفدوي السباعي بطلات (678) النجمة الأردنية الكبيرة صبا مبارك.. التي حققت منذ ظهورها المصري الأول في (بنتين من مصر) نجاحًا ملحوظًا.. وضعها فورًا في قائمة نجماتنا الكبار اللائي يمكن الاعتماد عليهن في شتي الأدوار الصعبة فهي تملك الجمال والموهبة والحضور.. وهي صفات ثلاث تندر أن تجتمع مرة واحدة لممثلة واحدة.
لقد أثبتت صبا مبارك حضورها في أفلام سورية وأردنية أخرجها كبار المخرجين هناك ولكنها هذه المرة تقتحم دائرة السينما المصرية بثقة وإشعاع كبيرين.
وهناك بالطبع زينة.. التي وضعت هي الأخري بصمتها الخاصة في (بنتين من مصر) ولكنها لم تحقق لنفسها مع الأسف هذا المستوي في الأفلام التالية التي ظهرت بها.. رغم تواجدها مع نجوم كبار لهم جمهورهم الواسع.
ومادمنا نتكلم عن النجوم الكبار.. فإن هذا العام قد أعاد في نهايته بعض الألق الذي خسره (أحمد السقا) في فيلميه السابقين وجاء ابن القنصل ليعيده بطريقة ما إلي عرشه النجومي الذي مازال مقلقلاً بعض الشيء، ويحتاج إلي دعم من فيلم جديد ناجح آخر.. كي يكتمل (وجه القمر).
أما عادل إمام فقد نجح بعد كبوته المؤسفة في فيلمه الأخير.. أن يسترجع قواه كلها بضربة واحدة محكمة.. أطلق عليها اسم (زهايمر) وأثبت أنه مازال النجم الساطع الذي تعشقه الجماهير العريضة ويرفع له النقاد جميعًا قبعاتهم.
وما دام (ترمومتر) السينما.. لا يظهر حقيقته إلا من خلال مخرجيه المبدعين فإن الترمومتر المصري هذا العام قد سجل قفزة كبيرة للمخرجين الشبان الذين تجاوز عددهم السبعة أو الثمانية.. يقدمون أول أفلامهم وعدد آخر منهم يقدم شهادات دامفة علي نضجه الفني واتساع دائرة إشعاعه.
عمرو عرفة بفيلمين ناجحين.. هما ابن القنصل وزهايمر أثبت فيهما قدراته علي إدارة ممثليه.. وخلق أجوائه.
ومحمد دياب في قفزته الناجحة.. من صفحات الكتابة.. إلي ضوء الكاميرات في (678).
ومحمد أمين الذي يتابع جرأته السينمائية واقتحامه الميادين الممنوعة بذكاء وحدة وتحد.
وكريم العدل الذي أثبت أن شباب السينما في مصر مازال قادرًا علي تصوير الحب والعواطف الرومانسية.
وأكرم فريد الذي بدأ يخرج من صعار الإنتاج الرخيص لكي يحقق طموحاته الكثيرة التي طالما برهن عليها وهو مازال طالبًا في معهد السينما.
وأحمد عبدالله الذي وصل سريعًا إلي مرحلة النضج الفني بعد فيلم واحد فقط وأثبت في فيلمه الثاني أنه من المخرجين الذين ستعتمد عليهم السينما المصرية كثيرًا في مستقبل أيامها.
ويبقي إلي جانب هؤلاء كلهم داوود عبدالسيد. وفيلمه المختار (رسائل البحر) الذي يثبت رغم كل حماسنا للشباب وجيلهم وغضبهم وصرخاتهم وجمال تطرقهم أن (الدهن- كما تقول الأمثال- مازال في العتاقي).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.