اهتمت وسائل الاعلام السعودية وبعض وسائل الإعلام الكويتية علي مدار العشرين يوما الماضية بقضية شغلت الرأي العام في البلدين، إثر تعرض أحد الشباب السعوديين المقيمين في دولة الكويت لاعتداء بدني، وصل إلي حد "التعذيب" من قبل أحد ضباط "المباحث" ومعاونيه بعد مشاجرة نشبت بين الشاب وأحد المخبرين، وهو مااستدعي تدخل السفارة السعودية في الكويت، وقيامها بتوكيل أكثر من محام للدفاع عن الشاب السعودي، في تطور كاد يتسبب في أزمة سياسية بين البلدين. النيابة الكويتية بدأت أمس الأول الاحد التحقيق مع المتهمين بالاعتداء علي الشاب السعودي واسمه ماجد متعب الشمري، وعمره 17 عاما. بالطبع أنكر المدعي عليهم الاتهامات المنسوبة إليهم ، ومنها حجز "ماجد " دون وجه حق لمدة تزيد عن أربعة وعشرين يومًا تعرض خلالها إلي الضرب وممارسات غير أخلاقية وضربه بالعصا في أماكن حساسة بجسده وإجباره علي التوقيع علي اعترافات بسرقات لم يرتكبها تحت التهديد، وقيام أحد الضباط بتجريده من ملابسه مع شخص آخر وأمرهما بممارسة الفاحشة. أما عن أصول الواقعة فحكاها والد الشاب ،حيث ذكر أنه تلقي يوم الجمعة 3 ديسمبر الماضي اتصالا من قبل ضابط مباحث، والذي طلب منه إحضار ابنه الي قسم الشرطة ، ولما سأله عن السبب أجابه بأنه سيعرف عندما يحضر. فقام الاب بالاتصال بشخص يعمل مع الضابط المتصل فأخبره بان ابنه لم يفعل شيئا سوي انه تشاجر مع "مخبر" في المباحث بعد أن استفزه الأخير واستعرض قوته عليه، وطمأنه بألا يخشي شيئا علي ابنه، وبالفعل توجه الاب بابنه الي قسم الشرطة في اليوم التالي، وسلمه إلي المباحث، علي ان يعيده ذلك الشخص «الذي اتصل به الأب» إلي المنزل بنفسه في آخر اليوم، ويكمل الوالد الحكاية، فيقول إن ابنه لم يعد وفوجئ في اليوم التالي باتصال من ابنه يخبره انه أحيل إلي التحقيق، فذهب إليه والتقي بالمحقق الذي أكد له بأنه أمر باخلاء سبيل ابنه لعدم ثبوت تهمة بحقه، لكن رجال المباحث رفضوا اخلاء سبيله، وتنقلوا به بين أقسام الشرطة، وبعدها بأسبوع علم الأب بمكان ابنه فذهب إليه وقابله، وأبلغه الابن بأن ضابط المباحث وعسكريين من أفراده قاموا بتجريده وسجين آخر من ملابسهما، وأمرهما بممارسة الفاحشة معا لإثبات أيهما الأقوي، ثم وضعوا عصيا في أماكن حساسة من جسديهما، وأخبروهما انه إذا أرادا تجاوز هذه الخطوة فليوقعا علي أوراق لا يعرفان ماهيتها. حينها توجه الأب الي سفارة المملكة السعودية وأرسل المسئولون فيها برقية عاجلة بالواقعة الي وزارة الخارجية في المملكة وأمروا باتخاذ الاجراءات القانونية ووكلوا له محاميين من السفارة، كما توجه الاب الي النائب العام لتسجيل قضية هتك عرض وحجز حرية واعتداء بالضرب. بعد إثارة القضية اعلاميا وخاصة من خلال موقع"العربية.نت"، تحركت السفارة السعودية في الكويت وتلقي والد الشاب متعب الشمري اتصالات عديدة تدعوه للالتقاء بالسفير ، وهو ماتم بالفعل، إذ اعرب السفير السعودي عن اهتمامه الشخصي بالقضية ومتابعته لها مع الجهات الرسمية، وأكد السفير د. عبدالعزيز بن ابراهيم الفايز أن الاعتداء الذي تعرض له الحدث "ماجد" لن يمر دون مساءلة أو جزاء إذا ثبتت صحة الادعاءات الموجهة لهم من والد الحدث، وقال إن السفارة خاطبت السلطات الكويتية حيال القضية للتحقق من صحتها وحاليا تنتظر الرد خاصة وأن القضية لا تزال في النيابة العامة بوصفها الجهة القضائية المنوطة بنظرها". طالب السفير في نفس الوقت وسائل الإعلام بعدم تصعيد الأمور أو إثارة القضية بصورة سلبية حرصًا علي المصلحة العامة خاصة بعد ان اصبح الموضوع قضية رأي عام، وأضاف" في كل الأحوال لو ثبتت صحة الادعاء الموجه للضابط واعوانه فإنه يعتبر تصرفا فرديا ولا يمثل الاجهزة الامنية أو الشعب الكويتي الذي يستنكر هذا الحادث قبل غيره". من ناحيته أعلن والد الشاب المعتدي عليه انه قام برفع قضيتين ضد ضابط المباحث الكويتي، الأولي مدنية، والأخري عسكرية كون الضابط الكويتي "مارس اعتداءه" بمسماه الوظيفي وبصفته الرسمية، وستتولي السفارة السعودية إقامة الدعوتين. تكذيب في المقابل فند مدير مباحث منطقة حولي- المسئول المباشر عن الضابط المتهم- ادعاءات والد الحدث ، وقال" ان الشاب لم يتم احتجازه في قسم الشرطة الذي يعمل فيه الضابط المتهم يوماً واحداً، و أحيل إلي سجن الأحداث»، مضيفاً أن الحدث متورط في 29 قضية أمنية، آخرها سلب تحت تهديد السلاح"، وقال" والد الشاب سلك طريقاً خاطئاً لاتهامه جهات أمنية بالاعتداء الجنسي علي ابنه، فلا يعقل أن يطلب ضابط من محتجزين ممارسة الفاحشة، مؤكدا ان مواطني البلدين تربطهم علاقة قوية، لا تؤثر فيها الاتهامات الباطلة"، من جهته قال وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر الخالد الصباح، إن جميع المواقع المخصصة لرجال المباحث توجد فيها كاميرات مراقبة، وإن جميع ما يدور فيها يسجل بشكل مستمر، و في حال ثبوت ادعاءات المواطن السعودي وابنه، فإنه ستتم إحالة الضابط إلي المحكمة ،وأضاف انه "لن يقبل لأي إنسان، سواء كان كويتياً أو سعودياً أو أجنبياً بأن تنتهك حقوقه". اتهام من جهته اتهم والد الشاب المباحث الكويتية بمحاولة طمس الحقائق من خلال تمديد سجن ابنه حتي تزول آثار التعذيب من جسده والتي يطالب بإثباتها من أجل محاسبة المعتدين، وقال إن ابنه مسجون منذ نحو 20 يوما ويرفضون عرضه علي الطب الشرعي لإثبات الإصابات التي حدثت له، وأضاف" بعد أن علموا بأنني قدمت شكوي ضدهم علي تنكيلهم بابني، أحضروا أكثر من 30 سرقة مجهولة وألصقوها به زوراً وبهتاناً.. وأجبروه علي التوقيع علي اعترافات باطلةوأشار الشمري انه طلب مرات عدة من مراكز الشرطة التي نقل إليها ابنه أثناء التحقيق معه إرساله إلي الطب الشرعي لتوثيق الإصابات التي لحقت بابنه أثناء التحقيق معه إلا أنهم تجاهلوا طلبه "خوفاً من انكشاف أمرهم" علي حد قوله. الشاب الذي يحتجز حاليا في سجن الاحداث، أبدي عدد كبير من المحامين السعوديين استعدادهم للذهاب إلي الكويت للدفاع عنه، وأكد رئيس جمعية حقوق الإنسان السعودية د. مفلح القحطاني أن الجمعية مهتمة بموضوع "ماجد " وأنها بدأت التحرك من خلال مخاطبات رسمية للسفارة السعودية في الكويت والسفارة الكويتية في السعودية للوقوف علي حقيقة ماحدث. والد الشاب لم يجد في النهاية سوي أن يناشد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز ألا يتركاه.. ويساعداه وقال" نحن كسعوديين نعيش بشكل جيد في الكويت ولا نعاني من تفرقة ولكنه تصرف فردي من ضابط مباحث ولابد أن يحاكم عليه"، وأضاف"قضيتي ليست مع السلطة ولا وزارة الداخلية الكويتية ولا الشرطة وإنما مع ضابط المباحث الذي اعتدي علي ابني وتوقيعه علي قضايا لم يرتكبها، والتحرش الجنسي والعنف الجسدي الذي تعرض له". يشار إلي أن أكثر من 130 ألف مواطن سعودي يقيمون في الكويت حالياً ، خلافاً لآلاف الزائرين السعوديين للكويت بشكل يومي، علي حد قول السفير السعودي في الكويت، والذي أكد أن المشكلات قليلة جداً بالنسبة لعدد السعوديين المقيمين في الكويت، وأن التعامل معهم إيجابي جداً حتي وإن سجلت بعض الحوادث.