بعد مضي ما يقرب من سبعة أشهر من تقديم الفنان/ توفيق عبد الحميد لاستقالته من هذا المنصب صدر أخيرا قرار الوزير الفنان/ فاروق حسني بتولي الفنان/ رياض الخولي مسئولية رئاسة البيت الفني للمسرح، والحقيقة أن المسرحيين استقبلوا هذا القرار بسعادة وحفاوة بالغين وبتفاؤل كبير، وذلك لما يتمتع به هذا الفنان النجم من شعبية ولما يعرف عنه من جدية ودأب. الفنان النجم/ رياض الخولي ليس نجما بالمعني الشائع فقط، ولكنه فنان حقيقي يؤمن بدوره في المجتمع وبمسئولياته تجاهه وتجاه جمهوره الكبير، وهو أولا مسرحي أصيل والدليل علي ذلك أنه بالرغم من ذلك النجاح الكبير الذي حققه من خلال عشرات الأعمال التليفزيونية إلا أن انتماءه الحقيقي ظل دائما للمسرح عشقه الأول ومجال دراسته وتخصصه، وذلك إيمانا منه بأهمية ذلك اللقاء الحميمي الذي يتحقق بينه وبين الجمهور بمختلف فئاته وطبقاته، وكذلك بأهمية الدور الذي يمكن تحقيقه من خلال نشر الوعي ومناقشة القضايا الآنية وتقديم الفكر الجاد، ولذلك فقد صرح أكثر من مرة بأنه في المسرح فقط يكون مسئولا مسئولية كاملة عن اختياراته ومشاركاته الفنية، وهو ابن شرعي لمسارح الدولة التي قدم من خلال فرقها المختلفة مجموعة من أهم أدواره المتميزة وحتي عندما قرر التعامل مع فرق القطاع الخاص لم ينضم سوي لفرقة "استديو 80" لمحمد صبحي ولينين الرملي. بطاقة شخصية الفنان القدير/ رياض الخولي اسمه بالكامل: رياض إبراهيم متولي الخولي، وهو من مواليد عام 1953، وقد حصل علي بكالوريوس "المعهد العالي للفنون المسرحية" عام 1976، حيث تخرج فيه ضمن دفعة متميزة من الزملاء من بينهم علي سبيل المثال كل من النجوم: تيسير فهمي، د.مصطفي حشيش، صفاء السبع، ضياء الميرغني، نهير أمين، فاطمة محمود، أبو الفتوح عمارة والراحلين الأستاذ الأكاديمي الراحل د.سامي صلاح والفنان/ علي قاعود. وقد استطاع الفنان/ رياض الخولي أن يؤكد موهبته ويحقق نجوميته منذ تخرجه وذلك من خلال مشاركته بكثير من الأعمال الدرامية المتميزة من بينها علي سبيل المثال بالدراما التليفزيونية عشرات المسلسلات المتميزة ومن بينها: شارع المواردي، العائلة، نور القمر، أم كلثوم، الفرار من الحب، أمس لا يموت، جسر الخطر، الزيني بركات، البحار مندي، امرأة من الصعيد الجواني، علشان ماليش غيرك، حدائق الشيطان، طوق نجاة، قضية رأي عام. وكذلك في مجال السينما شارك بتقديم عدة أفلام مهمة - برغم قلة عددها - من بينها: تمت أقواله (1992)، وطيور الظلام (1996)، وجمال عبد الناصر (1998)، أما المسرح عشقه الأول فقد شارك ببطولة كثير من المسرحيات سواء بفرق مسارح الدولة أو فرق القطاع الخاص، ومن بينها بالمسرح الكوميدي: مولد وصاحبه غايب (1985)، عفريت لكل مواطن (1988)، مولد سيدي المرعب (2010)، وبالمسرح الحديث: تفاحة يوسف (1998)، وبالمسرح القومي: الناس اللي في الثالث (2001)، وبفرق القطاع الخاص: زوجة واحدة تكفي، وبفرقة استديو 80 (مع الفنان/ محمد صبحي) وجهة نظر (1989)، زيارة السيدة العجوز (1993)، ماما أمريكا (1995). الفنان/ رياض الخولي ليس بعيدا عن عالم الإدارة كبعض الفنانين فلديه بعض الخبرات الإدارية السابقة، وقد سبق له تولي مسئولية إدارة "المسرح الكوميدي" لمدة أربعة أعوام (خلال الفترة من 2001 إلي 2005)، كما تولي مسئولية إدارة "المسرح القومي" منذ ما يقرب من العام. طموحات وآمال تعددت طموحات وآمال المسرحيين خلال الأعوام السابقة في محاولة للعودة إلي عصور الازدهار والتألق المسرحي والمشاركة بدور فعال في خدمة المجتمع، وقد سبق تسجيل كثير من هذه الطموحات خلال بعض المؤتمرات والندوات والمقالات النقدية، كما سبق إعادة تسجيلها وبأساليب مختلفة من خلال الكثير من المقالات النقدية والأحاديث الصحفية لكبار النقاد والمسرحيين، واليوم ونحن مع بداية جديدة رأيت من واجبي القيام بإعادة صياغتها والحديث بصيغة الجمع لأن جميعها طموحات يتفق عليها جميع المسرحيين ويتمنون تحقيقها في القريب العاجل، هذا ويمكن إجمال أهم هذه الطموحات والآمال التي نتمني من الرئيس الجديد للبيت الفني السعي لتحقيقها في النقاط التالية: استكمال الجهود يحسب للفنان/ أشرف زكي تحمله مسئولية رئاسة البيت الفني للمسرح عام 2005 حاول بمجرد توليه المسئولية إصلاح أحوال المسرح من خلال إعلانه عن خطة طموحة بإصلاح البنية الأساسية ومحاولة اجتذاب الجمهور مرة أخري إلي مسارح الدولة بإعادة تقديم بعض المسرحيات الناجحة من الريبرتوار، مع حرصه علي إضاءة جميع المسارح بمحاولة جذب كبار النجوم وأيضا منح الفرصة كاملة لجيل جديد من الشباب، كذلك يحسب له تحمله مسئولية تنظيم "المهرجان القومي للمسرح بدوراته الخمس)، لذلك نأمل في البداية من الفنان رياض الخولي استكمال المسيرة والحفاظ علي جميع المكاسب وعدم العودة إلي نقطة البداية كما يفضل بعض المسئولين!!. التجوال بالعروض اقتصار تقديم العروض المسرحية لجمهور العاصمة فقط - وفي أشهر الصيف لجمهور المصايف - يمثل ظلما كبيرا وإجحافًا بحقوق باقي المواطنين دافعي الضرائب بجميع المحافظات، لذلك فقد سعت الفرق الخاصة منذ نشأتها ببدايات القرن العشرين علي تنظيم جولات فنية لتقديم عروضها لهذا الجمهور المتعطش للفنون بجميع المحافظات، ومن حسن الحظ أن يتولي الفنان/رياض الخولي المسئولية بعد إعادة تكوين فرقة "المسرح المتجول"، وأري أهمية تدعيم هذه الفرقة التي يديرها الفنان/عصام الشويخي بجميع الإمكانيات والوسائل التي تتيح له فرصة التجوال بصورة مستمرة بجميع الأقاليم، كذلك أري ضرورة العمل علي تنظيم جولات فنية ببعض الإنتاج المتميز للفرق الأخري وذلك بالتنسيق مع الهيئة العامة لقصور الثقافة" والاستفادة بمسارحها المجهزة علي أعلي المستويات التقنية ببعض المحافظات. استكمال البنية الأساسية عدد المسارح بكل من العاصمة والأقاليم لا يتناسب أبدا مع عدد السكان، ومازالت هناك بعض دور العرض تحت إعادة البناء والتجديد ومن بينها "المسرح القومي" و"مسرح مصر" و"مسرح ملك"، كما أن بعض المسارح الأخري تحتاج إلي التجديد والتحديث، وأري ضرورة استكمال البنية الأساسية وتحديثها وتزويدها بكل عناصر الأمن والآمان لتليق بمكانة "مصر" خاصة أنها تنظم سنويا عدة مهرجانات دولية، كما أرجو محاولة السعي لاستعادة كل من مسرحي "الجمهورية" و"معهد الموسيقي العربية" وضمهما إلي تبعية مسارح البيت الفني. استقلالية البيوت الحفاظ علي هوية كل فرقة مسرحية هدف سامي للحفاظ علي ذلك التنوع المنشود والبعد عن ذلك التشابه والتداخل مع عروض الفرق الأخري، وعندما تحافظ كل فرقة علي هويتها الفنية ونوعية عروضها ستنجح بلا شك في جذب ذلك الجمهور العاشق لهذا الشكل أو النوع المسرحي وبالتالي ستنجح في ارتباطه بعروضها وجذبه بصفة مستمرة، وعدم تحقيق فكرة استقلالية البيوت (الفرق) المسرحية لا يتيح الفرصة لمحاسبة كل مدير مسئول عن إنتاجه الفني وعن إنجازه الفعلي، لذا نطالب بضرورة تحقيق فكرة استقلالية البيوت المسرحية مع تشكيل مكاتب فنية حقيقية تكون قراراتها ملزمة تجاه تحديد الخطط الفنية مع متابعة تنفيذها. إعادة تشكيل لجان القراءة يمكن بدراسة تلك الفترات التي ازدهر فيها المسرح المصري أن نلاحظ علي الفور أهمية ذلك الدور الذي شاركت فيه "لجان القراءة" في تحقيق هذا الازدهار، حيث ساهمت تلك اللجان التي تشكلت من نخبة من كبار الأدباء والفنانين في اختيار تلك النصوص الجيدة التي تجمع بين تقديم الفكر الجيد والمتعة الفنية سواء كانت نصوصا عالمية أو محلية، وكان لهذه اللجان فضل اكتشاف العديد من المواهب الشابة في مجال الكتابة المسرحية، كما كان لها الفضل في تقديم أهم الأعمال المسرحية لكبار المؤلفين العالميين، وأري ضرورة إعادة تشكيل هذه اللجان والالتزام بقراراتها دون أي استثناءات أو مجاملات. عدالة الفرص الفنية منح الفرص كاملة لجيل الشباب هدف سامي ونبيل، ولكن يجب ألا تجور هذه الفرص علي حقوق باقي المبدعين من جيل الوسط وجيل الأساتذة الرواد، ففي المسرح متسع للجميع، ولا يمكن للجيل الجديد أن يبدع ويتألق بدون مساندة ودعم الأجيال السابقة، ومن لا ماضي له لا مستقبل له حتي ولو حصل علي بعض الفرص الحالية، ولذا أري ضرورة تمثيل جميع الأجيال وتقديم جميع الأشكال والقوالب المسرحية، وعدم الاهتمام بالعروض التجريبية فقط علي حساب تقديم المسرح الرصين، ومن الأجدي أن نحقق بالفعل شعار "تواصل الأجيال والخبرات"، هذا مع التأكيد علي ضرورة أن نحفظ للمسرح القومي مكانته ووصفه بأنه القلعة الحصينة للإبداع الحقيقي التي يقدم من خلالها كبار المسرحيين إبداعاتهم، وبالتالي يجب أن يظل بعيدا عن تلك المغامرات والاجتهادات لشباب المسرحيين . (الريبرتوار) عادة الذهاب إلي المسارح يجب غرسها في الأطفال منذ الصغر، لذا تولي الدول المتقدمة اهتماما كبيرا بمسارح الأطفال وبالمسرح المدرسي، وبمصر لدينا تجربة رائدة حينما قام رائدنا المسرحي القدير "زكي طليمات" في ثلاثينيات القرن الماضي بالدعوة إلي ضرورة الاهتمام بالمسرح المدرسي، و"مسرحة المناهج" وسيلة حديثة لكيفية تقديم المعارف بصورة جذابة ويمكن أن تصبح فرصة لتحقيق الجذب لتلاميذ وطلاب المدارس وأسرهم، كذلك فإن إعادة العروض التي أثبتت نجاحها وقدرتها علي الجذب الجماهيري يمكن استثمار نجاحها في استقطاب جمهور جديد خاصة إذا كان يشارك في بطولتها نخبة من النجوم وذلك بإعادة تقديمها بصورة منتظمة وفي أماكن مختلفة. الاتفاقات الخاصة يلعب الإعلام حاليا خاصة في عصر العولمة دورا مهما ومؤثرا، ولذا فقد أصبح الإعلان عن الأنشطة المسرحية المختلفة وتقديم العروض المسرحية من خلال القنوات التليفزيونية المختلفة ضرورة حتمية، خاصة مع صعوبة التجوال بالعروض بجميع الأقاليم، وتزايد الاختناقات المرورية المتكررة وصعوبة وسائل المواصلات، ومع ارتفاع قيمة تذاكر المسرح بالنسبة لدخل الأسر المتوسطة، وقد سبق توقيع عدة اتفاقيات مع التليفزيون المصري لتسويق وتصوير مسرحيات مسارح الدولة وإذاعتها من خلال قنواته المختلفة ولكن للأسف لم يتم تفعيل هذه الاتفاقيات، وإذا كانت الأفلام السينمائية يتم عرضها علي الشاشة الصغيرة بمجرد انتهاء عرضها بدور السينما يكون من الأجدي عرض مسرحيات فرق الدولة، هذا مع إمكانية المشاركة في إنتاج بعض المسرحيات أيضا. وأخيرا بعد تسجيل تلك الطموحات والأمنيات المسرحية لا يسعني إلا أن أدعو الله أن يوفق هذا الفنان القدير إلي ما فيه صالح المسرح والمسرحيين، وأن يكون عند حسن ظن الجميع فينجح في تحقيق طموحاتنا المسرحية، وأن توفق جهوده في سبيل جذب الجمهور إلي مسارح الدولة وفي سبيل استعادة ذلك الدور الريادي والتنويري للمسرح.