متظاهر معارض للفدرلة في بنغازي تثير فكرة الفيدرالية الكثير من المشاعر داخل ليبيا في حقبة ما بعد القذافي. يوم الثلاثاء، رقص المئات من الليبيين على وقع أغاني تمجد الفيدرالية في بنغازي، فيما أعلن زعماء محليون شرق ليبيا منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي. ولكن في نفس اليوم أعرب عدد أقل من المواطنين أمام قاعة محكمة تطل على البحر عن معارضتهم الشديدة لهذه الفكرة. وظاهريا، تبدو الدعوة وراء قدر أكبر من الاستقلالية في بنغازي معقولة نوعا ما، فالكثيرون في ثاني أكبر المدن الليبية عانوا من التهميش خلال حقبة العقيد معمر القذافي. وكانت بنغازي معروفة بأنها معقلا للمعارضة، ولذا عمل القذافي على حرمانها من المال رغم ان ثروات ليبيا، المتمثلة في النفط، تتركز شرقي البلاد. ويقول القائمون على إعلان السعي من أجل حكم شبه ذاتي إنهم "يريدون ضمان الحصول على نصيبهم العادل" من هذه الثروة. ولكن وجود النفط في هذه المنطقة كان أيضا سبب إثارة معارضة شديدة بأماكن أخرى، أو على الأقل، كان من بين أسباب ذلك. وأدان رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل الإعلان، وتحدث عن مؤامرة مدفوعة من الخارج، وأكد عبد الجليل عزمه على الدفاع عن الوحدة الوطن الليبي "باستخدام القوة"، إذا لزم الأمر، ولكنه أوضح فيما بعد أنه لا يقصد بذلك استخدام القوة العسكرية. ولكن ما الذي يدعو إليه "الانفصاليون" تحديدا؟ يرى ثائر الحيري، الذي يصف نفسه بالمتحدث باسم مؤتمر شعب برقة، أن المنطقة يجب أن تتحول إلى النظام الفيدرالي كما كان مطبقا خلال الخمسينات. وكانت ليبيا حينها مقسمة إلى ثلاث مناطق إدارية: طرابلس في الشمال الغربي؛ وفزان في الجنوب الغربي؛ وبرقة في الشرق، وكانت كل منطقة تتمتع بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي. النفط يقول ثائر "توجد مستويات من الفيدرالية، ولكل دولة نموذجا خاصا بها." وفيما بدا معظم المواطنين أثناء تدشين "إقليم برقة" يرغبون في البقاء جزءا من ليبيا، إلا أنه لا يوجد من الناحية العملية وضوح بشأن معنى الحكم شبه الذاتي. ومن المقرر في يونيو/حزيران إجراء انتخابات لاختيار جمعية تأسيسية في ليبيا تكون مهمتها صياغة دستور جديد للبلاد، وسيتضمن الدستور إجابات عن أسئلة هامة أثارها إعلان بنغازي هذا الأسبوع، مثل طبيعة العلاقة بين المناطق المختلفة في ليبيا وكيفية تقسيم عوائد النفط. ومع ذلك شرعت العديد من المدن بالفعل في تجاربها الديمقراطية الخاصة، حيث عقدت مدينة مصراته في فبراير/شباط انتخابات لاختيار أعضاء مجلسها المحلي. الاختلاف أن مواطني مصراته تعاملوا مع الأمر بسلاسة، فيما أحيط إعلان برقة بصخب إعلامي كبير. ويكتسب حدث مثل إعلان برقة أهمية بالغة في الوقت الذي تتشكل فيه ملامح الدولة الليبية الجديدة في مرحلة ما بعد القذافي. وستشهد ليبيا الكثير من الأحداث، فيما تدرس مجموعات مختلفة المواقف التي ستتبناها.