بدا التقارب الليبي البريطاني عقب زيارة بلير التاريخية إلى ليبيا كانت بريطانيا في طليعة الدول التي دعت وشاركت في الحملة العسكرية الدولية ضد نظام القذافي. وقد بدأ التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في مارس ليرجح موازين القوى لصالح مقاتلي المعارضة، وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حريصا على تجنب أخطاء سلفه توني بلير أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام ألفين وثلاثة. وتلقى كاميرون داخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية خبر مقتل القذافي، وخرج الى الصحفيين ليعرب عن فخره بالدور الذي لعبته بلاده في الحرب. قال كاميرون "إن اليوم هو وقت لتذكر ضحايا القذافي ومنهم اولئك الذين توفوا في حادث تفجير الطائرة فوق لوكيربي والشرطية ايفون فليتشر التي قتلت في أحد شوارع لندن وهؤلاء الذين قتلهم الجيش الجمهوري الايرلندي باستخدام متفجرات حصل عليها من ليبيا". عداء شديد كان العداء الشديد هو السمة الغالبة للعلاقات بين لندن وطرابلس في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم. ففي عام 1984، لقيت الشرطية ايفون فليتشر حتفها بإطلاق نار أمام السفارة الليبية في لندن أثناء احتجاج نظمه معارضون للقذافي أمام المبنى. وأفادت تحقيقات الشرطة البريطانية أن موظفا في السفارة هو الذي أطلق النار من نافذة بالطابق الأول. ثم جاءت حادثة تفجير طائرة ركاب أمريكية فوق بلدة لوكيربي في اسكتلندا عام 1988، والتي قتل فيها 280 شخصا. اتهمت بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية القذافي بإصدار الأوامر لموظفين ليبيين يعملان في مكتب للخطوط الجوية الليبية بتمرير متفجرات إلى الطائرة. وفي عام 1991 شن الجيش الجمهوري الأيرلندي هجوما بقذائف الهاون على مكتب رئيس الوزراء أنذاك جون ميجور، وحينها اتهمت بريطانيا نظام القذافي بتمويل عمليات الجيش وامداده بالأسلحة والمتفجرات في صراعه لاستقلال أيرلندا الشمالية عن التاج البريطاني. كسر العزلة وكانت زيارة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير إلى ليبيا عام 2004 نقطة التحول الحقيقية في العلاقات البريطانية الليبية. جاءت الزيارة بعد قرار القذافي التخلي عن برنامج بلاده النووي، وساعدت بشكل كبير في كسر العزلة السياسية الدولية التي فرضت على العقيد. ولم يكن النفط الليبي بعيدا عن العلاقات الليبية البريطانية، فهناك اتهامات للحكومة البريطانية السابقة بقيادة رئيس الوزراء غوردون براون بأنها مارست ضغطا على الحكومة الاسكتلندية للإفراج المبكر عن الليبي عبد الباسط المقرحي المدان بتفجير طائرة لوكيربي لقاء فوز شركة بي بي البريطانية بعقود للتنقيب عن النفط قبالة السواحل الليبية. وعندما انطلقت الثورة الليبية من مدينة بنغازي لإنهاء اثنين وأربعين عاما من حكم القذافي. ووقف رئيس الوزراء كاميرون مخاطبا برلمانه بضرورة مشاركة بل قيادة بريطانيا للغارات الجوية لحلف شمال الأطلسي لحماية المدنيين في ليبيا. راهن كاميرون على الحرب في ليبيا منذ بدايتها، وكأن لسان حاله يقول إن ليبيا ليست العراق. وكان البريطانيون يخشون أن تكون ليبيا عراقا آخر بعد أن طال أمد الحرب وتجاوزت تكلفتها الثلاثمائة مليون جنيه استرليني. وقد يعود هذا النصر الذي حققه مقاتلو المجلس الانتقالي الليبي بمكاسب سياسية واقتصادية على كاميرو ولكنه قد يعود ايضا بمكاسب اقتصادية على بريطانيا.