كل عام وأنتم بخير … إنتهت أيام البركة … ورحلت عنا أيام الرحمة … إنقضى شهر رمضان … و حُلت الأغلال عن الشياطين … وخرجت من قاع الجحيم لتعاود مزاولة مهام عملها من جديد وسط البشر … خرجت الشياطين وأخذت فى الإقتراب من البشر رويدا رويدا لكى توسوس لهم بمكر وخبث بكل سوء … وبمجرد أن إقترب الشيطان من أحد الشباب أول أيام عيد الفطر … إلتفت إليه الشاب فجأة … وأمسك به … و نظر إليه نظرة ذئب بشرى بأسنانه الصفراء وضحك تلك الضحكة الشيطانية المجلجلة الشهيرة بالانذال … و "هاتك يا تحرش" فى الشيطان . صرخ الشيطان المسكين محاولا الفرار ممزق الثياب … مبعثر الأوصال … وما أن وصل الى الخلاء … حتى وجد الملايين من أخوانه الشياطين يقفون على باب الجحيم يقرعونه وينتحبون بشدة ورعب شديدين محاولين الولوج إلى قلب الجحيم بأى وسيلة هربا من الأنسان الذى لم يعد قادرا على ترك حشرة الا وتحرش بها … وقفت الشياطين .."ودمعتهم على خدهم يا كبدى" … مما تعرضوا إليه من إهانات بليغة فى أول يوم العيد … فما بالك أيها القارئ العزيز بالجنس الأخر … السيدات والبنات والأمهات و الأخوات ؟!!! إن حجم الإهانات التى تتعرض إليها أى انثى فى أيام الأعياد والتجمعات لا يمكن وصفها ولا تخيلها … ويكفى أن يتم ذكر "الخروج من المنزل" فقط لتبدأ الأفكار و الخطط تتوارد إلى رب الأسرة فى كيفية تأمين "موكب الأسرة" منذ لحظة الخروج من المنزل الى مكان الوصول … مقارعة أفضل الخطط الأمنية لأعتى وأهم الرؤساء فى العالم … ولكن حتى هذه الخطط يتم إختراقها أمنيا بواسطة "المتحرش" . الغريب فى الأمر … أن المجتمع ما زال يتعامل مع قضية التحرش على أنها قضية إعلامية بحتة … ومجال واسع لعمل اللقاءات والحوارات والندوات … و أرضا خصبة لنشر الأخبار المثيرة التى يتهافت عليها "باقى المتحرشين" , ومع الضلال الإعلامى الصادم فى هذا الموضوع … تتفاقم الأزمة بدون وضع حلول جذرية واضحة لهذه المصيبة التى تزداد تعقيدا سنة وراء الاخرى , فبعد أن بدأت بقصة "فتاة العتبة" الشهيرة منذ سنوات عدة … وصل الحال إلى أن اصبحنا …. كلنا فتاة العتبة … ذكر أو أنثى … لا فارق … فقط اخرج الى الشارع "وسيب الباقى عليهم" . نحن الشعب الوحيد فى العالم … الذى أصبح يدفع نقودا متمثلة فى "تذكرة الاتوبيس" … وهو على دراية تامة أن الأمر لن ينتهى كوسيلة مواصلات … و أن هذه التذكرة هى إيذانا ببدأ عملية تحرش واسعة المدى … من السيد المتحرش الرسمى بأسم خط الأتوبيس المنكوب . نحن نحارب التحرش بكل قوة فى الإعلام … ولكننا كدولة … وافقنا على تقنين أوضاعه فى خطوط الأتوبيس .. وفى عربات المترو وفى طوابير الخبز وفى طوابير الأنابيب وفى التجمعات الرياضية و فى مكاتب البريد وفى المصالح الحكومية … نحن نهين المواطن كدولة ونتحرش به فى كل لحظة … ولكننا أصبحنا كما قال سرحان عبدالبصير "متعودة دايما" … لم يعد يشعر بهذا الا من يركب المترو نادرا … لم يعد يشعر بهذا الا من ساقه حظه العثر الى أحد غرف التحرش المتحركة الحمراء "الاتوبيس سابقا" فى وقت الذروة … ليُقذف منها بعد ان ينتهى منه المتحرشون … يحتضن الرصيف منهارا من حجم الإهانة … وباكيا على ما تعرض له من "تفعيص"… وكأنه حبة "طماطم". للأسف الشديد … ما زال الإعلام يخاطب الجزء المثقف من الشعب حول ظاهرة التحرش … وما زال السواد الأعظم من الناس يحاولون حل أزمة التحرش عن طريق قنوات "الدش" .. و حملات الشجب عبر الانترنت … ناسين ..او متناسين أن الأصل فى ظاهرة التحرش يندرج تحت بند الفئة الفقيرة فى مصر … وما أكثرها … وهى الفئة التى لا تلتفت كثيرا الى قنوات "الدش" الا قناة "التت" بالطبع … وهى أيضا الفئة التى اذا ذكرت لها كلمة "انترنت" اشطاطت غضبا ولن ينتهى الامر الا بالتحرش بك شخصيا …!!! متى نرى حلولا واقعية وعملية لوأد هذه الظاهرة التى أصبحت تزداد يوما بعد يوم ؟؟؟ متى نرى تدخلات رسمية من الحكومة غير مداخلات الشرطة لردع المتحرشين الذين ما إن قبضت على مائة منهم … بزغ لك ألف بديل أخر …؟؟؟ متى يمكن أن نرى خطة و رد فعل سليم لمثل هذه الظاهرة على غرار تجنيد فورى للمتحرش لمدة عام … أو تأدية خدمة إجتماعية عامة للدولة للأصغر سنا تحت رقابة الجهات الحكومية كتنظيف الشوارع أو العمل بالمخابز أو المستشفيات أو الجهات الحكومية لمدة ساعة يوميا لمدة تتراوح بين 3 الى 6 شهور … ؟؟؟ اذا كان رد الفعل رادعا تجاه المتحرش … فستختفى الظاهرة لان مؤديها سيفكر ألف مرة قبل أن يقدم على مثل هذه الخطوة …أما اذا كان رد الفعل على شاكلة "معلش ما هى العيال عندها كبت" … أو " ماهو انتم اللى بتفتحوا عيون العيال بالمناظر اللى فى التليفزيون" … أو "حرام عليكم علشان مستقبل الولد" …. فسيكون النتاج الدائم …هو مزيد من حالات التحرش الجماعى فى كل تجمع يمر على مصر . وسيأتى يوم بفعل هذه الكارثة المتفاقمة … سنرى ونستمع فيه الى الأغنية الخالدة لصفاء ابو السعود صبيحة يوم العيد كالمعتاد و نبحث فى داخل هذه الاغنية المعروضة على الشاشة عن هذا الوغد اللعين الذى يختفى وسط التجمع متظاهرا بالطفولة البريئة … سنبحث عن … سعد نبيهة المتحرش. للتواصل مع الكاتب عبر فيسبوك http://facebook.com/sherif.asaad1