نحن جميعا لدينا احتياجات ولكن احتياجاتنا لا تجعلنا اعتماديين، المهم هو أن نتقبل احتياجاتنا العميقة التي تنبع من احتياج الطفل الذي بداخلنا للحب والرعاية، وإذا لم نتقبل ذلك فإن احتياجاتنا الأكثر سطحية سوف تظهر بشكل لا شعوري وتحدث فوضى في علاقتنا مع الآخرين. هناك فارق بين الاعتمادية الصحية والاعتمادية المرضية تلك التي تنشأ عن احتياج لا شعوري للاعتماد على شخص آخر وغالبا ما يتم التعبير عنه بشكل غير صحي، ويكون فيه رفض الاعتراف بالاعتماد النفسي على شخص آخر. أما الاعتمادية الصحية فيعتمد أساسا على وعينا باحتياجنا الصحي لبعضنا البعض مما يثري حياتنا بالحب والمشاركة بيننا وبين الآخرين. الفرق كبير بين شعورنا بالاحتياج لآخر (الاعتمادية الصحية) وتوقع أو مطالبة الآخر بتلبية احتياجنا (الاعتمادية المرضية) دون وعي. الأولى ترمي إلى تحملنا مسئولية مشاعرنا ورغباتنا وأفعالنا أما الثانية أننا نحمل الآخرين مسئولية جميع ما سبق. مثال: الزوج يبحث عن حذاءه فلا يجده ويغضب من زوجته لأنه يعتقد أنها وضعته في مكان ما، هذا الزوج لاشعوريا كان يتوقع من زوجته التي أخذت دور الأم في اعتماديته عليهاأن تعنى بالطفل الذي بداخله، فإذا وعى هذا الزوج اسقاطه على زوجته وتقبل أن جزء منه يحتاج لأن ترعاه لما غضب كل هذا الغضب. مثال آخر: الأم تشتكي دوما أن أبناءها لا يكلمونها في التليفون بشكل كافي. هذه الشكوى هي ستار لا شعوري لاحتياجها للحب والرعاية، فإذا استطاعت هذه الأم أن تكون صريحة مع نفسها واعترفت بهذا الاحتياج ولا تسقطه على شخص بعينه وتحمله مسئوليته لاستطاعت أن تلبي هذا الاحتياج بطرق عديدة وربما لم يكن من ضمن هذه الطرق أبناءها. اعتماديتنا المرضية ترجع إلى احتياج الطفل داخلنا للحب وخوفنا من هذا الحب والآلية الواقية (الغضب والشكوى) لحماية هذا الطفل من الظهور حتى يتم حمايته من إحتمال الأذى أو الرفض من الآخرين وتعديل ذلك يتأتى بأن تكون لدينا الشجاعة للنظر في المرآه ونرى طفلنا الداخلي ونتقبله بكل الحب الذي يحتاجه. من الصحي أن يكون لدينا احتياج جسماني أو عاطفي أو نفسي أو روحاني للآخرين لأن هذا الاحتياج من سماتنا كآدميين ولكن من غير الصحي أن نسقط هذا الاحتياج على شخص بعينه ونتوقع منه أو نطالبه أن يفعل شئ تجاه هذا الاحتياج ويتحمل هو مسئوليته، هذا الإسقاط خانق ويتمثل فيه معظم مشكلات العلاقات الإنسانية، هذا الشخص يبحث خارجه عن مصدر السعادة ولكنه لن يجده أبدا لأن مصدر سعادتنا دائما ما يكون داخل أنفسنا.