يعتقد معظم الناس خطأ بأن احتباس الماء في الرئتين يؤدي الى حدوث الوفاة في جميع الحالات, إلا أن ذلك يعتمد على المرض الذي سبّب الاحتباس. يؤكد استشاري الأمراض الصدرية د. عبدالرحمن عناني ذلك, ويقول "يمكن علاج (الماء في الرئة) في كثير من الحالات إذا لم يكن سبب حدوثها سرطان الرئة". يرى د.عناني أن أكثر أنواع الماء شيوعا هي التي تتجمع بين الرئتين والقفص الصدري (التجويف البلوري), ويذكر أبرز الأمراض التي تؤدي إلى احتباس الماء في الرئتين وهي: ذات الرئة تعتبر ذات الرئة من أهم الاسباب المؤدية إلى احتباس الماء في الرئتين, وهي التهاب في أنسجة الرئة عادة ما يكون سببها جرثومة، حيث تمتلئ الحويصلات الرئوية بالقيح مما يسبب صعوبة في وصول الأوكسجين للدم في المنطقة المصابة. وقد يمتد الالتهاب الرئوي أو أثره إلى الدم مما يزيد شدة الالتهاب وقد يؤدي ذلك إلى الموت, يبدأ الالتهاب عندما تتغلب الجراثيم على وسائط المناعة والدفاعات الطبيعية الموجودة في الجسم عند قلة قليلة من مَنْ يتعرضون للجراثيم ومن كل الأعمار غالباً لأسباب مجهولة. أما الأسباب المعروفة التي تجعل صاحبها عرضة أكثر لحصول الاحتباس فهي: كبر السن, التدخين، وما يسببه في أذية الرئتين وباقي الجسم, وداء السكري, والفشل الكلوي, وقصور في القلب, وإدمان الكحول والمخدرات. وتظهر أعراض ذات الرئة بشكل تدريجي أو فجائي، وعادة ما يشكو المريض من: ارتفاع في درجة الحرارة مع رجفة قوية مع ارتعاش في الفكين ( ما يسميه العامة النفاضة). ويشعر بألم في الصدر وسُعال يصاحبه عادة قشع بلون صديدي أو مخضر أو بني مع وجود قليل من الدم, ويتعرق المريض وتزداد عنده سرعة النبض مع ضيق بالتنفس. أما إذا كان الالتهاب شديداً وأدى إلى نزول في نسبة الأوكسجين بالدم فتتلون الشفتان بازرقاق داكن، وقد تخف نسبة الوعي ويصاب المريض بالهذيان. هناك بعض الإجراءات التي تساعد على تقليل الاحتمال بالإصابة بذات الرئة منها: التوقف عن التدخين والمشروبات الكحولية, المحافظة على نظام غذائي متوازن وأخذ قسط من الراحة بشكل يومي. واتباع قواعد النظافة العامة، وخصوصاً غسل اليدين وتجنب مصافحة وتقبيل المصابين بالرشح والأنفلونزا، لمنع انتقال العدوى التي قد تؤدي بدورها إلى داء ذات الرئة. سرطان الرئة يؤكد د.عناني أن سرطان الرئة من أكثر الامراض خطورة على الرئتين ولا يمكن علاج احتباس الماء عند المريض, لأن المريض لا يستجيب للجراحة. ويعتبر التدخين السبب الرئيسي لسرطان الرئة, حيث ثبت أن المدخنين يتعرضون بسهولة أكثر من غيرهم لسرطان الرئة. كذلك ارتفاع نسبة التلوث للهواء يزيد من نسبة الاصابة بسرطان الرئة. ويشعر المريض بضيق في التنفس وصعوبة في اخراج المخاط من القصبة الهوائية، وذلك بسبب نمو بعض خلايا الطبقة البطانية المبطنة للقصبة الهوائية في التكاثر والنمو بنسبة أسرع من المعدل الطبيعي، مما يؤدي الى تراكمها وحدوث تداخل في عملية اخراج المخاط. وتتطور بعض الخلايا المتضاعفة بسرعة وتصبح خبيثة، وهذه الخلايا تزاحم وتقضي على الخلايا الطبيعية، ويحتبس المخاط في الرئة. وتؤلف الخلايا السرطانية كتلة او ورماً يسد القصبة الهوائية، واذا لم يستطع الجراح استئصال الورم بالكامل فان الخلايا السرطانية تنتشر لمناطق اخرى وأخيراً تسبب الموت. يتم العلاج عن طريق الاسئتصال الجراحي، وكذلك المعالجة الاشعاعية وذلك بقذف السرطان بالاشعة السينية أو جسيمات من مواد مشعة مثل (الكوبالت 60، والراديوم). السل(التدرن الرئوي) يمكن معالجة الاحتباس الرئوي في مرض السل اذا اكتشف المرض في بدايته, حسبما ذكر د.عناني, وهو مرض مزمن ينتج عن العدوى بجراثيم السل وقد يصيب هذا المرض مختلف أجزاء الجسم وهو يصيب بصورة رئيسية الرئتين. يشخص المريض بواسطة التصوير بالأشعة وبالأعراض المميزة للمرض وكذلك بوجود الجراثيم في البصاق والبلغم عند فحصها بكتيريولوجيا . والسل مرض معد, مثل الزكام، فهو ينتشر خلال الهواء, وتنتقل العدوى من خلال المرضى المصابين بالسل الرئوي فقط . فعندما يقوم الأشخاص المصابون بالسعال، العطس، التكلم أو البصق، يقومون بنشر الجراثيم، التي تعرف بعصويات السل، في الهواء . ولكي تتم العدوى يحتاج الشخص السليم أن يستنشق عددا صغيرا فقط من هذه الجراثيم . عندما يتم اكتشاف حالة سل نشطة (بوجود الجرثومة في البلغم) يتم البدء بالعلاج الذي يجب أن يعتمد على أدوية مضادة للسل تعطى بطريقة معينة وجرعات محددة. مدة العلاج تستمر من 6 إلى 8 أشهر الجلطة الرئوية تعتبر الجلطات الرئوية المسبب الرابع لاحتباس الماء في الرئتين, وهو مرض خطير ينتج عن انسداد في الشريان الرئوي. ويعزو د.عناني سبب هذا الانسداد الى الخثرة الدموية وأحياناً الخثرة الدهنية أو الهوائية، وهذه الخثرة الدموية غالباً ما تنتج عن انشطار في خثرة دموية أكبر مصدرها الأوردة العميقة في الأطراف السفلية وأحياناً في أوردة الحوض ونادراً ما يكون مصدرها تجويف القلب الأيمن . وينتج عن تمركز هذه الخثرة الدموية في الشريان الرئوي أو في فرع منه انسداد ذلك الجزء من مسار الدورة الدموية مما يسبب ارتفاعاً في ضغط الشريان ينتج عنه قصور حاد في البطين الأيمن، وهذا الانسداد يمنع وصول الدم إلى النسيج الرئوي الذي يتبع الشريان الرئوي أو فرعه المسدود. أن السبب الرئيسي في حدوث الجلطة الرئوية هو التهاب الأوردة في الأطراف السفلية وتكوين جلطات بها، وكثيراًَ ما يحدث ذلك بعد الولادة والعمليات الجراحية في البطن والحوض وجراحة العظام أو البقاء في السرير لمدة طويلة وتناول حبوب منع الحمل . كما أن حوالي 15% من الحالات لا يوجد عوامل مسببة ظاهرة لها، كما يلاحظ أن الكثير من حالات الوفاة بالجلطة الرئوية مرتبطة بتكرار حدوث الجلطات الرئوية أو بجلطة رئوية ضخمة. وللوقاية من الجلطة ينصح بقيام المريض من الفراش بأسرع وقت ممكن، وتحريك المريض خاصة الأطراف السفلية أثناء وجوده بالسرير، ووضع الجوارب الخاصة بالأطراف السفلية في بعض الأحيان. ويراعى اعطاء المريض حُقناً مميعة للدم في بعض حالات العمليات الجراحية قبل إجرائها؛ وذلك يتوقف على عمر المريض وطبيعة العملية الجراحية، كذلك في بعض حالات قصور عضلة القلب يُعطى مميع الدم بانتظام . من المفيد لتجنب الجلطة معالجة مرض الدوالي، وفي حالة السفر لمدة طويلة على المسافر أن يتجنب الجلوس المستمر، وفي حالة السفر بالطائرة لعدة ساعات يجب اتباع التعليمات الخاصة بتحريك الساقين والقدمين. أمراض القلب يؤكد د.عناني على أهمية المراجعة الطبية المستمرة لكل من يعاني من أمراض القلب والكلى والكبد, لتفادي حدوث الاحتباس. ويعاني مريض القلب من تعب عام أكثر من المعتاد، لان العضلات لا تتلقى حاجتها من الدم المؤكسج, ويشعر بلهاث وضيق نفس أثناء الجهد عندما يؤدي شخص ما جهداً عضلياً، يزيد القلب من قدرته على الضخ ليوصل كمية إضافية من الدم إلى العضلات العاملة . أما إذا كان الشخص يشكو من قصور القلب، فإن القلب لن يتمكن من نقل كافة الدم من الرئتين عندئذ، تحتقن الرئتان، مما يؤدي إلى صعوبة التنفس . وقد يشكو المريض من ضيق الصدر أو النفس عند الاستيقاظ من النوم أو أثناء الاستلقاء بشكل أفقي في هذه الوضعية، تتواجد كمية من السوائل الزائدة في الدم، يمكنها أن تتوضع في الرئتين و يشعر المريض بأنه أفضل حالاً عند استخدامه عدة مخدات للنوم . ويعاني مريض القلب من انتفاخ القدمين والكاحلين ذلك أن الجسم يحبس كمية من الماء أكثر مما يجب عندما يكون هناك سوء دوران للدم . وقد يشكو المريض من زيادة الحاجة للاستيقاظ والتبول ليلاً، نتيجة زيادة كمية السوائل الموجودة في الدم أثناء الراحة, ويشعر بأن القلب يخفق أسرع من المعتاد أو بشكل غير منتظم. وتؤدي جميع الامراض المذكورة إلى احتباس الماء في الرئة, وينصح د.عناني بالمراجعة الطبية المستمرة لكل من يعاني من هذه الامراض, لمنع حدوث الاحتباس وعلاجه قبل فوات الأوان.