سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير ل"الإقليمي للدراسات": الجاذبية الفكرية السبب في انضمام الجهاديين إلى "داعش".. الظروف الإقليمية وإعلان التحالف الدولي ساعد في جذب أعداد كبيرة منهم.. احتمالات تراجع تدفقهم لصفوف التنظيم محل شك
أكد تقرير لوحدة دراسات الأمن الإقليمي بالمركز الإقليمي للدراسات، أن "الجاذبية الفكرية" هي السبب في اتجاه الكثير من المقاتلين الجهاديين للانضمام لتنظيم "داعش"، إضافة إلى تصاعد نشاطه غير المسبوق، وخاصة أن الظروف الإقليمية ساعدت التنظيم على جذب أعداد منهم، وهو ما يعني أن احتمالات انحسار ظاهرة تدفق المقاتلين على "داعش" خلال الفترة المقبلة تبقى محل شك. واعتبر التقرير والذي يرصد الأسباب والتداعيات التي تدفع الجهاديين للمقاتلة في صفوف التنظيم، أنه يمثل حالة فريدة في أوساط التنظيمات الجهادية، من حيث النشأة والقواعد الفكرية التي يتبناها، إضافة إلى سرعة تطوره وقوة انتشاره، الأمر الذي أدى في النهاية إلى زيادة أعداد المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون في صفوفه. ولفت التقرير إلى أن نحو 15 ألف مقاتل أجنبي من 80 دولة سافروا إلى سوريا والعراق للمشاركة في القتال إلى جانب تنظيم "داعش" وبعض التنظيمات المتطرفة الأخرى، بشكل ربما يفرض تداعيات سلبية عديدة في الفترة القادمة، مؤكدًا على أن استقطاب عناصر جديدة من المقاتلين الأجانب يمثل أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت التنظيم إلى الإصرار على السيطرة على منطقة "كوباني"، التي سوف توفر له ممرًا مهمًا يمكن من خلاله زيادة أعداد مقاتليه. وأشار التقرير إلى أنه ومنذ أن تأسس تنظيم "داعش"، بدأ الجهاديون يتدفقون من مناطق مختلفة من العالم بهدف الانضمام إليه، خاصة بعد الإعلان عن تشكيل التحالف الدولي لمواجهته، حيث لم تشهد الحالة الجهادية من قبل وجود تنظيم جهادي يضم مقاتلين متعددي الجنسيات بهذا الشكل، ولا حتى تنظيم "القاعدة" الذي كان يمثل المرجعية الجهادية من قبل. وأضاف التقرير:" حتى بعد الضربات العسكرية التي وجهها التحالف الدولي ضد "داعش"، لم يتوقف تدفق المقاتلين إلى التنظيم، حيث أشارت تقديرات عديدة إلى عبور ما يقرب من ألف مقاتل شهريا إلى الحدود السورية من أجل القتال إلى جانب التنظيم. ويتنوع المقاتلون الجهاديون الذين يقاتلون في صفوف "داعش"، ما بين مقاتلين كانوا ينتمون إلى تنظيمات عابرة للحدود، مثل تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ثم انشقوا عنها من أجل الالتحاق ب"داعش"، أو عناصر من الجماعات السلفية الجهادية، أو مقاتلين من تنظيمات مسلحة محلية. وحول تفسير أسباب اتجاه المقاتلين الأجانب إلى الانضمام لتنظيم "داعش" يشير التقرير إلى أنه يمكن الإشارة إليها في ضوء أربعة عوامل،" التشدد الفكري، إعلان الخلافة الإسلامية، الأبعاد الطائفية للصراعات في المنطقة، الحرب الدولية على داعش" وفيما يتعلق بالمحدد الأول، " التشدد الفكري" فيقول التقرير بأن تنظيم "داعش" يتسم بتشدده الفكري والعقائدي، الذي وصل إلى درجة أنه أصبح محل انتقاد من قبل منظري الفكر الجهادي، وعلى رأسهم أبو محمد المقدسي، الذي وصف فكر التنظيم بأنه "شديد التطرف والعنف"، وهو ما يبدو أنه وفر فرصة للتنظيم لضم عناصر من التيارات الجهادية الأخرى الأقل تشددا، خاصة أن الأخيرة تسعى، من الناحية الفكرية، للالتحاق بالتيارات الأكثر تطرفا التي تعتبر، في رؤيتها، "أكثر إيمانا". ويذهب التقرير إلى أن إعلان الخلافة صار حدثا فارقا في تاريخ التيارات الجهادية، حيث أنها المرة الأولى التي يقدم فيها تنظيم جهادي أو إسلامي على إعلان "الخلافة" وتنصيب "خليفة"، وهو الهدف الذي يسعى معظم الجهاديين حول العالم إلى تحقيقه، بشكل دفع كثير منهم إلى الانضمام لتنظيم "داعش". وفيما يتعلق بالأبعاد الطائفية للصراعات في المنطقة، يلفت التقرير إلى أن التنظيم تمكن من حشد وتعبئة كثير من الجهاديين حول العالم للمشاركة في القتال ضمن صفوفه من خلال التأكيد على أنه "جهاد من أجل الدفاع عن أهل السنة ضد اعتداءات الشيعة الذين يحاولون القضاء عليهم"، وهو ما دفع العديد من الجهاديين إلى الانشقاق عن التيارات التي كانوا ينتمون إليها والانتقال إلى القتال ضمن جانب "داعش". ويلفت التقرير إلى أن الحرب الدولية على التنظيم منحته فرصة لاستقطاب تعاطف وتأييد العديد من التنظيمات الجهادية والتيارات السلفية المنتشرة في المنطقة، مما أدى إلى تدفق الجهاديين بشكل واضح، خاصة من منطقة شمال أفريقيا التي تعد المورد الأول للمقاتلين في "داعش". ويؤكد التقرير على أنه ثمة تداعيات خطيرة تفرضها تزايد أعداد المقاتلين في صفوف التنظيم، تتمثل في:تصاعد ظاهرة "العائدين من الجهاد"، إذ من المتوقع أن يتجه الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى "داعش"، للعودة إلى دولهم الأصلية، وهم يتبنون الأفكار المتطرفة والعنيفة، بشكل ربما يؤثر على السلم الاجتماعي في تلك الدول، خاصة إذا حاولوا تطبيق هذه الأفكار داخل مجتمعاتهم. كما أن تمدد الفكر "الداعشي"، ربما يؤدي أي سقوط محتمل لتنظيم "داعش" بفعل الضربات التي يتعرض لها، إلى خلق حالة من "التشتت الجهادي"، سوف ينتج عنها، في الغالب، توزيع المقاتلين على مناطق أخرى، سواء بالعودة إلى دولهم أو الهروب إلى دول أخرى، وهو ما يدعم من احتمالات نشر الفكر "الداعشي" الذي أصبح يؤمن به ويعتنقه هؤلاء المقاتلون في المحيط الذي سيتواجدون فيه. ومن بين التداعيات الخطيرة للتنظيم، وفقا للتقرير، تأتي عملية ظهور جيل جديد من الأفكار المتطرفة، لا سيما أن "داعش" يجمع تحت مظلته العديد من الجهاديين الذين يتبنون أفكارا جهادية متباينة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى نشأة جيل فكري جديد ربما يكون أشد تطرفًا من الفكر "الداعشي" ذاته.