مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديدة 3 يوليو    رئيس لجنة الصناعة ب«الشيوخ»: 30 يونيو ثورة شعب ضد قوى التطرف والتخلف استجاب لها قائد عظيم لتحقيق طموحات الشعب    رابطة مصنعي السيارات تكشف السر وراء أزمة توقف الاستيراد وتحرك الأسعار (فيديو)    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 30 يونيو 2024 بعد آخر انخفاض    "الخلايجة بيخرجوا بليل".. مصطفى بكري معلقاً على قرار غلق المحال العاشرة مساء    نقيب الفلاحين يبشر المزارعين: إنفراجة قريبًا في أزمة الأسمدة    الطيران الحربي الإسرائيلي يخرق جدار الصوت في مناطق جنوب لبنان وبيروت والبقاع شرقا    يورو 2024.. تعرف على رجل مباراة ألمانيا والدنمارك بدور ال16    ياسر حمد يعلن رحيله عن الزمالك    تشكيل الأرجنتين المتوقع ضد بيرو في كوبا أمريكا 2024.. هل يشارك ميسي ؟    نجم الزمالك السابق: هدف الاتحاد السكندري صحيح 100%    يورو 2024 - مدرب جورجيا: مؤخرا كرة القدم كانت مثل كرة تنس طاولة بين رونالدو وميسي    حسام حسن يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو    «اعتاد الانسحاب من القمة».. نجم الأهلي السابق يسخر من قرار الزمالك    "اعرف نتيجتك".. الآن نتائج الثالث متوسط 2024 عبر موقع نتائجنا بالاسم فقط    الأمعاء والرئة ب5.5 مليون جنيه.. اعترافات المتهم بقضية طفل شبرا الخيمة (مستندات)    مراجعة أهم 100 سؤال في اللغة الإنجليزية للصف الثالث الثانوي (لغة أجنبية أولي PDF)    أحمد موسى يهاجم واضعي امتحان الفيزياء: بتخترعوا أسئلة.. مينفعش تفردوا عضلاتكم على حساب الطلبة    وزير خارجية اليمن: جماعة الحوثي تستغل حرب غزة لمنح نفسها دعاية نصرة القضية الفلسطينية    خبير استراتيجي: جرائم الكيان الصهيوني تتطلب موقفا عربيا ودوليا موحدا    من هم المرشحون السبعة لانتخابات الرئاسة في موريتانيا؟    أحمد موسى يكشف موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة -(فيديو)    بالتزامن مع بداية امتحاناتها.. 14 معلومة عن برامج الماجستير والدكتوراة المهنية بجامعة الأقصر    عاوز يبيع له بسعر أعلى.. صاحب مخبز بسوهاج يتعدى على طالب ويصيبه بحروق (فيديو)    بعد اشتعال الموبايل في بنطلونها.. 4 أسباب تؤدي إلى انفجار الهواتف الذكية (احذرها بشدة)    خبير اقتصادي: الحزمة الأوربية لدعم مصر تقدر ب57 مليار دولار    المصيلحي: توريد 3 ملايين طن و551 ألف طن في الموسم الجديد، سداد 45 مليار جنيه للموردين، والتعاقد على 470 ألف طن قمح مستورد    أبرز حالات إخلاء سبيل متهم وظهور أدلة تلغي القرار    أمير هشام يكشف تفاصيل صفقة يوسف أيمن مع الأهلي    الزنداني: القضية الفلسطينية أولوية بالنسبة لمصر واليمن    منتخب ألمانيا يتأهل لربع نهائي يورو 2024 بالفوز على الدنمارك.. فيديو    خبير عسكري: لا يوجد علاقة بين الصراع في غزة وما يحدث في جنوب لبنان    منظمة التحرير الفلسطينية: ما يحدث من صراعات مقدمات لحرب عالمية ثالثة    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 30 - 6 - 2024    "مفيش في جيبه غير 5 جنيه".. العثور على جثة شاب مجهول الهوية بالمنوفية    بأغنية «نويت أعانده».. لطيفة تتصدر «تريند X» في عدة دول عربية | شاهد    حدث بالفن| موقف محرج لمحمد رمضان وميسرة تكشف كواليس مشهد جرئ مع عادل إمام    د.حماد عبدالله يكتب: "البلطجة والسفالة" وسكان القصور!!    شائع الزنداني: القضية الفلسطينية أولوية بالنسبة لمصر واليمن    المحروسة يحتل المركز الخامس والعشرين في قائمة الأكثر رواجا على مستوى العالم    حظك اليوم برج الميزان.. أحداث سعيدة في طريقها إليك    إصابة 4 أشخاص بينهم طفل بلدغات سامة في الوادي الجديد    هيئة الدواء تصدر ضوابط لصرف المضادات الحيوية بالصيدليات    أبوالغيط: أمريكا استخدمت الكذبة الكبرى المسماة بحقوق الإنسان    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التموين: سداد فارق تصنيع الخبز المدعم للمخابز البلدية    شائع الزنداني: العلاقات بين مصر واليمن متجذرة ومتميزة    تحرير 13 محضرا تموينيا ضد مخابز بالفيوم لصرفهم وتهريبهم دقيق مدعم    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محطات بارزة فى قضية العرب المركزية.. مؤتمر بازل نواة المؤامرة اليهودية ضد فلسطين.. انتفاضة الحجارة تقود عرفات إلى أوسلو.. و«الأقصى» تنتهى بوفاته.. حماس والسلطة عنوان للانقسام الفلسطينى
نشر في البوابة يوم 31 - 10 - 2023

تعد قضية فلسطين سلسلة متصلة من الأزمات والمآسى والاتفاقيات المنقوضة والوعود الواهية وهى تشبه "حوار الطرشان" بين أناس يطلبون الحد الأدنى من حقوقهم، وأناس يرفضون التنازل عن أشياء لا حق لهم فيها.
من صلاح الدين إلى ألنبي
وبالعودة إلى صفحات التاريخ تخبرنا كيف أعاد الناصر صلاح الدين الأيوبى مدينة القدس إلى المسلمين فى أكتوبر من عام 1187، بعد دحر الحملة الصليبية إلا أن دأب الصليبيون ومن بعدهم الغرب طوال العقود التالية لهذا التاريخ، لاستعادة السيطرة على القدس استمر حتى عام 1917 حينما وصل الجيش البريطانى بقيادة الجنرال أدموند أللنبى، لتؤول لبريطانيا السيطرة على الشام وفقا لاتفاقية سايكس بيكو الموقعة فى مايو 1916 بين فرنسا وبريطانيا.
ولم يكن وصول ألنبي، إلى القدس وليد الصدفة فقد سبقه بعشرين عاما انعقاد أول مؤتمر صهيونى فى مدينة بال السويسرية عام 1897 لمدة ثلاثة أيام، برئاسة الصحفى النمساوى اليهودى تيودور هرتزل، وبدأت الحركة الصهيونية تطالب بإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين.
وخرج المؤتمر بمقررات أبرزها، تشجيع الاستعمار اليهودى فى فلسطين، والقيام بمساعٍ مختلفة لدى الحكومات للحصول على موافقتها على تنفيذ الأهداف الصهيونية.
كان ذلك المؤتمر هو استهلال لما سيعرف بعد ذلك ب"القضية الفلسطينية" التى باتت قضية العرب الأولى، على مدار أكثر من قرن من الزمان.
صدور وعد بلفور
وبعد أقل من شهر واحد على وصول ألنبى إلى القدس، أصدرت بريطانيا وعد بلفور فى نوفمبر من عام 1917 والموصوف ب"وعد من لا يملك لمن لا يستحق"، وجاء نصه: "عزيزى اللورد روتشيلد: يسرنى جدًا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالى الذى ينطوى على العطف على أمانى اليهود الصهيونية وقد عرض على الوزارة وأقرته.
وتابع نص القرار: "إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية والدينية التى تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة فى فلسطين ولا بالحقوق أو الوضع السياسى الذى يتمتع به اليهود فى البلاد الأخرى، وسأكون شاكرًا لو تكرمتم بإحاطة الاتحاد الصهيونى علمًا بهذا التصريح".
بلفور
وفى وقت صدور هذا الوعد المشئوم، كان الفلسطينيون يمثلون 92٪ من مجموع السكان، ومن الملاحظ فى فترة الحكم العثمانى أن السلطة العثمانية لم تعارض إقامة اليهود فى أراضيها ولكنها كانت تعارض هجرتهم إليها من الدول الأخرى والتوجه إلى فلسطين تحديدًا، فمنذ البداية أصدر "الباب العالي" التعليمات إلى قناصله بإبلاغ اليهود الراغبين فى الهجرة إلى فلسطين، بعدم السماح لهم بالاستيطان فى فلسطين كأجانب، وأن عليهم اكتساب الجنسية العثمانية والالتزام بالقوانين السارية فى الولايات التى يرغبون الإقامة فيها، لكن وبرغم الموقف الرسمى للحكومة العثمانية كان هناك ازدياد ملحوظ للنشاط الاستيطانى اليهودى فى فلسطين بطرق ملتوية من خلال دعم القناصل الأجانب لهم، ولم يتوان اليهود يوما عن محاولات شراء الأراضى وإقامة المستوطنات عليها.
ورغم ذلك ازداد نشاط القوى السياسية الصهيونية وتعزز الاستيطان الصهيونى خلال "الهجرة الثانية" خلال الفترة (1904-1914م)، وساعد على ذلك فساد جهاز الدولة العثمانى فى ذلك الوقت وتواطؤ بعض العثمانيين مع الحركة الصهيونية، ونشاطات قناصل الدول الأجنبية لصالحها.
الانتداب على فلسطين
وفى 24 يوليو من عام 1922 أصدرت عصبة الأمم صكا رسميا ينص على أن الدولة المنتدبة على فلسطين هى بريطانيا، وهى وثيقة بمثابة تكليف لبريطانيا بتنفيذ وعد بلفور واستمر الانتداب البريطانى حتى 27 نوفمبر 1947 وهو تاريخ صدور قرار التقسيم.
الهجرة بعد وعد بلفور
كان وعد بلفورد والانتداب البريطاني، أمرين يمثلان حصانة لليهود بالهجرة إلى الأرض العربية فى فلسطين، وتحضيرا لإعلان دولتهم المزعومة، وفى السنوات العشر الأولى للانتداب دخل فلسطين، ما يقارب (76400) مهاجر يهودى جاء غالبيتهم من بلدان أوروبا الشرقية، ومع نشاط الهجرة المتزايد إلى فلسطين أدرك العرب ضرورة مقاومة الصهيونية وتحيز السلطات لها، فتفجرت الثورة التى كانت شرارتها هى حادثة البراق فى 24 سبتمبر 1928، بعد 11 عاما على صدور وعد بلفور.
وبدأت شرارة الأحداث حينما حاول اليهود الاستيلاء على الجدار الغربى للمسجد الأقصى الذى يملكه المسلمون، وهو ما أسفر عن حشد التأييد العربى للقضية الفلسطينية من الأقطار العربية، وكانت بداية ما عُرف بثورة البراق التى شهدت أحداثا دامية كان على أثرها مداهمة العرب للتجمعات اليهودية فى الخليل ونابلس وبيسان وصفد، وحينها هبت القوات البريطانية للدفاع عن اليهود، مستخدمةً أقصى درجات القمع ضد المتظاهرين العرب، واستنجدت بقوات من مصر واستخدمت الطائرات وقوات المشاة والمدرعات إضافةً لإطلاق النار المباشر، وألحقت الدمار بقريتى لفتا ودير ياسين وغيرهما، وقدم للمحاكمة ما يزيد على الألف شخص معظمهم من العرب، كما صدر الحكم بإعدام (26) شخصًا بينهم (25) عربيًا ويهودى واحد.
واستمرت معدلات الهجرة إلى فلسطين، فى التنامى ووصلوا فى عام 1930 إلى (104.750)، ووصل خلال الستة أعوام التالية إلى (284.645) أى بزيادة تعادل (164 ٪)، وهذه الأرقام لا تتضمن الأعداد التى دخلت البلاد بطرق غير شرعية.
مؤتمر إسلامى 1931
ولما تداركت الدول الإسلامية، الخطر الذى يهدد الأرض العربية فى فلسطين، عقد مؤتمر إسلامي فى ليلة الإسراء والمعراج بتاريخ (27 رجب 1350ه) الموافق 7 ديسمبر 1931 حضره ممثلون عن 22 بلدًا إسلاميًا، ولفيف من الشخصيات البارزة فى العالم العربي، وخلال افتتاحية المؤتمر أكد المفتى "محمد أمين الحسيني" على أهمية فلسطين والأقصى فى العالم الإسلامى كما أكد المؤتمر شجبه للصهيونية والسياسة البريطانية فى فلسطين والهجرة اليهودية إليها، وكان من قرارات المؤتمر إنشاء جامعة إسلامية فى القدس ومقاطعة جميع المصنوعات الصهيونية فى الأقطار الإسلامية وتأسيس شركة زراعية فى فلسطين لإنقاذ أراضى المسلمين.



ثورة 1936
تعد ثورة 1936 إحدى العلامات الفارقة فى تاريخ فلسطين، وانطلقت الثورة فى فبراير 1936 وكانت شرارتها رفض مقاول بناء يهودى تشغيل أى عامل عربى فى بناء ثلاث مدارس فى يافا كان قد تعاقد على بنائها مع الحكومة، وتجمع على أثر ذلك العمال العرب فى موقع المدرسة ومنعوا العمال اليهود من الوصول إليه، وفى 15 أبريل قتل يهودى وأصيب آخر بجراح خطيرة، ورد اليهود على ذلك بذبح قرويين عرب داخل بيوتهم فكانت تلك البداية، حيث تصاعدت أعمال العنف واشتد التوتر فى شتى أنحاء فلسطين، وبسبب تصدى الجيش البريطانى للمظاهرات العربية، حيث أردى العديد من القتلى فى صفوف العرب وكذلك الجرحى وأعلن الإضراب العام فى جميع أنحاء فلسطين، وازدادت حركة المقاومة الشعبية، حيث أخذت شكل جماعات وتمركزت فى الجبال وانضم لهم العديد من المتطوعين العرب شرقى الأردن وسوريا ولبنان والعراق، وتحولت مجموعات المقاومة إلى ثورة شعبية مسلحة تساندها كل فئات الشعب، واتخذت الثورة أساليب متنوعة مثل تدمير الجسور ونسف السكك الحديدية وتدمير أنابيب النفط ومهاجمة الثكنات العسكرية وضرب مواقع الجيش البريطاني، كما استخدم البريطانيون الطائرات والمدرعات والمدفعية فى كثير من الأحيان للتصدى وقمع تلك الثورة، مما زاد من ثورة الشعب.
نواة مشروع التقسيم
كانت بوادر الحديث عن تقسيم فلسطين قبل إنشاء مجلس الأمن الدولى بثمانى سنوات حيث نشرت اللجنة الملكية البريطانية والتى كان يرأسها اللورد "بل" فى 7 يوليو 1937 تقريرًا تناول عرض وجهة نظر كل من زعماء العرب واليهود وأوصت اللجنة بأنه لا يمكن حل مشكلة فلسطين إلى على أساس اقتراح مشروع تقسيم فلسطين.
وتضمن التقرير عدة نقاط هي:
1- إنشاء دولة يهودية تقسم القسم الشمالى والغربى من فلسطين، وتمتد على الساحل من حدود لبنان إلى جنوبى يافا، وتشمل عكا وحيفا وصفد وطبرية والناصرة وتل أبيب وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا.
2- تقع الأماكن المقدسة تحت الانتداب البريطانى بما فيها (القدس وبيت لحم) يصلهما ممر بيافا وتشمل اللد والرملة والناصرة أيضًا ودولة الانتداب مكلفة بحماية هذه الأماكن.
3- تضم الأراضى الفلسطينية (القسم الجنوبى والشرقى من فلسطين) ومنها مدينة يافا إلى شرق الأردن وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا.
4- تدفع الدولة اليهودية مساعدة مالية للدولة العربية وتمنح بريطانيا مليونى جنيه إسترلينى للدولة العربية.
5- يجرى ما يسمى بتبادل السكان بين الدولتين العربية واليهودية، وينقل العرب من الدولة اليهودية إلى الدولة العربية وعددهم (325) ألفًا بشكل تدريجى وتهيئ لهم أرضا فى منطقة بئر السبع بعد تحقيق مشاريع الري.
6- تعقد معاهدة جمركية بين الدولتين لتوحيد الضرائب بينهما على أكبر كمية ممكنة من البضائع المستوردة.
وكان الرد العربى الفلسطينى على قرار التقسيم هو الاستمرار فى الثورة ما حدا بتأجيل طرح قرار التقسيم، وبقيت الثورة مشتعلة حتى نشوب الحرب العالمية الثانية.
استدارة صهيونية إلى الولايات المتحدة
استمرت بريطانيا ممسكة بتلابيب القضية الفلسطينية، حتى انتهت الحرب العالمية الثانية فى عام 1945 والتى خلقت نظاما عالميا جديدا، وأدركت الحركة الصهيونية آنذاك أن بريطانيا باتت قوة منهكة وبدأت الكفة تميل ناحية الولايات المتحدة التى قلبت موازين القوى فى الحرب العالمية.
لتبدأ الحركة الصهيونية فى مضاعفة نشاطها السياسى فى الأوساط الأمريكية العليا على اعتبار أنها الوحيدة التى بمقدورها ممارسة الضغط على الحكومة البريطانية للتسليم بمطالب الصهيونية، وبالفعل تمكنوا من استمالة الرئيس الأمريكى "هارى ترومان" الذى ما أن استقر فى البيت الأبيض حتى وجه رسالة إلى رئيس الوزراء البريطانى "تشرشل" فى 24 يوليو 1945، كما طلب من رئيس الوزراء البريطانى الجديد "أتلي" فى رسالة وجهها له فى 31 أغسطس 1945 بإدخال مئة ألف يهودى إلى فلسطين.
معركة مشروع التقسيم 1947
وفى سبتمبر من عام 1947 شكلت لجنة فى الأمم المتحدة بناء على طلب من الحكومة البريطانية وأطلق عليها لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين "انسكوب" "UNSCOP" وتكونت اللجنة من 11 عضوا بعد استبعاد الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية فى مجلس الأمن بحجة أن اشتراكها قد يفضى إلى وضع تقرير متحيز.
واختير الأحد عشر عضوا من دول "أستراليا والسويد وكندا والهند وتشيكوسلوفاكيا وإيران وهولندا وجواتيمالا وبيرو والأورجواى ويوغسلافيا"، وعيّن القاضى "أميل ساندوستروم" السويدى رئيسًا للجنة، على أن تقدم تقريرها في سبتمبر ويكون التقرير شاملًا لحل المشكلة بما تراه اللجنة من مقترحات.
واحتج العرب على إرسال لجنة أخرى إلى فلسطين وتم التصويت ضد القرار وكان تشكيل اللجنة فى حد ذاته يمثل تحيزًا ضد العرب، لأن بعض أعضائها معروفون بميولهم للصهيونية أو يقعون تحت الضغط الأمريكي.
وأنهت اللجنة تقريرها فى 31 أغسطس 1947 وعرضته على الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان التقرير قد اشتمل على إحدى عشرة توصية تتضمن رؤيتها لتقسيم فلسطين.
- تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وجزء منها تحت الوصاية الدولية تتولى إدارته الأمم المتحدة، بحيث يكون ما يقارب 56٪ منها لليهود، كما نص قرار التقسيم على تنظيم الهجرة اليهودية.
أعلنت الهيئة العربية العليا رفضها لتلك المشاريع، وفى اليوم التالى من نشر التقرير عبرت "جولدا مايرسون مائير" ممثلة الوكالة اليهودية عن قبولها الضمنى بمشروع الأكثرية.
فيما عبر العرب عامة وعرب فلسطين خاصة عن استيائهم الشديد من هذا المشروع، وخرجت الشعوب العربية بكاملها فى مظاهرات رافضة لمشروع التقسيم فى العراق وسوريا ولبنان ومعظم الأقطار العربية وعلى أثر ذلك سارعت اللجنة السياسية فى جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع لها فى صوفر بلبنان فى 6 سبتمبر 1947 لدراسة محتوى تقرير اللجنة واتخاذ موقف سياسى عربى موحد، وعلى غرار الاجتماع تم اتخاذ قرارات لمواجهة هذا المشروع.
وفى الأرض العربية بفلسطين، قاوم السكان، استيطان اليهود واتسعت وشملت جميع أنحاء البلاد، وقامت معارك طاحنة استخدمت فيها كل الأسلحة وراح ضحيتها العديد من القتلى والجرحى.
وبسبب هذه الاضطرابات الخطيرة انعقد مجلس الأمن الدولى فى 19 مارس 1948 للنظر فى الحالة الخطيرة التى آلت إليها الأوضاع فى فلسطين، اتضح أنه وإزاء هذه الأوضاع لا يمكن العمل على تنفيذ مشروع التقسيم بالطرق السلمية، ويجب أن يتم تنفيذ المشروع، وهنا قرر اليهود إحباط كل محاولة يقوم بها مجلس الأمن قد تبطل مفعول قرار التقسيم ولوضع الأمم المتحدة أمام الأمر الواقع بدأ اليهود هجومهم المسلح فى عملية "نخشون" ونجم عنها الاستيلاء على قرية القسطل العربية فى قضاء القدس.
وفى 9 أبريل 1948 استطاع عبد القادر الحسينى والمجاهدون معه فى معركة حربية قوية طرد اليهود من القسطل، حيث سقط شهيدًا فيها، فعاد اليهود بعد ساعات مستغلين تشييع المواطنين والمجاهدين لزعيمهم واحتلوا القرية بعد أن دمروها كاملة.
وفى نفس الوقت وكجزء من خطة الهجوم بادر الصهاينة إلى تدبير مذبحة "دير ياسين" الواقعة قرب القدس، حيث اقتحموا القرية بالأسلحة الثقيلة ومثلوا بأهلها فراح ضحية هذه المجزرة 250 فلسطينيا أغلبهم من النساء والأطفال، ووصف الكاتب اليهودى "جون كيمي" هذه المذبحة المريعة بأنها "أبشع وصمة فى تاريخ اليهود".
كان الانجليز عونًا لليهود فى تحقيق مآربهم، حيث قاموا بتدريبهم خلال فترة الانتداب ومدهم بالسلاح، وكلما انسحبوا من منطقة فى عام 1948 سلموها إلى اليهود وانتهت هذه الفترة من عام 1948والتى سميت بالنكبة باحتلال اليهود لمعظم أراضى فلسطين وتهجير مواطنيها باستثناء غزة والضفة الغربية ومدينة القدس الشرقية.
فى غضون ذلك كان البيت الأبيض قد استدعى ممثل الوكالة اليهودية فى واشنطن "إلياهو ايشتاين"، وتم إبلاغه بأن الولايات المتحدة قررت أن تعترف اعترافًا واقعيًا باستقلال إسرائيل شرط أن تتلقى واشنطن طلبًا بهذا الاعتراف.
وفى الساعة السادسة تمامًا حسب توقيت واشنطن أعلن نبأ نهاية الانتداب على فلسطين، وفى الساعة السادسة ودقيقة واحدة أُعلن قيام دولة إسرائيل وفى الساعة السادسة وإحدى عشرة دقيقة اعترفت الولايات المتحدة بدولة إسرائيل.
النكبة الفلسطينية 1948
كان إعلان دولة إسرائيل فى 14 مايو 1948 بداية النكبة الفلسطينية، التى نتج عنها لجوء السكان العرب فى المناطق التى وقعت تحت سيطرة اليهود، باستثناء بعض المناطق التى بقيت محتفظة بهويتها الفلسطينية إذ أطلق عليها مصطلح "الضفة الغربية" و"قطاع غزة" و"القدس الشرقية - منطقة الأماكن المقدسة"، كما تسببت هذه الحروب بطرد نحو مليون فلسطينى ليعيشوا لاجئين فى البلدان العربية المجاورة، كما كان لهذه الحروب آثارها الاجتماعية على المجتمع الفلسطينى حيث أدت إلى تمزيقه وتقطيع أوصاله.
وفى عام 1956 وقع قطاع غزة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلى الذى شن عدوانا ثلاثيا على مصر بالاشتراك مع فرنسا وبريطانيا بعد تأميم الزعيم جمال عبد الناصر لقناة السويس.
ناصر وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية
بعد كل الظروف التى أحاطت بالقضية الفلسطينية عبر الحقب التاريخية المختلفة، وفى ظل الضعف العربى وإخفاقه فى دحر الخطر الصهيونى عن فلسطين والأراضى العربية، كانت هناك نداءات تطالب الفلسطينيين بتحمل مسئولياتهم إزاء هذا الخطر الداهم، وباتوا بحاجة إلى مؤسسة تمثلهم وتدير شئونهم فى مواجهة هذا الإعصار الخبيث الذى يهدد باجتثاثهم.
وطوال هذه السنوات، لم يكن للفلسطينيين أى كيان رسمى يمثلهم فى المحافل الدولية، حتى اقترح الرئيس جمال عبد الناصر، إقامة كيان فلسطينى خلال القمة العربية التى عقدت فى القاهرة يناير 1964 وكان ذلك نواة إقامة منظمة التحرير الفلسطينية، التى أعلن عن تكوينها فى يونيو من نفس العام بعد انعقاد مؤتمر فى القدس برئاسة الملك الحسين وحضور كل الدول العربية عدا السعودية.
نكسة يونيو 1967
كانت الطامة الكبرى على فلسطين والدول العربية، هى نكسة 1967 والتى احتلت فيها إسرائيل مدينة القدس بالكامل وغزة والضفة الغربية والجولان وسيناء، أضافت هزيمة يونيو لإسرائيل تقريبًا 89.395 كيلو متر مربع؛ أى ما يزيد على أربعة أضعاف مساحتها.
وأعقب النكسة انعقاد القمة العربية الشهيرة فى الخرطوم والتى اشتهرت باللاءات الثلاثة، بالإضافة إلى إصدار مجلس الأمن الدولى أشهر قراراته المرتبطة بالقضية الفلسطينية، وهو قرار رقم 242 الصادر فى نوفمبر 1967 والذى يقضى بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو من عام 1967.
ورغم انتصار الجيش المصرى بعد 6 سنوات فى حرب أكتوبر 1973 على الجيش الإسرائيلى إلا أن سيناء فقط هى التى تحررت بعدما سلكت مصر طريق السلام بعد انتهاء الحرب، وهو الأمر الذى رفضه العرب.
السبعينيات وجبهة الرفض
كانت فترة السبعينيات حافلة بالتغيرات والتحولات الكبيرة، بشأن القضية الفلسطينية، حيث بدأت تتكون فى هذه الحقبة ما عرف ب"جبهة الرفض" والتى تحفظت على قبول الزعيم عبد الناصر لمبادرة روجرز والتى تقضى بانتهاء حرب الاستنزاف، فى محاولة من القاهرة لالتقاط الأنفاس بعد الغارات الإسرائيلية فى العمق المصرى والتى تسببت فى استشهاد آلاف المدنيين.
وتحفظت القيادات الفلسطينية على موقف عبد الناصر، وجاء الرئيس أنور السادات ليتولى قيادة البلاد بعد رحيل جمال، وبدأ يعد العدة لتحرير الأرض، وبالفعل تحقق ما خطط له بنصر أكتوبر 1973 ولكن فى عنفوان التوافق والتكامل العربى بعد عام واحد من الانتصار على إسرائيل تكونت جبهة الرفض، واسمها الكامل "جبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية"، وهى تكتل شكلته الحركات الفلسطينية المعارضة لقرارات دورة المجلس الوطنى الفلسطينى الثانية عشرة التى أقرت بإقامة الدولة الفلسطينية على أى جزء من فلسطين.
تزعمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جبهة الرفض، التى تلقت دعمًا من العراق وليبيا، وأدى التقارب العراقى السورى واتفاقية كامب ديفيد إلى المصالحة مع ياسر عرفات، ومشاركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فى دورة المجلس الوطنى الفلسطينى الرابعة عشرة التى أقيمت فى دمشق فى ديسمبر 1979.
اعتراف أممى بمنظمة التحرير الفلسطينية
وجاء الاعتراف الدولى من الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية فى 14 أكتوبر 1974 "ممثل الشعب الفلسطيني" وفقا للقرار القرار رقم 3210 بتاريخ 14 أكتوبر 1974 واعترفت جامعة الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها "الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى فى أى من الأراضى الفلسطينية المحررة" بحسب قرار جامعة الدول العربية بتاريخ 28 أكتوبر 1974 لتصبح فلسطين، ممثلة فى منظمة التحرير الفلسطينية، دولة كاملة العضوية فى جامعة الدول العربية يوم 9 سبتمبر 1976.
وفى 13 نوفمبر 1974، ألقى ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
العدوان على لبنان 1978 "عملية الليطاني"
فى عام 1978 بدأت إسرائيل عدوانها على لبنان، بهدف تقليم أظافر المقاومة الفلسطينية التى تتخذ من لبنان منطلقا لهجماتها ضد الاحتلال، وتعود جذور هذه الأزمة إلى عام 1968 حيث أسست منظمة التحرير الفلسطينية وجماعات فلسطينية أخرى قواعد عسكرية فى جنوب لبنان بعد الخروج من الأردن، وتدفق 3000 فدائى من منظمة التحرير الفلسطينية خرجوا من الأردن بعد أحداث أيلول الأسود ليَتجمّعوا ثانية فى جنوب لبنان، حيث مارست منظمة التحرير العمل الفدائى ضد الاحتلال الإسرائيلى من خلال القواعد العسكرية على الأراضى اللبنانية.
شنت إسرائيل عدوانها تحت شعار "عملية الليطاني" فى مارس 1978 ونجحت العملية عسكريًا، حيث انسحبت قوات منظمة التحرير الفلسطينية شمال نهر الليطاني.
عملية الليطاني
الانتفاضة الأولى.. "الحجارة"
خلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، انشغل العرب عن قضيتهم الأولى بالحرب العراقية الإيرانية التى استمرت ثمانى سنوات، لذا لم يكن حل القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للدول العربية، قبل أن تندلع الانتفاضة الأولى التى اصطلح عليها ب"انتفاضة الحجارة".
ففى الثامن من ديسمبر 1987 اندلعت شرارة انتفاضة الحجارة، حينما كانت حافلات تقل العمال الفلسطينيين من أماكن عملهم "فى إسرائيل" العائدة مساء إلى قطاع غزة، على وشك القيام بوقفتها اليومية المقيتة أمام الحاجز الإسرائيلى للتفتيش حينما داهمتها شاحنة عسكرية إسرائيلية، مما أدى إلى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة آخرين من سكان مخيم جباليا فى قطاع غزة، ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرآى ومسمع من جنود الاحتلال.
وفى التاسع من ديسمبر انفجر بركان الغضب الفلسطينى فى وجه الاحتلال من مخيم جباليا حيث يقطن أهالى الضحايا الأبرياء ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداؤه بعنف أيضًا فى الضفة الغربية المحتلة، تزامنا مع تشييع جنازة الشهداء الأربعة.
واجه الاحتلال الغضب الفلسطينى بإلقاء القنابل المسلية للدموع من الطائرات المروحية لتفريق المتظاهرين، وقد استشهد وأصيب فى ذلك اليوم بعض الفلسطينيين، وفرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على بلدة ومخيم جباليا وبعض أحياء فى قطاع غزة.
وواجه الشباب الفلسطينى آلة القتل الإسرائيلية، بالحجارة وهو السلاح الوحيد الذى كان يملكه آنذاك.
وتزامنا مع اندلاع الانتفاضة تأسست حركة حماس فى 6 ديسمبر 1987، وأعلنت الحركة بيانها التأسيسى فى 15 ديسمبر 1987.
وفى البحث عن أسباب اندلاع الانتفاضة فهى كثيرة، حيث ضيق الاحتلال الخناق على منظمة التحرير الفلسطينية، ورحل قيادتها إلى تونس، إلى جانب اجتياح لبنان فى 1982 وانشغال العرب عنها بالحرب العراقية الإيرانية، بالإضافة إلى الضغوط المستمرة التى يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين واستمرار تغول الاستيطان على أراضيهم.
واستشهد فى انتفاضة الحجارة، 1550 فلسطينيا وجرح نحو 70 ألفا، من بينهم 40٪ أصيبوا بإعاقات دائمة، و65٪ منهم يعانون من شلل دماغى أو نصفى أو علوى أو شلل فى أحد الأطراف، أو تعرضوا لبتر أطرافهم، بالإضافة إلى اعتقال 100 ألف فلسطينى خلال الانتفاضة.
وخلال الانتفاضة اغتالت إسرائيل قادة بارزين ومحركين للانتفاضة، بينهم خليل الوزير "أبو جهاد" الذى أغتيل فى تونس يوم 16 أبريل 1988، وصلاح خلف "أبو إياد" الذى أغتيل أيضا فى تونس فى 14 يناير 1991، وكلاهما من قيادات حركة فتح.
فيما أكدت منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، أن 70 جنديا و99 مستوطنا إسرائيليا قُتلوا بين 1987 و13 سبتمبر 1993 يوم توقيع اتفاق أوسلو.
وفى 12 نوفمبر 1988 عقد المجلس الوطنى الفلسطينى جلسة طارئة أُعلنت فيها "وثيقة الاستقلال"، إلى جانب إعلان الأردن فك الروابط القانونية والإدارية بين المملكة والضفة الغربية المحتلة التى أدارتها بين عامى 1948 و1967، فكانت فرصة لمنظمة التحرير لتعزز وجودها السياسى على مختلف المستويات.
تسببت الانتفاضة الأولى فى خسائر كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلي، ووفقا لما نشرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية فى عدد شتاء 1990 فإن الخسائر الأولية انحصرت فى انخفاض السياحة الوافدة، وانخفاض واردات المناطق المحتلة من إسرائيل، وتراجع الإيرادات المباشرة من ضرائب ورسوم كان يذهب ريعها إلى الخزينة الإسرائيلية، وازدياد النفقات العسكرية الناجمة عن قمع الانتفاضة.
مدريد وأوسلو.. الحكم الذاتي
كانت إحدى النتائج المرحلية للانتفاضة هى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام فى إسبانيا، فى أكتوبر 1991 واستكمل فى واشنطن.
وفى 13 سبتمبر 1993 وقع الرئيس ياسر عرفات اتفاق أوسلو فى البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك إسحق رابين، برعاية الرئيس الأمريكى بيل كلينتون وكان هذا التاريخ بمثابة نهاية انتفاضة الحجارة.
أسفر الاتفاق عن إنشاء السلطة الفلسطينية ومنحها سلطة محدودة أو ما يعرف بالحكم على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة وهى المناطق التى احتلتها إسرائيل فى حرب 1967، فيما مهد الاتفاق الطريق أمام اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
أوسلو 1995
وواصلت السلطة الفلسطينية رحلة المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، وفى 24 سبتمبر 1995 وقع الجانبان على اتفاقية أوسلو 2 أولا فى طابا وبعد أربعة أيام فى 28 سبتمبر 1995 من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وبشهادة الرئيس الأمريكى بيل كلينتون فى واشنطن العاصمة.
الانتفاضة الثانية.. "الأقصى"
أطلق على الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى" حيث أشعلها إيريل شارون فى الثامن والعشرين من سبتمبر عام 2000 بزيارته الاستفزازية لباحة المسجد الأقصى بحماية ألفين من الجنود الإسرائيليين. واندلعت الاحتجاجات الفلسطينية لتشمل المدن والبلدات وراء الخط الأخضر، بعد يومين من المواجهات، وفى الثلاثين من الشهر نفسه استشهد الطفل الفلسطينى محمد جمال الدرة بعد أن حاصرته النيران الإسرائيلية بين يدى أبيه وأمام كاميرات التلفاز، فهزت صورته ضمائر البشر فى كل أرجاء المعمورة وصار بذلك رمزا للانتفاضة الفلسطينية فى كل مكان.
وفى ظل فشل عرفات وسلطات الاحتلال فى إيقاف الانتفاضة واستمرار الاشتباكات، فاز شارون فى السادس من فبراير 2001 على أيهود باراك بفارق كبير فى انتخابات مبكرة، وشكل، بصفته رئيسا للوزراء حكومة وحدة وطنية، لينتقل من صفوف المعارضة إلى السلطة.
ومع تصاعد العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطيني، حاولت دول عدة تهدئة الوضع وفى هذا السياق وضعت لجنة دولية برئاسة السيناتور الأمريكى السابق جورج ميتشل تقريرا دعت فيه إلى إنهاء أعمال العنف وبدء فترة تهدئة واتخاذ إجراءات بناء للثقة واستئناف محادثات السلام، وقد قبل كلا الطرفين بنتائج التقرير، ولكن بتفسيرات متباينة لما ورد به.
وأعقب ذلك إجراء جورج تينيت رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سى آى إيه" مفاوضات مع مسئولى الجانبين (الفلسطينى والإسرائيلي) للتوصل إلى إطار لوقف إطلاق النار، وعلى إثره انخفضت أعمال العنف غير أن تلك الهدنة لم تتماسك.
وفى ظل كل هذه المبادرات، أعلن شارون بدء تشييد جدار الفصل العنصرى فى الضفة الغربية الذى اقتطع آلاف الدونمات من أراضى الفلسطينيين، واجتاح المدن الفلسطينية فيما سمى بعملية السور الواقى التى انتهت بإقامة مئات الحواجز العسكرية بين المدن والقرى حولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم، إلى جانب الحصار الذى ضربته قوات الاحتلال على الفلسطينيين وزعيمهم الراحل ياسر عرفات الذى حوصر لسنوات فى رقعة ضيقة من مقره فى مدينة رام الله لينتهى به الحصار إلى الموت.
حصار عرفات ووفاته
بدأ حصار عرفات فى 29 مارس من عام 2001، فى مقر إقامته فى رام الله، بأمر مباشر من شارون، وهدمت القوات الإسرائيلية المبانى المحيطة بالمقر، وأقامت سورًا عازلًا حوله، فى ظل اشتعال انتفاضة الأقصى، التى بلغت ذروتها باغتيال وزير السياحة الإسرائيلى رحبعام زئيفي.
وأعلن شارون أنه فى حال خروج عرفات خارج فلسطين فلن يسمح له بالعودة إليها ثانيةً، ليستمر الحصار حتى تدهور صحة عرفات بشدة، وتم نقله فى نهاية المطاف إلى العاصمة الأردنية عمان، ومنها وصل إلى باريس قبل أن يتوفى هناك فى عام 2004، وسط اتهامات لإسرائيل باغتياله عن طريق السم.
انسحاب إسرائيل من غزة
شهد عام 2004 إعلان شارون طرح خطة الانفصال عن قطاع غزة لتشمل إخلاء المستوطنات والانسحاب بشكل كامل منه أقر الكنيست فى عام 2005، الخطة وخرجت قوات الاحتلال من القطاع غزة وتم إخلاء 25 مستوطنة بعدد 8500 مستوطن، وانتهى الاستيطان بالقطاع غزة، وانتقلت السيطرة إلى السلطة الفلسطينية.
الانقسام الفلسطيني.. حماس والسلطة طرفا نقيض
وفى يناير من عام 2006، فازت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بأغلبية المقاعد فى الانتخابات التشريعية الفلسطينية، لتبدأ إسرائيل والولايات المتحدة فى قطع المساعدات عن الفلسطينيين بسبب رفض حماس نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل، وكان وصول حماس إلى السلطة بذرة الانقسام الفلسطينى حتى اليوم.
سيطرت حماس رسميا على غزة فى 14 يونيو 2007 بعد حرب أهلية استمرت لفترة وجيزة وتطيح بقوات تابعة لحركة فتح الموالية للرئيس الفلسطينى محمود عباس.
اعتراف ترامب بضم القدس
وفى مستهل ديسمبر من عام 2017 أصدر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، قرارا بالاعتراف بمدينة القدس المحتلة، عاصمة لإسرائيل فى إجراء استدعى غضبا كبيرا من الشعوب العربية والإسلامية إلى جانب تنديد عدد من الرؤساء والملوك للقرار المخالف للشرعية الدولية.
وقال ترامب عن قراره: "أعتقد أنه تأخر كثيرا.. رؤساء كثيرون قالوا إنهم يريدون فعل ذلك ولم يفعلوا".
وأقر الكونجرس الأمريكى فى عام 1995 هذه الخطوة، إلا أن رؤساء الولايات المتحدة قبل ترامب أجلوا المصادقة عليها.
طوفان الأقصى
وفى السابع من أكتوبر 2023 انطلقت عملية طوفان الأقصى، التى شنتها المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية فى غلاف قطاع غزة، ومثلت عملية فريدة من نوعها حيث أسقطت عددا كبيرا من القتلى الإسرائيليين وصلوا إلى حوالى 1400 قتيل واختطاف أكثر من 200 آخرين بين مدنى وعسكرى من جنسيات مختلفة.
وردت تل أبيب على عملية طوفان الأقصى بشن عدوان شامل على قطاع غزة، بدأت خلاله بشن غارات جوية متواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023 وقطعت خلاله إمدادات المياه والوقود والكهرباء عن القطاع، وطالبت السكان بالنزوح إلى جنوب غزة، وتعنتت فى إدخال المساعدات من معبر رفح.
واستشهد خلال العدوان الإسرائيلى حتى الآن أكثر من 8 آلاف فلسطينى وتجاوز عدد الجرحى 20 ألفا.
وكشفت عملية طوفان الأقصى هشاشة الكيان وضعف إجراءاته الأمنية، واضطر إلى تهجير ما يقرب من 200 ألف إسرائيلى عن المستوطنات المحيطة بقطاع غزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.