ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في مقالها الافتتاحي اليوم الثلاثاء، أن إيران تعاني في الوقت الراهن من أزمات داخلية تتمثل في المظاهرات التي تجتاح البلاد بسبب مقتل الفتاة مهسا أميني داخل أحد مراكز الشرطة منذ نحو شهرين إلى جانب المشاكل التي تواجهها على الصعيد الدولي والمتمثلة في توتر علاقاتها مع الدول الغربية بسبب اتهامها بتوريد طائرات مسيرة لروسيا لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا؛ ما يعرقل المفاوضات بين طهران والدول الغربية بشأن برنامجها النووي. وتوضح الصحيفة أن المظاهرات، التي انطلقت شرارتها في البلاد منذ ما يربو على شهرين احتجاجا على مقتل الفتاة مهسا أميني في أحد مراكز شرطة الأخلاق بسبب عدم التزامها بالزي الشرعي من وجهة نظر السلطات الإيرانية، تثير الشك حول شرعية النظام الحاكم الحالي في إيران والذي واجه تلك التظاهرات باستخدام القوة المفرطة، في الوقت الذي تواجه فيه طهران موقفا صعبا على المستوى الدولي في ظل الاتهامات الموجهة إليها من الولاياتالمتحدة وحلفائها بتوريد طائرات بدون طيار لروسيا لاستخدامها في الحرب الحالية في أوكرانيا. وتضيف الصحيفة أن المظاهرات الحالية تختلف عن سابقاتها من المظاهرات التي تندلع في البلاد من وقت لآخر حيث إن احتجاجات اليوم تعبر عن غضب شعبي عارم لم يكتفي بالاحتجاج على مقتل مهسا أميني بل يطالب بإسقاط النظام الحالي في إيران، موضحة أنه على الرغم من أن المظاهرات يقودها الشباب والنساء إلا أنها تحظى بدعم واسع من جانب جميع فئات الشعب الإيراني. وتقول الصحيفة إن المتظاهرين هذه المرة يبدون أكثر جرأة وشجاعة في مواجهة قوات الأمن الإيرانية إذ تظهر بعض لقطات الفيديو المصورة بعض المتظاهرين يهاجمون رجال الدين ويخلعون عنهم عمائمهم. وفي الوقت نفسه، توضح الصحيفة، أن السلطات الإيرانية وجدت أنها في موقف عصيب دفعها للجوء إلى العنف من أجل قمع المظاهرات الحالية؛ ما تسبب في مقتل أكثر من 400 متظاهر بما فيهم 60 طفلا إلى جانب إلقاء القبض على ما يربو على 17،400 آخرين. وتشير الصحيفة إلى أن حالة التصعيد من جانب السلطات في تزايد إذ بدأت قوات الأمن منذ يوم السبت الماضي في استخدام السيارات المدرعة وإطلاق الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين، بينما أصدرت السلطات القضائية أحكاما بإعدام أربعة متظاهرين بتهمة المشاركة في الاحتجاجات وعلى الرغم من ذلك فإن وتيرة الاحتجاجات في تزايد ولا يوجد ما يشير على عزم المتظاهرين عن التراجع عن مطالبهم. وتختتم الصحيفة المقال بالإعراب عن اعتقادها أنه ليس من الوارد نجاح مفاوضات طهران مع الدول الغربية بشأن برنامجها النووي في ظل قيادة إيرانية تقمع شعبها في الداخل وتساند روسيا في حربها في أوكرانيا.
