في الحلقة الثانية من شهادة السادة رؤساء جامعة المنصورة، بمناسبة احتفال الجامعة باليوبيل الذهبي العام القادم (1972-2022)، استضافت لجنة التوثيق والتأريخ للجامعة معالي الوزير الدكتور أحمد جمال الدين موسى، رئيس الجامعة الأسبق وأستاذ المالية العامة والاقتصاد المتفرغ بكلية الحقوق-جامعة المنصورة. الدكتور أحمد جمال الدين موسى، المولود في المقاطعة مركز السنبلاوين دقهلية، يمثل ظاهرة فريدة في المجتمع المصري فهو أديب وكاتب وأحد مثقفي مصر الكبار (Think Tank) ورجل قانون ورجل دولة من الطراز الأول. تقلد د. أحمد موسي المناصب القيادية في كلية الحقوق بدءًا من رئيس قسم الي وكيل كلية الحقوق للتعليم والطلاب بين اعوام 1996-2001. وفي عام 2001 تولي منصب نائب رئيس الجامعة للتعليم والطلاب، ثم رئيسًا للجامعة من اغسطس 2003 حتي يوليو 2004. ثم تولي د. احمد موسي منصب وزير التربية والتعليم في وزارة د. احمد نظيف في يوليو 2004 وحتي ديسمبر 2005. وبعد ثورة يناير 2011، تولي د.احمد موسي منصب وزير التربية والتعليم العالي في وزارة الفريق أحمد شفيق، وفي 7 مارس 2011 شغل نفس المنصب في وزارة د. عصام شرف حتي ديسمبر 2011. في شهادته أمام لجنة التوثيق والتأريخ للجامعة التي يترأسها أستاذنا الدكتور عمرو سرحان، عميد كلية الطب الاسبق، يوم السبت الموافق 6 نوفمبر 2021، تطرق الدكتور احمد موسي لتاريخه الاكاديمي والاداري داخل جامعة المنصوره، منذ ان التحق بها كمعيد في كلية الحقوق في مارس سنة 1977، قادما من مجلس الدولة، ثم ابتعاثه الي فرنسا للحصول علي الدكتوراه في المالية العامة والاقتصاد في نوفمبر من نفس السنة وحتي عودته كمدرس بكلية حقوق المنصوره في ابريل سنة 1984. ترقي الي منصب استاذ سنة 1994، ثم تولي منصب وكيل الكلية للتعليم والطلاب سنة 1996 وحتي سنة 2001. خلال تلك السنوات عمل د. احمد موسي مستشارًا قانونيًا لرئيس الجامعه (د. محمد عمارة)، وعضو المكتب الفني لرئيس الجامعه (مع د. احمد حمزة ود. يحي عبيد) وقد تولي كل منهما رئاسة جامعة المنصورة بعد ذلك). وعمل رئيسًا للجنة فض المنازعات بالجامعة. وعن تلك الفترة، ذكر د. أحمد موسي ان مارس دوره كأستاذ قانون وأرسي قواعد التسجيل والتكويد وميكنة الشئون القانونية بطريقة علمية. وقد حكي لي استاذنا الدكتور محمد عماره (رحمه الله) عن د. احمد موسي انه كان في احد اللقاءات لمناقشة موضوع قانوني وفوجئ بأحد اعضاء هيئة التدريس من كلية الحقوق لم يكن يعرفه (يقصد د. احمد موسي) يرفض قرار رئيس الجامعه وقرار الشئون القانونية ويترك اللقاء ويغادر غاضبًا. قال د. عمارة " رأيت في هذا الشاب ثقة في النفس وشجاعة وموضوعية لم اشاهدها من قبل، ولذا سألت عنه وطلبت منه ان يتولي مسئولية المستشار القانوني والمكتب الفني لرئيس الجامعة، وتوقعت انه سيكون رئيسًا للجامعة ووزيرا وقد كان". وعندما تقلد د. احمد موسي منصب نائب رئيس الجامعة في 2001، ثم رئاسة جامعة المنصورة في سنة 2003، كان شريكا في وضع الاساس العلمي الذي قاد جامعة المنصوره للانطلاق من المحلية الي العالمية. وكباقي رؤساء جامعة المنصوره الأفاضل كان اهتمامه الاكبر بالمستشفيات الجامعية والمراكز الطبية، وتم افتتاح مستشفي الطوارئ ومركز جراحة الجهاز الهضمي واجراء اول حالة زراعة كبد في مركز جراحة الجهاز الهضمي سنة 2003 اثناء فترة رئاسته للجامعة. كما اهتم سيادته بالمدن الجامعية والادارة الطبية ومستشفي الطلبه، وانشاء عيادات طبية بالكليات. واهتم باستكمال منشآت الجامعة المؤجلة وحل مشكلات الشركات المتعثرة في مشروعات الجامعة، وزيادة الدخل الذاتي للجامعة من خلال زيادة اعداد الطلاب الوافدين وتحريك الرسوم الدراسية علي الطلاب. إلا ان أعظم ماقام به د. احمد موسي اثناء فترة رئاسته لجامعة المنصوره كان إنشاء القرية الاوليمبية، واعداد الملف والتقدم لاستضافة اسبوع شباب الجامعات والحصول علي التمويل اللازم من رئيس الحكومة د. عاطف عبيد. تم الانتهاء من القرية واقامة اسبوع شباب الجامعات سنة 2005 بحضور الرئيس الراحل حسني مبارك ومعظم الوزراء ومنهم د. احمد موسي الذي أصبح وزيرا للتعليم. وعلى المستوى الشخصي كان لي عظيم الشرف ان تعرفت علي استاذنا د. احمد موسي عند عودتي من بعثتي الي انجلترا سنة 2003، وكان سيادته نائبا لرئيس الجامعة ثم رئيسا للجامعة. وأثناء فترة عمادتي لطب المنصوره (2015-2019)، طلبت من سيادته التحدث الي طلاب كلية الطب في الموسم الثقافي، وشرفنا بلقاء ممتع عن "الشباب والمستقبل" في مدرج د. ابو النجا. وتوثقت علاقتي بمعالي الوزير عندما دعاني الي الانضمام الي صالونه الثقافي، وهو بحق اكبر واعظم تجمع ثقافي وسياسي لكريمة المجتمع المصري من اساتذة الجامعات والمثقفين والفنانين والساسة ورجال الدولة. وكان لي عظيم الشرف ان شاركت في معظم فعاليات الصالون خلال السنوات الثلاث الماضية. ناقش الدكتور احمد موسي في صالونه ومع ضيوفه العديد من الموضوعات المتعلقة بالثقافة والادب والقانون والاقتصاد والسياسة. د. احمد موسي يمثل مزيجًا نادرًا من الاديب البارع، ورجل القانون العادل ورجل الدولة المنضبط. فهو مثقف موسوعي قرأ معظم ماكتبه الادباء والمفكرين ليس فقط في الوطن العربي، ولكن ايضا في التراث الفكري والحضارة الانسانية. كما انه اديب مبدع له 3 روايات (ملك التنشين وفتاة هيدلبرج الامريكية ولقاء في واحة الحنين)، كما ان له حوالي 15 كتابًا و20 بحثًا و40 مقالا منشورًا بالصحف والمجلات. وكرجل قانون، حافظ الدكتور احمد موسي علي عدل ونزاهة القاضي طوال حياته، فكان مثالًا للموضوعية والعدل والشفافية، وكان انصافه للحق وتحقيق العدالة اهم الصفات التي لازمته طوال حياته الوظيفية الحافلة. اما كونه رجل دولة، فقد استحق د. احمد موسي لقب رجل دولة من الطراز الأول، فقد حافظ سيادته علي وقار وهيبة واحترام كبار رجال الدولة وتقلد الوظائف الوزارية قبل وبعد ثورة يناير 2011، وكان وما زال محل ثقة كل اجهزة الدولة وكل اطياف الشعب المصري. أدام الله على أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد موسى الصحة والعافية والتألق كأحد أهم رموز المجتمع المصري.