مثلما ظهرت الحوكمة واللوجستيى، جاءت إلينا الجائحة وفجأة أصبحت هى اللغة المتداولة ومن لا يعرفها جاهل. الجائحة، وجمعها جوائح وكما تقول "الموسوعة الحرة" (بالإنجليزية: Pandemic)، هى وباء ينتشر بين البشر في مساحة كبيرة مثل قارة مثلا أو قد تتسع لتضم كل أرجاء العالم. ويسمى الانتشار الواسع لمرض بين الحيوانات جارفة. الوباء المستوطن واسع الانتشار المستقر من حيث معرفة عدد الأفراد الذين يمرضون بسببه لا يعتبر جائحة. وعليه يستبعد من جائحة الأنفلونزا والنزلات الموسمية المتكررة للبرد. ظهر عبر التاريخ العديد من الجوائح مثل الجدرى والسُلّ. ويعتبر الطاعون الأسود أحد أكثر الجوائح تدميرًا؛ إذ قتل ما يزيد عن 20 مليون شخص في عام 1350م. سُجل عدد كبير من الجوائح خلال التاريخ البشري، منها: طاعون آثينا: ظهر في الفترة من 430 إلى 426 قبل الميلاد. وأثناء الحرب البيلوبونيسية، قتلت حمى التيفود ربع القوات العسكرية الآثينية، وربع سكانها خلال أربعة أعوام. الطاعون الأنطوني: ظهر في الفترة ما بين (165: 180)م، هو جُدرى انتقل إلى شبه الجزيرة الإيطالية من خلال الجنود العائدين من الشرق الأدنى، وتسبب في وفاة ربع المصابين به، وما يصل إلى خمسة ملايين في المجمل. وفى اندلاعه الثانى، سُمى المرض ذاته بالطاعون القبرصى (215: 266)م، وروى عن تسببه في وفاة خمسة آلاف فرد في يومٍ واحد في روما. طاعون جستنيان: ظهر في الفترة ما بين (165: 180)م، وتم تسجيل أول اندلاع له باسم الطاعون الدملى، مندلعًا في مصر ومنتقلًا منها إلى القسطنطينية في الربيع التالى، وتسبب في ذروته في وفاة عشرة آلاف (10000) فرد في اليوم، وربما 40٪ من سكان المدينة وذلك بحسب ما ذكره المؤرخ البيزنطى بروكوبيوس. فهذا الطاعون أنهى حياة ما بين ربع إلى نصف سكان العالم بأكمله، فقد اجتاح كل الأرجاء المعلومة في العالم. وتسبب في انخفاض سكان أوروبا بنسبة 50٪ في الفترة ما بين 550: 700 م. الطاعون الأسود: ظهر في الفترة ما بين 1330: 1353 م، وقُدِرَ عدد المتوفين بسببه حول العالم بنحو 75 مليون فرد. وبعد 800 عام من الاندلاع الأول له، ظهر المرض مجددًا في أوروبا. انطلق المرض من آسيا ليصل لدول البحر المتوسط وغرب أوروبا في عام 1348م، ربما من خلال الجنود الإيطاليين الهاربين من النزاع في شبه جزيرة القرم، وتسبب في وفاة ما يقدر بنحو 20 إلى 30 مليون أوروبى في 6 سنوات، بما يعادل ثلث سكانها، وبما يصل إلى نصف سكان المدن الحضرية الأكثر تأثرًا. الوباء الثالث: بدأ في الصين عام 1855م، وانتقل إلى الهند مسببًا وفاة عشرة ملايين فرد. وخلال تفشى المرض، عاصرته الولاياتالمتحدةالأمريكية في صورة طاعون سان فرانسيسكو 1900: 1904م. الأنفلونزا الإسبانية أو ما يسمى بجائحة أنفلونزا 1918- 1920م، والتى أصيب بها 500 مليون فرد حول العالم، بما في ذلك قاطنى جزر المحيط الهادئ، والمنطقة القطبية الشمالية، وتسببت في وفاة ما بين 50 إلى 100 مليون فرد. جائحة الكوليرا الأولى (1817-1824) مː انحصر في شبه القارة الهندية في البداية، حيث بدأ في البنغال، وانتقل منها إلى الهند في عام 1820م، فتوفى على إثرها عشرة آلاف جندى بريطانى وعدد غير معروف من الهنود. وامتدت بعدها إلى الصين، وإندونيسيا (حيثما استسلم ما يزيد على مائة ألف فرد ليموتوا في جزيرة جاوة)، ثم امتدت إلى بحر قزوين قبل أن تنحسر. تجاوز عدد الوفيات في شبه القارة الهندية 15 مليون فرد خلال الفترة (1817- 1860)م. وأدت أيضًا إلى وفاة 23 مليون فرد آخرين خلال الفترة 1865- 1917 م، وتجاوز عدد القتلى بسببها في روسيا 2 مليون فرد خلال الفترة ذاتها. جائحة الكوليرا الثانية (1863- 1875) مː وصلت روسيا (أعمال الشغب بسبب الكوليرا)، وهنغاريا (ما يقارب 100 ألف قتيل)، وألمانيا في عام 1831م، ولندن في عام 1832م (ما يزيد على 55 ألف حالة وفاة في المملكة المتحدة)، ثم فرنسا، وكندا (أونتاريو)، والولاياتالمتحدةالأمريكية (نيويورك) في العام ذاته، وساحل المحيط الهادئ في أمريكا الشمالية في عام 1834م. ويعتقد أن ما يزيد على 150 ألف أمريكى قد توفوا بسبب الكوليرا خلال الفترة 1832- 1849م. جائحة الكوليرا الثالثة (1846- 1860) مː تسببت في مقتل ما يزيد على مليون فرد في روسيا. وقد اندلعت في أول عامين لها في إنجلترا وويلز لتحصد أرواح 52000 فردٍ. وتسبّبت في إسبانيا في حصيلة وفيات بأكثر 236 ألف فردٍ خلال عامى 1854- 1855 م. وأودت بحياة مائتى ألف فردٍ في المكسيك. جائحة الكوليرا الرابعة (1863- 1875) م ː انتشرت في أوروبا وأفريقيا. وتوفى على إثرها على الأقل ثلاثين ألف فردٍ من أصل تسعين ألف من الحُجَاجِ في مكة. وحصدت أرواح 90،000 فردٍ في روسيا في عام 1866م. جائحة الكوليرا الخامسة (1881- 1896)مː أودت بحياة 250 ألف شخص في أوروبا. جائحة الكوليرا السادسة (1899- 1923)مː قتلت هذه الجائحة ما يزيد على 800،000 فردٍ في الهند. وقد حصدت أرواح ما يزيد على 200،000 فرد في الفلبين ما بين عامى 1902-1904 م. ولا ننسى فيلم اليوم السادس الذى سجله المبدع يوسف شاهين عن الكوليرا في بر مصر، تاريخيًا، كان مرض الملاريا شائعًا في أغلب أوروبا وأمريكا الشمالية والآن تعد فيروسات الكورونا عائلة كبيرة من الفيروسات (CoV) التى تسبب المرض الذى يتراوح بين نزلة البرد الشائعة إلى أمراض أكثر خطورة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV) والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS-CoV). تسبب سلالة جديدة من فيروسات الكورونا (SARS-CoV-2) مرض فيروس كورونا 2019. كل كورونا وأنتم طيبين.. اقعد في البيت وخليك كيوت.