المدارس الخاصة تجبر أولياء الأمور على الاشتراك في الباص.. والتعليم تعلق    19 شهيداً بينهم أطفال بقصف مدرسة تؤوي نازحين في غزة    بدر عبدالعاطي يلتقي وزير خارجية الجزائر    الخطيب: احتفالات الأهلي ستتوقف بعد الخروج من الملعب.. وأشكر الجماهير العظيمة    أحوال الطقس في مصر.. تعرف على أبرز التقلبات الجوية    تفاصيل مأساوية وراء وفاة نجل المطرب إسماعيل الليثي    حقيقة تأجيل الدراسة في أسوان بسبب الحالة المرضية    تفاصيل صادمة في سقوط نجل مطرب شهير من الطابق ال10.. ما القصة؟    متحدث الحكومة: الجزء المتبقى من الأدوية الناقصة بسيط جدًا.. والأزمة تنتهي خلال شهر    فحص 515 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    الاتحاد الأوروبي: القضية الفلسطينية عادت للطاولة بعد أحداث 7 أكتوبر    استرداد 159فدانا من أراضي الدولة بأبي قرقاص    حزب المؤتمر: منتدى شباب العالم منصة دولية رائدة لتمكين الشباب    موسم شتوي كامل العدد بفنادق الغردقة.. «ألمانيا والتشيك» في المقدمة    "علم الأجنة وتقنيات الحقن المجهري" .. مؤتمر علمي بنقابة المعلمين بالدقهلية    اكتمال عدد المشاركين بورشة المخرج علي بدرخان ب«الإسكندرية السينمائي»    فيلم 1/2 فيتو يثير الجدل بعد عرضه في مهرجان الغردقة لسينما الشباب بدورته الثانية    فصائل فلسطينية: استهداف منزلين بداخلهما عدد من الجنود الإسرائيليين ب4 قذائف    الأزهر للفتوى: الإلحاد أصبح شبه ظاهرة وهذه أسبابه    تعرف على أهداف منتدى شباب العالم وأهم محاوره    ستيفان دوجاريك: جوتيريش يحذر من أي تصعيد يهدد باتساع الصراع بدارفور    بيكو للأجهزة المنزلية تفتتح المجمع الصناعي الأول في مصر باستثمارات 110 ملايين دولار    تدشين أول مجلس استشاري تكنولوجي للصناعة والصحة    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    هل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات؟.. رئيس البنك الأهلي يجيب    أول ظهور لأحمد سعد مع زوجته علياء بسيوني بعد عودتهما    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    توتنهام يتخطى برينتفورد بثلاثية.. وأستون فيلا يعبر وولفرهامبتون بالبريميرليج    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    شروط التحويل بين الكليات بعد غلق باب تقليل الاغتراب    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    ندوات توعوية فى مجمعات الخدمات الحكومية بقرى حياة كريمة في الأقصر.. صور    لافروف: الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراع خاص بالأمريكيين    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    صلاح يستهدف بورنموث ضمن ضحايا ال10 أهداف.. سبقه 5 أساطير    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاة مؤلف أشهر الكتب الروحية التى نشرتها إيبارشية ببني مزار
نشر في البوابة يوم 18 - 03 - 2020

توفي العلامة الأرثوذكسي أنتوني كورنياس، اليوم الأربعاء، مؤلف أشهر الكتب الروحية التى نشرتها إيبارشية ببنى مزار القبطية الأرثوذكسية، عن عمر يناهز 93 عام رحل عن عالمنا العلامة الأرثوذكسي الأب أنتوني كورنياس والذى قدم للمكتبة المسيحية في شتى أنحاء العالم العديد من الكتب الروحية والكنسية.
وولد الأب أنتوني في بوسطن، ماساتشوستس في عام 1926، وهو الابن البكر لوالده مايكل كونياريس، التحق بمدرسة بوسطن اللاتينية ثم انتقل إلى التخرج من المعهد اللاهوتي الأرثوذكسي اليوناني الصليب المقدس في بروكلين، ماساتشوستس.
تلقى كونيارس درجة الماجستير في اللاهوت من مدرسة اللاهوت الشمالية الغربية في مينيابوليس، واستمر في الدراسات في مجالات الدين والطب النفسي في جامعة مينيسوتا وجامعة سانت جون في كوليجفيل، مينيسوتا.
رُسِم كونياريس كاهنًا في عام 1953 وشغل منصب راعي الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في سانت ماري مينيابوليس، مينيسوتا لمدة 39 عامًا.
بعد تقاعده في يناير 1993، كرس معظم وقته لشركة Light & Life Publishing Company التي أسسها في عام 1968. قام بتأليف أكثر من 75 كتابًا وكتيبًا.
أصبحت Light & Life واحدة من أكبر موزعي المواد الأرثوذكسية في العالم، كما حاضر في الخلوات والندوات في العديد من الأبرشيات الأرثوذكسية في الولايات المتحدة وكندا، بالإضافة إلى ذلك، كان كونيارس أستاذًا مساعدًا للطب المنزلي في مدرسة هولي كروس اليونانية الأرثوذكسية في بروكلين، ماساتشوستس، ودرّس هناك أثناء تقاعده.
حصل على جائزة حسن الجوار WCCO في عام 1973، حصل على درجة دكتوراه في اللاهوت من مدرسة اللاهوت الأرثوذكسية اليونانية الصليب المقدس، وقد قام الأب الراهب يوئيل المقاري بترجمة العديد من كتبه الرائعة إلى اللغة العربية (60 كتاب) بتصريح منه شخصيًا. وحصلت إيبارشية بني مزار عيل حق نشرها.
وكانت البوابة القبطية قد قامت بعرض لكتابات الأب أنتوني التى ترجمها الأب يوئيل المقاري، وبمناسبة رحيل الأب أنتوني نعيد نشرها...
«ماذا أصاب الحق؟».. كتاب يواجه الإلحاد والصراع الفكرى في المجتمع المعاصر
ضرورة أن تقوم الأسرة والكنيسة بالدور المعطَى لهما مِن الله «كمجتمعات الذَّاكرة»
تصدر إيبارشية بنى مزار، برعاية وتقديم الأنبا أثناسيوس، سلسلة مترجمة لكتابات الأب الأرثوذكسي، أنتونى كورنياس، وهو كاهن أرثوذكسى بالكنيسة اليونانية، يتميز بأسلوب رائع وفكر عميق، وقد نشرت الإيبارشية نحو 60 كتابًا للأب أنتونى تعد من أهم الكتب التى تصدر حاليًا في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وفى الكتاب التذكارى الذى صدر عن حياة الأب اليشع المقارى يحكى الأب يوئيل المقاري، والذى يقوم بترجمة هذه الكتب الثرية مكتفيًا بوضع حرفى اسمه «ى - م» قصة إصدار الكتب فيقول: تعرفت عام 1994 في الصيف ببعض الطلبة المجتهدين الذين اعتادوا الحضور إلى الدير للعمل. وكان هؤلاء الطلبة من قرية غير معروفة في بنى مزار اسمها أبو جلبان. لم تكن هناك كنيسة أرثوذكسية فيها، وبها جميع الطوائف البروتستانتية. تأثر هؤلاء الطلبة برهبان الدير وما لم يسمعوه عن الأرثوذكسية، رأوه معيشًا في رهبان الدير.
وفوجئت في صيف السنة التالية أنهم نالوا درجات عالية في الثانوية العامة، التحق ثلاثة منهم بكلية الطب، واثنان في صيدلة، وطلبوا المكافأة التشجيعية أن نبنى لهم كنيسة أرثوذكسية في قريتهم. طبعًا طلب تعجيزي. اتفقنا على الصلاة مع رفع الموضوع على قدس أبونا أليشع المقاري، الذى لا يعرف المستحيل في المسيح.
فوجئت باتصال أحد الآباء من بنى مزار يُعْلِمنى بالموافقة على البناء في القرية بعد أسابيع قليلة. لا تسألنى كيف؟ اسأل يسوع الذى يعمل في ابن الإيمان المُخلِص أبونا أليشع. فسألنى أبونا فيه أرض؟ فيه فلوس؟ قلت له: فيه يسوع اللى جواك، ومبلغ عشرة آلاف جنيه، ممكن يكونوا عربون للأرض، فوافق.
لكن أبلغنى واحد من هؤلاء الطلبة أن والده في مشكلة خطيرة تعرِّضه للسجن، ومحتاج عشرة آلاف جنيه. فسألت أبونا أليشع نعمل إيه؟ فقال لي: الأهم أن ننقذ الرجل. وراحت الفلوس وبقى الرصيد صفرا. تصريح بالمباني، ورصيد مالى لا شيء ورصيد إيمانى عند أبونا أليشع لا حد له.
تم شراء الأرض وبدأت الكاسحات تزمجر في القرية، وهى توصِّل الحديد والإسمنت، وعربات الخشب، وقامت الدنيا تبنى مع الملائكة وسط أفراح القرية لينتهى البناء من الكنيسة وملحقاتها ومضايفها سنة 2000، بعد صرف مليون جنيه نقدًا غير الحديد والخشب وخلافه.
لا تسألنى الحاجات دى جات منين وكيف! أقول لك اطلع السماء واسأل أبونا أليشع وإيمانه الذى لا يعرف المستحيل. واتصل الأنبا أثناسيوس، أسقف بنى مزار ليشكر الدير على بناء الكنيسة وعرض بمحبة أن يقدم أى شيء للدير. فتم عرض فكرة الكتب التى يكتبها الأب أنتوني، فوافق الأسقف المحبوب على نشرها والتقديم لها. فانفتحت بذلك طاقة نور للقارى القبطي.
الكتب
للأب أنتونى مؤلفات عدة، منها على سبيل المثال «الأرثوذكسية قانون إيمان لكل العصور، من هو المسيح؟ الصوم المقبول، ما الحياة، تسليم الحياة لله، كيف تجعل زواجك سعيدا، معنا وسط الأتون، الاتحاد بالله، الصوم الأربعينين المقدس ربيع الروح» إلى جانب 220 نبذة مأخوذة من الكتابات.
في كتابه «ماذا أصاب الحق»، يقدم الأب أنتونى معالجات للكثير من المشكلات التى يعانى منها المجتمع المعاصر، فحول مشكلة الإلحاد يقول: أنْ تكون ملحدًا فلا بد أنْ تؤمن أنَّ التَّخطيط الموجود في الكون ليس مِن صنع خالق بارع، بل مِن اللا تخطيط، مِن الصُّدفة العمياء. قليلون هم الذين كشفوا مغالطة مثل هذا التفكير بشكل أكثر فاعليَّة مِن الفيلسوف المسيحى سي. لويس الذى كتب يقول «يوجد كل الأنواع مِن الأسباب المختلفة للإيمان بالله، وهنا سأذكر سببًا واحدًا فقط، وهو ما يلي: لنفترض عدم وجود فكر ذكى وراء الكون، ولا عقل مُبْدِع؛ في هذه الحالة لم يقم أحدٌ بتصميم مُخِّى لغرض التَّفكير. الأمر لا يعدو عن كونه ذرَّات موجودة داخل جمجمتى تقوم مصادفة بترتيب نفسها بطريقة معيَّنَة لأسباب فيزيائيَّة وكيميائيَّة؛ وكنتيجة ثانويَّة لذلك، أحصل على الإحساس الذى أُسَمِّيه الفكر. لكن إذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكننى أنْ أثق في صحَّة الفكر الخاص بي؟ يشبه ذلك سكب إبريق حليب على أَمَل أنَّ بُقَع اللبن المتناثرة ستُرَتِّب نفسها بحيث ترسم لك خريطة لندن. لكن إذا كنتُ لا أقدر أن أثق في تفكيرى الخاص، بالطَّبع لا أقدر أنْ أثق في الحجج التى تُؤدِّى إلى الإلحاد، وبالتَّالى ليس لديَّ أى سبب لأكون ملحدًا، أو أى شيء آخر. ما لم أومن بالله، لا أقدر أنْ أؤمن بالفكر: إذن أنا لا يمكننى مطلقًا أنْ أستخدم الفكر لأكفر بالله».
الأسرة والكنيسة
حول دور الأسرة والكنيسة في هذا العالم الصاخب، كتب أنتونى يقول: المؤسَّستان اللَّتان يمكنهما أن يُعَلِّما الحق بأكثر فاعليَّة هما الأُسرة والكنيسة. هذه هى «مُجتمعات الذَّاكرة» التى يشير إليها روبرت بيلاه؛ حيث يُحْفَظ التَّاريخ والتَّقاليد. المكان الأكثر تأثيرًا لتعليم حق المسيح هو الأسرة التى يرأسها أبوان لديهما مخافة الله. لهذا السَّبب يُطْلِق القدِّيس يوحنا ذهبى الفم على البيت [الكنيسة الصغيرة]. ومع ذلك، يبدو أنَّه قد تمَّ استبدال الأُسرة والكنيسة مِن قِبَل التليفزيون كجهاز إرسال للحق.
شهدت الولايات المتَّحدة «انحدارا أخلاقيا شديدا في السَّنوات القليلة الماضية. في هذا الانحدار والتسطُّح الأخلاقى يُصَوِّر التليفزيون على نحو منتظم الأشخاص ذوى السلوكيَّات المتدنِّيَة كأنَّهم أناس ليسوا عاديِّين فحسب، بل أيضًا لطفاء. ما يشاهده الأطفال في التلفاز يصير بالنِّسبة لهم سلوكًا طبيعيًّا. ويصبح التلفاز معلِّمهم ويُشَكِّل فيهم: «فكرًا»، ليس: «فكر يسوع» بل فكرًا مريضًا: فكر العالم. والنتيجة هى مجتمع مريض، حيث يحمل الأطفال أسلحة إلى المدرسة، ويطلقون الأعيرة الناريَّة بقصد القتل.
ينبغى أنْ تأخذ الأسرة والكنيسة على عاتقهما الدور المعطَى لهما مِن الله «كمجتمعات الذَّاكرة» حيث يُحْفَظ الحق ويُسَلَّم. الأُسرة المسيحية تجد الحق في الكنيسة «عمود الحق وقاعدته».
كَتَب القدَّيس إيرينيئوس (القرن الثَّاني) عن الكنيسة بكونها الحافظ والحارس للحق فقال: نحن لسنا بحاجة إلى البحث عن الحقِّ في مكان آخر، بل مِن السَّهل الحصول عليه مِن الكنيسة. بالأسلوب الأكثر شمولًا، جمع الرُّسل في الكنيسة، كما لو كان كنزًا، كل ما يتعلَّق بالحق، حتى إنَّ كل من يريد فليرتوِ بماء الحياة إنَّها (الكنيسة) هى باب الحياة، كل الآخرين سرَّاق ولصوص مِن أجل ذلك، يجب علينا أنْ نرفضهم، بينما يجب علينا أنْ نحبَّ كل ما يتعلَّق بالكنيسة بأقوى حماس، ونتمسَّك بالحقِّ المُسلَّم لنا.
أفكار جميلة
يرتكز الإيمان المسيحى الأرثوذكسى غير مؤسَّس على أفكار جميلة بقوَّة على الحق، على كلمة الله، كما هى محفوظة في الكنيسة. إنَّه مؤسَّس على حقائق موضوعيَّة، وأحداث تاريخيَّة مؤكَّدَة حدثت عندما كان أوغسطس وطيباريوس يحكمان روما. إنَّه يعتمد على كون هذه الأحداث حقيقيَّة. إنَّه مؤسَّس على حقيقة قيامة يسوع. رسالة بولس الرَّسول إلى أهل كورنثوس تُعَبِّر عن هذا الأمر بشكل واضح: «إنْ لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطل أيضًا إيمانكم».
إصدار الأحكام والحق
يشير عالم الاجتماع آلان ولف، إلى ما يُسمِّيه الوصيَّة الحادية عشرة الجديدة في أمريكا: «لا تُصْدِر أحكامًا». الامتناع عن إصدار الأحكام نابع من الاعتقاد أنَّه لم يَعُد هناك أى حق موضوعى صحيح. قد يكون هناك شيءٌ صحيحٌ بالنِّسبة لك لكن ليس بالنسبة لي! إذن لماذا تصدر أحكامًا على الآخرين وعلى أفكارهم؟
رَدَّ ويليام بينيت على مِثْل هذا التَّفكير عندما كَتَب: إنَّ هؤلاء الذين يثيرون المفهوم العاطفى في عبارة «مَن نكون نحن حتى نُصْدِر أحكامًا؟» ينبغى عليهم النَّظَر فيما سيترتَّب على التزامنا بهذه العبارة مِن فوضى، على سبيل المثال، في قاعات المحاكم. ماذا سيحدث لو أن هيئة المحلِّفين قَرَّرَت «ألاَّ تُصْدِر أحكامًا» بشأن المغتصِبين والمتحرِّشين جنسيًّا، والمختلسين والمتهرِّبين مِن الضرائب؟ سوف تضيع العدالة.
لولا أنَّ الأمريكيِّين «يُصْدِرون أحكامًا لَمَا وضعوا حدًّا للعبوديَّة، ولعِمالة الأطفال المحظورة، ولَمَا حرَّروا النِّساء، ولمَاَ قادوا حركة الحقوق المدنيَّة. ولا كُنَّا قد احتشدنا ضد النازيَّة والشيوعيَّة... لأنَّ على وجه التَّحديد، القابليَّة والاستعداد لإصدار الأحكام على الأمور المهمَّة، هما العلامة الفارقة لديمقراطيَّة صحيحة».
إذا كان هناك حق موضوعى صحيح، فلا بد أن يَحْكُم هذا الحق على الخطأ. إذا كان هناك نور، فلا بد أنْ يَحْكُم النُّور على الظُّلمة. إذا كان الحق الخاص بكلِّ الأشخاص صالحًا على حدٍّ سواء، إذن لا يمكن أن يكون هناك أى حُكْم. لكن إذا كان الله قد كشف لنا حقه في المسيح، إذن فنحن كلنا سنخضع للمحاكمة. «وُضِع للنَّاس أنْ يموتوا مَرَّة، ثمَّ بعد ذلك الدَّينونة». الرُّوح القُدُس يمنحنا موهبة التَّمييز حتى نُصْدِر أحكامًا، لكن دومًا بمحبَّة وفطنة شديدة. وحتى نقدر أنْ نُمَيِّز بطريقة صحيحة ما هو حق، نحن بحاجة إلى أنْ يكون لدينا آذانٌ روحيَّة مصغية للرُّوح القدس باستمرار.
الشَّياطين.. والحق
يقول بول إفدوكيموف في كتاباته عن الشيطان «أبو الكذب»: بالنِّسبة لأفلاطون؛ فإنَّ عكس الحق هو الخطأ، في حين أنَّه بالنِّسبة للكتاب المقدَّس في أعمق مستوياته، فإنَّ عكس الحق هو الكذب. يقول الكتاب عن الشَّيطان إنَّه: «كذَّاب وأبو الكذَّاب» في جوهره، لذا فقد أخذ الشِّرير على عاتقه مِهْنَة مخيفة وهى تغيير الحق بذكاء. انحراف إرادته في البداية جعل مِن الممكن بالنِّسبة له أنْ يغتصب كل ما يقدر أنْ يغتصبه مِن أجل أنْ يُزَيِّف وجوده بمواد زائفة. إشعياء النَّبى يصف بوضوح هذا المُخطَّط: «لأنَّنا جعلنا الكذب ملجأنا، وبالغشِّ استترنا».
يحذِّرنا القدِّيس أثناسيوس ألاَّ نصدِّق الشياطين حتى لو نطقوا بالحق: ويقول لقد وضع يسوع لجامًا على أفواه الشَّياطين التى كانت تصرخ نحوه عند القبور. وعلى الرَّغم مِن أنَّ ما نطقوا به كان صحيحًا، وقولهم لم يكن كذبًا، «أنتَ ابن الله» و«أنتَ قدُّوس الله»، إلاَّ أنَّ يسوع لم يَقْبَل أنْ يَخرج الحق مِن فم نجس، خاصَّة مِن مثل أولئك الذين مع تظاهرهم بالحقِّ قد يخلطون معه أكاذيبهم الخبيثة.
ويُحَدِّثنا إفثيميوس أنَّ الحقَّ يصبح مجرَّد طُعْمٍ بالنِّسبة للشَّياطين التى لا تنطق بالحقِّ إلاَّ لغرض الخداع:
«لقد علَّمنا يسوع ألاَّ نُصدق الشَّياطين أبدًا، حتى عندما تقول ما هو حق ظاهريًّا. ذلك لأنَّ بما أنَّهم يحبُّون الباطل وهم الأكثر عداء لنا، لذلك فهم لا يقولون الحقَّ أبدًا إلاَّ لغرض الخداع. إنَّهم يستغلُّون الحقَّ كما لو كان طُعمًا».
بحث أساسي
مِن أهمِّ ما يبحث عنه الإنسان في حياته هو الحق. مِن أوَّل الأسئلة التى نسألها عندما نأتى إلى العالم هو سؤال: «لماذا؟». كأطفال كُنَّا نكسر اللِّعَب لنعرف ما الذى يجعل العجلات تدور. عندما صرنا كبارًا أصبحنا نقتحم الكون بواسطة التليسكوب والميكروسكوب والأقمار الصناعيَّة لنعرف ما الذى يجعل الكون يدور. إلاَّ أنَّ مَن يبحث عن الحق هو في واقع الأمر يبحث عن الله، الذى هو (النجم) الهادى إلى جميع الحق. قال لاكتانتيوس لا يوجد غذاء أكثر مُتعة للنَّفس مِن معرفة الحقŸ لماذا أنا هنا؟ مَن أنا؟ إلى أين أنا ذاهب؟ ما هدفى في الحياة؟» أولئك الذين يسألون تلك الأسئلة هم في الحقيقة يبحثون عن الله. العدد الكبير من الدِّيانات في العالم يكشف إلى أى مدى صار جوع البَشَر وتعطُّشهم إلى الحق، أى إلى الله.
الباطل مُتنكِّر في ثوب الحق
يكتب القديس بولس، ويقول: «الشَّيطان نفسه يُغَيِّر شكله إلى شِبه ملاك نور». الباطل أيضًا يقدر أنْ يتنكَّر ليبدو وكأنَّه الحق. في الواقع، هناك أسطورة قديمة مكتوبة في إحدى قصائد هوراس تحكى الأسطورة أنَّ الحق والباطل ذهبا معًا للسِّباحة. وفقًا لهذه الأسطورة، سَرَق الباطل ملابس الحق، والحق فضَّل أنْ يذهب عاريًا على أنْ يظهر في ثياب الباطل، ومِن هنا نَشَأ تعبير «الحقيقة العارِيَة (المُجرَّدَة)». الحق يرفض أنْ يرتدى ثياب الباطل، إلاَّ أنَّ الباطل لا يتوانى أبدًا عن ارتداء ثياب الحق. وكما لبس إبليس قناع الحيَّة ليخدع أول رجل وأوَّل امرأة، هكذا هو اليوم يرتدى الآلاف من الأقنعة التى تبدو بريئة مِن أجل أنْ يخدعنا. إنَّه يُحَوِّل نفسه إلى «ملاك نور»، حتى يُقَدِّم لنا الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل.
قال أحد آباء الكنيسة الأولى: «هناك شيء يبدو منطقيًّا جدًّا ويكون على الرغم من ذلك باطلًا».
والقصَّة التالية تُعَبِّر تعبيرًا جيِّدًا عمَّا أصاب الحق والقِيَم في مجتمعنا هذه الأيام: حدث ذات مرَّة في مملكة بعيدة، أنَّه بعد حصاد محصول الحبوب وتخزينها، اكتُشِف أنَّ المحصول كان مُسَمَّمًا، وكان أى شخص يأكل منه يصاب بالجنون. اجتمع الملك ومستشاروه على الفور ليتشاوروا بشأن ما عليهم أنْ يقوموا به. كان مِن الواضح أنَّه لم يكن هناك طعام كافٍ متوفِّر من مصادر أخرى لإطعام السكان. لم يكن هناك خيار سِوى أنْ يأكلوا الحبوب المسمَّمَة. قال الملك «حسنًا، لنأكل هذا المحصول، لكن يجب علينا في نفس الوقت أنْ نُطْعِم قِلَّة من الشعب بغذاء مختلف، وذلك حتى يبقى في وسطنا البعض الذين يتذكَّرون أنَّنا مجانين ويُذَكِّروننا بذلك».
هدف الكنيسة هو أن تُذَكِّر العالم أنَّ حقَّه وقِيَمه قد أُصيبت بالجنون، وأنْ تشير إلى طريق الحق والتعقُّل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.