وجّه الكاتب الكويتي، ناصر طلال، رسالة نارية إلى صفاء الهاشم النائبة في مجلس الأمة الكويتي، بعد تطاولها على المصريين، والإدلاء بتصريحات عنيفة ردًا على نبيلة مكرم عبيد، وزيرة الهجرة، التي قالت أثناء تناولها لواقعة الاعتداء على مواطنة مصرية في الكويت إن «كرامة المصريين خط أحمر». وقال نص الرسالة: «بل أنْ تتفرعني وتنفجري عنصريةً ضد الوافدين وتطالبي حتى بدفعِهم مائة فلس ضريبةً عن مشيهم على شوارعِ الكويت، عليكِ أنْ تنظري إلى بشاعة وجهكِ وأنتِ تتحدثين بما يُغْضِبُ اللهَ تعالى ورسولَه، ﷺ. (1) يا صفاء، في دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجيِّ، في زمانِ الفقر والعوزِ منذُ عشرينياتِ القرنِ الماضي حتى نهايةِ ستينياتِهِ، كانت سوريا العزيزة والعراق العظيم، ثم مصر الحبيبة في عهد جمال عبدالناصر، يرسلون إلينا طواقم المدرسين والأطباء والمهندسين على حساب حكوماتِهِم، وتُدفَعُ رواتبُهُم من موازناتها، ويفتحون معاهدهم وجامعاتهم لطلابنا وطالباتنا ويؤمنون لهم السكن ويصرفون لهم رواتب شهريةً. (2) يا صفاء، لو شَرَّحنا عقولَنا لَوجدنا في تلافيفها ما علمَنا إياه السوريون والمصريون والفلسطينيون وسواهم من أشقائنا.. هؤلاء هم أصحابُ الفضل علينا ما حيينا. ونحن، يا صغيرة، مهما فعلنا فإننا لن نستطيعَ رَدَّ واحدٍ من مليون من أفضالهم علينا. وإذا كنتِ تعتقدين أنَّهم مُرتَزِقةٍ فاذهبي للاغتسال في بحارِ المغفرة ما بقي لكِ من أيامٍ في الدنيا، فهم يؤدون أعمالًا ويتلقون أجرًا عليها، وهم أسهموا ويُسهمون في بناء بلادنا، ولو كنا نتحدث بعدالةٍ لَوَجَبَ علينا منحهم الجنسيةَ بعد قضائهم خمسة عشر عامًا، أو على الأقل أنْ نمنحهم الإقامة الدائمة غير المَشروطة. (3) عندما تتحدثين عن الوافدين، تذكري، يا صغيرة، أنهم بشرٌ مثلنا وفيهم كثيرون أفضل منا.. هذا الشقيق العربيُّ، والشقيقُ المسلمُ، والأخُ في الإنسانية، مهما اختلفت أعراقُهم وأديانُهم هم بشرٌ يعملون ويبنون ويسهمون في كلِّ النشاطاتِ بجدٍّ واجتهادٍ وشرفٍ، وكما هم بحاجةٍ للعمل فإنَّ حاجتنا إليهم أعظمُ، فلا تتعنطزي عليهم وكأنَّ البشرَ عبيدٌ عندكِ، فوالله إنَّ الممرضة الفلبينية ماري، والعامل النيبالي راما، والطبيب المصري سيد، والمهندس السوري حسان، والمدرس الفلسطيني عاطف، والمدرب الجزائري الأخضر، و و و، هم في عيوننا، ونحترمهم، ونريد لهم حقوقًا أكثر. (4) أتعلمين، يا صغيرة، أنَّ القوانينَ في قطروالكويت بخاصة أقرت الالتزامَ بالقانونِ الدولي بشأن العَمالةِ الوافدةِ؟ … أتعلمين، يا شابةً في الستين، أنَّ دراسةً قُدِّمَتْ إلى رئاسة مجلس التعاونِ بشأنِ التجنيس والإقامةِ الدائمةِ لحاملي الجنسياتِ العربية الذين ولدوا أو يقيمون في دول الخليجِ منذ خمسةٍ وعشرين عامًا؟ وأنَّ إحدى الدولِ قامت بإعدادِ كشوفٍ للعملِ بالدراسةِ سواء أُقِرَّتْ أم أُجِّلَ النظرُ فيها؟. (5) أتوجه بالتحية والاحترامِ والتقدير لأعضاء مجلس الأمة الكويتي، وإلى الشخصياتِ والقامات السياسية والفكرية والدينية الكويتية من الجنسين الذين أعلنوا رَفْضَهم لتفاهاتك العنصرية وطالب بعضهم باستجوابك. من جانبٍ آخر، أتوجَّهُ إلى وجه الخير، الشاب الإنسان المتواضع البشوش المثقف، على توجيهاتِهِ بتعديل بعض القوانين الجديدةِ للإقامة بما يتناسبُ مع الإنسانية والعدالة، وعلى توجيهاته باستثناء السوريين والفلسطينيين حملة الوثائق واليمنيين والعراقيين من كثير من القوانين الجديدة. وأتمنى عليه أن يتم تضمين مناهج التعليم في كل المراحل الدراسية مادة جديدة مستقلةً هي حقوق الإنسان، لأنَّ العنصرية الخفيةَ تأكلُ قلوبَ بعضنا دون أن يدركوا ذلك، بل لعلهم يدركونَ ويشعرون بزهو بسبب عَظَمَتِهُم الفارغة. ولي عودة لهذا الموضوع بإذنه تعالى. ملاحظة صغيرة: يا صفاء، عندما هاجر أجدادك إلى المغرب في بدايات القرن الثامن عشر، وعادوا بعد عقود طوال واستقروا في الكويت، كانوا بشرًا وعربًا ومسلمين هناك، وظلوا بشرًا وعربًا ومسلمين هنا، فما رأيُكِ لو طبقنا عنصريتك بأثرٍ رجعيٍّ عليك وعلى كثيرين؟… اذهبي واغسلي وجهك من المساحيق ثم انظري في المرآةِ لتستعيذي بالله مما سترينه.