تنطلق بعد غد الأحد، الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، والتي يتنافس فيها 11 مرشحًا، يبرز على ساحة التنافس منهم خمسة مرشحين، ليتنافس المرشحان الحاصلان على أعلى الأصوات في الجولة الثانية. وفي التقرير التالي تقدم "البوابة نيوز"، عرضًا مفصلًا عن أهم المواقف والوعود التي نطق بها الخمسة الكبار في سباق الوصول لقصر الإليزيه في باريس للجلوس على مقعد الرئيس الفرنسي. كما يعرض التقرير لواحدة من أهم الملفات التي تناولها كل مرشح لحسب رؤيته وهي وجود المسلمين في فرنسا، وبالأخص من ذوي الأصول العربية وكيف سيتعامل معهم المرشح الفائز حين يصبح رئيسًا؟ ماكرون.. مغازل العرب يعد مرشح تيار الوسط، إيمانويل ماكرون، الشاب ذو التاسعة والثلاثين عاما، أحد أبرز الأسماء المرشحة لخلافة هولاند في الإليزيه، فقد نجح في أن يصبح ظاهرة سياسية لفتت أنظار الجميع منذ تقلده مسئولية وزارة الاقتصاد الفرنسية من 2014 حتى 2016، ليؤسس بعد استقالته فورًا حزبه السياسي "إلى الأمام"، الذى أعلن ترشحه عنه للانتخابات الرئاسية. "ماكرون"، يعدّ من أكثر المرشحين مغازلة للعرب، ففي زيارته إلى الجزائر في 13 فبراير الماضي، وصف الاستعمار الفرنسي لها بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، وهو ما أثار الجدل داخل الأوساط الفرنسية. قبل ذاك، وفى تصريحات لمجلة "لوبوان" Le Point في الأول من أكتوبر 2016، قال: "نعم في الجزائر حصل تعذيب، لكن قامت أيضًا دولة وطبقات متوسطة، هذه حقيقة الاستعمار، هناك عناصر حضارة وعناصر وحشية". أما في ما يتعلق بالموقف من الملف السوري، فقد دعا مرشح الوسط الفرنسي خلال زيارته بيروت في يناير الماضي إلى ضرورة تبنى ما أسماه "سياسة متوازنة"، حيال النظام السوري وفصائل المعارضة، رافضًا أن يكون تنحى الرئيس السوري بشار الأسد شرطًا مسبقًا لأى تقدم في الملف، ومعتبرًا أن تيارات اليمين واليسار الفرنسي منذ بداية الأزمة وقعت في خطأ وضع رحيل الأسد كشرط مسبق لاستمرار المفاوضات وحلحلة الأزمة، كذلك طالب بحل سياسي للأزمة من أجل عودة اللاجئين. لوبان.. "ترامب فرنسا" مارين لوبان، هى ابنة زعيم اليمين المتطرف جان مارى لوبان المعروف بتوجهاته العنصرية الداعمة للنازية، كما أنها توصف ب"ترامب أوروبا"، نظرًا إلى ما تتبناه من سياسات شعبوية تنادى بخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وغلق كل نوافذ الهجرة أمام اللاجئين العرب والمسلمين، فضلًا عن جهودها الحثيثة لمغازلة الصهيونية العالمية ودعم إسرائيل منذ توليها رئاسة حزب "الجبهة الوطنية" في 2011. مواقف لوبان حيال قضايا العرب كشفتها تصريحاتها منذ إعلانها المشاركة في السباق نحو الإليزيه، وأبرزها ما يتعلق بوقف الهجرة ومنع اللاجئين من دخول فرنسا، فضلًا عن تصريحاتها المعادية للإسلام والمسلمين. شبهت لوبان، في حديث سابق لها، المصلين في شوارع فرنسا بالاحتلال النازي، إضافة إلى ما قالته خلال أحد مؤتمراتها بمدينة ليون الفرنسية: "إن العولمة المالية والإسلام المتشدد كلاهما يريدان إركاع فرنسا"، كذلك قولها: "إن المساجد والصلاة في الشوارع والحجاب الذى ترتديه النساء أمور تهدد الثقافة والقيم الفرنسية"، مضيفةً: "لا يوجد شخص فرنسي يمكنه أن يقبل بوجود ذلك". خلال زيارتها بيروت في فبراير الماضي، أكدت لوبان دعمها لمسيحيي الشرق، عدا ذلك فهي من أبرز الداعمين لنظام الرئيس بشار الأسد، والمطالبين بالتحاور معه، وفى مقابلة لها مؤخرًا، قالت: "استمعوا إلى السوريين، وسترون أن ما ينتظرونه هو أن يربح بشار الأسد هذه الحرب ضد الأصوليين الإسلاميين". فيون.. زائر المسجد فرانسوا فيون، رئيس الحكومة الأسبق، ومرشح "حزب الجمهوريين" اليميني الفرنسي، كان قد قرر زيارة لبنان والعراق في إطار الجولات المكوكية لمرشحي الانتخابات الفرنسية، إلا أن تقديمه للمحاكمة في قضية تسهيل وظائف لزوجته واثنين من أبنائه، دفعه إلى إلغاء الزيارة. هو أول مرشح يزور مسجدًا في فرنسا، حين توجه إلى مسجد "سان دوني دو لا ريونيون" الذى يعد أقدم مسجد في البلاد، داعيًا من هناك إلى أن يعبر المسلمون الفرنسيون عن غضبهم تجاه كل الممارسات والأفكار المتطرفة، ليس ضد الإرهابيين وفقط، بل ضد مَن يحرّفون رسالة الإسلام ويدعون إلى الانقسام بين المسلمين. فيون من القلائل في النخبة الفرنسية المطالبين بضرورة الحوار مع بشار الأسد، فرغم وصفه له ب"الديكتاتور" فإنه استبعد أي تسوية للأزمة السورية بدونه، كما جاء على لسانه في تصريحات إذاعية عدة. هامون.. سخروا منه بأنه "إخوان مسلمين" بنوا هامون، وزير التربية السابق، والنائب الأوروبي، والمتحدث باسم الحزب الاشتراكي من 2008 إلى 2012، هو مرشح اليسار الفرنسي الذى نجح في التفوق على رئيس الوزراء الأسبق مانويل فالس. فجر هامون بعض المفاجآت خلال المناظرة التي جرت بينه وبين فالس في الانتخابات التمهيدية لليسار الفرنسي، حين أقر بأن الإسلام ليس مشكلة لفرنسا، مطالبًا بعدم منع ارتداء الحجاب، وضرورة احترام الفرنسيين لحقوق الغير، ونبذ الطائفية والتعصب، وهو ما دفع مجلة "فالور لاكتويل" إلى التساؤل ساخرة: هل بنوا هامون مرشح الإخوان المسلمين؟". هامون، طالب بلاده بمزيد من "الإنسانية" تجاه اللاجئين، مع ضرورة رفع قيمة المساعدات التي تقدمها لهم، فضلًا عن إعطاء التأشيرات لأسباب إنسانية، دون عراقيل أو شروط مجحفة، كما قال في تصريحات له: "فرنسا استقبلت 0.12% من اللاجئين مقارنة بعدد سكان فرنسا، أي أقل من المعدل الأوروبي الذى يقدر ب0.20%. ميلانشون.. "المتمرد" وجه اليسار الراديكالي نجح جان لوك ميلانشون، الخطيب المفوه ذو المواقف الجذرية، والاشتراكي السابق الذي أصبح وجه اليسار الراديكالي، في فرض نفسه تدريجيًا على مر الحملة كمرشح اليسار الراديكالي للرئاسة الفرنسية التي تجري على دورتين في أبريل ومايو. ويثير ميلانشون، الذي يتبع في خطابه مبدأ "التحدث بإسهاب وبلا مواربة"، مشاعر متعارضة، فيندد خصومه بشعبوي يساري فيما يشيد أنصاره بمدافع عن الشعب بوجه القلة الحاكمة، وقد اختار هذا السياسي المعجب باليسار الأميركي اللاتيني شعارا لحملته "فرنسا المتمردة". وارتقى بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة إلى المرتبة الثالثة بين المرشحين، منافسا مرشح اليمين فرانسوا فيون وخلف زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن والوسطي إيمانويل ماكرون. كان المرشح الملقب «ميلوش» وهو درس الفلسفة ومعجب بالثوري الفرنسي ماكسيميليان روبسبيار كما بالرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، من مسؤولي الحزب الاشتراكي على مدى ثلاثين عاما، قبل أن يخرج منه، وهو اليوم من أشد منتقدي الحزب الاشتراكي من يساره، فيما ينتقده إيمانويل ماكرون من يمينه. لم يفقد ميلانشون في سن ال65 أيًا من راديكالية مواقفه، غير أنه بات أكثر ميلًا للفكاهة ويحسن إطلاق عبارات قوية تنطبع في الأذهان، متخليًا عن نوبات غضبه العنيفة التي شكلت لفترة طويلة سمة له. ويقول اليوم :"إنني أكثر تعقلا من أي وقت مضى، وأقل نزقا. الصدام أثبت حدوده". غير أنه في المقابل لا ينكر أيا من مواقفه ويقول "لا يمكن طرح ما أطرحه بوجه ساذج بريء وصوت هزيل، أحياناً لا يكون هناك خيار سوى اقتحام الأبواب ركلا". طلاقة هذا السياسي الفرنسي المخضرم تجعله يحصد أعدادا قياسية من المتابعين على الإنترنت، حيث تضعه شبكته على موقع يوتيوب في طليعة السياسيين الفرنسيين، ويترقب أكثر من مليون متابع له على توتير نوادره وتعليقاته الساخرة. ويمكنه الإنترنت من نشر أفكاره بدون المرور عبر وسائل الإعلام التي يقيم معها علاقات صعبة جدا وعاصفة. ويثبت خلال التجمعات الانتخابية عن براعة خطابية، فيأسر الحضور ملقيا كلماته بدون الاستعانة بأي ملاحظات، وعمد مؤخرًا إلى إلقاء خطاب بالتزامن في عدة مدن من خلال الظهور فيها عبر صورة هولوغرام افتراضية. يقول أحد رفاقه السابقين النائب السابق جوليان دراي: إنه ابتكر العرض الكوميدي السياسي، أصبح استعراضيا. هذا الأسلوب يسمح له بتفادي توجيه انتقادات عنيفة للغاية. بات يتبع نهجا تعليميا، إنه الأستاذ السابق الذي يلقي درسا عن العالم وكيفية تغييره. ولد ميلانشون في طنجة بالمغرب، وكان ناشطا طلابيا من التيار التروتسكي، ثم انضم إلى الحزب الاشتراكي في ال25 من عمره. انتخب عن منطقة إيسون بضاحية باريس وشارك في الحكومة بين 2000 و2002 وزيرا منتدبا للتعليم العالي. كان على خلاف شديد مع الحزب الاشتراكي وزعيمه آنذاك الرئيس الحالي فرانسوا هولاند، ما حمله في 2008 على الخروج من الحزب. تحالف مع الشيوعيين وحصل على 11.1% من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية عام 2012، متخذا موقفا «إلى يسار اليسار» وموجها هجمات عنيفة على الليبرالية الجديدة. غير أنه فشل في الانتخابات التشريعية التي واجه فيها زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن في معقلها بشمال فرنسا، منافسا عدوته اللدودة على أصوات الناخبين الشعبيين. ورأت الباحثة سيسيل ألدوي أن «مفارقة جان لوك ميلانشون تدور حول مفهوم الشعب. فهو يحاول مطابقة مفهومه للشعب المثالي، ذلك الشعب الذي يقاتل من أجله، شعب العاطلين عن العمل والمأجورين وذوي الأوضاع الهشة.. مع الشعب الذي يحضر فعليا مهرجاناته الانتخابية، المنبثق في غالب الأحيان عن الطبقات الاجتماعية المهنية الأكثر ارتفاعا: موظفون وموظفو دولة وأساتذة. يحمل باستمرار على أوروبا «الليبرالية»، داعيا إلى وقف العمل بالمعاهدات الأوروبية، ويوجه انتقادات لاذعة إلى ألمانيا المحافظة بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل. كما يدعو إلى الخروج من الحلف الأطلسي وتبني فرنسا «سياسة عدم انحياز» إلى القوى الكبرى.