في مثل هذا اليوم الموافق 20 رمضان عام 8 هجريًا، والموافق 10 يناير 630م، تمكن المسلمون من فتح مكة، وعرف هذا اليوم ب "فتح مكة" أو "الفتح الأعظم". صلح الحديبية في شهر ذي القعدة سنة 6 هجريًا، أمر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أتباعه باتخاذ الاستعدادات لأداء العمرة في مكة، بعد أن رأى في منامه أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام وطافوا واعتمروا، فخرج من المدينةالمنورة ومعه 1400 أو 1500 من المسلمين، ولم يخرج بسلاح إلا سلاح المسافر، ولما علمت قريش بذلك، قررت منعه عن الكعبة، فأرسلوا مئتي فارس بقيادة خالد بن الوليد للطريق الرئيسي إلى مكة، لكن الرسول اتخذ طريقًا أكثر صعوبة لتفادي مواجهتهم، حتى وصل إلى الحديبية على بعد 14.5 كيلومتر من مكة. البداية: كانت بين قبيلتي خزاعة وبني الدئل بن بكر، عداوة سببها أن رجلًا من حضرموت اسمه مالك بن عباد الحضرمي كان يحالف الأسود بن رزن بن يعمر بن نفاثة الدؤلي، فخرج الحضرمي تاجرًا، فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، فعدت بنو الدئل على رجل من خزاعة فقتلوه، فعدت خزاعة قُبيل الإسلام على بني الأسود بن رزن فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم، وأثناء صلح الحديبية، دخلت خزاعة في حلف الرسول محمد ودخلت بنو الدئل بن بكر في حلف قريش، فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الدئل بن بكر، وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة ثأر أولئك النفر، فخرج نوفل بن معاوية بن عروة الديلي في جماعة من بني الدئل بن بكر في شهر شعبان سنة 8ه، فأغاروا على خزاعة ليلًا، وهم على ماء يقال له "الوتير" جنوب غربي مكة، فأصابوا منهم رجالًا، وتحاوزوا واقتتلوا. الاستعداد لفتح مكة عندما قرر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم السير لفتح مكة، حرص على كتمان هذا الأمر حتى لا يصل الخبر إلى قريش فتعد العدة لمجابهته، فقد كتم أمره حتى عن أقرب الناس إليه، وعن صاحبه أبي بكر الصديق، وزوجته عائشة، فلم يعرف أحد شيئًا عن أهدافه الحقيقية ولا باتجاه حركته. وأعد الرسول محمد جيشًا وصلت عدته إلى عشرة آلاف رجل، وبث رجال العسس بالدولة الإسلامية داخل المدينة وخارجها حتى لا تنتقل أخباره إلى قريش. دخول المسلمين مكة دخلت قوات المسلمين مكة من جهاتها الأربع في آن واحد، ولم تلق تلك القوات مقاومة تقريبًا، وكان في دخول جيش المسلمين من الجهات الأربع ضربةٌ قاضيةٌ لجنود قريش، حيث عجزت عن التجمع، وضاعت منها فرصة المقاومة، وهذا من التدابير الحربية الحكيمة التي لجأ إليها الرسول محمد عندما أصبح في مركز القوة في العدد والعتاد، ونجحت خطة الرسول؛ فلم يستطع المشركون المقاومة، ولا الصمود أمام الجيش الزاحف إلى أم القرى، فاحتل كل فيلق منطقته التي وجه إليها في سلم واستسلام، إلا ما كان من المنطقة التي توجه إليها خالد بن الوليد، فقد تجمع بعض رجال قريش ومنهم صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو وغيرهم مع بعض حلفائهم في مكان اسمه "الخندمة" وتصدوا للقوات المتقدمة بالسهام، وصمموا على القتال، فأصدر خالد بن الوليد أوامره بالانقضاض عليهم، وما هي إلا لحظات حتى قضى على تلك القوة وشتت شمل أفرادها، وبذلك أكمل الجيش السيطرة على مكةالمكرمة. ودخل الرسول مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام، وعندما دخل مكة فاتحا أردف أسامة بن زيد- وهو ابن زيد بن حارثة مولى الرسول محمد- ولم يردف أحدًا من أبناء بني هاشم وأبناء أشراف قريش وهم كثير، وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشرين ليلة خلت من رمضان، سنة 8 من الهجرة. وأقام الرسول بمكة تسعة عشر يومًا، يجدد معالم الإسلام، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى، وخلال هذه الأيام أمر أبا أسيد الخزاعي، فجدد أنصاب الحرم، وبث سراياه للدعوة إلى الإسلام، ولكسر الأوثان التي كانت حول مكة.