تنافس تجارة الزواحف والطيور النادرة والحيوانات المفترسة تجارة المخدرات من حيث حجم المكاسب، وهى من الحرف الخطرة التي لا يمتلك أسرارها سوى عدد محدود من العائلات المعروفة في مناطق بعينها موزعة على محافظات الجمهورية، أشهرها عائلة طلبة في قرية «أبورواش» في محافظة الجيزة، وهى العائلة التي يحتفظ أفرادها منذ نحو 200 سنة بأسرار عمليات صيد الثعابين والعقارب وغيرهما من الزواحف الخطرة والقاتلة وتصديرها إلى الخارج، ويدر هذا العمل رغم مخاطره على العائلة أرباحًا طائلة بالعملة الصعبة تقدر بالملايين سنويًا. الثعابين وحدها تنقسم إلى 36 نوعا، منها 7 أنواع سامة أشهرها أفعى الكوبرا المصرية وهى معروفة بسميتها الشديدة والتي تؤدى للوفاة في أغلب الأحيان خلال 20 دقيقة من لدغتها، وثعبان الكوبرا البخاخ العادي، والحية القرعة والغريبة، وكلها أنواع سامة، أما غير السامة مثيلة ثعبان أبو السيوف وثعبان النيل والجبالى وأبو العيون وغيرها، والأخيرة يمكن أن تسكن البيوت مع قاطنيها من البشر، أما الثعبان السام فهو يعيش بعيدا عن البشر، في الجبل أو الصحراء أو الترع والمصارف، أو أي مكان مهجور، يبلغ طول أفعى الكوبرا المصرية من 2.5 ل 3 أمتار كأقصى طول لها. طارق إبراهيم الشهير ب «طارق كوبرا» هو شاب أربعينى قصير القامة، يصطاد يوميا ما لا يقل عن 20 ثعبانا أغلبها من نوع أفعى الكوبرا، اتخذها حرفة له منذ صغره تدرب عليها وواجه فيها الموت، يعرف حاليا بصائد الكوبرا المصرية الأول، ويتهمه عدد من الصيادين بأنه سيكون السبب الرئيسى في انقراض الكوبرا المصرية إذا استمر بهذا الشكل خلال أقل من عشر سنوات قادمة، وربما كانت هذه المقولة على سبيل الغيرة منه. قابلته في زيارة خاصة لسوق الجمعة نهاية يناير الماضي، كان حريصا كل الحرص في حديثه معي، معلنا تخوفه من بطش أباطرة هذه التجارة بحسب وصفه لهم، رغبتى في اكتشاف أسرار وحقائق غائبة دفعتنى لمواصلة الضغط عليه للحصول على معلومات عن عالمه المليء بالأسرار لكن انتهى لقاؤنا الأول داخل السوق بالاتفاق على المقابلة مرة أخرى. عاودت الاتصال به ومقابلته داخل السوق، لمعرفة المزيد، وبنفس الحيطة والحذر تكلم معي، وانتهى لقاؤنا الثانى بدعوة منه لاصطحابنا معه في رحلة صيد لأفعى الكوبرا في منطقته التي يعيش بها في محافظة الدقهلية على ضفاف نهر النيل، تأكيدا منه لى على كثرة وجودها على طول ضفاف النهر كأكثر مكان تعيش فيه عن غيرها من ساكنى الجبال والصحراء، مؤكدا أن الدولة غائبة ولا تعلم شيئا عن واحدة من مواردها الثمينة. المغامرون حتما ستستهويهم عملية الخروج في رحلة صيد طيور نادرة وزواحف لدغتها قاتلة وحيوانات مفترسة، ما دعانا للاستعداد لعملية توثيق صيد أفعى الكوبرا المصرية على ضفاف نهر النيل. انطلقنا في السابعة صباحا من القاهرة متوجهين لمحافظة الدقهلية، وتحديدا إلى بلدة تدعى «فيشا»، حيث يعيش «طارق كوبرا»، ورغم مراوغاته ومحاولات تهربه من مقابلتنا والخروج معه في واحدة من رحلاته اليومية، تمكنا من الوصول لقريته، انتظرناه وما إن ظهر مستقلا دراجته البخارية، يرافقه ابنه الصغير، بحوزتهما عدد من الغنائم متمثلة في بعض الصقور، وثعبانين تقريبا داخل جوال صغير من القماش، إضافة إلى معدات صيد، حتى أقبلنا عليه.