ولد بطرس غالى فى عائلة قانونية وتوارث منها حب القانون، حيث كان جده بطرس نيروز غالى، رئيس وزراء مصر من 1908 إلى 1910، حيث كان نيروز غالى أول من قام بتحضير القوانين المختلطة بالاعتماد على القوانين الفرنسية، فاشتغل مع قدرى باشا فى ترجمة تلك القوانين، ثم شارك فى اللجنة التى تأسست فى عام 1884 برئاسة نوبار باشا، وعضوية قناصل الدول فى مصر، لتعديل هذه القوانين. وكأنما الوراثة لعبت دورها فى عائلة غالى، حيث درس الحفيد «بطرس غالي» القانون فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة فى عام 1946، وحصل على دبلومة فى الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة باريس، وعلى درجة الدكتوراه من فرنسا أيضاً فى عام 1949، وتدرج فى المناصب الوظيفية من أستاذ للقانون الدولى والعلاقات الدولية فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة فى الفترة من 1949 إلى 1977، كما عمل مديرًا لمركز الأبحاث فى أكاديمية لاهاى للقانون الدولى لمدة عام من 1963 إلى 1964، وعمل أستاذا زائرا بكلية الحقوق فى جامعة باريس منذ 1967 وحتى 1968، وألقى محاضرات فى القانون الدولى والعلاقات الدولية فى جامعات بإفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية. كما أصبح غالى عضوا فى لجنة القانون الدولى من عام 1979 إلى عام 1991، وعضوا سابقا فى لجنة الحقوقيين الدولية، كما كان عضوا فى اللجنة السياسية والمكتب المركزى للاتحاد الاشتراكى العربى، وعضوا فى معهد القانون الدولى، والمعهد الدولى لحقوق الإنسان، والجمعية الإفريقية للدراسات السياسية، وأكاديمية العلوم الأدبية والسياسية بباريس. يقول أحد طلابه د. محمد حسين، أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة: «إن د. بطرس غالى كان يهتم بالثقافة والاطلاع فى كل المجالات، وكان أستاذا رائدا فى مجال القانون والسياسة، كما تميز بالدقة والتأنى، ويعتبر موسوعة قانونية متحركة وخبيرا فى العلاقات الدولية والإفريقية». ويستطرد «د. حسين» حديثه ل«البوابة» قائلاً: «لقد تعلمنا من د. غالى الكثير من المبادئ القانونية والدراسات السياسية فى الكلية»، ويحكى موقفاً حدث معه شخصياً، أنه أثناء تولى غالى رئاسة القسم بالكلية، قام بالاجتماع مع جميع المعيدين للاستماع لما يفكرون فيه، واختار د. حسين تحضير دراسته فى السياسة عند عمر بن الخطاب، وعلى الرغم أن «غالي» يدين بالمسيحية، إلا أنه تفاجأ بفرحته، وقال له: «عظيم، أنا عندى كتب كثيرة فى المكتبة»، وطلب غالى من تلميذه الحضور إلى المنزل لاختيار ما يشاء من الكتب التى يحتاجها فى هذا الشأن، خاصة أن مكتبة الكلية لا توجد بها كتب كثيرة فى هذا الوقت. فى نفس السياق، يقول د. أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية: «إن بطرس غالى كان قيمة قانونية وسياسية واسعة الأفق، واستطاع الوصول إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة، ليضيف إلى الشخصية المصرية الكثير، واستطاع من خلال منصبه فتح ومناقشة الكثير من القضايا العربية والإفريقية والإقليمية ووضع حلول لها». وأضاف: «إن فترة توليه منصب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، جنب المواطنين الكثير من الانتهاكات، حيث كان يهتم بترسيخ حقوق الإنسان بمفهومها العالمى الدولى فى مصر»، مؤكدا أن تاريخه وكتاباته القانونية والسياسية ستكون عنوانا كبيرا لترسيخ وجوده فى الحياة، واسترشادا لأجيال قادمة من الشباب والقانونيين والسياسيين. فى نفس السياق، كان ل«غالي» اهتمامات فى مجال الكتابة والصحافة، حيث كان أول من أسس مجلة السياسة الدولية الفصلية بجريدة الأهرام، كما كتب فى العديد من الدوريات الدولية والعربية فى مجال القانون والشئون الدولية والعلوم السياسية، ومن أشهر كتبه: «المدخل فى عالم السياسة 1990، طريق مصر إلى القدس عام 1997، ستون عاماً من الصراع فى الشرق الأوسط، أحاديث سياسية، 1990، خمس سنوات فى بيت من الزجاج عام 1999، خطط السلام والتنمية والديمقراطية عام 2003، بانتظار بدر البدور فى 2005، بين النيل والقدس، يوميات دبلوماسى مصرى فى 2013». حصل بطرس غالى على جوائز وأوسمة من 24 بلدا، حيث مُنح دكتوراه فخرية من معهد الدراسات السياسية بباريس عام 1992، وجائزة كريستيان أ. هيرتر التذكارية المقدمة من مجلس الشئون العالمية ببوسطن عام 1993، ودكتوراه فخرية من جامعة لوفين الكاثوليكية ببلجيكا، كما مُنح جائزة «رجل السلام» المقدمة من مؤسسة «المتآزرون من أجل السلام»، ومقرها إيطاليا فى العام 1993. وحصل الدبلوماسى الراحل، على شهادة فخرية من كلية السلك الخارجى التابعة لجامعة جورج تاون، بواشنطن فى العام 1994، ودكتوراه فخرية من جامعة بوخارست فى العام 1994.