بعد آخر ارتفاع ل عيار 21.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 في بداية التعاملات    «الوز ب125 جنيهاً والرومي ب135».. أسعار الدواجن والطيور في أسواق الإسكندرية 23 أكتوبر 2024    المالية: التحول الاقتصادي بإفريقيا يتطلب جهودا مضاعفة لدفع حركة النمو والتنمية    الرئيس السيسي يصل مقر انعقاد قمة «بريكس» بمدينة قازان الروسية    لوفتهانزا تمدد تعليق الرحلات إلى بيروت وطهران حتى أوائل 2025    بالأسماء.. تشكيل الزمالك المتوقع ضد الأهلي في السوبر المصري    قمة برشلونة ضد البايرن الأبرز.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    إصابة 11 شخصا إثر حادث تصادم بين أتوبيس وميكروباص في الشرقية    تحرير 553 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1372 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة المرور بشوارع القاهرة والجيزة    انتحار شاب شنقا في الدقهلية    ضبط سائق بشركة توصيل شهيرة لسرقته هاتف أجنبي ببولاق أبو العلا    وزيرة التضامن تدعو عددًا من المسنين لحضور حفل هاني شاكر بمهرجان الموسيقى العربية    فريق طبي بجامعة أسيوط ينقذ فتاة من جلطة حادة مفاجئة بالشريان الرئوي    تداول 19 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و550 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    توقيع برتوكول بين الجهاز التنفيذي للمشروعات الصناعية والتعدينية وهيئة تنمية الصعيد    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    رياح نشطة وأمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الأربعاء    بعد مقترح النائب محمد أبو العينين| خبير: خطوة نحو ربط التعليم بسوق العمل    وزير الخارجية الأمريكى: نرفض تماما إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة    عالمية القص منطق السرد السينمائى    مفاجآت الحلقة الأخيرة من "برغم القانون".. انتقام إيمان العاصى من أكرم    "وقولوا للناس حسنا".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة عن القول الحسن    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة كفر الشيخ    ارتفاع حالات الإصابة بعدوى بكتيريا آكلة اللحوم في فلوريدا بعد موجة الأعاصير    تعاون مصري قبرصي لتعزيز الشراكات الصحية وتبادل الخبرات    رئيس فاكسيرا: توطين صناعة لقاح شلل الأطفال بالسوق المحلي بداية من 2025    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرتين قادمتين من الشرق في إيلات    «العمل» تُحذر المواطنين من التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية    وزيرة التنمية المحلية: زراعة 80 مليون شجرة بالمحافظات حتى 2029    كيف انشق القمر لسيدنا محمد؟.. معجزة يكشف جوانبها علي جمعة    "عبد الغفار" يُدير جلسة حوارية حول تعزيز حقوق الصحة الإنجابية وديناميكيات السكان    إصابة عامل بطلق نارى أثناء عبثه بسلاح غير مرخص بالمنشاه سوهاج    في زيارة مفاجئة.. وزير التعليم يتفقد 3 مدارس بإدارة المطرية التعليمية    «أونروا»: شمال غزة يشهد كارثة إنسانية في ظل انعدام مستوى الأمن الغذائي    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 23-10-2024 في محافظة البحيرة    عاوزين تخلوها صفر ليه، تعليق ناري من خالد النبوي على هدم قبة حليم باشا التاريخية    عمرك ما ترى حقد من «الحوت» أو خذلان من «الجوزاء».. تعرف على مستحيلات الأبراج    ارتفاع أرباح بيكر هيوز للخدمات النفطية خلال الربع الثالث    زعيم كوريا الشمالية يطالب بتعزيز الردع في مواجهة التهديدات النووية    نشرة المرأة والمنوعات.. فواكه تخلصك من رائحة الفم الكريهة.. سعر فستان هنا الزاهد في إسبانيا    عبد الرحيم حسن: شخصيتي في «فارس بلا جواد» كان «بصمة» في حياتي    أحمد عادل: لا يجوز مقارنة كولر مع جوزيه.. وطرق اللعب كانت تمنح اللاعبين حرية كبيرة    إبراهيم عيسى: اختلاف الرأي ثقافة لا تسود في مجتمعنا.. نعيش قمة الفاشية    هاريس: جاهزون لمواجهة أي محاولة من ترامب لتخريب الانتخابات    الكومي: فرد الأمن المعتدى عليه بالإمارات «زملكاوي».. والأبيض سيتأثر أمام الأهلي    منصور المحمدي يُعلن ترشحه لمنصب نائب رئيس اتحاد الطائرة بقائمة مخلوف    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    أنتوني بلينكن: مقتل "السنوار" يوفر فرصة لإنهاء الحرب في غزة    مصرع طفل أُغلق على جسده باب مصعد كهربائي بكفر الشيخ    بعد إعلان اغتياله.. من هو هاشم صفي الدين ؟ (بروفايل)    دوللي شاهين تطرح برومو أغنية «أنا الحاجة الحلوة».. فيديو    إذا كان دخول الجنة برحمة الله فلماذا العمل والعبادة؟ أمين الفتوى يجيب    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاج في المدارس "عيادات على ما تفرج"

ممرضات حديثات السن قليلات الخبرة في القاهرة.. وصناديق إسعافات «خيال مآتة» الرعاية في التعليم الصناعى «تقضية واجب».. والمدرسون هم المسعفون العقارب والثعابين تداهم مدارس المنيا.. والعيادات المدرسية بدمياط مطهراتها «مغشوشة»
اكتفت وزارة التربية والتعليم بصندوق خشبى متهالك به مواد الإسعافات الأولىة داخل كل حجرة دراسية أو معملية في المدارس الصناعية، وعلى المدرسين عمل الإسعافات الأولىة لأى جرح سطحى يصاب به أي من الطلاب
بعد تكرار حوادث موت التلاميذ داخل أروقة المدارس، تكشف «البوابة» في تحقيق جديد إهمال الخدمات العلاجية في العيادات المدرسية، بعدد من المدارس الواقعة في المحافظات المختلفة على مستوى الجمهورية، حيث المقاعد متهالكة تودى بحياة من يستخدمها أو يرتطم بها، إضافة إلى ما يحدث داخل المدارس من عنف بين الحين والآخر من المدرسين تجاه التلاميذ..الخلاصة تشير إلى أن أسباب الموت داخل المدارس كثيرة ومتعددة، لا يقابلها اهتمام بخدمات الإسعاف والعلاج المفروض تواجدها داخل العيادات المدرسية.
وبحسب ما رصدته «البوابة» في عدد من المدارس، حيث لا عيادات تسعفهم أو توقف نزيفهم، مما يعرض حياتهم للخطر، ويتكرر في الصحف أخبار موت تلميذ هنا وآخر هناك، ففى القاهرة الكبرى..حيث أكبر عدد من المدارس سواء الحكومية أو الخاصة، وأعلاها كثافة طلابية على مستوى الجمهورية، ومنها مدرسة السادات الابتدائية المشتركة بحى الهرم بالجيزة، يوضح أحد المعلمين بالمدرسة رفض ذكر اسمه: «عندنا في المدرسة عيادة، كل اللى فيها إسعافات أولىة وبرشام صداع وسخونة، تأتى من وزارة الصحة، بس بتيجى على فترات متباعدة، فبنجيب القطن والشاش والحاجات البسيطة دى من جيبنا أو من ميزانية المدرسة».
المشهد داخل العيادة روتينى، لا يختلف كثيرًا عما يحدث في المستشفيات الحكومية التي تضيع فيها أرواح الكثير من المصريين سدى، فلا طبيب ولا ممرضة، ولا أدوات طبية، يضيف المعلم بلهجة عامية تبدو مريرة: «مفيش دكتور بييجى إلا لو هناك تفتيش، ويمر على الفصول بشكل روتينى، والممرضة الموجودة كبيرها تعمل شوية إسعافات، ولو في طالب «تعب» جامد ما بنعرفش نعمله حاجة، وبنتصل بأهله ييجوا ياخدوه، علشان نخلى مسئوليتنا».
الوضع يختلف بالطبع في المدارس الخاصة، فالرعاية الصحية على خير ما يكون من وجهة نظر المعلم، الذي يوضح: «أنا شفت في المدارس الخاصة زائرات صحيات، بيمروا على الطلبة يوميًا لمتابعة حالتهم الصحية، وفى حالة ظهور أي أعراض مرضية على أي طفل بيعملوا الإجراءات اللازمة، وبيكلموا المدير ينقل الطالب للمستشفى على طول، لكن مدارس الحكومة مفيهاش أي اهتمام، والطالب اللى بيتعب، ويفضل يكح باليومين بنقول للمدير وبيكلم ولى أمره يوديه المستشفى ويجيبلنا شهادة مرضية بعدد أيام الغياب، ولا بنعرف عنده إيه ولا مين السبب».
«كيس قطن وشاش.. وبعض اللاصقات الطبية الصغيرة وسماعة وسرير»، هذه هي كل مكونات غرفة العيادة بمدرسة السيدة عائشة الابتدائية، في منطقة الطالبية بالجيزة، وهى مكونات لا تفيد بحسب مدرس الصنايع «إلا في حالات الجروح البسيطة، وعندما يصاب أحد التلاميذ بجرح، فإنها لا تكون كافية على الإطلاق، ويتوجب في وقتها استدعاء ولى أمر الطالب أو الذهاب بالطالب لأقرب مستشفى».
لا تقف المشكلات عند حد نقص الإمكانات داخل العيادات، ولكنها تمتد إلى مقدمى الخدمة العلاجية في المدرسة، فوفق ما يقول المدرس، فإن ممرضة العيادة المدرسية «صغيرة في السن، وخبرتها الطبية لا تؤهلها للعمل في العيادة»، مستحضرًا موقفًا سابقًا: «مرة طالب أغمى عليه والممرضة مش موجودة، وإحنا مش عارفين نتصرف إزاى ومش فاهمين حاجة، فشربناه ميه بسكر فاكرين إن عنده هبوط، بس اكتشفنا بعد كدا إنه كان هيروح فيها لأن عنده السكر».
يضيف «س.م» معددًا قائمة أطول من أوجه النقص في العيادة: «المفروض يبقى فيه كشف دوري على الطلبة، لمتابعة إمكانية إصابتهم بأمراض معدية واكتشافها بدرى، لأن الأمراض المعدية بتنتشر بسرعة بين الطلاب زى الحصبة ونص المدرسة تتعدى بسبب طالب واحد، لأن مفيش دكتور يكشف ويقرر يعزل الطالب عن زمايله».
في نفس المنطقة، تقع مدرسة الشهيد محمد محمود عبد العزيز الخاصة للغات، حيث توجد غرفة طبية ودولاب للأدوية. تقول ياسمين، إحدى المعلمات، إن المدرسة «بها زائرة صحية تقوم بالمرور دوريًا وتطعيم الطلاب والكشف على أي طالب يشكو من أي أعراض مرضية وتحويله للمستشفى، وفى حالة إصابة أي طالب بجروح أثناء لعبه بنعمله الإسعافات الأولىة».
تباين واضح بين تجهيزات المدرسة الخاصة، ونظيرتها الحكومية تضيفه المدرسة قائلة: «المدرسة تقوم بتوعية الطلاب، وعمل ندوات عن الإسعافات الأولىة والنظافة الشخصية، للحفاظ على الطلاب وتعليمهم الاهتمام بأنفسهم، وعندنا جماعة الهلال الأحمر فيها مجموعة من المدرسين بيعلموا الطلبة إزاى يقدموا الإسعافات الأولىة في أي وقت لأى حد محتاج».
وفى منطقة المنيرة بحى السيدة زينب بالقاهرة، يقول أحد المدرسين في مدرسة المنيرة الإعدادية بنين: «مفيش عندنا عيادة في المدرسة، هي مجرد أوضة موجودة بس مقفولة من فترة كبيرة، وبقت شبه الكهف ضلمة ومليانة عنكبوت، على الرغم إن المدرسة بيئة صالحة لانتقال العدوى والأمراض بين الطلبة والمدرسين».
ويضيف المصدر: «لما طالب بيتصاب بجرح بنجيب قطن وشاش بسرعة من أي صيدلية ونقوله روح البيت، وأوقات كتير الطلبة بيتخانقوا بعد الدراسة ويتعوروا، ومبنلاقيش حد يعالجهم، لأن الزائرة الصحية منظر بس، بتيجى تقعد شوية وتمشى وخلاص على كدا».
يواصل المعلم حديثه عن مشكلات العيادات الصحية في المدارس: «في أوقات انتشار الأمراض المعدية زى الحصبة بنبقى في ورطة كبيرة، لأن المفروض يبقى فيه غرفة عزل للمصابين ومش بنلاقى برضه، فنضطر لتخصيص فصل، وده مش صح طبعًا لأن لازم يبقى فيها تجهيزات خاصة لاحتواء المرض».
الصعيد.. «عقارب وثعابين»
داخل القرى والنجوع بمحافظات المحروسة، يتعلم الطلاب في مدارس بدائية البناء، ووسط كثافة طلابية عالية في الفصول، يضطر المسئولون في المدارس إلى تحويل غرفة عياداتها إلى فصول طلابية لاستيعاب تلك الأعداد أو مخازن للكتب، وأحيانا «كانتين» (المقصف) لبيع الحلويات والأطعمة للطلاب حسبما يقول «أ. ر»، معلم بإحدى مدارس محافظة المنيا، يوضح: «المدارس اللى فيها عيادات قليلة جدا، في مدن المحافظة ممكن يكون فيها عيادات، وبالنسبة للقرى كل كام قرية جنب بعض الإدارة بتخصص ليهم زائرة طبية واحدة، تمر دوريا على المدارس، بحيث تتواجد في كل مدرسة لمدة ساعة، وبيكون مرورها صورى وفى مدارس مبيجلهاش ممرضات خالص».
يتحدث «أ.ر» عن كيفية التصرف في حالة إصابة طالب بجروح أو مضاعفات مرضية في مدارس القرى، قائلًا إنه يُنقل لأقرب وحدة صحية وهى التي تقرر تحويل الطالب إلى المستشفى من عدمه حسب حالته، أما المدارس المتواجدة بمدن المحافظة، يتم تحويلهم إلى المستشفى العام مباشرة، ويؤكد: «لو طالب إصابته خطيرة ممكن يروح فيها على ما يوصل الوحدة الصحية، لأن الوحدات بعيدة عن المدارس، وأوقات كتير بنحاول نحل المشكلة دى إن مدرسين مننا بيتعلموا الإسعافات الأولىة ويعلموها للأطفال بس الوضع ده مش هيستمر كتير والمفروض يبقى في شخص متخصص يعملهم ويتعامل مع الحالات دى في وقتها». ويضيف «في مشكلة بتواجه مدارس القرى على وجه الخصوص، وهى العقارب والتعابين، ويوميا لازم طالب يتصاب ويحتاج ياخد حقن بسرعة، علشان السم مينتشرش في جسمه، لأن مفيش أمصال في عيادات المدارس اللى مش موجودة أصلًا، ووقتها بناخد الطالب المصاب على موتوسيكل أو أي عربية علشان نوصله للوحدة، والمسافة بتكون كبيرة».
ويختم كلامه «أولياء الأمور عندنا بيبعتوا ولادهم للمدارس وهما حاطين إيدهم على قلبهم، لأن ممكن الابن يحصله حاجة وما يلاقيش حد يعالجه أو يسعفه». وفى نفس السياق خلت مدرسة الشهيد عمر الشاذلى بقرية الزعاترة من أي نقطة طبية بداخلها، ويتم التعامل مع الطلبة فيها بنقلهم لمستشفى القرية أو تسليمهم لأهاليهم، هكذا يقول أ. ح أحد مدرسى المدرسة، «أنا بقالى في المدرسة فوق ال15 سنة ومشوفتش عيادة فيها، اللى أعرفه إن في ممرضة بتيجى يوم آه ويوم لا، شغلها كله تكون واقفة وقت تطعيم الأطفال، ولو في طفل تعبان ولا حاجة في أول توك توك ولمستشفى البلد». يضيف المدرس: «المفروض على الأقل يكون في عيادة في المدرسة، للتعامل مع أي جروح في وقتها، ودى مدرسة ابتدائى الأطفال ما بيبطلوش خناق، ولو في كسور أو جروح كبيرة أي مدرس بينقل المريض لمستشفى المركز، ده لو الممرضة مش موجودة». ويشير «إحنا بين وقت والتانى الممرضة بتعمل مسح طبى للطلبة وبتاخد حالات منهم للمستشفي، علشان مفيش عندنا عيادة ولا في دكاترة بيمروا على المستشفى إلا فين وفين».
مدارس «صنايع»..«والبخت ضايع»
رغم تعدد أقسامها العملية، فقد اكتفت وزارة التربية والتعليم بصندوق خشبى متهالك به مواد الإسعافات الأولىة داخل كل حجرة دراسية أو معملية في المدارس الصناعية، وعلى المدرسين عمل الإسعافات الأولىة لأى جرح سطحى يصاب به أي من الطلاب، وإلا يتم نقل الطالب لأقرب مستشفى.
خلت مدرسة الدرافيل الصناعية الفنية المشتركة بمركز بلقاس بالدقهلية، بحسب طلبة ومدرسين صرحوا ل«البوابة»، من أي عيادة مدرسية مكتفية بنقل الطلبة والطالبات إلى مستشفى القرية.
«منى م.» طالبة بالمدرسة، تقول: «كل قسم من المدرسة جواه علبة إسعافات مترتبة ومتظبطة علشان الموجهين، لكن المدرسة كلها لا فيها عيادة ولا يحزنون».
تصف الطالبة، الدراسة في مدارس الثانوية المهنية ب«الخطيرة» التي تستلزم وجود أماكن للعلاج والإسعافات للإصابات الغائرة التي تحدث بين الحين والآخر بين الطلاب غير المؤهلين تمامًا للتعامل مع الآلات وغيره، تقول الفتاة بابتسامة سخرية: «فيه في المدرسة أقسام خطيرة زى الحدادة والخراطة، ولو حد من زمايلنا اتعور، المدرس بيفتح صندوق الإسعافات اللى في الفصل ويغطى الجرح.. وبس».
وتضيف طالبة المدرسة الثانوية الصناعية في المنصورة: «ولو كان الجرح كبير زمايلنا بيشيلوا المصاب على أكتافهم للمستشفى اللى جنبنا بنحو 200 متر»، لكن الحظ الوفير الذي حالف طلاب المدرسة الذين يصابون إصابات خطيرة بوجود مستشفى قريب لا يستمر دائمًا، حيث تتابع «منى» متذكرة: «في مرة واحدة زميلتنا وقعت واتعورت، وإحنا مقدرناش نعمل حاجة، واضطررنا ننقلها المستشفى، لأن صندوق الإسعافات مقفول بالقفل والمدرس مش موجود، وأوقات مستشفى الدرافيل ما بتعرفش تتعامل مع الحالة فبيتنقل المستشفى المركزى ببلقاس».
تشير «منى» إلى ضرورة وجود طبيب في مدرسة للبنات، قائلة: «كون إن مفيش عيادة ولا دكتور في المدرسة دى مشكلة كبيرة، لأننا كبنات بيكون عندنا مشاكل خاصة وبنحتاج حد يتكلم معانا، وطبعا ده مفيش، لأننا في مدرسة حكومي، ولو كنا خاصة كان زمان بدل الدكتور اتنين، بس هي الدولة مبتخدش بالها من المصايب إلا بعد ما تحصل».
ومن المنصورة إلى مدرسة في قلب القاهرة، في حى السيدة زينب حيث تقع المدرسة الثانوية الصناعية للبنات، يختلف الوضع قليلًا للأفضل، حيث يذكر «أحمد. ر» معلم بالمدرسة وجود عيادة طبية وصفها بأنها «منظر»، مضيفًا: «العيادة محطوط فيها شوية قطن وشاش ومطهر جروح في الدولاب ولازقين ورقة عليه بمحتوياته، وكأن الحاجات دى عهدة ممنوع اللمس أو الاقتراب، والعيادة مترتبة وكل حاجة مكانها بس محدش بيستخدمها، عشان لو في لجنة جت من الوزارة».
بانفعال يضيف المدرس قائلًا: «إنما لو طالبة حصلها أي حاجة أثناء اليوم الدراسي، بيكون التصرف إن البنت تروح بيتها وتيجى تانى يوم بعد ما أهلها يتصرفوا فيها بقى يودوها مستشفى ولا حاجة، ولو الإصابة خطيرة بتروح المستشفى مع زميلاتها قبل ما تروح بيتها».
ويضيف «أحمد»، أن هناك زائرة طبية تأتى إلى المدرسة «لكن مجيئها كأنها بتقضى واجب، مجرد منظر وروتين، وبتيجى عشان تمضى وتروح»، ويردف موضحًا الفارق بين المدارس الثانوية العامة ومدرسته الصناعية: «معظم المدارس مفيهاش عيادات أساسًا رغم أهميتها خصوصًا في المدارس الصناعية، لأن الطلاب بيتعاملوا مع معدات ومواد ومعرضين في أي وقت للإصابة، أكتر من طلبة المدارس العادية».
العيادات المدرسية غرف مجهول ما بداخلها في بعض الأحيان، ففى المدرسة الثانوية الفنية للتعليم والتدريب المزدوج بالجيزة، يقول ياسر محمود، أحد الطلاب بالمدرسة، إن العيادة المدرسية لدى مدرسته: «مجرد أوضة مقفولة ما نعرفش جواها إيه، ما بتتفتحش إلا في المناسبات، أو لو حد جاى من الإدارة يزور المدرسة، لكن غير كدا عمرها ما اتفتحت ولا عمر دكتورة جات إلا أوقات التطعيم، ولو واحد اتصاب من الطلبة، المدرسة مالهاش دعوة واللى يتعور مش مهم، بيروح يشوف أي صيدلية ولا وحدة صحية يتعالج فيها».
ويختتم «ياسر» حديثه عن العيادة المدرسية المغلقة دائمًا، بقوله: «مرة واحد زميلنا اتعور في خناقة جوا المدرسة، والمدرسين وقفوا يتفرجوا ومحدش حاول يساعد، واتصلنا بأبوه وخدناها جرى وطلعنا بيه على المستشفى، والمدير ما تحركش، وكأن زميلنا ده مش بنى آدم تبع المدرسة».
مطهرات عيادات دمياط «مغشوشة»
بالطو طبيب علق على مسمار في انتظار طبيب يرتديه.. ودولاب امتلأت أدراجه بمجموعة من الإسعافات الأولىة..ومكتب خشبى عليه شهادات المتابعة الصحية، وسرير فرشت عليه ملاءة زرقاء، وحيطان امتلأت بإرشادات صحية للوقاية من الأمراض، كل ذلك في حجرة أشبه بعيادة مصغرة داخل مدرسة «التربية الفكرية» بقرية ميت الخولى عبدالله بدمياط.
داخل الدولاب الخشبي، في الرف الأول وضعت فيه الإسعافات الأولىة، والثانى وضعت فيه الممرضة مساحيق النظافة، وهو ما يعد مخالفًا وفقًا للأعراف الطبية، والثالث جعلته حافظة لشهادات المتابعة الصحية لطلبة المدرسة.
داخل المدرسة أطفال ذوو احتياجات خاصة، لابد من التعامل معهم بحذر، وخاصة في حالة هياجهم العصبى والتشنجات التي تأتيهم من وقت لآخر، ولكن عيادتهم المدرسية لا تستطيع مداواتهم داخل المدرسة، بل يذهب بهم ناظر المدرسة تارة والإخصائى الاجتماعى تارة أخرى إلى أقرب مستشفى حكومي، لأن الممرضة لا تستطيع التعامل معهم.
«م.ع» أحد مدرسى المدرسة، يحكى كيفية التعامل مع الأطفال أثناء مرضهم، وعن سير المتابعة الصحية داخل المدرسة: «الممرضة متواجدة بالمدرسة، وبتابع الأطفال باستمرار، وبتشرف على تطهير المدرسة والعنابر ونضافة الأطفال الشخصية، هي مش مقصرة في حاجة بس معندهاش إمكانيات، لأن في حالات بيكون صعب التعامل معاها».
ويكمل: «كل اللى في العيادة شوية قطن وشاش ومطهرات جروح، على شوية دوا سخونية وبرد، لكن اللى بيحصل إن الطفل لو جاله شوية سخونية بنبلغ أهله بييجوا يعالجوه بره على نفقة الدولة».
ويضيف: «في دكاترة بيلفوا على المدرسة كل يوم والممرضة بتّابع الطلبة باستمرار، بس أوقات كتير الطلبة بيجيلهم حالات تشنج ومرض الأعصاب، وما بنعرفش نتعامل معاهم، في وقتها ناظر المدرسة أو الأخصائى الاجتماعى ينقل الطالب لأقرب مستشفى وبيبعت لأهله يستلموه ويقعد معاهم لحد ما يبقى كويس، وبعدين يرجعوه المدرسة».
لا مبالاة في السويس
يرفعون ضحكاتهم أمام مشهد إصابة أحد طلابها بجرح قطعى في الرأس، مكتفين باتصال هاتفى لوالده لاستلامه. موقف شهدته مدرسة أحمد لطفي السيد التجريبية بمحافظة السويس، حيث تخلو المدرسة من نقطة طبية لعلاج الطلاب حال إصابتهم.
مروان المصري، والد طفل أصيب في مدرسة أحمد لطفى يروى تفاصيل واقعة إصابة نجله: «جاتلى مكالمة من المدرسة قالوا لى الحق ابنك متعور جامد بسبب خناقة مع واحد زميله ومحتاج يروح المستشفى، جريت ولما روحت لقيت دماغه مربوطة وهدومه مليانة دم»، يضيف «المصري»: «عرفت إن زميله ضربه بطوبة في دماغه ومحتاج يروح للمستشفى عشان رأسه تتخيط، زعلت قوى لما لقيت ابنى كده والمدرسين قاعدين يضحكوا مع بعض ومش على بالهم حاجة، ولما خدت ابنى وروحت المستشفى، قالوا إنه لازم يتعرض على دكتور تجميل لأن في جرح قطعى في رأسه».
«يعنى لو كان في المدرسة دى عيادة على الأقل، كانوا لحقوه وما نزفش دم بالحجم ده»، هكذا يستنكر والد الطالب المصاب ما حدث قائلًا: «هنعمل إيه للأسف المدارس هتفضل كابوس على قلوب أولياء الأمور».
من النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.