خطايا إبراهيم عيسى..ونجيب ساويرس ..وأشياء أخرى حينما تقف أمام شخصية إبراهيم عيسى تتحير كثيرا فيها,فوقت تراه إخوانيا,ووقت تراه يتكلم بلسان الشيعة ووقت تراه بطلا,ووقت تراه مستكينا هادئا. لكن كل هذا لا يجعلني اشك انه فى الفترة الأخيرة قبل أربع او خمس سنوات من الثورة,كان أداة من أدوات النظام البائد. فالنظام البائد كان بلا شك له أدوات فى كل مكان,إعلاميين وصحفيين وقضاة ومحامين ونقابيين,كل شئ مباح فى الدولة البوليسية,وكل الصفقات حلال ومباحة,فالدول البوليسية تصنع المعارضين قبل المؤيدين. فإذا وجدت معارضا شرسا فى دولة بوليسية,لا تتعجل وتلبسه رداء البطولة والشرف والثورة والوطنية قبل أن تتأكد وتتحقق وتتيقن من حقيقة هذا المعارض المزعوم. لا يوجد بينى وبين عيسى اى شئ,ولا أحمل منه شيئا فى صدرى,فهو لم يتزوج أمى من قبل,ولم يستولى على ورثا لى,ولا يوجد بيننا قضايا فى المحاكم. لكن احقاقا للحق يجب الا ندفن رؤسنا فى الرمال,ونصنع من أشخاص ابطال وهم غير ذلك,فعلينا ان نميز ما بين النضال الحقيقى,ونضال صنعه النظام بيده الملوثة. فربما كان عيسى أداة فى إصبع النظام بموافقته الشخصية,وقد يكون قد استخدموه وحركوه دون أن يبرموا معه صفقة واضحة معلنة الأهداف والشروط. لكن على أية حال لإبراهيم عيسى خطايا تمنعه من دخول جنة الوطنية وفردوس الثورة,وعليه أن يتطهر من هذه الخطايا التى فعلها فى حق نفسه أولا,وفى حق قرائه ومريديه. فلقد بحثت كثيرا وقليلا فى هذا السر الخفى الغامض الذى يجعل مبارك الذى ما ترك محرمات إلا وفعلها,بداية من حبس مجدى حسين ثلاث سنوات بسبب دخوله غزة إبان الحرب عليها- مع أن الكثير غيره دخلوا ولم يحبسوا- ومع جفاف لسان أهل حسين مطالبين بالعفو عنه لسوء حالته الصحية,إلا أن مبارك تجاهل طلباتهم وترك حسين يمكث بين جدران السجون الموحشة بلا رحمة ولا شفقة. وفعلها مبارك مع أيمن نور أيضا ولم يستجيب بصلاحياته ان يعفو عنه,وتركه يسجن بلا رحمة ولا شفقة. ولا ننسى هذا المعارض الشرس عبد الحليم قنديل الذي تعرض لعملية غوغائية من رجال مبارك,حيث اقتادوه فى الصحراء وأعطوه علقة ساخنة, وجردوه من ملابسه كيوم ولدته أمه,وتركوه يلقى مصيره عاريا وسط صحراء قاحلة. والإعلامي أحمد منصور الذى تم ضربه عيانا بيانا وعلى مرأى ومسمع من الجميع بواسطة رجال جمال مبارك أمام مبنى الجزيرة,والتى أسفرت عن (شلفطة) وجه منصور وأصابته بكسور وتهتكات,حتى يوم الخامس والعشرين,تم اقتياد منصور فى إحدى العمارات وإعطائه الطريحة المقدسة.وفى اليوم نفسه تم التقاط صور لمحمد عبد القدوس وهو يسحل بأيدي الآلة البوليسية لمبارك, على مرأى ومسمع من كاميرات التلفاز, وكأنه مسجل خطر سرقة موبايلات.ولا ننسى الإعلامي الكبير حمدى قنديل الذى طارده النظام البائد داخل مصر وخارجها,بمساعدة الأنظمة البائدة الصديقة لمبارك,ومنعه من نشر كتاباته وتقديم برامجه.وغير هؤلاء الكثير من المعارضين الذين كدروا صفو مبارك,إلا أن إبراهيم عيسى الوحيد الذى نال عفوا من المخلوع مبارك ورضى وقبل به,وكان من الأشرف والأكرم والأقدر له أن يرفض هذا العفو المشبوه. ليصبح عيسى الصحفى المعفو عنه,والصحفى الذى تصدق عليه مبارك بعفو مشبوه,والصحفى الذى باركه مبارك وجنبه السجن وشقائه. لقد رفض الروائي الكبير صنع الله إبراهيم جائزة الدولة التقديرية وقال بالحرف الواحد:" أرفض الجائزة لأنها صادرة عن حكومة لا تملك مصداقية منحها بسبب مواقفها وتخاذلها وعجزها وتواطئها",وكان اولى بعيسى ان يرفض عفوا من رئيس ديكتاتور مستبد فاقد لشرعيته وفاقد لمصريته. وقد فعلها القائد الكبير المحترم الفريق سعد الدين الشاذلى,حينما رفض أن يطلب عفوا من مبارك وهو ابن الأربعة وسبعين عام وهو بطل حرب أكتوبر ورئيس أركان القوات المسلحة.لكن الشاذلى رأى أن الموت أفضل من أن يطلب عفوا من شخص فاقد شرعيته وفاقد لمصريته,لكن عيسى وافق بارتياح وطمأنينة وحب وسعادة. وليته كان العفو فقط الذى قبل ورضى به عيسى ,بل خرج علينا بعد ذلك بمقالة يغازل فيها الرئيس المخلوع وابنه علاء,بعدما مات حفيده ليقول:" قلبى مع الرئيس مبارك فى هذه اللحظات الحزينة"مع أن الرئيس مبارك المخلوع لم يكن مع أحزان أي مصرى انتحر أو مات جوعا أو مات معذبا أو مات مقهورا أو مات من سرطان يوسف والى. ثم يكمل إبراهيم عيسى مغازلته لعلاء مبارك فى مقالة سفيهة يقول فيها أن المصريين تحب علاء مبارك لأثنى عشر سببا وهم على حد قوله:" 1-أنه بسيط وطبيعي وتلقائي ووشه سمح. 2-لأنه بين الناس فلا صولجان حوله ولا هيلمان وراءه ولا زفة منافقين تحيطه.. يذهب لمباراة غير مشهورة في إستاد كرة يجلس وحده بجوار جمهور المقصورة، لا نعرف وجوده إلا من كاميرا تأتي بصورته لحظة. 3-لأنه مبتعد عن عالم الأضواء وعازف عنها ومتعفف عن المشاركة في أنشطة اجتماعية أو خيرية أو ثقافية حتي لا تكون بابًا للظهور أو التظاهر أو جالبة للصخب أو جاذبة للمنافقين وطالبي الرضا، ثم هو لا يستثمر سياسيًا وإعلاميًا اسم أبيه ومستغنٍ عن الظهور الملح أو الإلحاح الظاهر. 4-لأنه لم يشتغل بالسياسة فلم يضطر ليقول للناس أوهامًا علي أنها حقائق ولا يبيع للمواطن سياسات فاشلة علي أنها قمة النجاح. 5-لأنه رب عائلة مصرية يصحب أطفاله ويرعاهم في احتفالات ومناسبات كما أي مواطن مستور يعيش حياته داخل حدود عائلته بكل بساطة طلبًا لراحة البال وسعادة العائلة. 6-لأنه لم يتدخل يومًا كي يفوز فريق الإسماعيلي الذي يشجعه ثم لأنه يشجع فريقًا أقل شعبية من الأهلي والزمالك ومع ذلك هو أفن منهما معًا فكأننا أمام مشجع دماغ يقدر اللعبة ولا يسعي لنكهة الفوز فقط. 7- لأن نشاطه الاقتصادي بدا محدودًا وغير متوسع ولا متوحش ولا يمكن مقارنة اسمه وأعماله مع أسماء مليارديرات الحزب الوطني ونجوم أمانة السياسات. 8-لأنه شديد البر بوالده وبالغ الأدب وتشعر بحسن تربيته وشدة تهذيبه (يشاركه قطعًا هذه الصفات شقيقه جمال( 9-لأنه حين يفرح في الإستاد تشعر أنه لا ينتظر الكاميرا كي تصوره وحين يشجع فهو لا ينتظر أن ينظر له أحد. 10-لأنه في ظهوره النادر لا يحب أن ينافقه أحد وتشعر أنه يكاد يكون في حالة زهق من كلام أي شخص يحاول أن ينافقه. 11-لأنه لا يوجد مواطن في مصر حاسس إن علاء مبارك عايز منه حاجة. 12-لأنه تعرض لمحنة وامتحان إلهي صعب ومروع بفقد نجله فكان صابرًا قانتًا حامدًا شاكرًا لله". وكما قال محمود المليجى فى فيلمه الناصر صلاح الدين:"وهكذا سقطت لويس",أقول أنا "وهكذا سقط ابراهيم عيسى فى حبه وهيامه وعشقه لشخصية الرجل الشريف علاء مبارك", وكأن عيسى انضم للجنة السياسات محاولا لتوريث علاء الحكم بدلا من أخيه جيمى,لأنه وجد علاء ملاكا من السماء مرهف الحس شريفا مكافحا بدا تجارته بكشك سجائر من مصروفه الذى كان يعطيه له أبوه,حتى أصبح من رجال الأعمال الشرفاء المحترمين الذين لم يتلوثوا بقذرات رجال السياسات ومليارديرات الحزب الوطنى. هذا غير مقولة عيسى فى برنامج واحد من الناس فى الفيديو الذى أرفقته مع المقالة,بأنه يحب الرئيس مبارك لأنه الرئيس وانه -اى عيسى - لا يكرهه,مع ان الرئيس المخلوع قد فعل كل المحرمات التى تستوجب الكره,وكان أولى بعيسى وهو يزعم انه المعارض المناضل الثورجى,أن يقول كلمة حق عند سلطان جائر,او على اقل تقدير ان يطلب من الاعلامى عمرو الليثى حذف هذا السؤال من البرنامج,لانه غير مباشر.لكن هذا السؤال قد اتى على هوى عيسى. هذا فضلا عن صداقته برجل الأعمال نجيب ساويرس الذى يقال انه من مؤسسين قناة التحرير,لذلك لم نجد إبراهيم عيسى طليق اللسان,المحارب للفساد,يهاجم ساويرس ابدا مع فساده المستشري او يهاجم الكنيسة أبدا لو أخطأت مجاملة لساويرس ,بل نراه متقربا لساويرس والكنيسة بهجومه الدائم على الإخوان والسلفيين بسبب وبدون سبب,لدرجة انه نفى فى "جريدته التحرير" المصرية عن السلفيين والاخوان فى احدى موضوعات الجريدة. وما هى إلا لعبة المصالح والمنافع بعيدا عن أخلاقيات المهنة. ومع إنني لست إخوانيا ولا سلفيا,لكنى أجد عيسى غير محايدا ومتحولا من النقيض للنقيض محاربا دوما لطرف وان كان خطئه صغيرا,ومتجاهلا طرفا أخر ولو كان جرمه كبيرا. ومع ذلك يرتدى ثياب الثورجى الوطني,التى يظهر فيها كمثل طفل صغير يرتدى ملابس والده. فثياب الثورة التى يرتديها عيسى واسعة عليه فضفاضة أزيد من اللازم,فعليه أن يصحح مواقفه تجاه نفسه ووطنه وان يتطهر من خطاياه, هذا واستغفر الله لى ولإبراهيم عيسى واستقيموا يرحمكم الله.