منذ الآلاف السنيين والشعب المصرى يعانى من القهر والفقر والمرض والظلم والبطش.. منذ بداية الخلق وحتى الآن..اللهم إلا الفترة التى دخل فيها الإسلام الى مصر وحكم فيها عمرو بن العاص رضى الله عنه..ورسخ قواعد المساواة والعدل وهذا بشهادة غير المسلمين أيضا. دون ذلك لم أجد حكما أو حاكما أنصف المصريين وعمل على نهضتهم ومصالحهم..منذ عهد الفراعنة وحتى الان..فجميع حكام مصر احتلوها.. بداية من مينا وحتى محمد مرسى الذى انتخبه الشعب بإرادة حرة. فنظرة حكام مصر إلى مصر لم تخرج عن إطار منفعتهم الشخصية وجلب المنافع الشخصية الواضحة لهم حتى لو تعارض ذلك مع مصلحة الشعب والوطن. ولعل صفحات التاريخ لن تسع قدر الاضطهاد والظلم الذى وقع على كاهل هذا الوطن البائس وأبنائه البائسين المساكين وتعرضه لكافة أنواع الاحتلال الأجنبي والاحتلال الوطنى الذى عايشاه منذ ثورة يوليو وحتى الآن. فالمسميات تختلف لكن الفعل واحد..فلا فرق بين احتلال المماليك واحتلال العثمانيين والاحتلال الفرنسي والانجليزى.. وبين احتلال عبد الناصر ورفاقه.. ومبارك وزبانيته.. ومرسى وجماعته. فالجميع حكم مصر والجميع خربها وجرفها وفتتها وقهرها قهرا تعجز الكلمات عن وصفه.. وتتوقف صفحات التاريخ أمام بشاعة هذه الأحداث. لكن الفرق بين كل أشكال الاحتلال السابق واحتلال الإخوان..هو أننا أُجبرنا فيما مضى على كافة أشكال الاحتلال..بينما اخترنا نحن محتلا جديدا اسمه جماعة الإخوان المسلمين. لقد تجاوزت عن أخطاء الإخوان فى الفترة السابقة والتى كنت التمس لهم الأعذار الكثيرة فى سبيل تحقيق أهداف الثورة..للدرجة التى اعتبرنى فيها البعض من جماعة الإخوان المسلمين. لكن بعد مرور ثمانية أشهر من حكم الدكتور مرسى لم أجد شئ قد تحقق من أهداف الثورة..حتى إبعاد المجلس العسكرى عن المشهد السياسى غير مضمون فى ظل هذه الظروف المتهرئة التى تمر بها البلاد على أيدى الجماعة. فحتى الان لم يسجن قاتل واحد فى قضية قتل المتظاهرين..وحتى الآن لم تحاكم الثورة احد ممن افسدوا البلاد.. بل خرج رموز النظام الفساد كله من السجن وكأن شئ لم يكن. فصفوت الشريف مدبر موقعة الجمل حر طليق..وزكريا عزمى أية الشيطان فى الفساد حر طليق..وفتحى سرور محلل جرائم النظام البائد حر طليق..حتى حسين سالم ستتم معه المصالحة الآن ليعود الى مصر وكان شئ لم يكن. وقريبا سيخرج مبارك ونجليه كما خرج مساعدو العادلى الذين قتلوا الثوار السلميين بدم بارد..فالجميع الان أحرار يعيشون حياتهم الطبيعية ولا عزاء للشهداء. ولا عزاء للثورة التى قامت من اجل تطهير الداخلية ومحاكمة جلادى مصر فى جهاز امن الدولة سئ السمعة..ولا عزاء للثورة التى قامت من اجل تطهير مؤسسات الدولة بكافة أشكالها وعلى رأسهم القضاء الشامخ النزيه. لقد كانت شعارات الثورة الأولى التى رفعت يوم 25 يناير هى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. وبعد مرور عامين على الثورة وثمانية أشهر من حكم مرسى..العيش أصبح مستحيلا فى ظل هذا الغلاء الرهيب من الأسعار بسبب قرض البنك الدولى الذى لم يتم..والعدالة الاجتماعية فهمها مرسى على أنها تعيين ابنه دفعة 2012 بإعلان داخلى فى هيئة الطيران المدنى متجاوزا خريجو ثمانينات القرن الماضى الذين لم يعينوا حتى الآن..والكرامة الإنسانية هى أن يظل التعذيب والقتل والسحل والإهانة فى أقسام الشرطة ومعسكرات امنها المركزى. ليس هذا فقط..بل أصبحت الجماعة تعامل الشعب على أنهم مجموعة من السائحين أو المغتربين وليسوا شركاء فى الثورة..فمرسى لم يعد الرئيس الذى يفتح صدره أمام الشعب ليكاشفه بما يحدث من مشكلات..بل أغلق على نفسه قمقم جماعته التى لم يختارها الشعب حتى تحكمه بل اختارت شخصا واحدا اسمه محمد مرسى. لقد أصيبت جماعة الإخوان بصدمة عصبية حينما وجدت نفسها بعد أن كانت مطاردة وفى السجون وجماعة محظورة ..تتولى مناصب الدولة الرفيعة..فأصابها نهم السلطة وتركت أولويات الشعب الجائع. حتى حلفائها من باقى التيارات الإسلامية الذين ساندوا الرئيس مرسى وعلى رأسهم حزب النور- الذى اختلف معه شكلا وموضوعا – تحاول الآن محاربته وإقصائه وتشويهه بتهم لا أخلاقية..مثلما فعلوا مع خالد علم الدين. فالآن الإخوان تعلن الحرب على الجميع فلا فرق لديها بين يسارى أو يمينى أو بين حامل كتاب ماركس وحامل نفس الفكر الذين ينتمون إليه حتى لو أدى ذلك إلى تدمير سمعة التيار الاسلامى وصورة الإسلام فى عيون البسطاء. كل هذا لا قيمة له أمام وصول الإخوان للحكم..ووصولهم للحكم ليس معناه خدمة المشروع الاسلامى كما يدعون..فالإسلام لا يخدمه الكذب والكاذبون. فحسن مالك اليوم يصرح بأن ما يحدث من أزمة اقتصادية الآن سببه تحرير سعر الجنيه كما طالب صندوق النقد وهذه هى الصراحة التى نعرفها حتى لو كذب مرسى وقال ان الصندوق لم يشترط اى اشتراطات ولن اطعم الشعب من الربا. فمرسى وجماعته اعتادت على الكذب البواح معتقدة أن هذه هى السياسة..نعم هذه هى السياسة القذرة التى تعتمد على الأكاذيب والخداع من اجل مكاسب حزبية وسلطوية..لكن عليكم أن تتحرروا من مرجعيتكم التى تدعونها وتتمسحون بالإسلام العظيم الذى هو أسمى منكم ومن أمثالكم. لقد خسر الإخوان حلفائهم بسبب سياساتهم الفاشلة وأكاذيبهم المعتادة وسوف يخسرون المزيد والمزيد من تعاطف الشعب..ولعل الانتخابات البرلمانية القادمة ستكون درسا قاسيا لمجموعة العنصريين داخل جماعة الإخوان الذين لوثوا الحياة السياسية بعد الثورة. والمحزن أن السادة فى جبهة الإنقاذ الوطنى أو الخراب الوطنى إذا صح التعبير ليسوا الأجدر بالحكم..بل هم مجموعة من المجرمين والمنتفعين وأصحاب المصالح الذين يريدون ان يصلوا إلى الحكم حبا فى السلطة ومنافعها لا حبا فى الوطن والشعب. الجميع مجرم سواء كانوا إخوان أو جبهة إنقاذ أو فلول تريد أن تنتقم من الشعب الذى قام بالثورة.. والشعب الوحيد هو الضحية. لذلك يجب ان يعلم الشعب من هم أعداؤه.. ولا يسلم نفسه لأحد مدعى او يدعى انه محب لهذا الوطن..فالأوطان تنتهك وتغتصب بمثل هذه الكلمات التى تحرك مشاعر الجائعين والأملين والطامحين فى مستقبل أفضل. [email protected]