عيار 21 ب3575.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الأحد    فخري الفقي: 30% من الدعم العيني يذهب لجيوب غير المستحقين ويزيدهم ثراءً    الظهور الأخير لحسن نصر الله قبل اغتياله (فيديو)    الجيش الإسرائيلي يعلن ضرب مئات الأهداف التابعة لحزب الله في جميع أنحاء لبنان الليلة الماضية    المندوه: ركلة جزاء الأهلي في السوبر الإفريقي «غير صحيحة»    محمد طارق: السوبر المصري هدف الزمالك المقبل..وشيكابالا الأكثر تتويجا بالألقاب    طقس اليوم: حار نهارا معتدل رطب ليلا.. والعظمى بالقاهرة 33    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    بحضور السيسي، الداخلية تحتفل بتخريج دفعة من كلية الشرطة، اليوم    إسرائيل تمهد لعمل بري في لبنان، وإيران تطالب بإدانة "العدوان الإرهابي"    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 29 سبتمبر    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 29 سبتمبر    قفزة في سعر الكتكوت.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كتابة الاسم العلمي للدواء يقلل المشكلات الطبية.. تفاصيل    بعد اعتذارها.. شقيق شيرين عبد الوهاب يرد عليها: «إنتي أمي وتاج رأسي»    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    مسؤول أمريكي: إسرائيل على وشك تنفيذ عمليات صغيرة النطاق في لبنان    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    بالبونبون والأغاني السودانية.. احتفالات صاخبة للسودانيين عقب تحرير الخرطوم (فيديو)    «غرور واستهتار».. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على الهزيمة أمام الزمالك    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    لافروف: إسرائيل تريد جر الولايات المتحدة للحرب    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    عيار 21 بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد في مصر تثير دهشة الجميع «بيع وشراء»    قفزة كبيرة في سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الحنفي يكتب : النقد، والنقد الذاتي، والنقد الهدام.....!!!
نشر في الأيام المصرية يوم 31 - 12 - 2012

إن العنوان الذي وضعناه لمقالتنا هذه، يحمل ثلاث مصطلحات ذات دلالات مختلفة، ولكنها بليغة في نفس الوقت، نظرا للتناقض، وعدم الانسجام القائم فيما بينها. واختيارنا لها كعنوان لهذه المقالة، لم يأت هكذا جزافا، بقدر ما أتى انطلاقا من إدراكنا للفهم الخاطئ لمفهوم النقد، ولمفهوم النقد الذاتي بالخصوص. أما مفهوم النقد الهدام، فيفصح عن نفسه، ولا وجود فيه لأي غموض.
فماذا نعني بالنقد؟
وماذا نعني بالنقد الذاتي؟
وماذا نعني بالنقد الهدام؟
إن مفاهيم النقد، والنقد الذاتي، والنقد الهدام، هي مفاهيم يكثر تداولها في الاجتماعات الخاصة، والعامة، وفي العديد من الكتابات التي تتناول نتائج تلك الاجتماعات، التي تعرف ارتكاب أخطاء بشكل مقصود، أو غير مقصود، فيمارس النقد، سواء كان موضوعيا، أو كان هداما، ويطلب من المرتكب للخطأ، أن يقدم نقدا ذاتيا، فيرفض، لاعتقاده أنه فوق النقد، وفوق ان يقدم نقدا ذاتيا. وما قام به، أو قاله، هو الحقيقة عينها، سواء حصل منه ذلك في إطار حزبي، أو في إطار نقابي، أو في إطار حقوقي، أو ثقافي، أو تربوي.
والمشكل ليس مشكل:
هل نقبل ممارسة النقد بشكله الموضوعي، أو حتى بشكله الهدام، أم نرفضه؟
وهل نقدم نقدا ذاتيا، إذا بدر منا فعل، أو نطقنا بقول يستوجب ذلك؟
بل المشكل هو:
هل نستوعب مفاهيم النقد، والنقد الذاتي، والنقد الهدام؟
وهل نميز بين هذه المفاهيم، أم لا؟
إننا عندما نمعن النظر في المفاهيم النقدية، المطروحة في الممارسة اليومية، وفي العلاقات القائمة بين البشر، في مختلف الإطارات المفعلة في المجتمع، نجد أن متداوليها، غالبا ما يفهمونها فهما مغلوطا، يجعلهم يوظفونها توظيفا سلبيا، تجاه الآخر، المستهدف بالنقد الموضوعي، أو الهدام، والمطلوب منه أن يقدم نقدا ذاتيا. ونظرا لكونه هو لا يتعامل مع المفاهيم النقدية تعاملا سليما، فإنه يرفض النقد، ويرفض النقد الذاتي، ويرفض النقد الهدام.
ولذلك، علينا أن نحدد المفاهيم النقدية، المتداولة بين البشر في الحياة اليومية، وفي الإطارات الجماهيرية، والحزبية، وفي كل مجالات الحياة، حتى يتحدد:
ما هو النقد المسموح به؟
وما هو النقد غير المسموح به؟
ومتى يستوجب النقد تقديم النقد الذاتي؟
وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر لتقديم النقد الذاتي؟
إن مفهوم النقد، ينصب على تشريح ممارسة معينة، من أجل الكشف عن إيجابياتها، وعن سلبياتها، في أفق ترسيخ إيجابياتها، وتنميتها، ونشرها، وتجاوز السلبيات التي تعرقل السير العادي للأفراد، أو للتنظيم الجماهيري، أو الحزبي، من أجل أن يعرف الأفراد تطورا نوعيا، في اتجاه ممارسة الأحسن، مما يقف وراء التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وهو ما يجعل النقد ضروريا للتقويم، من أجل إنتاج الممارسة الإيجابية، لتطور المسلكية الفردية، والجماعية، في إطار المجتمع، وفي إطار التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، فتطور الأفراد كنتيجة للنقد الذي لا يكون إلا موضوعيا، يؤدي بالضرورة إلى تطور الواقع في تجلياته المختلفة، وتطور الواقع يؤدي بالضرورة إلى تطور التنظيمات الجماهيرية، والحزبية، التي ينعكس تطورها إيجابا على تطور الواقع، وتطور الأفراد، نظرا للعلاقة الجدلية القائمة بين مختلف المكونات، التي تتفاعل فيما بينها باستمرار.
والنقد عندما ينصب على الأفراد، أو على التنظيمات الجماهيرية، أو على التنظيمات الحزبية، أو على أي مكون من مكونات الواقع. وهو عندما يكون موضوعيا، وواضحا، وبالغا أهميته، يستوجب ما صار يعرف بالنقد الذاتي.
فماذا نعني بالنقد الذاتي؟
إن مفهوم النقد الذاتي، الذي لا يقع إلا بعد توجيه النقد إلى الشخص، أو إلى التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، الذي لا يكون إلا موضوعيا، وواضحا، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى الاعتراف بالقيام بالممارسة الخاطئة، وما أدت إليه من نتائج ألحقت الضرر بالواقع، في تجلياته المختلفة، أو أضرت بممارسة التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، في علاقتهما بالواقع، والالتزام بعدم القيام بنفس الممارسة، حتى لا تؤدي إلى نفس النتائج.
ونظرا لكون الممارسة الخاطئة، عندما تتم مرة أخرى، تفسد علاقات الواقع، وعلاقات التنظيم الجماهيري، وعلاقات التنظيم الحزبي. لذلك، كان الالتزام بعدم إنتاج نفس الممارسة أساسيا، وضروريا، بعد الاعتراف بالقيام بالممارسة الخاطئة.
والنقد الذاتي يتخذ عدة مستويات:
1) مستوى النقد الذاتي الفردي، أمام الجهاز الذي ينتمي إليه ذلك الفرد، إذا كانت الممارسة الخاطئة من إنتاج الفرد، وليست من إنتاج الجهاز الذي ينتمي إليه، حتى يتم تقويم ممارسة الفرد، في العلاقة مع الجهاز، وحرصا من الجهاز على عدم قيام الأفراد، المنتمين إليه، بإنتاج الممارسة الخاطئة.
2) مستوى النقد الذاتي الذي يقدمه جهاز تنفيذي جماهيري، منتج للممارسة خارج القرارات، التي يتخذها الجهاز التقريري، الذي يفرزه، بعد الاعتراف بذلك، والالتزام بعد القيام بنفس الممارسة، التي استلزمت تقديم النقد الذاتي أمام الجهاز التقريري، حتى لا يحصل تناقض بين ما يقرر في الإطار الجماهيري، وما يمارس في الميدان. فإذا حصل ذلك التناقض، يضطر الجهاز إلى الاستقالة، أو إلى الإقالة، لإتاحة الفرصة أمام انتخاب جهاز آخر.
3) مستوى النقد الذاتي، الذي يقدمه جهاز تنفيذي حزبي، أمام جهاز تقريري حزبي، بعد إنتاج الممارسة المتناقضة، مع ما يتم تقريره في الإطارات التقريرية الحزبية، من المؤتمر، إلى المستويات التقريرية فيما بين المؤتمرين، والالتزام بعدم إنتاج الممارسة المتناقضة، مع ما يتم تقريره، حتى يبقى الجهاز التنفيذي منسجما مع الأجهزة التقريرية، وإلا، فإن على الأجهزة التقريرية، أن تقوم باللازم تجاه الجهاز التنفيذي، الذي يلزم بتقديم استقالته، أو إقالته، أو فصله من الحزب، وإعادة انتخاب جهاز تنفيذي جديد، يلتزم بقرارات الأجهزة التقريرية المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية، أو الوطنية، في مستوياتها المختلفة، من أجل المحافظة على الوحدة الأيديولوجية، والسياسية، والتنظيمية للحزب. وإلا، فإن عدم الانسجام بين الأجهزة التنفيذية، والأجهزة التقريرية، سوف يؤدي إلى تقسيم الحزب، وتشرذمه، وضعفه، مما لا يستفيد منه إلا الجهات التي تتربص بالحزب، وتسعى إلى تقسيمه، وتشرذمه، كما يحصل ذلك عادة بالنسبة للأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، وبالنسبة للأحزاب العمالية بالخصوص، والتي تسعى إلى تنظيم الطبقة العاملة، تنظيما سياسيا.
وما تقوم به الأجهزة التقريرية، في حق الأجهزة التنفيذية، تقوم به كذلك الأجهزة التنفيذية للمنظمات الجماهيرية، والحزبية، في حق الأفراد المنتمين إليها، والذين ينتجون ممارسات نقيضة لما تلتزم به الأجهزة التنفيذية، مما يتقرر في الأجهزة التقريرية للتنظيم الجماهيري، أو الحزبي، حتى يلتزم الأفراد بتقديم استقالتهم، أو تتم إقالتهم، أو يطردون من التنظيم، لإتاحة الفرصة أمام إمكانية تعويضهم بأشخاص آخرين، لا ينتجون نفس الممارسة، ويتصرفون في إطار الالتزام بتنفيذ القرارات، التي يتم اتخاذها في الأجهزة التقريرية، لأي تنظيم جماهيري، أو حزبي، والتي تعتمد في اتخاذ القرارات الخاصة بالجهاز التنفيذي، والتي تكون ملزمة بدورها لأفراد هذا الجهاز، أو ذاك.

وهكذا يتبين أن النقد الذاتي، الذي يترتب عادة عن تقديم النقد بطريقة موضوعية، يستلزم عدم إنتاج نفس الممارسة المستلزمة للنقد، وتقديم النقد الذاتي، مما يترتب عنه تقديم الاستقالة، أو الإقالة، أو الطرد بالنسبة للأفراد، ولأي جهاز تنفيذي، لوضع حد لإنتاج الممارسة النقيضة، لما يتم تقريره، لإثبات وجود قوة التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، كأجهزة تقريرية، في وجه الأجهزة التنفيذية، التي لا تلتزم بالقرارات، وكأجهزة تنفيذية، في وجه الأفراد الذين لا يلتزمون بالقرارات المذكورة، وبقرارات الأجهزة التنفيذية المترتبة عنها.
وإذا كان النقد، والنقد الذاتي، يلعبان دورا كبيرا، وأساسيا، في تقويم مسارات الأفراد، والتنظيمات الجماهيرية، والحزبية، فإن شكلا آخر من النقد، كثيرا ما يمارس في الميدان، من أجل تخريب مسارات الأفراد، والتنظيمات الجماهيرية، والحزبية. وهذا الشكل من النقد، لا يستلزم النقد الذاتي، لأنه ليس موضوعيا، وهو ما درج الكتاب على تسميته بالنقد الهدام.
فما المقصود بالنقد الهدام؟
وما هي الغاية من اللجوء إلى هذا النوع من النقد؟
إننا عندما نلجأ إلى استعمال مفهوم النقد الهدام، فلأنه يشكل نقيضا للنقد البناء؛ لأن ما يجمع بينهما، هو مصطلح النقد، الذي يوصف في الحالة الأولى بالهدام، وفي الحالة الثانية بالبناء، ليشكلا بذلك مفهومين متناقضين: الأول يهدم، والثاني يبني، والأول غير موضوعي، والثاني موضوعي، الأول لا يستلزم إلا هدم ما هو مبني أصلا، والثاني يستلزم تقويم الأخطاء المرتكبة في عملية البناء، بعد تقديم النقد الذاتي، من قبل الجهات الممارسة لتلك الأخطاء.
ولذلك، نجد أن الأصل في النقد، أن يكون بناء، عندما يكون موضوعيا، بتناوله لممارسة معينة، من أجل استثمارها في عملية البناء، وبما أن سلبياتها من أجل تجاوزها، حتى لا تتكرر في عملية البناء المستمرة، أما عندما لا يكون النقد بناء، فإنه يصير هداما، والنقد الهدام، هو الذي يختلق كل ما هو سلبي في الأفعال، والأوصاف، وبالنسبة إلى الأشخاص، وإلى الهيئات، لا من أجل إخضاعهم لتقديم النقد الذاتي، بل من أجل ثنيهم عن الاستمرار في عملية البناء، وجعلهم عاجزين، بفعل الإحباط، عن القيام بأي عمل، كأفراد ينتمون إلى جهاز تنفيذي معين، في تنظيم جماهيري، أو حزبي معين، حتى يتعطل ذلك الجهاز عن الأداء، المطلوب منه الاستمرار في عملية البناء، أو كأجهزة تنفيذية مسؤولة، أمام أجهزة تقريرية لتنظيم جماهيري، أو حزبي معين، حتى لا تنجز أي شيء مما يتم تقريره، من أجل أن يصير التنظيم، بفعل الإحباط الذي يصيب الأجهزة التنفيذية، عاجزا عن الاستمرار في الوجود، أو على الأقل، عاجزا عن الفعل الإيجابي، في الواقع الذي يؤدي إلى التوسع، والتطور، حتى لا يصير متجذرا في الواقع، وخاصة في صفوف المعنيين بالتنظيم الجماهيري، أو الحزبي، وحتى لا يحقق التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، خدمة لمصالح المستفيدين من الأزمات المتراكمة في الواقع. والمستفيدون من تلك الأزمات، ليسوا إلا الواقفين وراء ممارسة النقد الهدام على الأفراد، وعلى الأجهزة المناضلة بالخصوص.
والغاية من اللجوء إلى ممارسة النقد الهدام، تختلف باختلاف مجالات ذلك النقد.
فالغاية من النقد الهدام الموجه للأفراد، تتمثل في تشويه صورهم في المجتمع، وفي القطاع الذي ينتمون إليه بصفة خاصة، وفي أوساط عائلاتهم، وأسرهم، وأمام الأجهزة التي ينتمون إليها، حتى تتلاشى قيمتهم التي يحسب لها حساب في واقعهم، ليصير كل ذلك مضرا بمكانتهم الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو السياسية، ومن أجل الوصول بهم إلى اليأس من القيام بإنتاج الممارسات التي كانوا يقومون بها، فيتوقفون عن إنتاجها كأفراد، في أجهزة تنفيذية، لمنظمات جماهيرية، أو حزبية، لتتحقق بذلك الغاية من ممارسة النقد الهدام، الموجه للأفراد، مما ينعكس سلبا على الإطارات الجماهيرية، والحزبية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وعلى الجماهير المتمثلة في العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم مستفيدين من الممارسة النضالية، التي يمارسها الأفراد في الإطارات المذكورة.
وبالنسبة للغاية من النقد الهدام، الموجه إلى الأجهزة التنفيذية، هو تشويه صورة تلك الأجهزة في المجتمع الذي تعمل فيه، وفي صفوف القطاعات التي تخصها وفي صفوف المنتمين إلى التنظيمات التي تقودها تلك الأجهزة، وأمام الأجهزة التقريرية، التي أفرزتها، حتى تصير تلك الأجهزة غير ذات قيمة أمام المجتمع، وأمام القطاعات التي تنتمي إليها، وأمام التنظيمات التي تقودها، وأمام الهيئات التقريرية لتلك التنظيمات، حتى يصير التنظيم، سواء كان جماهيريا، أو حزبيا، في خبر كان، بسبب تعرض الأجهزة التنفيذية للنقد الهدام، الذي يلحق الضرر الكبير بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ممن تناضل الأجهزة التنفيذية، لمختلف التنظيمات الجماهيرية، والحزبية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية لصالحهم، ومن أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في واقعهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يطمح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى تغييره لصالحهم.
وعلى مستوى الغاية من النقد الهدام، الموجه إلى التنظيم برمته، فإنها تتمثل في العمل على تشويه التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، أمام الجماهير المعنية، التي تعمل على التخلص من التنظيم، وعدم التعامل معه، كما يسعى إلى ذلك ممارسو النقد الهدام، في حق التنظيم، خدمة لمصالح الجهات المتضررة، من وجود التنظيم الجماهيري، أو الحزبي: الديمقراطي، أو التقدمي، أو اليساري، أو العمالي، كما هو الشأن بالنسبة للطبقة الحاكمة، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المخزني، والمتخلف، وباقي الممارسين للاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم من يقف وراء ترويج النقد الهدام، للتنظيمات الجماهيرية، والحزبية، حتى لا تنتزع مكاسب معينة للمعنيين بها.
وحتى تتم محاصرة النقد الهدام، يجب الحرص على دمقرطة التنظيمات، وعلى تقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها، ويساريتها، وعماليتها، إذا كانت حزبية، وأن تعمل على تشريح النقد الهدام، ونقض أطروحاته، وإبرازه على أنه مجرد ترهات، وأكاذيب، تهدف إلى النيل من الإطارات الجماهيرية، والحزبية المناضلة، وقيادة هجوم مضاد للنقد الهدام، وللجهات التي تقف وراءه، وتعبئة الجماهير الشعبية الكادحة، ضد تلك الجهات، وفي إطار ممارسة الصراع الطبقي الحقيقي، في مستوياته المختلفة، لانتزاع المزيد من المكاسب لصالح الكادحين، وبالكادحين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.