أكبر مباراة في لي الذراع بين الرئيس بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي آرئيل شارون، جرت أحداثها المثيرة هذا الأسبوع.. بدأت المباراة بإعلان من وزارة الدفاع الإسرائيلية عن نيتها لبناء 3500 وحدة سكنية إضافية في مستوطنة معاليه أدويم المقامة للقدس الشرقية، ويسكنها 30 ألف مستوطن. أصاب الخبر بالصدمة أحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني.. وفي لقاء له مع اليون ابراز مسئول مجلس الأمن القومي وديفيد ويلش مساعد وزير الخارجية الأمريكي، حذرهما من خطورة قرار بناء مساكن المشروع "E1"، إذ إنه سوف يقطع القدسالشرقية العاصمة المرجوة للدولة الفلسطينية عن الضفة الغربية، ويعزلها عن الدولة الوليدة.. وهو بذلك يتعارض مع مواصفات الدولة كما وردت في صلب مبادرة الرئيس بوش الذي ضمنها خطابه إلي آرئيل شارون 14 ابريل 2004 وتقرأ: "أن تكون متواصلة الأراضي Contiguous ذات سيادة.. مستقلة.. وقابلة للنمو Viable"! وفي لقاء بالبدبلوماسيين الشبان بالخارجية الإسرائيلية، نفي دان كيرتزر السفير الأمريكي بتل أبيب وجود أي تفاهم بين إسرائيل والإدارة الأمريكية علي ترك المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية بمبانيها تحت السيطرة الإسرائيلية في أي اتفاق نهائي..! ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تصريحات السفير، ومنها تطاير الشرر..! وفي واشنطن تناغمت كوندوليزا رايس مع سفيرها بتل أبيب وهي تقول إن خطط إسرائيل لتوسيع مستعمرات الضفة الغربية تتنازع مع السياسة الأمريكية وتهدد مستقبل السلام مع الفلسطينيين.. وأضافت: "لقد أبلغنا حكومة شارون عميق اهتمامنا وقلقنا لما يجري"! واتهم خافير سولانا، رئيس السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إسرائيل بأنها تخرق بهذا العمل أحكام خارطة الطريق.. وأضاف: "إن هذا القرار يتناقض مع التزام كل الأطراف بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء أحادي قد يؤثر علي التسوية النهائية"! شارون: لماذا قرار التوسع الجائر في مستوطنة معاليه أدوميم.. الآن؟! صحيفة هاآرتس تتطوع بالإجابة: "يجمع المراقبون علي أن صدور هذا القرار، في هذا التوقيت، انما جاء ترضية وتعويضاً وأنصار شارون الذين يدعمون انسحابه من غزة وشمال الضفة الصيف المقبل.. وقبل ذلك وأهم، تمهد هذه الخطوة الطريق أمام إقرار ميزانية الدولة في الكنيست، نهاية مارس.. وبغير إقرار الميزانية، تسقط حكومة شارون"! .. بينما تضيف يولي تامير عضو الكنيست رؤية للموقف في غاية الذكاء: "في الوقت الذي يركز فيه العالم علي عملية الانسحاب من غزة.. تري الحكومة الإسرائيلية أنها فرصة سانحة لاختلاس مزيد من البناء في مستوطنات الضفة".. علي طريقة الحواة: "بص العصفورة".. ثم ينشل المحفظة! الببغاء.. كوندوليزا رايس! أحس شارون مدي جسامة الخطر الذي يكتنف موقفه.. وأن الموقف المتغير للإدارة الأمريكية قد يضع حكمه علي أعتاب النهاية! انكب ومعه كل أعضاء مكتبه، علي حملة من الاتصالات المحمومة بالقيادات الأمريكية: الرئيس بوش في مزرعته بتكساس، ديك تشيني نائبه، كل رموز المحافظين، ولوبي الضغط اليهودي في منظمة ايباك، وفي غمضة عين وانتباهتها، تغير موقف واشنطن تماماً من النقيض إلي النقيض.. وأثبت شارون أنه في صراع لي الذراع يملك زنداً من حديد! تذكر بوش فجأة أنه في 4 ابريل العام الماضي أرسل خطاباً شخصياً إلي آرئيل شارون، يقر فيه أنه بسبب "الحقائق الجديدة علي الأرض" والمقصود: المستعمرات الإسرائيلية علي الأراضي الفلسطينية "يمكن لإسرائيل أن تتوقع الاحتفاظ ببعض مباني المستعمرات كجزء من صفقة السلام النهائي".. وهو تصرف لا يرقي إلي أي مستوي سياسي، ولا يراعي فكرة الحق وقواعد الإنصاف! وبادر شارون بتصريح لصحيفة هاآرتس صباح الأحد الماضي.. وتقول كلماته الراقصة: "لا شيء يثير القلق عندي بالنسبة للمباني.. ثمة تصريح أمريكي جديد جداً يوضح أن الاتفاق بيني وبين بوش يقف ثابتاً وراسخاً"! وفي حوار لها مع راديو إسرائيل في وقت مبكر من صباح الأحد، رددت كوندوليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية كالببغاء وعود الرئيس بوش لشارون في خطاب 14 ابريل ،2004 الذي أطلق عليه المسئولون الإسرائيليون وصف "المبادرة الشجاعة والتاريخية".. وأضافت رايس: "أن الرئيس يدعم بقوة خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لفك الارتباط".. وزادت: "نحن لن نجحف نتائج مفاوضات الوضع النهائي، لكن مراكز التجمع البشري الاستيطاني ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار في تلك المفاوضات"! ووضعت رايس مسئولية الزوبعة التي طارت لها قبعات كثيرة، علي أكتاف دان كيرترز سفيرها في تل أبيب وتصريحاته الخائبة للمتدربين بالخارجية الإسرائيلية، وقالت كلمات تشد أذنيه: "نحن لا نكن تقديراً لأحد يحاول أن يوجد جواً من التشوش والإرباك.. لا يقوم علي سبب صحيح"!