يعيش أهالي دمياط هذه الأيام فترة عصيبة قد تؤدي لانهيار صناعة الأثاث المصري والذي وصلت صادراته من دمياط وحدها إلي 600 مليون جنيه سنوياً وذلك بسبب استخدام مادة "البولي استر" وغيرها من المواد المسرطنة وهذا ما دفع إحدي الدول الأوروبية إلي رفض صفقة أخشاب مصرية لعدم مطابقتها للمواصفات البيئية وكانت هذه هي أولي حلقات مسلسل انهيار هذه الصناعة وترتب علي ذلك غلق العشرات من الورش داخل المحافظة خاصة قرية الشعراء التي تضم ما يقرب من ال 4 آلاف ورشة. ويزيد من حجم المشكلة أن البدائل المطروحة في السوق وهي الدهانات الحديثة صديقة البيئة علي حد قول أصحابها اكتشف العلماء أنها غير جيدة كما أن أسعارها مضاعفة مقارنة بأسعار الدهانات القديمة. إلا أن البعض يري أن هناك مميزات عديدة في الدهانات الحديثة التي تعتمد علي المياه وتتمثل في مجموعة ورنيشات أخشاب أكريليك ذات أساس مائي مصنعة طبقاً لأحدث تكنولوجيا عالية تتضمن إعطاء خواص أعلي من الطلاء البولي يوريثين والبوليستر التقليدي من حيث قوة التحمل والنعومة ومقاومة الخدش والبري وبالرغم من ارتفاع سعر الورنيشات المائية عن مثيلاتها من الورنيشات التقليدية إلا أنها توفر في الاستهلاك. بدأنا بأول محطة وهم أصحاب المشكلة حيث قابلنا عدداً كبيراً من العمال المتضررين حيث يقول الحاج شحاتة حسيب صاحب إحدي ورش الدهان إن مادة البوليستر المستخدمة حالياً بها مواد سامة حين يستخدمها العامل نفسه وكذلك المستخدم النهائي لما يسببه من اختناقات وأمراض الرئة وبهذا يمكن القول إن التلوث في دمياط أصبح 100% ووصف حالة السوق في الوقت الحالي من خلال كلمتين هما "السوق نايم.. والناس قحطانة". نفس الكلام يؤكده بكر محمد عبده صاحب ورشة ويقول إن السوق به عدد كبير من المنتجات منها الجيد ومنها الردئ ونرغب في العودة للدهان القديم بالجو مالاكا والسبرتو كما أن أسعار المنتجات التي يتم بها الدهان قد زادت بنسبة 100% حيث وصل سعر البستلة منذ عدة شهور 10كيلو حوالي 95 جنيهاً والآن وصل سعرها 200 جنيه ورغم التلوث والمرض الذي نعاني منه يأتي المسئولون من وزارة البيئة ويأخذون صاحب الورشة والموتور وغيرها من الأدوات وتساءل هل المنتج الجديد سيكون خالياً من المشكلات والأمراض أم سيتم الترويج له وبعد فترة يكتشف أنه ضار صحياً وهذا المنتج الجديد (صديق البيئة) طرح في الأسواق منذ 4 سنوات وكان رديئاً جداً ولا ندري لمصلحة من يتم ترويجه. ووصف أشرف محمد إبراهيم صاحب ورشة أن ما يتم داخل دمياط هو أشبه ب "الموت البطئ" فالعامل البسيط هو الذي يدفع الفاتورة فهناك العديد من أصحاب الورش فضلوا تغيير مهمتهم واتجهوا إلي صيد السمك بدلاً من الدهان والعمل في الورش خاصة أن ما نقوم به هي مشروعات صغيرة ومتوسطة فأين الدعم الحكومي إذاً؟! مشيراً إلي أن دمياط ما هي إلا "إيطاليا مصر" ولها سمعة عالمية فمن شأن هذه المتغيرات أن توأد هذه الصناعة حيث يصل سعر المنتج الجديد 3 أضعاف سعر المنتج القديم ولن يقبل به الزبون فالزبون يعرف أسعار محددة وحتي مضاعفتها تفتح باب الشك والريبة في صاحب الورشة مثلاً الجالون من المنتج الجديد ال 5 كيلوات يصل سعره إلي 185 جنيهاً في حين الجالون 25 كيلو سعره 460 جنيهاً فقط. وينفي الدكتور محمد فتحي البرادعي محافظ دمياط بشدة ان التغير لدهانات بيئية صديقة للبيئة ليس في مصلحة جهة ضد جهة ولكنها تأتي من باب الحفاظ علي رأس المال البشري وعلي الصناعة ذاتها مؤكداً أن الأقاويل التي تشير إلي أن المنتج الجديد به زيادة معلومات مغالط فيها حيث لا تصل نسبة الزيادة فيها إلا 1% فقط والمسألة ليست مجرد قرارات فوقية علي حد قوله أو الزام الصناع بمنتج واحد وسيتم حل هذه المشكلة تدريجياً مؤكداً أن المحافظة تصدر وحدها بما قيمته 600 مليون جنيه سنوياً إلا أنها لم تحقق طموحاتنا بعد خاصة أن المجتمع يتحرك نحو تطوير تلك الصناعة بما يرفع معدلات التصدير. ويضيف البرادعي أن هذ المشكلة ليست في دمياط وحدها ولكن علي مستوي مصر كلها مشيراً إلي أن صناعة الأثاث ليست أخشاباً فقط ولكنها تتمثل في مشكلات أخري من بينها ضعف البنية الأساسية والتي تحتاج إلي فنادق ومطاعم ومعارض لزوار دمياط وكل هذا يأتي لخدمة الصناعة لأن هذه الصناعة ما هي إلا منظومة متكاملة يعاد صياغتها الآن حيث إن هناك كوادر بشرية يتم إلحاقهم للسفر في الخارج للاتحاد الأوروبي للحصول علي شهادات دولية ومعتمدة في هذه الصناعة.