ماذا يراد بمصر بعد محاولة زعزعة الوحدة الوطنية التي يحلو لأمريكا بين الحين والحين اللعب علي وترها والصيد في الماء العكر لتعكير العلاقة بين المسلمين والأقباط؟ وهو المخطط الذي تدينه الإدارة الأمريكية منذ سنة 98 عندما سنت قانوناً أطلقت عليه قانون تحرير الأقليات الدينية، وكان هذا بمثابة ضوء أخضر لأقباط المهجر للتحريض ضد الدولة المصرية بين وقت وآخر في محاولة لزعزعة التعايش بين عنصري الأمة. ومؤخراً نشطت محاولات لإحداث شرخ ما في العلاقة بين الكنيسة والدولة من خلال قصة زوجة الكاهن التي قيل بأنها تحولت إلي الإسلام وهي القصة التي خرجت عن إطارها المحدود وكادت أن تقلب معادلة التواصل والمعايشة بين المسلم والمسيحي. مصر والتجارب النووية وبعد أن تم احتواء مشكلة زوجة الكاهن راحت أمريكا تروج لوسيلة أخري ورأينا صحفاً أمريكية وإسرائيلية تنقل عن مسئولين أمريكيين اتهام مصر بالتورط في إجراء تجارب نووية وإنتاج عدة مركبات من اليورانيوم، وكانت الواشنطن بوست قد زعمت بأن علماء مصريين أجروا تجارب نووية داخل وخارج مصر خلال الثلاثين عاماً الأخيرة وإن كانت الأدلة لا تتوافر علي حيازة مصر لبرنامج نووي سري للأغراض العسكرية، ولا يخفي فإسرائيل هي المحرض دوماً ضد دول المنطقة في محاولة لتكثيف الضغط وتطويق الدول العربية والإسلامية ضماناً لاستمرار حرمانها من التقنية النووية. العصمة لإسرائيل؟ في الوقت الذي تقف فيه أمريكا ومن ورائها الغرب بالمرصاد للدول العربية والإسلامية لمنعها من حيازة النووي تظل إسرائيل هي الدولة الاستثناء التي تملك النووي ولا يقترب أحد منها والفضل لأمريكا التي تمنحها العصمة والتفرد في كل شيء والبركة في المعايير المزدوجة، لهذا دعا "فاعنونو" الذي كشف الأسرار النووية لإسرائيل سنة 86 إلي انتهاج سياسة رادعة مع إسرائيل علي أساس أن من حق الدول العربية أن تطلب من العالم تطبيق سياسة الردع التي تتبع معهم علي إسرائيل ومطالبة البرادعي بالضغط علي تل أبيب لحملها علي تفتيش منشآتها بيد أن هذا لم ولن يحدث والدليل علي ما قاله "البرادعي" خلال زيارته لإسرائيل العام الماضي من أنه لا يملك عصا سحرية هذا فضلاً عن حديثه حول استحالة تغيير الموقف بين عشية وضحاها. هناك فرق لم يكن غريباً والوضع علي هذا النحو أن نري التباين الفج في التعامل مع الطرفين، فعلي حين ثابرت أمريكا علي ملاحقة العرب وتطويعهم ومحاصرتهم باتهامات زائفة مغلوطة مفادها السعي نحو امتلاك السلاح النووي فإنها غضت الطرف كلية عن إسرائيل التي لم توقع علي معاهدة الحظر النووي والتي تحيط سياستها النووية بضبابية رغم أنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك قدرات نووية هائلة، والغريب أن اتهام مصر بإجراء تجارب نووية يأتي في فترة كثر فيها الحديث عن المخاطر الحالية والمستقبلية لمفاعل ديمونة واحتمال تسرب الإشعاعات الذرية منه نتيجة نقص الاحتياطات الوقائية. الجدير بالذكر أن الآثار ظهرت بالفعل علي العاملين بالمفاعل وهو ما أدي إلي زيادة في الإصابة بأمراض العقم والأورام، إلي حد قامت معه إسرائيل بتوزيع أقراص اليود علي المناطق القريبة من المفاعل لوقاية من فيها من أضرار التسرب الإشعاعي، وذهب البعض إلي أنها ستكون عديمة القيمة إذا وصلت درجة الاشعاع إلي دائرة نصف قطرها خمسمائة كيلومتر والتي تغطي قبرص ومصر والعراق والسعودية وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين. المعايير المزدوجة لقد حاول العرب في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي عقد في فيينا في سبتمبر سنة 2003 التقدم بمشروع قرار للتعريف بمدي خطورة امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية وعدم انضمامها لاتفاقية حظر الانتشار وذلك من أجل اخضاع المنشآت النووية الإسرائيلية للرقابة الدولية، ولكن وللأسف نحي الموضوع جانباً واضطر العرب إلي سحب المشروع مثل كل مرة وأرجئ وأدرج علي جدول الأعمال في العام الماضي، أما السبب فيكمن في أن الدول الكبري لا تسمح بالحديث عن إسرائيل، فأمريكا تتبني سياسة المعايير المزدوجة وتكيل بمكيالين حيال قضايا المنطقة خاصة المتعلقة بامتلاك السلاح النووي، وإنقاذاً للموقف تقدمت مصر بمشروع قرار يجعل المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ولم تذكر إسرائيل بالاسم!! التهديد بالانسحاب.. إن التباين الفج في التعامل بين الدول العربية والإسلامية وإسرائيل حدا بإيران إلي أن تهدد في فترة بالانسحاب من معاهدة الحظر، فإسرائيل التي لم توقع عليها تعامل معاملة أخري فلا تحاسب أو تراقب أو تساءل عن الترسانة النووية التي تمتلكها والتي تنفرد بها في المنطقة والتي قدرت ب 400 رأس نووي. وبالتالي لم توقع علي اتفاق الضمانات ولم تسمح للوكالة بالتفتيش علي منشآتها النووية، بينما إيران والدول العربية التي وقعت يتم التربص بهم وتضييق الخناق عليهم بل واتهامهم دوماً بانتهاك معاهدة الحظر النووي، فأي منطق هذا؟ وأين العدل والمساواة؟! لقد أحسنت كوريا الشمالية صنعاً عندما انسحبت من المعاهدة المذكورة بعد أن وجدت أن انضمامها إليها قد شجع أمريكا أكثر وأكثر علي التحرش بها ومطالبتها بالتخلي عن برنامجها النووي كلية. ولم تستطع إيران تبني النهج نفسه فهناك فرق، فكوريا الشمالية بمواقفها كبحت جماح وإدارة بوش، أما إيران فلن تستطيع إعلان العصيان خاصة أن المعادلة هنا تتدخل فيها إسرائيل التي ما فتئت تحرض ضد إيران بل تهدد بقصف محطة بوشهر النووية. وليس ذلك مستبعداً فالسابقة موجودة مع العراق حيث قصفت إسرائيل مفاعلها النووي في أوائل الثمانينيات..