طلب محمود عباس مرشح الرئاسة الفلسطيني من المسلحين في غزة الكف عن إطلاق الصواريخ علي المستوطنات الإسرائيلية، ووصف استمرار عملية إطلاق الصواريخ بأنها "عديمة القيمة" وأنها تعطي إسرائيل مبررا للتصعيد وإلحاق خسائر كبيرة بالمدنيين الفلسطينيين. وكانت عشرات الدبابات الإسرائيلية قد هاجمت المناطق الفلسطينية في شمال قطاع غزة وألحقت دمارا كبيرا وخلفت وراءها عشرات المنازل المهدمة بما فيها من أثاث رفضت أن يخرجه أصحابه قبل عملية الهدم، كما قتل وجرح العشرات من الفلسطينيين ودمرت الجرافات الإسرائيلية مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. وجاءت تلك العملية ردا علي قصف مستعمرة إسرائيلية بصواريخ قسام التي ألحقت خسائر طفيفة بالمستوطنة ولكنها دفعت رئيس الوزراء شارون إلي إصدار الأوامر لجيشه بالرد بقوة علي مصادر إطلاق الصواريخ وقال إنه لن ينسحب من غزة تحت القصف. وفي تقييم موضوعي للعملية بجانبيها نستطيع القول بأن دعوة محمود عباس أبو مازن المسلحين للكف عن إطلاق الصواريخ بدائية الصنع لعدم جدواها تأتي في محلها خاصة وأن توقيت العمليات يواكب توقيت الانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن تؤدي إلي انتخاب قيادة شرعية فلسطينية تقوم بإدارة الأزمة مع إسرائيل لإنهاء احتلال الأرض والاتفاق علي قيام الدولة الفلسطينية المستقلة التي يحلم بها الفلسطينيون. ومن ناحية أخري فإن الخسائر التي تقع علي عاتق الفلسطينيين هي في الغالب باهظة للغاية ولا توازي مطلقا تلك الخسائر الطفيفة التي تلحق بالمستوطنات الإسرائيلية، وقد يكون ذلك مبررا إذا كان الاحتلال مستقرا وتريد المقاومة إحداث قلق وارتباك له، ولكن الوضع الحالي يشير إلي اعتزام السلطات الإسرائيلية سحب قواتها، وبات أمر إخلاء قطاع غزة من المستعمرات أمرا شبه مؤكد وتعتزم الحكومة الإسرائيلية التنسيق بشأن ذلك مع القيادة الفلسطينية المنتخبة، فلماذا إذاً الإصرار علي إيقاع المزيد من الخسائر بالفلسطينيين. ومن ناحية أخري فإن المقاومة المسلحة أدت دورها وكان لها كبير الأثر في اتخاذ القرار الإسرائيلي الأحادي الجانب بالانسحاب من غزة، والأهم من أن ينسحب شارون تحت القصف كما يرفض ذلك الأهم هو التوصل إلي اتفاق مشابه بالنسبة للضفة الغربية وتيسيير السبيل لشارون كي تنسحب قواته وليس بالضغط عليه بعقدة "الماسادا" المعروفة. إن إسرائيل مضطرة للانسحاب من غزة ويرجع الفضل في ذلك إلي المقاومة، ولكن الاَن الدور للسياسيين لاتخاذ الخطوة الأخيرة.