شهدت الأيام الأخيرة بروز تحليلات مختلفة حول هجوم أسراب الجراد الذي تعرضت له الأجواء المصرية مؤخراً والتي تم تقديرها، حسب تصريحات المسئولين في وزارة الزراعة بنحو 35 سرباً يتكون السرب الواحد من حوالي 2 مليار جرادة وقد ركزت معظم الكتابات هجومها علي أجهزة المكافحة بوزارة الزراعة، واتهمتها بأنها السبب الرئيسي في دخول أسراب الجراد إلي مصر نظراً لاستخدامها أجهزة ومعدات عتيقة وغير متطورة، بجانب عدم وضع التحذيرات التي أصدرتها منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" موضع التقدير، كما تركزت الاتهامات حول طبيعة عمل فرق ونقاط المراقبة المنتشرة علي امتداد الحدود المصرية في نحو 35 موقعاً. ومع الهجوم علي الوزارة فرضت عدة أسئلة نفسها منها سؤال عن الفترة التي لم يهاجم فيها الجراد مصر هل تعني نجاحاً يمكن أن ينسب لمسئول بعينه أو لإدارة بذاتها؟.. وهل معني ذلك أيضاً أن أجهزة المكافحة في وزارة الزراعة كانت طوال السنوات الماضية في حالة خمول؟ وما حقيقة إبعاد المسئولين وخبراء مكافحة الجراد من مواقعهم والاستعانة بقيادات لا تعرف شيئاً عن مكافحة الجراد؟.. كل هذه التساؤلات وغيرها لا يمكن الإجابة عنها بشكل نظري أو بالاعتماد فقط علي وجهة نظر المسئولين في وزارة الزراعة، "العالم اليوم" قامت بجولة داخل أروقة الوزارة واستطلعت آراء القيادات والخبراء السابقين أيضاً قمنا بجودة بمختلف المناطق والمشروعات الزراعية بامتداد الطريق الزراعي والصحراوي من القاهرة للإسكندرية واستمعنا إلي شهادات أصحاب المزارع والعمال.. في محاولة منا إلي الوصول إلي حقيقة واضحة لا تعرف المجاملة لطرف علي حساب طرف آخر. وأمام عدم وضوح الرؤية وحالة البلبلة التي أصابت الشارع المصري ونشرت الخوف والفزع في قلوب الصغار والكبار علي حد سواء، لم يكن أمامنا إلا أن نقترح علي المسئولين بوزارة الزراعة تنظيم جولة للصحفيين وأجهزة الإعلام المختلفة لمشاهدة ورصد الآثار المترتبة علي هجوم الجراد علي الزراعة المصرية.. وبالفعل تمت الموافقة وفي تمام الساعة العاشرة صباح يوم الأحد الماضي تحركنا باتجاه الطريق الزراعي بداية من القاهرة إلي الإسكندرية.. وقبل أن تبدأ الجولة التي رافقنا فيها عدد من المسئولين عن المكافحة في مقدمتهم الدكتور عبدالعظيم الجمال رئيس بحوث الجراد بمعهد بحوث وقاية النباتات.. طلبنا ألا تكون هناك مناطق محدودة للزيارة وإنما علينا نحن أن نختار أي مزرعة أو مشروع تنموي في المناطق المختلفة ونتفقدها، كذلك إعطاء الحرية كاملة للزملاء المصورين لالتقاط ما يناسبهم من الصور، ثم الإجابة علي أسئلتنا واستفساراتنا بكل وضوح، وعدم التدخل عند الحديث مع أصحاب المزارع والعمال، وبالفعل حصلنا علي موافقة المسئولين علي هذه المقترحات. وبمجرد دخولنا للطريق الزراعي بدأت مظاهر الخضرة في الظهور ولم نلاحظ أي آثار للجراد علي الحدود الخارجية للمزارع.. ثم توجهنا إلي موقع المزرعة السعودية في جمعية المعتمدية وبدأ السير لأكثر من كيلو داخل المزرعة لم نشاهد آثاراً لتآكل أي نوع من الخضراوات أو الفاكهة الموجودة علماً بأن معظم الزراعات تمثلت في العنب والبرسيم والبطاطس وغيرها من المحاصيل الورقية التي يقبل الجراد علي التهامها.. ولكن المفاجأة عندما انتقلنا إلي موقع آخر داخل المزرعة محاطاً بأشجار مرتفعة من الجازورين حيث وجدنا أعداداً وكميات هائلة من الجراد التي تمت إبادتها.. سألت الدكتور عبدالعظيم الجمال رئيس بحوث الجراد: * لم نشاهد أية آثار سلبية أو دماراً لزراعات في هذه المنطقة.. علي الرغم من وجود كميات هائلة من الجراد الذي تمت إبادته؟ ** ما حدث هو أننا رصدنا تحركات الجراد منذ قدومه للحدود المصرية، ولدينا استعدادات وأجهزة متطورة جداً.. وبمجرد هبوط الجراد في هذه المنطقة أو أية منطقة أخري نتحرك علي الفور ونتعامل معه، والتعامل مع الجراد يتم من خلال تركه يستريح من رحلة الطيران وعند قدوم الغروب يتم مهاجمته، والقضاء عليه باستخدام المبيدات، ونجحنا إلي حد كبير جداً في القضاء علي معظم الأسراب التي نزلت إلي المساحات الزراعية والدليل علي ذلك ما تشاهدونه من كميات هائلة مبادة.. * لم نشاهد جراداً طوال السنوات الماضية وفجأة رأيناه فوق رؤوسنا؟ هل هذا تقصير من جانب أجهزة المكافحة أم ماذا؟