فرض هجوم اسراب الجراد علي مصر تساؤلات عديدة داخل الأوساط الاقتصادية حول مدي قدرة رجال الأعمال علي الوفاء بالالتزامات التعاقدية لتصدير الحاصلات الزراعية.. حيث شكي العديد من أصحاب المزارع من إصابات مزارعهم بخسائر كبيرة بسبب الجراد فهل سيفقد المصدر المصري الأسواق الخارجية التي تعب كثيرا في اقتحامها والتي قد تلجأ إلي دول أخري للحصول علي احتياجاتها من الحاصلات الزراعية وحتي في حالة حصول المصدر المصري علي تعويضات من الدولة فإن هذا لن يغنيه عن فقد الأسواق الخارجية إذا استمرت في الاستيراد من الأسواق البديلة لنا.. ولذلك يطالب رجال الأعمال بالبحث عن وسيلة للحفاظ علي هذه الأسواق لأن هذا اجدي من أي تعويضات، المشكلة ايضا أن هناك احتمالات اخري لعودة أسراب الجراد خلال الشهر الحالي وهذا يعني مزيدا من الخسائر إذا لم نستطع مقاومتها وإيقاف زحف الجراد ومنعه من دخول البلاد.. العالم اليوم فتحت ملف الجراد وكيفية مقاومته وما أفضل السبل لتعويض المتضررين والحفاظ علي اسواق التصدير؟ مجاعة يبدأ د. جمال زكي رئيس قسم بحوث الجراد بمعهد بحوث وقاية النباتات حديثه مؤكدا أن التجارب الدولية من غزو الجراد تؤكد أن خسائر الهجوم المباشر للجراد تتمثل في إبادة كل ما هو أخضر حتي تحدث مجاعة حقيقية وهذا ما حدث بالفعل في اريتريا أوائل الثمانينات والتي تزامن هجوم أسراب الجراد عليها مع نشوب حرب أهلية الأمر الذي أدي إلي عدم اتخاذ الاحتياطيات الكافية لإبادة ومكافحة هجوم تلك الأسراب مما ساهم في نجاحها في القضاء علي النباتات الخضراء وإحداث مجاعة بالدولة. ويستطرد د. جمال زكي مشيرا إلي أن الموقف الحالي في مصر مختلف كلية والخسائر الناتجة عن ذلك الغزو تكاد لا تذكر نتيجة نوعية ذلك الجراد الأحمر وهو في طور غير ناضج جنسيا وبالتالي قدرته علي إلتهام النباتات الخضراء اقل بمستويات كثيرة عن الجراد البالغ الذي يضع البيض ويستقر ويأكل بكميات كبيرة والذي يمكن أن يحدث مجاعة لأنه يأكل كل شيء في الأرض سواء الطماطم أو الفول والخضراوات والذرة، كما أن ذلك النوع من الجراد لا يهدف للاستقرار داخل مصر ولكنه في طريقه لأماكن التكاثر الشتوي علي ساحل البحر الأحمر وشمال السودان. لجان لتقدير الخسائر وقال د. جمال زكي إن معهد بحوث وقاية النباتات سيشارك مع اللجان المشكلة من وزارة الزراعة وتضم فرق مكافحة الجراد لاعداد حصر شامل وتقدير للخسائر التي نتجت عن وجود الجراد بمختلف المحافظات. وأشار إلي أنه بالفعل تنبأت منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" منذ منتصف شهر يوليو الماضي بوجود احتمالات بدرجة ضعيفة من توجه جزء من أسراب الجراد تجاه شمال غرب مصر نتيجة حدوث منخفض جوي واتجاه للرياح سيساعد علي ذلك وبالفعل تحقق التنبؤ الضعيف وبدأ الغزو علي مصر منذ 28 أكتوبر وفر من المكافحة المكثفة للقضاء عليه ولكن لا يمكن إنكار أنه لو تم استخدام طائرات الرش منذ بدء زحفه علي الصحراء لكان تم منعه من الوصول إلي الوادي والدلتا حيث الكثافة السكانية والأراضي الخضراء وتصبح الوسيلة الوحيدة في هذه الحالة هو استخدام أجهزة الرش والمواتير الأرضية والمبيدات غير الضارة بالبيئة، كما أن إلغاء رش الطيران الزراعي بالمبيدات يأتي لصالح الحفاظ علي الافراد والنباتات من التلوث واثارها الضارة والتي كانت تعد وسيلة سريعة للقضاء علي الجراد خاصة الذي يسكن فوق أعالي أشجار الجازولين والكافور ومع استخدام مواتير الرش الأرضية جزء من الجراد بأعالي الشجر يصل إليه المبيد وجزء اخر لا يصل إليه وبالتالي نسبة القضاء والسرعة عليه تكون أقل، كما أن طرق المقاومة من جانب بعض الأهالي في المحافظات كانت تتم بصورة عشوائية مثل حرق الكاوتش وإحداث دخان كثيف لتهريب الجراد أضعف من جهود فرق المقاومة التي كانت تنتظر حتي حلول الظلام ويبدأ الجراد في التجمع علي الأشجار ثم إبادته بالرش ولكن استخدام الحرائق أدي إلي تشتيته وتفريقه في أماكن كثيرة. ونفي د. جمال زكي مقولة إن مصر أصبحت منطقة غزو للجراد مشيرا إلي أن تلك الظاهرة تتم علي فترات متباعدة فمنذ الخمسينيات لم تحدث سوي أواخر عام 1988 ثم مر عليها 16 عاما لتحدث الان وبالتالي فهي ظاهرة عارضة وغير منتظمة ولا تجعل هناك قلقا لدي المستثمرين سواء المحليين أو العرب والأجانب من احتمالات هجوم الجراد والقضاء علي النباتات الخضراء وإلحاق الخسائر بالمحاصيل الزراعية مشيرا إلي أنه بصورة عامة يجب علي المستثمر أن ينظر إلي ظاهرة الجراد أنها كارثة طبيعية لا يمكن التحكم فيها مثل الزلازل وغيرها وأن منظمة الفاو تشرف علي مكافحة الجراد من الهند وباكستان وموريتانيا وتعد تقارير شهرية حول حالة تواجد الجراد واتجاهه والتنبؤات الخاصة بانتشاره وتكاثره يمكن الاستعانة بها في دراسات الجدوي مع التأكيد علي أن مصر ليست منطقة غزو للجراد.