قبل أيام قليلة علي موعد الانتخابات الامريكية التي ستجري صباح الخميس المقبل.. عاد الرئيس جورج بوش ليكرر اسطوانته المشروخة حول تعهده بإحياء عملية السلام.. وبذل كل جهده من أجل استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.. وإعلان ان خطة خريطة الطريق هي أساس تحقيق التسوية بين الجانبين.. وبالمرة لم ينس الاعلان عن أن لمصر دوراً مهما في أمن غزة.. مع التزام واشنطن بحماية أمن اسرائيل. وبالقطع تشمل هذه الحماية تحقيق تفوقها العسكري والاستراتيجي علي الدول العربية والتعامل مع أي تهديد لأمن اسرائيل حتي ولو محتملا أو قائما بنسبة ضعيفة علي انه تهديد للأمن القومي الامريكي نفسه.. مثل تفكيك ما تسميه واشنطن بالمنظمات الإرهابية.. دون تفرقة بين تنظيم القاعدة وبين حزب الله والمنظمات الفلسطينية التي تدافع عن قضية عادلة ومشروعة وتسعي الي تحرير اراضيها من الاحتلال الاسرائيلي. عاد بوش ليكرر نفس اسطوانته القديمة.. في نفس الوقت الذي تواصل فيه اسرائيل سياستها العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وترتكب كل يوم المجازر والمذابح بحق الفلسطينيين.. وآخرها قتل واصابة العشرات في اجتياحها الوحشي لمدينة خان يونس. وكأن السلام يتحقق بقتل الفلسطينيين.. ويتحقق باقتحام المدن والقري الفلسطينية.. كما أن الدولة الفلسطينية التي يقول بوش انه الوحيد الذي نادي بها بين جميع الرؤساء الأمريكيين.. ستقام علي انقاض المنازل التي تهدمت واشلاء الجثث والضحايا والدمار والخراب الذي لحق بالفلسطينيين. وفي الجانب العربي.. الصورة تبدو شديدة القتامة.. بسبب ان العرب لا يملكون أية أوراق في أيديهم يفاوضون ويضغطون بها.. لأنهم اضاعوها الواحدة تلو الأخري.. لذلك سنجدهم يتعلقون بتصريح بوش ويجرون وراء سراب.. الذي يصدر قبل موعد الانتخابات بأيام.. في محاولة من بوش لكسب أصوات العرب الأمريكيين الذي اكتووا بنار سياسته الداعية الي محاربة الإرهاب.. في نفس الوقت الذي يلتزم فيه بأمن اسرائيل. المسألة كلها ليست أكثر من عملية خداع.. فالدولة الفلسطينية والسلام في الشرق الأوسط يأتي في ذيل اهتمامات السياسة الامريكية.. فكيف تذكر فجأة بوش ان هذه القضية مهمة وأنه يبذل فيها كل جهد ممكن وأنه ملتزم بتنفيذ تعهداته. كيف للعرب ان ينسوا ما سبق أن صرح به مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي.. الذي كشف فيه عن نوايا أرييل شارون من أن خطة الانسحاب احاد الجانب من قطاع غزة.. منفصلة تماما عن خطة خريطة الطريق.. وليس لها أدني علاقة بها وأن اقامة الدولة الفلسطينية هي أكذوبة كبري.. وأن هذه السياسة غير المعلنة متفق عليها ما بين بوش وشارون. وقتها أحدثت تلك التصريحات ضجة كبري.. ووضعت مصر في حرج بالغ.. لأن مصر اعلنت التزامها بهذه الخطة.. وبأن لديها ضمانات وتأكيدات علي أنها تأتي ضمن خطة خريطة الطريق.. وحاولت اقناع الفلسطينيين بذلك.. الذين شككوا في نوايا اسرائيل.. ولكن لأنهم الطرف الضعيف والذي يقدم تنازلات دائما.. وافق علي خطة الانسحاب من غزة.. ثم كانت المفاجأة وهي انها ليست خطوة في طريق التسوية.. ولا في اقامة الدولة الفلسطينيية.. بل انها جاءت للقضاء تماما علي الدولة الفلسطينية واغلاق هذا الملف. كيف يمكن لمصر أو للعرب أن ينخدعوا مرة أخري.. سواء من اسرائيل أو من أمريكا. فالحديث عاد مرة أخري عن محاولات شارون بل اصراره علي الحصول علي قرار من الكنيست بتنفيذ خطة الانسحاب من غزة.. التي لا نعلم تفاصيلها.. وما الذي تقود اليه.. وما الدور الذي رسمته اسرائيل لمصر في أمن غزة؟ والذي هو بالتأكيد مختلف عن الدور التي رسمته مصر لنفسها في هذه الخطة. كل ما يصدر حاليا من خطب وعبارات وتعهدات عن السلام في المنطقة.. سواء من جانب اسرائيل أو من جانب ادارة الرئيس بوش.. هو للاستهلاك المحلي.. وهدفه الناخب العربي في الانتخابات الامريكية.. الذي يميل للتصويت الي جانب المرشح الديمقراطي جون كيري.. وقد يفعل العرب ذلك ثم يندمون بعد ذلك.. فلا فرق كثيراً بين بوش وكيري فيما يخص التعهد بالحفاظ علي أمن اسرائيل.. أما أمن الفلسطينيين.. فمستباح.