هل يمكن أن تكون زيادة نسبة الاستثمارات العامة في الاقتصاد القومي الباب الواسع لتحريك الاقتصاد المصري واخراجه من دائرة الركود التي يعانيها حاليا وتشغيل الطاقات الانتاجية المعطلة وذلك بعد فترة طويلة من تقنينها وتحديد نسبة محددة لها في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي بدأ في التسعينيات؟! تبرز اهمية ذلك التساؤل مع واقع نعيشه ويتمثل في تراجع نصيب القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وعجزه عن تحقيق النسبة المستهدفة له في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بل وتراجعها وعزز من اهميته الاتجاه الذي ظهر من تصريحات بعض المسئولين بامكانية ضخ استثمارات جديدة لبعض وحدات قطاع الاعمال العام لتشغيل الطاقات الانتاجية المعطلة التي لم تتلق اي استثمارات اضافية منذ سنوات طويلة. طرحنا هذه القضية بشكلها العام المتمثل في جدوي الاستثمارات العامة وهل يمكن ان تؤدي -ولو مرحليا - دور القطاع الخاص وتفاوتت اجابات ورؤي خبراء الاقتصاد ومنظمات الأعمال الخاصة والعامة. وقمنا برصدها في هذا التحقيق. يؤيد الدكتور محمود عبد الحي مدير معهد التخطيط القومي اتجاه الدولة الي زيادة الاستثمارات العامة بنسبة تزيد علي 10% من الناتج المحلي ويقول ان هذه النسبة ضئيلة جدا ومن الواجب زيادتها حتي تقوم الدولة بالاستثمار في القطاعات العامة واعادة هيكلة الشركات وتطويرها واستيعاب المزيد من العمالة المتعطلة وزيادة الانتاج لان القاعدة تقول لا يصح ابدا تجميد اي اصول انتاجية سواء كانت تابعة للقطاع العام او الخاص مع القيام باعداد استراتيجية من اجل تسهيل واستعمال برنامج الخصخصة والاسراع في بيع الشركات غير المنتجة او ذات الكفاءة المتدنية. ويشير الدكتور محمود عبد الحي الي ان التجربة اليابانية التي بدأت في الربع الاخير من القرن التاسع عشر وقامت علي استثمارات حكومية بنسبة 100% وتم من خلالها انشاء المشروعات القومية اثناء فترة حكم "الميجي" وعندما اصبحت هذه الشركات ناجحة وتعطي انتاجا قامت الحكومة ببيعها فورا للقطاع الخاص تم ذلك بناء علي شروط من بينها نجاح مشروع وتوافر خطة مستقبلية للتطوير يلتزم بها المشتري من القطاع الخاص. ويشير الي ان الفترة الراهنة في مصر تتطلب تحقيق معدل نمو لا يقل عن 8% باي حال من الاحوال بدلا من 4% حاليا وذلك نتيجة لزيادة معدل النمو السكاني 2% سنويا وهو ما يتطلب ألا يقل حجم استثمارات الدولة عن 20 و30% من الناتج المحلي بخلاف الحاجة الي استثمار اجنبي مباشر وزيادة معدل الادخار المحلي من 16% الي 25% او 28% بالاضافة الي رفع معدل الكثافة الرأسمالية في المشروعات الجديدة الي اكثر من 30% و35% ويؤكد انه لا مانع من قيام الحكومة باستكمال الاستثمارات العامة بشرط ان تكون استثمارات منتجة ومحركة للاقتصاد ولانعاش حالة الكساد والركود كما يمكن توجيه هذه الاستثمارات للمشروعات في مجال الاستثمار الزراعي التي تواجه حالة من التعثر او التوقف وكذلك المحاصيل الاستراتيجية التي تم استيرادها مثل القمح والفول والاذرة والمحاصيل الزيتية والثروة الحيوانية بالاضافة الي تشجيع الخريجين علي منحهم اراضي بالمجان وبتكلفة بسيطة. اما د. مصطفي السعيد وزير الاقتصاد الاسبق فيري ضرورة التعاون التام بين القطاعات العامة والخاصة لان الحكومة لن تستطيع بمفردها الاستمرار في ضخ الاستثمارات لفترات طويلة اكثر من اللازم ولن تكون قادرة ابدا بمفردها علي جر قاطرة النمو الاقتصادي ويشير الي ان الدولة لها دور رئيسي بالفعل في احداث الانتعاش وتقوية الاستثمار وان التجربة الماليزية الناجحة اعتمدت في النهضة الاقتصادية علي التعاون الوثيق بين القطاع الحكومي والخاص وذلك لان القطاع الخاص لا يستطيع بمفرده ايضا ان يقوم بكل الدور لانه لا يملك الامكانيات لتحقيق ذلك. ويطالب د. السعيد الدولة بان تكف عن وضع قيود للاستثمار وان تضع برنامجا حكوميا يشجع علي الاستثمار المحلي ويجذب المستثمرين الاجانب.