اليوم.. انطلاق أكبر ملتقى للتوظيف بمحافظة المنيا لتوفير 5000 فرصة عمل    أسواق الذهب تترقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة بالفيدرالي الأمريكي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. اليوم 17 سبتمبر    نائب محافظ سوهاج: مستعدون لتنفيذ مبادرة «بداية» لتحسين جودة حياة المواطنين    عاجل: حدث ليلا.. تحطم مروحية رئيس دولة إفريقية وانفجار ضخم بأمريكا وتحذير من زلزال مدمر    الاحتلال الإسرائيلي يمنع الإسعاف من انتشال جثث الشهداء بمخيم البريج في غزة    حرائق مدمرة في بيرو.. مصرع 15 شخصا واندلاع النيران بجميع أنحاء البلاد    اختفاء مروحية على متنها 3 أشخاص في منطقة أمور الروسية    خاص| أول رد فعل من أحمد فتوح بعد استبعاده من السوبر الأفريقي ضد الأهلي    تفاصيل انطلاق اختبارات «كابيتانو مصر» لاكتشاف المواهب الشابة بمحافظة قنا    تامر حبيب يهنئ منى زكي باختيار فيلمها «رحلة 404» لتمثيل مصر في الأوسكار    أكرم حسني يحتفل بعيد ميلاد ابنته بطريقة كوميدية (صورة)    فيديو.. استشاري تغذية يحذر من الطبخ في «حلل الألومنيوم».. ويوضح طريقة استخدام «الإيرفراير» للوقاية من السرطان    ضبط مسجل خطر لسرقته الهواتف المحمولة بالمرج    أهالي قنا يحتفلون بالمولد النبوي بمسجد سيدى عبد الرحيم القنائي    اليوم.. الفيدرالي الأمريكي يجتمع لبحث أسعار الفائدة    نوستالجيا.. 20 عاما على أول ألبوم منفرد ل تامر حسني "حب" لمناقشة مواقف حياتية ب حالات الحب    ب أغاني سينجل ..محمد كيلاني يكشف عن خطته الغنائية المقبلة    حار نهارًا رطب ليلًا.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الثلاثاء بالدرجات    قفزة جديدة.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    هبوط مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    حزب الله يستهدف تحركات لجنود إسرائيليين في محيط موقع العباد    استثمارات سعودية بمليارات الدولارات في مصر.. تفاصيل    بتكلفة 300 ألف دولار، تفاصيل الزواج الأسطوري لرجل أعمال سوداني بالقاهرة (فيديو)    مختار جمعة يرد على فتوى اسرقوهم يرحمكم الله: هدم للدين والوطن ودعوة للإفساد    «حجاجي» ينفى وجود حالات تسمم بسبب مياه الشرب بقنا    هل يجوز الحلف على المصحف كذبا للصلح بين زوجين؟ أمين الفتوى يجيب    رئيس الوزراء البريطاني: يجب على الناتو أن يضع أوكرانيا في أفضل وضع ممكن    أحمد فتوح.. من الإحالة للجنايات حتى إخلاء السبيل| تايم لاين    محافظ البحيرة تشهد فعاليات مبادرة «YLY»    مناقشة رواية «أصدقائي» للأديب هشام مطر في مهرجان «فيستيفاليتريتورا» الإيطالي    استخدام جديد للبوتكس: علاج آلام الرقبة المرتبطة بالهواتف المحمولة    طبيب أعصاب روسي يحذر من آثار تناول القهوة    ثروت سويلم: سيتم الإعلان عن شكل الدوري الجديد وسيكون مفاجأة    محمد عبدالله: مباريات القمة مولد النجوم الجدد.. وهذه رسالتي لجوميز    هبوط مفاجئ ب924 جنيهًا .. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 (تحديث)    استبعاد مدير مدرسة اعتدى على مسئول عهدة في بورسعيد    احتجاج آلاف الإسرائيليين بعد تقارير إقالة "جالانت" من وزارة الدفاع    تعرف على أقل سعر لرحلات العمرة هذا العام    محافظ المنيا يشهد احتفالية الليلة المحمدية بمناسبة المولد النبوي    خاص.. غزل المحلة ينجح في ضم "بن شرقي" خلال الميركاتو الحالي    إصابة شخصين إثر تصادم دراجة نارية وسيارة فى بنى سويف    تكريم 100 طالب والرواد الراحلين في حفظ القرآن الكريم بالأقصر    كرة نسائية - رغم إعلان الأهلي التعاقد معها.. سالي منصور تنضم ل الشعلة السعودي    موعد مباريات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024.. إنفوجراف    محسن صالح: كنت أتجسس على تدريبات المنافسين لهذا السبب    الشوفان بالحليب مزيجا صحيا في وجبة الإفطار    وزير الثقافة يفتتح "صالون القاهرة" في دورته ال 60 بقصر الفنون.. صور    تعرف على إحصائيات التنسيق الفرعي لمرحلة الدبلومات الفنية بمكتب جامعة قناة السويس    قطر: الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني مثال صارخ لتردي وغياب سيادة القانون    إبراهيم عيسى: 70 يوم من عمل الحكومة دون تغيير واضح في السياسات    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    نشأت الديهي: سرقة الكهرباء فساد في الأرض وجريمة مخلة بالشرف    ضبط المتهمين بسرقة مبلغ مالى من تاجر في الهرم    المنافسة بالمزاد على لوحة "م ه م - 4" ترفع سعرها ل 13 مليون جنيه فى 6 ساعات    مصرع طالب سقط من قطار في منطقة العجوزة    وكيل صحة الإسماعيلية تبحث استعدادات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد إعطاء ?بلومبرج? إشارات سلبية عن الاقتصاد المصري
التصالح والاستثمارات الهاربة.. هل تعيد التوازن للاقتصاد؟!!!
نشر في العالم اليوم يوم 05 - 03 - 2013

فراغ اقتصادي شهدته مصر في أعقاب ثورة يناير بعد خروج العديد من المستثمرين أصحاب الوزن الثقيل من السوق المصري في الوقت الذي لم يستطع فيه رجال أعمال النظام الحالي فرض شخصيتهم الاقتصادية أو رؤيتهم الاستثمارية علي مدار عامين كامليين هما الفترة منذ قيام ثورة يناير وانسحاب العديد من المستثمرين المحليين والأجانب من السوق المصري وحتي اليوم .. المشكلة هنا تكمن في حالة الغيبوبة التي يعيشها النظام الحالي والتي يرفض علي أثرها الاعتراف بانهيار الاقتصاد المصري رغم وضوح مؤشرات ذلك كسطوع الشمس فمعدل النمو في الناتج المحلي لن يتعدي 2 % مع توقع أن يصل عجز الموازنة إلي ما يقارب 200 مليار جنيه عن العام المالي 2012 / 2013 أي ما يعادل 12 % من الناتج المحلي الإجمالي ، كما بلغ عجز ميزان المدفوعات 11,3 مليار دولار في العام المالي 2011 / 2012 واستمر العجز في الربع الأول من العام الحالي ليصل إلي 500 مليون دولار مما أدي إلي تآكل الاحتياطيات الأجنبية لتصل إلي 13,6 مليار دولار وهو ما يمثل نحو 2,7 شهر من الواردات أي أقل من الحد الأدني للتغطية والذي يصل إلي ثلاثة أشهر ، في نفس الوقت الذي ارتفع فيه سعر الدولار في مقابل الجنية المصري لينخفض الأخير عند أدني مستوي له منذ سنوات عديدة وما تبع ذلك من ارتفاع لأسعار كافة السلع والخدمات وحدوث العديد من الموجات التضخمية .. ناهينا عن ارتفاع معدلات الفقر إلي 25 % خلال العام الماضي أما معدلات البطالة فوصلت إلي 13% أما الكارثة الأكبر فكانت تخفيض التصنيف الائتماني لمصر للمرة الخامسة وهو ما يعني تراجع ثقة المؤسسات المالية الدولية في كفاءة الاقتصاد المصري علي تحقيق معدلات نمو وبالتالي نفور الاستثمارات الأجنبية، أما عن الإضرابات العمالية في المواقع الاستراتيجية فحدث هنا ولا حرج وكان آخرها إضراب عمال ميناء السخنة لمدة 15 يوما والذي نتج عنه خسائر تم تقديرها ب 700 مليون جنيه.
الجديد هنا والذي يمثل مفاجأة بقراءة بسيطة بين السطور هو تودد النخبة الإسلامية لرجال أعمال عصر مبارك بحسب تقرير تناولته وكالة بلومبرج الاقتصادية والتي وصفت تلك الخطوة بأنها تعكس التحديات والمصاعب التي أصبح يواجهها الاقتصاد المصري حيث أكد التقرير علي محاولة تيار الإسلام السياسي التوصل إلي مصالحة مع رموز النظام السابق في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس مرسي تأمين أموال لمواجهة الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تشهدها البلاد.. وما بين السطور هنا يمكن قراءة مدي فشل النخبة الحاكمة لمصر الأن ورجال الأعمال التابعين لها في التعامل مع أزمات الاقتصاد المصري المتلاحقة حيث يأتي توددهم لرجال أعمال كبار خرجوا من مصر في أعقاب الثورة ودعوتهم للعودة للاستثمار بالسوق المصري كما فعل حسن مالك رجل الأعمال الإخواني ورئيس لجنة التواصل ما بين مؤسسة الرئاسة ورجال الأعمال حينما توجه خلال زيارته الأخيرة للندن لمقابلة رجال أعمال مصريين هاربين هناك أمثال ياسين منصور وحامد الشيتي وقوله إن أغلب هؤلاء المستثمرين لديهم مشروعات كبيرة في مصر وعودتهم ستكون في الغالب علامة إطمئنان للأخرين الذين ربما يريدون استثمار أموالهم في مصر ولكنهم متخوفين من الوضع الراهن.
حيث اعتبرت بلو مبرج تودد النخبة الجديدة للقديمة في مصر يسلط الضوء علي حالة الشلل السياسي والتدهور الاقتصادي الذي تحياه مصر الآن، كما يسلط الضوء أيضا علي التغيير السياسي الذي حدث منذ الثورة وأيضا علي المصاعب المتعلقة بإعادة تشغيل الاقتصاد والذي يحقق معدل نمو أقل من 2 % ، كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية من إجمالي الناتج القومي وفقا لتقرير معهد التمويل الدولي إلي لا شئ تقريبا بعد أن كانت تمثل حوالي 3 % .
بداية يوضح د. وجيه الدكروري- الخبير الاقتصادي- أن ما يتم إعلانه من بعض المؤسسات الدولية بخصوص عودة المستثمرين المصريين الهاربين للخارج والتركيز علي أنها قضية قومية يتوقف عليها مصير الاستثمارات في مصر، هو أمر غير صحيح.. حيث إن واقع الأمر يشير إلي أن حجم تلك الاستثمارات الهاربة لا يمثل رقما مهما في قضية الاستثمار في مصر، وأيا كانت الأسماء التي يتم ترديدها حاليا، فهي لم تكن ولم تعد تمثل أي إضافة مهمة تؤثر علي الأوضاع الاستثمارية في مصر، مشددا علي أن المطلوب لايجاد مناخ جديد وملائم لجذب الاستثمارات المحلية ورءوس الأموال المصرية المقيمة داخل مصر والقادرة بعد تحقيق الأمن والاستقرار السياسي- أن تدفع عجلة الاستثمار بقوة وأن تؤثر بالإيجاب علي معدلات النمو والتنمية وايجاد الوظائف وتحسين أحوال المصريين.
وكذا ضرورة فتح الاستثمار علي جانبي المحاور الرئيسية للطرق الصحراوية القائمة حاليا والتي تبلغ 1000 كم طولي ويمكن علي جانبيها إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، هذا بخلاف فتح الاستثمار الخاص في مشروعات النقل والمواصلات وخاصة في المدن الجديدة وإعداد الدراسات الكاملة عنها بمعرفة مكاتب ومؤسسات متخصصة ثم تطرح للاستثمار الأجنبي، داعيا أيضا لأحياء مفهوم التعاونيات في الاستثمار العمراني والصناعي وهو أسلوب متبع في كل دول العالم ويؤدي إلي نتائج مبهرة.
ضمانات كافية.
أزمة حقيقية
فيما تشير د. نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد الأسبق إلي وجود أزمة استثمار حقيقية واجب علي الجميع الاعتراف بها ، مضيفه أن العامين الماضيين شهدا توقف شبه تام لحركة الاستثمار حيث لا توجد استثمارات جديدة ولا حتي توسعات قامت بها الشركات القائمة فالجميع متخوف من حالة اللااستقرار التي مرت ولا تزال تمر بها مصر منذ الثورة وحتي الآن وأي شخص يمتلك سيولة حاليا يفكر مرات عديدة قبل إنفاقها تحسبا من تقلبات الأيام القادمة ، مؤكدة أن عودة الاستثمار للسوق المصري يتطلب في البداية تحقيق الاستقرار والذي لن يتاح إلا بعد حدوث توافق اجتماعي، مرحبة بفكرة عودة المستثمرين المصريين الذين خرجوا من مصر بعد الثورة بشرط منحهم ضمانات كافية تؤكد عدم ملاحقتهم في يوماَ ما عن طريق اتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن حق الدولة وفي نفس الوقت تضمن حق المستثمرين ولن يتم ذلك إلا من خلال اتباع أسلوب الإفصاح والشفافية في جميع القوانين والتصرفات.
وتري التطاوي أن البداية يجب أن تكون عن طريق إعادة تشغيل الطاقات العاطلة لكونها رأس مال عاملا والموجودة بكثافة في قطاعات السياحة والمقاولات والصناعة حيث توجد البنية الأساسية من معدات وعمال فقط توجد بعض المشاكل والتعثرات التي عن طريق حلها سيتم وبسهولة وفي وقت قصير إعادة تشغيل هذه المشاريع والتي بعدها ستأتي التدفقات تباعاَ.
وفيما يتعلق بإمكانية عودة المستثمر سواء المحلي أو الأجنبي للسوق المصري خلال الفترة الحالية تشير التطاوي أن الأمر ليس بالمستحيل وأي مستثمر حينما يري بعينه الاستقرار ووضوح الرؤية في سوق ما سيسعي بالتبعية إلي اقتحام هذا السوق وعلينا كإدارة دولة أن نعمل علي تحفيز الهمم كلها وتحويل حديث المسئولين ووعودهم لواقع ملموس ، مؤكدة أن مصر دولة تمتلك إمكانيات كبيرة ولها مقومات تجعلها تمتاز بفروق فردية ومزايا نسبية عن باقي دول المنطقة ومن ثم لا داعي للخوف هنا من قيام دولة مجاورة بسحب بساط الاستثمار من السوق المصري ، منوها إلي أن إمكانيات مصر لا تتوقف عند موقعها الجغرافي المتميز ولا عند قناة السويس ولكننا نمتلك مقومات أخري كثيرة، ولكن للأسف تناساها المسئولون في زحمة الأزمات السياسية ومنها مشروعات قومية مثل ممر التنمية والمشروعات الخاصة بتنمية الثروة السمكية الكائنة في البحيرات المصرية حيث لا يعقل امتلاكنا لهذا الكم من البحار والبحيرات وفي النهاية نلجأ لاستيراد الأسماك من الخارج.
وتقول التطاوي إن وجود رجال الأعمال المنتمين لتيار الإسلام السياسي علي ساحة الاستثمار أمر ليس بجديد بدليل وجود مستثمرين ينتمون لجماعة الإخوان تمكنوا من بناء ثروات ضخمة ، مؤكدة أن رأس المال ليس له هوية بدليل شراكة المستثمر المصري مع المستثمر الأجنبي وعلينا إفساح المجال للجميع لأن مصر فعلاَ تسع الجميع بشرط إحداث التوافق رافضة ما يتردد من أن رجال الأعمال الإخوان هم الفئة التي تمتلك المال الآن ، مشيرة إلي أن كثيرا من المصريين يمتلكون رأس المال ولكن المشكلة هي أن ?حالهم واقف? الأمر الذي يجعلهم متخوفين من استثمار هذه الأموال .
علامات الانهيار
فيما يوضح محمد المرشدي رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمري العبور ورئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات أن علامات إنهيار الاقتصاد المصري وحالة الكساد التي يشهدها منذ فترة ليست بقليلة لا يخفي علي أحد ويكفي تقارير البنك المركزي التي صدرت مؤخرا والتي أكدت تراجع الاحتياطي النقدي إلي 13,6 مليار دولار وهو الرقم الذي لا يكفي لإطعام المصريين ثلاثة أشهر حيث يمثل نحو 2,7 شهر من الواردات أي أقل من الحد الأدني للتغطية والذي يصل إلي ثلاثة أشهر وهو ما يمثل مؤشر أساسي ورئيسي يزعج أي مسئول وحتي أي مواطن عادي يعيش في هذه البلد، مشيرا إلي أن إقرار الواقع بات أمراَ حتمياَ علي المسئولين في الحكم والواقع هنا يؤكد أن مصر تمر بأزمة اقتصادية كارثية وأن القادم سيكون أسوء إذا لم تنتبه الحكومة وتقوم باتخاذ عدة إجراءات سريعة منها عدم تأجيل التوقيع علي قرض صندوق النقد الدولي إلي ما بعد الانتخابات البرلمانية ، متعجبا من الحال الذي وصلنا إليه وهذه الكارثة الكبري المتمثلة في التدخل الصارخ من جانب السياسة في الاقتصاد وهذا الأمر ظهرا جليا في رغبة مسئولي الحكومة المصرية في تأجيل الموافقة علي قرض صندوق النقد الدولي إلي ما بعد إبريل القادم وبعد انتهاء الانتخابات البرلمانية لضمان مقاعد أكثر حتي وأن كان المقابل انحدار أكثر للاقتصاد وتأتي هذه الخطوة تخوفا من رد فعل سلبي من جانب المواطنين علي خطوات الإصلاح الاقتصادي التي ستتخذها الحكومة لإقناع مسئولي الصندوق بالموافقة علي القرض كونها خطوات تتعلق بتقليص عجز الموازنة وبفرض ضرائب وتقليص الدعم وكلها بديهيات اقتصادية الجميع متفق عليها ، منوها إلي أن إقرار القرض سيتم في النهاية إن آجلاَ أو عاجلاَ ولكن المشكلة أن كل يوم تأخير يخفض من تصنيف مصر الائتماني كما حدث مؤخراَ حيث تم تخفيض تصنيف مصر للمرة الخامسة ، مرسلاَ نداء ورجاء لمسئولي الدولة وعلي رأسهم رئيس الجمهورية بضرورة عدم تسييس الاقتصاد ، مشيرا إلي أن الاقتصاد المصري في مرحلة خطر حقيقية والجميع يعترف بذلك حتي قيادات الحرية والعدالة والقوي السياسية المعارضة.
ويؤكد المرشدي أن السبيل الوحيد لعودة المستثمرين سواء محلين أو أجانب للسوق المصري لن يتأتي إلا في حال عودة الأمن والأمان للشارع المصري وحدوث استقرار ناتج عن توافق سياسي ومجتمعي وابعاد الاقتصاد عن مسرح الصراع السياسي فالصناع والمستثمرين غير قادرين علي تحمل هذا الصراع مطالبا القوي السياسية بمختلف انتمائاتها بسرعة الإلتقاء في المنتصف بحيث يتنازل كل طرف عن جزء من طموحاته حتي نصل لمرحلة التوافق السياسي التي من شأنها المحافظة علي الوطن والخروج به من أزمته الاقتصادية الراهنة ، مشيرا أيضا إلي أن النمو الاقتصادي لن يحدث إلا عن طريق قرارات اقتصادية تشجع المستثمر علي العودة للسوق المصري وإزالة حالة التخبط الكائنة حاليا وكان أبرزها مؤخرا انخفاض قيمة الجنيه المصري في مقابل الدولار حيث لا يعقل أن يقوم مستثمر في الوقت الحالي بعمل دراسة جدوي لمشروع جديد دون معرفة مصير الجنيه المصري خلال المرحلة القادمة ، أيضا تأتي المحاكمات التي تهدد رجال الأعمال ورفع سلاح التشهير ضدهم واتهامهم بكونهم مفسدين وسبب رئيسي في الفساد الموجود في مصر حاليا ، متسائلاَ إذا كان مجتمع الأعمال المحلي محل اتهام دائما فماذا سيكون مصير مجتمع الأعمال الأجنبي حال قدومه لمصر ، مطالبا بضرورة وجود تصالح معلن ودعوة رجال الأعمال الموجودين بالخارج وهم الذين فقدوا جزءا كبيرا من مشروعاتهم للعودة لمصر والتصالح معهم لإدارة أعمالهم المتوقفة من جديد كونهم يمتلكون الخبرة في مجالات حيوية عديدة ، مؤكدا أنه حينما يبدأ أهل البلد في الرجوع إليها سيأتي المستثمرون الأجانب تباعا.
ويرحب المرشدي بوجود رجال أعمال ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين علي الساحة الاقتصادية في مصر فهذا حق طبيعي لهم مثلهم مثل أي مواطن آخر، وحول موافقته علي مشاركة رجال الأعمال الإخوان يوضح أن موافقته من عدمها ليست هي القضية وإنما تكمن القضية في أن رجال الأعمال الإخوان لهم إسلوب عمل وسلوك خاص تابع لمبادئ الجماعة الأخلاقية مثل قرار عدم زواج الإخواني إلا من إخوانية وعلي نفس المنوال يوجد ميثاق العمل الخاص بالجماعة ، مضيفا وفي المطلق أنه ليس عيبا أن يشارك مدني إخواني أو سلفي فالبيزنس لا يعرف الدين أو الجنسية، موضحا أنه لم يثبت باليقين حدوث أي تصرف من جانب رجال الأعمال المنتمين لجماعة الإخوان يوجد فيه استغلال نفوذ أو سيطرة وهذه كلمة حق يجب الإعتراف بها.
ويبدي المرشدي تمنياته بأن يصدق القول بالفعل والنوايا بالعمل ومن جانبنا، لأن الاقتصاد المصري خسر بالفعل مشاريع عملاقة وأبرز مثال ما حدث حينما قام رجل الأعمال نجيب ساويرس ببيع حصته في شركة أوراسكوم والتي قام بشرائها رجل الأعمال العالمي بيل جيتس حيث كانت بمثابة ضربة قوية للاقتصاد المصري أن يتم تحويل أموال هذه الشركة للخارج وأيضا خروج المركز الرئيسي لها من مصر.
قرارات عشوائية
فيما ينوه أحمد راشد عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري السادس من أكتوبر وصاحب أحد مصانع إنتاج الخوص والزوايا الحديدية إلي أن الاقتصاد المصري يمر حاليا بمرحلة غيبوبة تامة والسبب الرئيسي لوصولنا لهذه المرحلة هي حالة التخبط التي أعقبت صدور العديد من القرارات السياسية والاقتصادية التي قام باتخاذها رئيس الجمهورية ومسئولو الحكومة الحالية والتي تم الرجوع فيها وهي قرارات إن دلت فإنما تدل علي عدم الحنكة سواء علي مستوي مجال السياسة أو الاقتصاد.
ويوضح راشد أن التصالح مع رجال الأعمال سواء الموجودين في مصر وتوقفت مشاريعهم بسبب الملاحقة الأمنية والسياسية لهم أو الذين هربوا للخارج في أعقاب الثورة كان مطلب رئيسي للإستفادة من الخبرة وحجم المشاريع التي يمتلكها هؤلاء النخبة من رجال الأعمال ولكن بسبب الغرور وعدم الحنكة من جانب مسئولي الدولة منذ الثورة وحتي الأن تم رفض هذه الفكرة ومن ثم توالت الخسائر التي مني بها الاقتصاد المصري وبعد أن إشتدت الأزمة وانهار الاقتصاد بدأ مسئولو الدولة في البحث في الدفاتر القديمة وبدأوا من جديد التودد لرجال الأعمال في عصر مبارك لعلهم يكونوا الورقة الأخيرة لإنقاذ الاقتصاد من الضياع وبعد التأكد من أن رجال الأعمال المحسوبين علي تيار الاسلام السياسي عقليتهم الاقتصادية ضعيفة وغير قادرين علي تحمل مسئولية الاقتصاد المصري، مؤكدا أن الاقتصاد في مصر يدار بعشوائية بداية من رئيس الجمهورية وحتي أصغر مسئول يناموا ويستيقظوا لإصدار قرارات بدون دراسة فهل يعقل أن يتم في يوما وليلة زيادة سعر متر المياه في المناطق الصناعية من 1,65 قرش إلي 4,65 قرش فأي مستثمر هذا الذي يمكنه عمل دراسة جدوي لمشروع في ظل هذا الجو العشوائي والمتخبط ، منوها إلي أن مشكلة مصر الأساسية تكمن في أنها كانت ومازالت دولة أفراد وليس دولة مؤسسات بمعني أن أي مسئول جديد يأتي ليهدم أعمال المسئول السابق نكاية فيه ولإظهار عيوبة ، منوها إلي أن قرارات الحكومة العشوائية هي السبب الرئيسي في هروب الاستثمارات المحلية والاجنبية من السوق المصري والحكومة الحالية إذا كانت تنوي الإصلاح فعلا فعليها مساعدة الاستثمارات المحلية المتعثرة قبل دعوة المستتثمرين الأجانب للقدوم لمصر، منوها إلي أن نسبة 99 % من كلام المسئولين غير حقيقي ومجرد دعاية فقط.
الاعتراف بالمشكلة
ومن جانبه يشير م. مجدي طلبة-الرئيس السابق للمجلس التصديري للملابس الجاهزة ورئيس مجلس إدارة شركة ?كايرو قطن سنتر? - أن واقع هروب الاستثمارات الأجنبية حاليا لا خلاف عليه، حيث كانت حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتي عام 2007-2008 ما يقرب من 13 مليار دولار وعقب الأزمة العالمية وصلت تلك الاستثمارات في 2010 ما يقرب من 9,6 مليار دولار والآن وصلت إلي الصفر إن لم تكن بالسالب، والمدهش في الأمر أن الحكومة تبدو وكأنها لا تعترف بتلك المشكلة فتداوم علي الإعلان عن استثمارات جديدة (المصانع السورية المرتقبة) دون الحديث عن الهارب والمتوقف منها، ويكفي أن نعرف أن الكثير من المصانع لمستثمرين أتراك في برج العرب وتعمل بمجال الملابس الجاهزة قد أغلقت تماما مؤخرا.
ويري طلبة أن بداية حل هذه المشكلة يكمن حيث الشفافية والاعتراف الكامل بوجودها، حيث بلغ عدد المصانع المتوقفة 4 ألف مصنع و90% منها متعثر بسبب تكلفة التمويل المبالغ فيها ، حيث بلغت فائدة القروض 16%، في الوقت الذي داومت فيه البنوك في الفترة الأخيرة علي شراء أذون الخزانة كبديل عن مخاطرة تمويل مشروعات صناعية جديدة!
موضحا أن مشكلات الاستثمار داخل مصر حاليا لا تنحصر فقط في قضية التمويل وإنما تمتد لتشمل زيادة تكلفة المنتج المصري نتيجة ارتفاع أسعار المرافق (مياه وكهرباء) حتي أن شركات المرافق تقاضي حاليا الكثير من الشركات المتعثرة بالسداد الأمر الذي أسهم في انهيار العديد من الصناعات وخروج المنتج المصري من التنافسية العالمية والمحلية. ناهيك عن امتناع الحكومة (ممثلة في وزارة المالية) عن دفع مستحقات المصدرين ممثلة في الرد الضريبي والمساندة التصديرية. تدني مستوي أداء العامل المصري سببا جديدا في هروب الاستثمارات في مصر حيث نجد تشوهات كثيرة بقانون العمل تعطي حقوق للعامل دون تقيده بالواجبات تجاه صاحب العمل وتكون المحصلة في النهائية أن نسبة الغياب بين العمال المصريين قاربت 10% ولا توجد محاسبة في القانون، كما أن معدل دوران العمالة بلغ 15% وهو ما سبب خسائر كثيرة لأصحاب المصانع الذين قاموا بتدريبهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.