أخيرا أصدرت هيئة الرقابة المالية قرارها بشأن أوراسكوم للإنشاء والصناعة، وأعادت الملف للشركة وأكدت الهيئة علي شرطين الأول هو الإفصاح والثاني إعادة الجمعية العمومية للشركة مع الإفصاحات لكي يتخذ المستثمرون قرارهم بشأن الاستحواذ. ولنعيد القضية من بدايتها، شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة هولندا أعلنت عن نيتها الاستحواذ علي شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة المقيدة في مصر وتم قيد الشركة في بورصة امستردام وتداولها وهي شركة مؤسسة خصيصا للاستحواذ، وقالت الشركة إن الاستحواذ سيتم عن طريق قيام الملاك الرئيسين بمبادلة أسهمهم في أوراسكوم للإنشاء والصناعة مصر مقابل حصولهم علي أسهم في الشركة المدرجة في بورصة امستردام، وتم نقل كل الأسهم إلي بنك أوف نيويورك وهي الأسهم التي تخص عائلة ساويرس وشركة امبراج لاتمام عملية المبادلة، وقالت أوراسكوم للإنشاء والصناعة أن الأسهم الحرة المتاحة للتداول في يد صغار المستثمرين متاح أمامها خيارين الأول هو مبادلة أسهمهم مع أسهم في الشركة الهولندية، والخيار الثاني أن يقوموا ببيع أسهمهم مقابل 280 جنيها للسهم، وسيتم تمويل خيار الشراء عن طريق تسهيل ائتماني بقيمة ملياري دولار من شركات أمريكية، هذه هي القصة باختصار. وكان أمام اتمام هذه العملية عدة قنابل وزجاجات مولوتوف تماشيا مع الوضع الحالي في مصر الأول هو أن سعر السهم في البورصة كان قريبا جدا من 280 جنيها وبالتالي من الأفضل لأي مستثمر أن يبيع أسهمه التي يملكها في الشركة في السوق عن أن يبيعها في العرض، وكانت المصيبة الكبري أن الإعلان عن أن سعر السهم 280 جنيها أثر علي السهم سلبا ودفعه للانخفاض دون 260 جنيها بل وأثر علي السوق بالكامل بالسلب في ظل حالة من الخوف من الأحداث السياسية والاقتصادية والأمنية. وهذا السعر أقل كثيرا من القيمة العادلة للسهم، خصوصا مع حجم أصول وعمليات وايرادات الشركة، بل إن هذا السعر يمثل سعر إذعان ولو قام مستشار مالي مستقل ومحايد ?ومحترم? بعمل تقييم للسهم فلن يقل بأي حال عن 300 جنيه في أسوأ الأحوال. أما اللغم الثاني فكان القضايا المرفوعة علي الشركة، وهناك قضية الضرائب التي تطالبها فيها الحكومة بدفع 20% من 0_ مليار جنيه حصيلة بيع قطاع الأسمنت في الشركة إلي لافارج العالمية أي حوالي 14 مليار جنيه ضرائب للحكومة، وهي القضية التي مازالت عالقة حتي الآن ولم يتم حلها، فالحكومة تتهم الشركة بالتحايل علي القانون للتهرب من الضرائب والشركة حتي الآن تفاوض ولم يتم التوصل لقرار لحل الأزمة. واللغم الثالث كان القضية المرفوعة لعودة المراجل البخارية للدولة، وحكمت فيها المحكمة بإعادة الشركة للدولة، والشركة الآن مملوكة لشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة وبالتالي هناك أزمة، بخصوص أصل كبير تمتلكه أوراسكوم وهو شركة المراجل التي أصبحت بحكم القانون غير مملوكة لأوراسكوم وإعادتها للدولة ضروري الشركة قالت إنها تحترم القضاء والقانون ولكنها لم تنفذ الحكم حتي الآن. ووفقا لكل هذه الملابسات فإن قرار هيئة الرقابة المالية هو قرار غير حاسم ولم يتناول اللب القانوني للموضوع وكأن الهيئة ليس بها مستشارون، والأكثر أنه قرار سياسي أجل الموضوع وأعاد الكرة إلي ملعب الشركة ولم يرفض العرض، ولم تسأل هيئة الرقابة المالية نفسها هل المشكلة في قانونية العرض أم وضع الشركة قانونيا في ظل قضيتي الضرائب والمراجل البخارية، وبالتالي فإن القرار الصادر من الهيئة كان يجب أن يستشير مستشاري الدولة في وضع الشركة وتأثير الصفقة علي هذه القضايا، وتغيير هوية الشركة من شركة مصرية علي أرض مصرية إلي شركة هولندية تستثمر في مصر. والأهم أن التأجيل سياسي لأنه يهدف إلي المماطلة وتطويل الوقت قدر الإمكان حتي تستفيق حكومة الاخوان من وضعها المتردي سياسيا واقتصاديا حتي تنتهي الانتخابات قبل اصدار القرار قرار أوراسكوم يحتاج إلي مراجعة من الرقابة المالية واعطاء قرار واضح حتي تعرف الشركة مصيرها حتي يعرف المستثمرون حقوقهم كفانا لف ودوران، إذا كان وضع الشركة من القضايا قانوني والسعر عادل وافقوا علي الصفقة وإذا لم يكن قانوني فلتكن الإجابة رفض الصفقة نهائيا.