مؤشرات اقتصادية صعبة وأزمة طاحنة تعيشها مصر منذ نحو عامين، زادت وتفاقمت بتفاقم واضطراب الوضع السياسي والاجتماعي، صاحبها انهيار للجنيه المصري وتراجع مستمر ومخيف لاحتياطات ?البنك المركزي? من النقد الأجنبي، مما جعل الحصول علي قرض ?صندوق النقد الدولي?، شيئا أشبه بالمستحيل. وفي ظل تلك المؤشرات والأمور الصعبة التي يعانيها الاقتصاد، تعاقبت وتوالت التخفيضات المتتالية لتصنيف مصر الائتماني من جميع المؤسسات المالية العالمية أبرزها مؤسسات ?فيتش? و?موديز? و?مورجان ستانلي?، مما جعل الاقتصاد المصري علي بعد خطوة واحدة من التصنيف الأسوأ. إلا أنه ومع كل تلك الغيوم الملبدة، إلا أنه ما زال الأمل يحلق في الافق علي وتر ?الانتخابات البرلمانية? المقبلة التي قد يكون لديها الحل السحري، في حال ما إذا تمت علي خير وبتوافق جميع القوي السياسية، وسط إجراءات شفافة وجو من الديمقراطية، وهو ما إن تم قد يتم معه فتح باب عودة الاستثمارات الأجنبية إلي مصر من جديد. وخفضت مؤسسة ?موديز? العالمية قبل أيام تصنيف 5 بنوك مصرية وهي البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك التجاري الدولي-مصر وبنك الإسكندرية، وقالت إن تخفيضانها ستبقي التصنيفات قيد المراجعه لاحتمال اجراء تخفيض آخر. وقالت موديز، في مذكرة بحثية انها خفضت تصنيف بنك مصر والبنك الأهلي وبنك القاهرة من B3 ??? Caa2، كما خفضت تقديراتها للودائع بالعملة المحلية علي المدي الطويل منB2 ???B3. وأوضحت موديز إنها خفضت التقييم الائتماني للبنك التجاري الدولي وبنك الاسكندرية من B2 ??? B3. وخفضت موديز قبل أيام ايضاً تصنيف سندات الحكومة المصرية درجة واحدة من B2 ??? B3، بسبب عدم الاستقرار السياسي المستمر في البلاد وتصاعد الاضطرابات مؤخراً. وقالت إنها ربما تخفض التصنيف مجدداً. من جهته أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي ياسر عمارة، أن سوق الصرف يعاني بسبب الأزمات السياسية المتلاحقة وأحداث العنف التي تشهدها ميادين مصر خلال الفترة الحالية، لافتا إلي أنه علي الرغم من أن أداء البنك المركزي جيد منذ الثورة علي مستوي إدارة ملف سعر الصرف، بما لديه من خبرة في دفع السياسة النقدية لتحقيق الاتزان، إلا إن الظروف السياسية المضطربة أحدثت أضرارا اقتصادية كبيرة يصعب التعامل معها، في ظل المتغيرات السلبية التي تشهدها السوق حاليا، حيث خفضت مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني جدارة الديون السيادية المصرية، ليستقر التصنيف المصري علي بعد خطوة واحدة من التصنيف الأسوأ، وهو عالي المخاطر. وأضاف عمارة أن إجراءات البنك المركزي والجهود التي تقوم بها البنوك العامة خلال الأسبوع الماضي أدت إلي استقرار حذر في سوق الصرف، مطالبا الدولة والقوي السياسية بتهدئة الأجواء ورأب الصدع ولم الشمل بشكل أفضل خلال المرحلة الحالية، لأن الاقتصاد لم يعد يتحمل الأزمة السياسية الراهنة. وبينما وضعت وكالة ?موديز? التصنيف الائتماني لمصر علي قائمة المراجعة مع احتمال خفض قريب، وهو ما يعتبر تحذيراً يؤخذ في الحسبان، اعتبرت أن الأحداث الأخيرة، من شأنها أن تزيد الضغوط علي الاقتصاد المصري المتعثّر، وترفع مستوي الشكوك في قدرة مصر علي التفاوض مع صندوق النقد حول برنامج دعم مالي. وحذر خبراء ومراقبون اقتصاديون من الانخفاضات المتتالية والمتسارعة، من قبل المؤسسات المالية العالمية بالنسبة للتصنيف الائتماني المصري، وهو ما اعتبره الخبراء ناقوس خطر وعلي الدولة ان تتنبه له وتتعامل مع هذا المؤشر الخطير بجدية. وأشار خبراء الاقتصاد إلي أن تخفيض التصنيف الائتماني للدول غالبا ما تكون له تأثيرات سلبية ملموسة، منها تقويض قدرة الدول علي الاقتراض من المؤسسات المالية العالمية وارتفاع أسعار الفائدة علي هذه القروض، مؤكدين أن تخفيض التصنيف الائتماني للدول ينسحب علي المؤسسات المالية العاملة بها ولاسيما البنوك التي تتأثر تعاملاتها بالكينات المصرفية الخارجية، وأشار الخبراء إلي أن البورصة ليست ببعيد عن تلك الأحداث ، بينما سيطالها التأثير السلبي جراء تلك التخفيضات المتتالية. وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي بالمعهد القومي المصري للتخطيط الدكتور سمير مصطفي، أن خفض مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية لتصنيف مصر السيادي يضع أعباء إضافية علي كاهل الاقتصاد، لاسيما أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد تؤثر بشكل ملموس في درجات تقييم هذه المؤسسات لتصنيف الدول. وخفضت مؤسسة ?فيتش? مطلع الشهر الجاري تصنيفها الائتماني السيادي لمصر درجة واحدة، ذلك إلي اتساع عجز الميزانية والاضطرابات السياسية. وأشار مصطفي إلي أن استمرار مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية في تخفيض تصنيف مصر يضع أعباء إضافية علي كاهل الاقتصاد الذي يئن من ضغوط داخلية، معتبراً أن تخفيض ?فيتش? تصنيف مصر الائتماني هو الرابع لها في نحو عامين، ويشير إلي أن العوامل السياسية تعد أحد عوامل التقييم لتصنيف مصر، لافتاً إلي أن عمليات التقييم من جانب المؤسسات العالمية تخضع في الغالب لعملية فنية بحتة ولا اعتقد أن للأهواء السياسية دور في صدور مثل هذه التقييمات. بينما أكد الخبير الاقتصادي أستاذ التمويل والمنظمات بإحدي الجامعات الدكتور إسلام عزام، إن تطبيق سياسات التقشف وفرض ضرائب علي المواطنين، من الصعب تطبيقها في الوقت الحالي وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، مشيراً إلي أن هذه السياسة يجب أن تطبق في البلدان ذات النمو الاقتصادي السريع، أما في مصر نحتاج لسياسة توسعية وارتفاع لمعدلات الاستثمار وليس خفض الإنتاج. بينما أكد الدكتور محمد الغرباوي استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بإحدي الجامعات المصرية، أن أزمة اليونان تلقي بظلالها علي الواقع المصري، عندما بدأت بلاد الإغريق في الاقتراض بدافع حدوث الأزمة العالمية تورط الجهاز المصرفي بها وانهارت الدولة حين وصلت قيمة الدين الخارجي لها 400 مليار دولار، وحاولت الدول الأوروبية السيطرة علي الأزمة وفرض البنك الدولي بعض الشروط عليها لإعطائها قروضا وألزمها بالتقشف، ورغم سياسات اليونان التقشفية لم تنجح في حل أزمة الدين لديها بدليل وجودها علي رأس قائمة الدول غير القادرة علي سداد ديونها السيادية بنسبة 90.7% وتأتي مصر علي القائمة نفسها محتلة المركز العاشر ب 23.3%. إلي ذلك اعتبرت شركة "فاروس" للبحوث ان المستثمرون الخليجيون قللو من اهتمامتهم الواضحة بمصر بسبب عدم قدرتهم علي التوصل إلي أسباب الأحداث الراهنة. وأضافت"فاروس" في تقرير حديث لها، أن العملاء اعربو عن مخاوفهم بشأن تناقص أعداد الأوراق المالية المتداولة، في الوقت الذي أعتبروا فيه الأسواق الخليجية مثل الإمارات والسعودية وقطر تكتسب جاذبية أكبر مقابل مصر. وقالت فاروس ان المستثمرون سيعيدون النظر في السوق المصرية بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والتي قد تمهد الطريق نحو الاستقرار السياسي والتدفقات الأجنبية.