تنبأ خبراء الاقتصاد أن يكون عام 2013 عاماً صعباً بالنسبة للاقتصاد المصري، متوقعين أن يشهد الجنيه المصري مزيدا من الانخفاض في قيمته مع التراجع في حجم الاستثمارات الوافدة، والزيادة في معدل التضخم. تنبؤات الاقتصاديين جاءت في لقاء المائدة المستديرة السادس للإعلاميين من سلسلة "ما وراء الأحداث" والذي نظمته الجامعة الأمريكية بالقاهرة وتم خلاله تقديم تحليل للمشهد الاقتصادي المصري والتوقعات الاقتصادية لعام 2013. تحدث في اللقاء والذي كان تحت عنوان "الاقتصاد المصري: توقعات 2013" الدكتور جلال أمين أستاذ الاقتصاد بالجامعة والدكتور أحمد كمالي رئيس قسم الاقتصاد، والأستاذ المساعد للاقتصاد والدكتور سامر عطاالله، مدرس الاقتصاد بالجامعة، والدكتورة منال عبدالباقي مدرس الاقتصاد بالجامعة.. أدار اللقاء خالد عز لعرب، مراسل ال "بي بي سي" بالقاهرة وخريج الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وطبقاً للخبير الاقتصادي الدكتور جلال أمين فإن التنبؤ بالمستقبل صعب ولكنه أكثر صعوبة في حالة مصر لعدة أسباب من أهمها أن جميع مظاهر الأزمة الاقتصادية من عجز في الموازنة أو في الميزان التجاري أو تدهور سعر الصرف أو التضخم له أسباب سياسية وليست اقتصادية من بينها حالة الأمن السيئة وفقدان الثقة بين الحكومة والمستثمرين وبينها وبين السياح والأقباط، بالإضافة إلي طبيعة ومحتوي الخطاب السياسي الذي يعود بمصر إلي العصور الوسطي. وأضاف أمين أن ما يحكم العوامل الاقتصادية في مصر لا يذكر بوضوح بل تبذل جهودا عمدية لإخفائها أو قول عكس الحقيقة.. ضاربا مثالا علي هذا بمشاورات صندوق النقد الدولي والشروط التي يطلبها من حيث الدعم والخصخصة والضرائب والتي لم تعلن أبدا علي الملأ. وأكد أمين أنه يجب الاستفادة من الماضي من أجل التنبؤ بالمستقبل.. ففي الخمسين عاما الماضية، مرت مصر بثلاث أزمات مماثلة في حدتها للأزمة الراهنة مع اختلاف أسبابها.. الأولي كانت أعقاب هزيمة 1967 عندما فقدت مصر بترول سيناء وأغلقت قناة السويس وانخفضت الاستثمارات والمعونات الأجنبية بشدة.. وانتهت الأزمة باتفاقية الخرطوم والتي من خلالها قامت الدول العربية البترولية بضخ الأموال التي ساعدت مصر علي اجتياز الأزمة. الأزمة الثانية حدثت عام 1975 عندما ارتفعت أسعار القمح وقام السادات بالاقتراض بفوائد باهظة.. وانتهت الأزمة بتدخل الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وعودة المعونات الأمريكية.. أما الأزمة الثالثة كانت عام 1989 عندما عجزت الدولة عن سداد الديون التي اقترضها السادات وتم حل الأزمة بتدخل صندوق النقد الدولي ليقوم نادي باريس بإعادة جدولة ديون مصر. قال أمين: إن الحل في جميع الأزمات كان يتمثل في المعونات الخارجية سواء من الولاياتالمتحدة أو من الدول العربية. وتوقع نفس السيناريو في هذه الأزمة حيث ستقوم الولاياتالمتحدة والدول العربية المتمثلة في قطر والسعودية إلي مساعدة مصر.. ويشير إلي أن هذه المساعدات دائما ما تأتي بشروط ودائما ما تدفع مصر الثمن ليس فقط اقتصاديا بل سياسيا أيضا، مشيرا إلي أن الثمن السياسي هذه المرة سيكون بيع المرافق العامة المصرية للأجانب من خلال الصكوك الإسلامية. وأعرب أمين عن تخوفه من مشروع الصكوك الإسلامية والذي تم طرحه بشكل مفاجئ وسريع، موضحا أنه مشروع غير مفهوم ويبدو أن كل ما يهم فيه هو موافقة الأزهر.. وأشار أمين إلي أن عام 2009 تم طرح هذا المشروع من قبل محمود محيي الدين وزير الاستثمار في عهد مبارك تحت مسمي "الصكوك الشعبية" والتي كانت تطرح حوالي 30 صناعة في القطاع العام في صورة صكوك لأي شخص فوق 17 عاما بغض النظر عن جنسيته.. لحسن الحظ لم يتم تمرير هذا المشروع.. ولكني متخوف من أن تكون الصكوك الإسلامية هي نفس مشروع محيي الدين بعد إضافة كلمة الإسلامية له، لأن هذا سيؤدي إلي تسليم المرافق العامة للأجانب.. فهل اشترط صندوق النقد الدولي مشروع الصكوك الإسلامية؟ وتوقع الدكتور أحمد كمالي رئيس قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية أنه في حالة استمرار الوضع السياسي كما هو أن يستمرانخفاض سعر الصرف ليصل الدولار إلي 7 جنيهات مصر قبل منتصف العام، وأن ينخفض معدل النمو الاقتصادي لأقل من 5.2% وأن يشعر المواطنون بوطأة الأزمة الاقتصادية وزيادة الفقر. وأضاف كمالي أن معدل الاستثمار في مصر عام 2011 2012 بلغ 16% من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلي انخفاضه في الربع الأول من 2013 إلي 11%. وقال إنه من أجل الوصول لتنمية مستدامة ومعدل نمو عال، يجب أن تبلغ الاستثمارات من 20% إلي 30% من الناتج المحلي.. وأضاف أن الاستثمار الأجنبي المباشر عام 2007 2008 بلغ 13 مليار دولار، وأنه قد انخفض في 2011 2012 إلي 2 مليار دولار وأصبح نحو 180 مليون دولار في الربع الأول من 2013. وتوقع كمالي أن يفرض العجز في الميزانية علي الحكومة اتباع سياسات تقشفية من قبيل فرض ضرائب غير مباشرة علي السلع الاستهلاكية والتي ستؤدي إلي تراجع الأداء الاقتصادي وانخفاض معدل النمو والاستهلاك والاستثمار. وأشار إلي أنه بدلا من فرض الضرائب غير المباشرة علي السلع والتي ستؤثر علي الفقراء مباشرة لابد وأن تفرض الضرائب المباشرة مثل الضرائب التصاعدية علي الدخل والضريبة العقارية التي ستحقق العدالة الاجتماعية. ومن جانبه توقع الدكتور سامر عطاالله مدرس الاقتصاد بالجامعة أن يؤثر خفض سعر الجنيه المصري علي السلع الاستهلاكية مثل الغذاء والطاقة بشكل كبير حيث ستزيد أسعارهما.