رغم انشغال الشارع المصري والعربي بالانتخابات الرئاسية المصرية ونتائجها إلا أن ذلك لم يمنع من النظر باهتمام وخطورة للأحداث الجارية علي الحدود المصرية الإسرائيلية، وذلك بعد أن تسللت مجموعة مسلحة إلي إسرائيل ونفذت هجوما مسلحا في المنطقة القريبة من معبر كرم أبو سالم يوم الاثنين الماضي حيث فجر المسلحون عبوات ناسفة باستخدام قذائف آر بي جي وبنادق كلاشينكوف وأدت العملية إلي مقتل ثلاثة من اثنان من المسلحين وعامل إسرائيلي، مما دفع الدولة الصهيونية إلي الطلب من السلطات المصرية الجديدة تعزيز سيطرتها علي سيناء. إسرائيل أكدت معلوماتها بأن الخلية المسلحة التي نفذت العملية، هي خلية فلسطينية وصلت إلي الحدود الإسرائيلية عن طريق قطاع غزة وليس عن طريق سيناء المصرية وأنها كما يبدو تابعة لتنظيم الجهاد الإسلامي، الأمر الذي يعني أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك تسرع عندما اتهم مصر بالانفلات الأمني في سيناء، غير أن مصادر فلسطينية نفت ذلك، إذ يعتقد أن المسلحين انطلقوا من شبه جزيرة سيناء ورجحت المصادر أن يكون المنفذون ليسوا فلسطينيين خاصة أنه لم يتم فتح أي بيت عزاء في القطاع، مؤكدة أن الحدود بين القطاع ومصر مراقبة بشكل جيد من قوات الأمن التابعة للحكومة التي تقودها حماس في قطاع عزة وأيضا من جانب قوات حرس الحدود المصرية، مما يعني عدم تمكن أي مسلحين من التسلل وتنفيذ هذه العمليات. لقد رد الجيش الإسرائيلي بصورة لم تشهدها الحدود منذ التوقيع علي معاهدة كامب ديفيد عام ،1979 ووصلت الدبابات الإسرائيلية إلي منطقة حدودية يشكل وصولها إليها مخالفة للمعاهدة، فالجيش الإسرائيلي في أعقاب العملية التي نفذت شمال مدينة إيلات العام الماضي عمل علي نشر قوات اقتصرت علي ناقلات جنود من دون أن يشمل ذلك تحرك الدبابات وتقدمها إلي مسافة مثل التي وصل إليها الجيش في هذه العملية. فقد حددت المعاهدة نوعية القوات العسكرية المصرية والإسرائيلية التي تنتشر في سيناء والمنطقة الحدودية، وحددت منطقة عازلة علي الجانبين يوجد فيها نوع محدد من القوات متفق علي نوعية تسليحها من الطرفين ولا يحق لأي طرف الإخلال بهذا النظام إلا بالتنسيق وموافقة الطرف المقابل. وفي حينه سمحت إسرائيل لمصر بإدخال عشرين دبابة إلي سيناء والمناطق الحدودية وكذلك زيادة عدد أفراد الجيش المصري في أعقاب زيادة نفوذ الجماعات المسلحة في سيناء. لقد قسمت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل شبه جزيرة سيناء إلي ثلاث مناطق هي أ، ب، ج، بالاضافة إلي المنطقة داخل الحدود الإسرائيلية بموازاة الحدود مع مصر، ونصت الاتفاقية علي أنه يوجد بها قوات من حرس الحدود أو الشرطة الإسرائيلية فقط، وليس قوات عسكرية سواء احتياط أو قوات نظامية من الجيش الإسرائيلي، ومن هنا فإن التحرك الإسرائيلي يشكل خرقا فادحا للاتفاقية ويعكس حجم مخاوف تل أبيب من الوضع في سيناء، فالوضع علي الحدود حساس للغاية، ومصر بدورها تدرس الموقف علي أعلي المستويات. يربط المراقبون في إسرائيل التحرك الإسرائيلي علي الحدود في سيناء باحتمال وصول رئيس إسلامي لسدة الحكم في مصر، وهو ما حدث فعلا، ويعتبرونه أمرا يتسم بالخطورة، خاصة أن خبراء إسرائيل يصفون الوضع في سيناء بالخطير ويعتبرونه في حجم الخطر الإيراني. ووصفت صحيفة معاريف الإسرائيلية منطقة سيناء نقلا عن أوساط عسكرية رفيعة بأنها تتحول تدريجيا إلي جنوب لبنان آخر، لكن مع فارق جوهري واحد هو أن إسرائيل تتعامل مع المشكلة في منطقة الحدود الجنوبية مع دولة يربطها بها اتفاق سلام (مصر) بينما تتعامل مع منطقة الحدود الشمالية في غياب الدولة في مقابل حزب الله. إن المداولات التي شهدتها المؤسسة الأمنية في إسرائيل في الأيام الأخيرة خلصت إلي تقديرات مفادها أن سيطرة الإخوان المسلمين علي الحكم في مصر من شأنها أن تؤدي إلي تصعيد التوتر في منطقة الحدود الجنوبية، وهذه الأجهزة لا تري النظام المصري الجديد يسارع إلي معالجة الأوضاع المتدهورة في سيناء حيال انشغاله بقضايا داخلية.