فاز الدكتور محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية، بعد مارثون انتخابى شاق، ومخاض سياسى صعب، وولادة ديمقراطية متعثرة. الأهم من وصول الدكتور مرسى إلى مقعد الرئاسة، هو فوز ثورة 25 يناير المجيدة، وتحقيق الثوار لمكاسب عديدة، وتأكيد أن دم الشهداء لم ولن يضيع هدرا، بل وإعطاء قبلة الحياة لثورتنا المجيدة، بعد أن كادت الثورة المضادة تقضى عليها، خاصة بعد المحاولات الفاشلة للفلول فى الأسابيع الأخيرة، لإجهاض الثورة والتشكيك فيها، والاستعداد لكتابة شهادة الوفاة لها، خاصة بعد أن أعلن الفريق أحمد شفيق، المرشح الخاسر وزعيم الفلول، أمس الأول الجمعة، ثقته فى الفوز بمنصب الرئاسة، وبالتالى استعادة أمجاد نظام مبارك "الساقط" والعودة إلى النقطة صفر، بعد عام ونصف العام من ثورتنا المجيدة، والاستخفاف بدماء الشهداء وتجاهل آلام المصابين، ووأد أحلام الوطنيين الحالمين بغد أفضل لمصر، والعيش بحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، والتحرر من الظلم والتهميش والإقصاء، ونسف الاستبداد، أىا كان نوعه، سواء كان استبدادا سياسيا أو باسم الدين. أنا لست سعيداً بفوز مرسى برئاسة الجمهورية فقط، ولكن لأننى شهدت مرحلة تغيير فى حياتى، بدأت منذ نزولى إلى التحرير لأشارك فى ثورة يناير، والمشاركة فى الانتخابات التشريعية، ثم الرئاسية، وشعرت لأول مرة فى حياتى أن صوتى الانتخابى له قيمة. سعيد لأننى عشت لحظة إعلان فوز رئيس الجمهورية بعد وقت عصيب من الترقب، وسمعت النتيجة من المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات، فى اللحظة الأخيرة، وتأكدت أن فى مصر قضاء نزيها ومحترما، وهذا مكسب آخر لا يضاهيه مكسب فى المشهد السياسى الحالى، ولاسيما بعد أن تناثرت الشائعات المغرضة، التى تؤكد فوز المرشح شفيق بالرئاسة، وفق سيناريو أو "طبخة سياسية" أعدتها اللجنة العليا للانتخابات بالمشاركة مع المجلس العسكرى، من أجل إقصاء الإخوان المسلمين عن الحكم، بل خشيت أن تتكرر تجربة الجزائر فى مصر، عندما انقلب الجيش على الإسلاميين بعد فوزهم فى الانتخابات فى سبتمبر عام 1991 ومنع وصولهم للحكم . شكرا للمجلس العسكرى الذى انحاز للشرعية والإرادة الشعبية، وتمت فى عهده أشرف وأنزه انتخابات تشريعية ورئاسية فى تاريخ مصر، وأثبت أنه محايد ويقف على مسافة واحدة من كل المصريين. كل التقدير لقضاة مصر الشرفاء والمحترمين الذين ضربوا أروع الأمثال، فى الحيدة والنزاهة والشفافية، لاسيما أن اللجنة العليا للانتخابات تعرضت إلى ضغوط مختلفة لا يتحملها بشر، ولكن ضربت المثل فى إرساء العدل، وتكريس الحقيقة، بعيدا عن الأهواء السياسية. لقد انتصر أغلب المصريىن للثورة، واختاروا التغيير، ليس حبا فى الإخوان، ولكن عشقا فى خوض مصر مرحلة جديدة فى حياتها، لاسيما أن نتيجة الانتخابات أكدت أننا سنعيش حياة ديمقراطية سليمة، بدليل التقارب بين المرشحين فى عدد الأصوات، وفوز الرئيس مرسى بفارق نسبة قليلة من الأصوات. أنا أشكر وأقدر أيضا كل من انتخب الفريق شفيق، لأننا فى النهاية نحن مصريون متحضرون، وأعطينا صورة للعالم كله، إننا شعب واحد، مهما كانت الخلافات السياسية بيننا، وهذا سيجعل العالم يحترمنا أكثر وأكثر. على الرئيس الجديد الدكتور مرسى، أن يكون رئيسا لكل المصريين، وأن يتخلى عن جماعة الإخوان المسلمين، وأن يترك رئاسة حزب الحرية والعدالة، وأن يفى بوعوده، وأن يكون أمينا على ثورة يناير ومبادئها وأهدافها، ووفيا لدماء شهدائها، وراعيا لمصابيها، وأن يطبق بالفعل مبدأ المشاركة لا المغالبة، ويبدد خوف بعض المصريين من الإخوان باعتبارهم يعشقون "التكويش"، وأنهم سيظلون دائما فى السلطة، ولو شعرت أنا بذلك فى ممارسات الرئيس القادمة، سأكون أول المعارضين له، لا بالكتابة فقط والرأى، ولكن بالنزول إلى ميدان التحرير من أجل خلعه .