والله العظيم لم افاجأ بموقف الإخوان المسلمين من ترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية.. فهم قوم يفعلون غير ما يقولون.. ويقولون بغير ما يفعلون.. هذه طبيعتهم. لقد شعروا بنشوة الانتصار في انتخابات مجلسي الشعب والشوري.. واحتلوا غالبية رئاسة لجان المجلس، إلي جانب فوزهم الكاسح في النقابات وبعد ذلك حصولهم علي رئاسة لجنة المائة التي ستقوم بصياغة الدستور فضلا عن حصول عدد كبير من حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة علي أكبر عدد من المرشحين في لجنة اعداد الدستور. لم يبق أمامهم سوي الترشح لرئاسة الجمهورية رغم رفضهم المتكرر والمستمر من جميع القيادات بعدم التفكير بخوض انتخابات الرئاسة من قبل أي من أعضاء الجماعة.. وهو الأمر الذي قامت فيه الجماعة بفصل د.عبدالمنعم أبوالفتوح من عضويتها نظرا لأنه خرج عن الاجماع ورشح نفسه في انتخابات الرئاسة.. أي انهم حسموا أمرهم بعدم خوض سباق الرئاسة. العجيب في الأمر أنهم رغم فصل د.أبوالفتوح ونفيهم القاطع بعدم ترشيح أي عضو لرئاسة الجمهورية.. نفاجأ، بل يفاجأ الجميع من المواطنين ومن القوي السياسية وعدد كبير من أفراد الجماعة نفسها، بهذا التراجع في القرارات وتم تصويت مجلس شوري الإخوان بموافقة 56 عضوا ورفض 52 عضوا للمشاركة في الانتخابات من خلال ترشيح عضو من جماعة الإخوان المسلمين.. واعتبروا أن الجماعة فقدت مصداقيتها وتقدم عدد من شباب الإخوان باستقالاتهم من الجماعة.. كما أن د.كمال الهلباوي وهو قيادي بارز في الجماعة أعلن علي الهواء مباشرة في برنامج العاشرة مساء مع مني الشاذلي استقالته من عضوية الإخوان بسبب قرار ترشيح خيرت الشاطر لمسابقة رئاسة الجمهورية احتجاجا علي تراجع مواقف الإخوان وليس علي شخص خيرت الشاطر. اعتبر الكثير من المحللين والقوي السياسية والناشطين والشارع المصري أن هذا القرار جاء في غير محله ووصفوه بعدم الحكمة.. ويفتقد المصداقية.. واحدث بلبلة وخلافات في الشارع. جماعة الإخوان المسلمين تعتقد أنها فعلت الصواب لأن الظروف الحالية تختلف عن الوقت الذي اتخذوا فيه قرارهم بعدم ترشح أي من أعضائها لانتخابات الرئاسة ومن أجل هذا تراجعوا عن قرارهم السابق وقرروا خوض التجربة لقد اعتقد الإخوان المسلمون بعد أن دانت لهم السلطة وجلسوا علي المقاعد التي كانوا محرومين منها طيلة أكثر من ستين عاما وتوهموا أن الثمار أصبحت ناضجة وتستحق القطف.. اعتقدوا أنهم اقتربوا جدا من كرسي الرئاسة واعتبروه شيئا سهل المنال وفي متناول أيديهم أو هكذا توهموا. لقد شعروا أن شعبية حازم صلاح أبو اسماعيل المرشح للرئاسة وبتشجيع ودعم محموم من قبل السلفيين تزداد يوما بعد يوم وأن الرجل يكسب أرضية وشعبية في كل مكان.. ونعلم أن لعبة المصالح هي التي تدير العملية ككل.. والعلاقة بين الإخوان والسلفيين ليست بالقوة أو الحميمية التي نعتقدها.. الرئاسة أصبحت معركة شرسة بين جماعة الاخوان والسلفيين. رب ضارة نافعة أن ترشيح الاخوان لخيرت الشاطر تفيد الآخرين أكثر مما تفيد الاخوان أنفسهم.. وافرح يا أبو الفتوح هذا في صالحك.. وفي صالح بقية المرشحين.. لأن الاخوان بتصرفهم هذا فقدوا الكثير في الشارع المصري، فقدوا ثقة الناس ودب الخلاف والشقاق بين شيوخ الجماعة وشباب الاخوان كما أن القرار لم يكن بردا وسلاما علي قلوب بقية المرشحين.. لأنهم بهذا التصرف الذي ليس في صالحهم يفتت أصوات الناخبين بالنسبة للمرشحين الاسلاميين.. مما يزيد من فرص المرشحين الآخرين رغم أنهم مسلحون أيضا. المواطن المصري اكتشف أن الاخوان لا تلتزم بأي عهود وتغير من مواقفها.. الأمر الذي يجعلها ليست أهلا للثقة. ترشيح الاخوان لخيرت الشاطر في انتخابات الرئاسة.. حق من حقوقها.. ولا غرابة في ذلك ولكن المؤسف والمحير هو قراراتهم السابقة بعدم الترشح أو تدعيم أي فرد من أفرادها ولكن يبدو أن الأمر هو من قبيل استعراض القوة من قبل الاخوان وحزب الحرية والعدالة.. وأن في مقدورهم إدارة البلاد إذا أرادوا.. رسالة أرادوا توصيلها إلي المجلس العسكري بعد انتهاء شهر العسل بينهما.