لماذا هذه الإشارات المتضاربة التي تأتينا من الإخوان وحزبهم المعروف باسم حزب الحرية والعدالة؟ عندما زارت بعثة صندوق النقد الدولي من قبل القاهرة حرصت علي أن تلتقي عدد من مسئولي الحزب الإخواني، وخرجت البعثة راضية عن هذا اللقاء، ولم يصرح أحد منها بأن الإخوان يعارضون أو يرفضون إبرام اتفاق بين مصر والصندوق يتيح لنا الاستفادة من قرض يبلغ 2.3 مليار دولار.. ولعل هذا أحد الأسباب التي دفعت بعثة الصندوق لأن تطلب من حكومة د. الجنزوري موافقة البرلمان الذي يحظي فيه الإخوان بالأغلبية علي البرنامج الاقتصادي الذي ستقدمه الحكومة للصندوق كأساس لهذا الاتفاق المصري المنتظر معه. ولكن مؤخراً خرج علينا د. محمد مرسي رئيس الحزب الإخواني ليعيب علي الحكومة اتجاهها للاتفاق مع صندوق النقد الدولي ويعتبر ذلك سببا من ضمن عدة أسباب حددها تحث حزبه ونوابه في البرلمان علي سحب الثقة من هذه الحكومة لاستبدالها بحكومة أخري يرأسها ويشكلها الإخوان. دعنا طبعا من الخلط الذي وقع فيه د. مرسي ما بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فهذا من الأمور الشائعة لأخطاء غير المتخصصين مثلما فعل المستشار القانوني للحزب وهو يتحدث عن دعم الطاقة دون أن يعلم قيمه ولا تفاصيل هذا الدعم في الموازنة العامة للدولة.. ولكن هذا التضارب في المواقف هنا يرتب مشكلات لنا نحن في غن عنها خاصة وأن لدينا من المشكلات الاقتصادية ما يكفينا ويزيد. ولا يصح هنا أن يفعل ويتحدث الحزب الإخواني في نطاق الاقتصاد مثلما يفعل ويتصرف في مجال السياسة.. فقد يكون مقبولا أو علي الأمثل مفهوما تلك الإشارات والمواقف المتضاربة في السياسة، لأن البعض ينتهج أسلوب المناورات السياسية ويري أن الإبداع في هذه المناورات السياسية شطارة... لكن المناورة في مجال الاقتصاد شديدة الخطر وتلحق بالاقتصاد الكثير من الضرر. المواقف المتضاربة بل الإشارات المتناقضة تثير الارتباك.. والارتباك يتناقض مع الوضوح الذي يحتاجه أي اقتصاد.. ولعلنا ندرك أن اختفاء هذا الوضوح أو إثارة الشكوك في المستقبل السياسي ألحقت الأذي الكبير باقتصادنا خلال العام الماضي. وإذا كان حزب الحرية والعدالة يسعي لأن يشكل الحكومة الجديدة البديلة لحكومة الجنزوري فهو مطالب الآن بالوضوح في كل شيء وفي المقدمة الوضوح الاقتصادي. وفي كتابي الذي صدر قبل بدء الانتخابات البرلمانية "الإخوان في الحكم فرصة العمر" قلت من خلال تحليل أفكار وآراء ومواقف الإخوان إن جوهر سياساتهم الاقتصادية لن يختلف عن المطبق حالياً ومنذ سنوات مضت في مصر، وهي سياسة اقتصاد السوق.. هم فقط يضيفون صفة لهذه السياسة حسبما يصفونها بأنها اقتصاد سوق إسلامي.. لكن جوهر هذه السياسة لن يختلف.. فلماذا الآن هذا التشويش المتعمد حول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟ لذلك أن المسئولية تفرض علي قادة الإخوان سواء في الجماعة أو في الحزب أن يخرجوا علينا بموقف واضح تجاه الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.. لنعرف إذا كخانوا هم فقط ضد اتفاق حكوممة الجنزوري معه بينما هم مع اتفاق حكومتهم معه. عبدالقادر شهيب