بدا وكأن مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في تونس في 24 فبراير لم يكن من أجل الخروج من حالة الاستعصاء الحالية في الوضع داخل سوريا وإنما عقد من أجل تأجيج الوضع أكثر وأكثر ولا أدل علي ذلك من أنه علي حين دعا المعارضة السورية للمشاركة فيه استبعد كلمة دعوة من يمثل النظام السوري أي انه مارس سياسة عزل طرف لحساب طرف آخر، وبالتالي ظهر الهدف واضحا من انعقاده وهو تشديد العقوبات علي سوريا وتعميق الحصار حولها، الأمر الذي من شأنه زيادة التوتر بين الطرفين.. النظام والمعارضة. وفي المؤتمر المذكور مُنيت المعارضة السورية بخيبة الأمل، فلقد كانت تتطلع إلي تدخل عسكري دولي ضد الجيش النظامي السوري بيد أن الفكرة أجهضت من جانب الدولة المضيفة ودول أخري وفي المؤتمر تصدر المشهد كل من قطر والسعودية حيث اقترحت الأولي تشكيل قوة عربية دولية لحفظ السلام، وهو الطرح الذي سبق وأثير ولم يتحمس له الغرب ولقد خشي البعض أن يكون مقدمة لتطبيق السيناريو الليبي وغاب عن "قطر" ان هذا المقترح يتطلب قرارا من مجلس الأمن كي يدخل حيز التنفيذ وهو أمر يتعذر تحقيقه في وجود معارضة روسيا والصين اللتين رفضتا المشاركة في مؤتمر أصدقاء سوريا للتنصل من أية قرارات تصدر عنه وتأكيدا لدعمهما للنظام السوري. الطرف الثاني السعودية، ولقد كان غريبا موقف وزير خارجيتها سعود الفيصل فخلافا لكل التوقعات تبني موقفا متشددا ضد النظام السوري عندما طالب بتسليح المعارضة السورية وعندما أيقن أن ذلك غير وارد غادر قاعة المؤتمر احتجاجا علي ما اعتبره عدم فاعلية المؤتمر، ولم يلبث أن سلط الأضواء علي مطلبه خلال لقائه ب"هيلاري كلينتون" وزيرة الخارجية الأمريكية عندما تحدث بصراحة عن تأييده الكامل لتسليح المعارضة السورية ووصف ذلك بأنه فكرة ممتازة، الأمر الذي أعطي دفعة لكلينتون كي ترتفع لهجتها ضد دمشق وتبشر بأن المعارضة سيتم تسليحها. ولعل سعود الفيصل بطرحه هذا قد أضفي الشرعية علي حقيقة ما يجري في سوريا علي أرض الواقع، ذلك ان عمليات تهريب السلاح للمعارضة السورية وللجيش المنشق تمضي علي قدم وساق عبر لبنان والعراق وتركيا ولأكثر من ذلك يجري تسلل الكثير من المتطوعين الذين يقاتلون ضد النظام السوري وينفذون تفجيرات انتحارية ضد المؤسسات كما حدث في حلب ودمشق وهم الذين تحدث عنهم رئيس الأركان الأمريكي وأكد ان فيهم عناصر من القاعدة. خاب فأل سعود الفيصل لاسيما وهو يري أن الغرب يتبني موقفا حذرا من تسليح المعارضة خشية من اشتعال حرب أهلية ضارية ولا أدري كيف طاوعه قلبه وعقله لأن يتشبث بهذا الطرح الذي يشكل خطورة بالغة حيث إن تسليح المعارضة سيكون مدخلا بالقطع لتوتر يصعب التحكم فيه ومن ثم سيقود حتما إلي حرب أهلية لا تبقي ولا تذر فهي أشبه ما تكون بما حدث في العراق الذي غرق في حرب أهلية طائفية. ربما ظهر مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في تونس كأرضية لجس النبض فقط حيال التوصيات التي يمكن أن تطرح والتي يمكن إجازتها والأخذ بها ليترك المجال لمؤتمر آخر يعقد في اسطنبول والمتوقع أن يتبلور خلاله موقف يتفق عليه الجميع بحيث لا تطفو علي السطح التباينات التي ظهرت في تونس بين الدول المشاركة حيث وصل التباين إلي الحد الذي دفع بسعود الفيصل لمغادرة المؤتمر احتجاجا علي عدم الأخذ بوجهة نظره الداعية إلي وجوب تسليح المعارضة وهي نفس الرؤية التي يتبناها الكونجرس وتبناها برهان عليون رئيس ما يسمي بالمجلس الوطني السوري والذي أعرب عن امتعاضه علي أساس أن المؤتمر لم يلب طموحات الشعب السوري. غاب عن كل من يدعو إلي تسليح المعارضة السورية أنها منقسمة علي نفسها وأن المجلس الوطني السوري الذي يترأسه برهان غليون تسوده الخلافات هو ما حدا ب"عروبة بركات" وهي عضو في هذا المجلس إلي أن تقول "بأن المجلس الوطني يعيش أيامه الأخيرة بسبب غطرسة بعض الكتل فيه وأن هناك انتفاضة حقيقية ستحدث بالمجلس قريبا إن لم يغير من مساره وعليه فإن النصيحة تساق إلي كل من يتلهف علي تسليح المعارضة بأن ينتظر حسم المواقف داخل هذا المجلس كي يسلح الفريق الذي سيظل موجودا تحت لافتته، فهناك خلافات واشكاليات وتنافس علي الرئاسة حدا ب"برهان غليون" رئيسه الحالي إلي أن يهدد بالانسحاب منه إذا لم يتم انتخابه مجددا هذا فضلا عن استياء الكثيرين من توجهات بسمه قضمائي العضو في المجلس لعلاقتها الحميمية مع الصهاينة إلي حد تأييدهم. لقد أثبتت الجامعة العربية بتحركاتها فشلها الذريع لكونها تبنت الرؤية الغربية إلي الحد الذي بدت معه وكأنها تدفع