أكد الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح استقالته من منصبه كمحافظ لبنك الكويت المركزي مبينا أن تحديات الأوضاع الاقتصادية المحلية القائمة واتجاهاتها المتوقعة في مجال النمو المتواصل للمصروفات العامة بلغت حدا يعوق إمكان قيام البنك المركزي مستقبلا بمسئولياته لتوضحقيق أغراضه كما حددها قانون إنشائه. وأضاف الشيخ سالم بذل قصاري جهده خلال الفترة الماضية لإبراز الحاجة الملحة لمعالجة الاختلالات الهيكلية الرئيسية التي يعاني الاقتصاد الوطني من تداعياتها وفي مقدمتها زيادة المصروفات العامة لمستويات غير مسبوقة وغير قابلة للاستمرار، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر علي قدرة البنك المركزي علي الاضطلاع بمسئولياته لتكريس دعامات الاستقرار النقدي والاستقرار المالي في الاقتصاد الوطني. وبين الشيخ سالم أنه بالرغم مما لاقته تلك الجهود من قبول وتأييد إلا أنها لم تتجسد بإجراءات ملموسة لتوجيه دفة الإصلاح المالي كمدخل للإصلاح الاقتصادي المطلوب، ونتيجة لذلك تفاقمت حدة الاختلالات الهيكلية القائمة وتعاظمت المحاذير التي تنطوي علي استمرارها، وهي محاذير قائمة ومتزايدة وان حجبتها الأسعار المرتفعة للنفط في الأسواق العالمية في المرحلة الحالية. كان المحافظ قد قدم الي السلطات العليا دراسة أولية عن مخاطر الاستمرار في التوسع بالإنفاق الجاري، لا سيما في بنود الأجور والرواتب والدعم. ومن نتاج تلك الدراسة أطلقت السلطات العليا اللجنة الاستشارية الاقتصادية في 15 أغسطس 2011، وضمت عشرات الكفاءات بمختلف الاختصاصات، وشملت معظم أطياف المجتمع. وشرعت في دراسة مخاطر تفاقم زيادة الانفاق الاستهلاكي الجاري علي الميزانية العامة للدولة، وانبثقت عن اللجنة الأم عدة لجان متخصصة توزعت فيها الكفاءات وعقدت سلسلة اجتماعات مثمرة. وبعد أقل من شهر علي انطلاق اللجنة العتيدة أتت مفاجأة وزير النفط محمد البصيري بإعلان إقرار زيادة رواتب العاملين في القطاع النفطي وكلفتها عدة مئات ملايين الدنانير، حتي ان عدة وزراء آنذاك ابدوا استغرابهم، وكان جواب البصيري ان رئاسة الحكومة سمحت بذلك. ثم كرّت سبحة الاعتصامات والإضرابات في مختلف جهات القطاع العام للمطالبة بزيادات رواتب وإقرار كوادر، وأصيب أعضاء اللجنة الاستشارية الاقتصادية باحباط شديد، حتي ان بعضهم فكر بالاستقالة إلا أنه تريث في ذلك احتراما لسمو أمير البلاد الذي رعي أعمال اللجنة منذ انطلاقتها وكان هو من ترأس أول اجتماعاتها. واستمر العمل لتخلص النتائج الي تقرير حمل في مقدمته تعابير دق ناقوس الخطر، إذ قال: ان الوضع الاقتصادي خطير ويتجه الي مزيد من الانحدار، وان مزيدا من التأخير في تداركه سيؤدي الي صعوبة أكبر وتكلفة أكثر تدفع من رصيد مستقبل الوطن وابنائه.