* بعد الصفقة التي أنجزتها حركة حماس مع إسرائيل المعروفة بصفقة تبادل الأسري، والتي بادلت فيها حماس الجندي الأسير جلعاد شاليط ب 1027 أسيرا وأسيرة فلسطينية، اكتسحت حركة حماس التي تسيطر علي قطاع غزة شعبية كبيرة، بينما لاتزال حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس تتقدم في الانتخابات المقبلة بحسب استطلاع للرأي الفلسطيني. لكن يبدو أن الفلسطينيين منقسمون أيضاً في شأن فرص نجاح المصالحة بين الحركتين "فتح وحماس"، وتوحيد غزة والضفة الغربية، فلازال من يعتقد أن المصالحة لن تنجح ويقدر هؤلاء بنسبة 46% وهناك تساؤلات عديدة تتردد علي ألسنة المواطنين ولا تعرف الإجابة طريقا إليها.. لماذا لم يتم إنجاز المصالحة الفلسطينية المرجوة حتي الآن رغم التفاهم الذي تم والاتفاق الذي وقع بين الحركتين؟ وما الذي يقف عائقاً أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية، أو حكومة وفاق وطني من جهة؟ وأمام إعادة إحياء وتفعيل المجلس التشريعي الذي يعاني من الشلل التام منذ بداية دورته من جهة أخري؟ الإجابة الوحيدة التي يشعر بها المواطن وبصدقيتها أن الطرفين "فتح وحماس" لا يتمتعان بالنوايا الحسنة، ومن هنا فإن جهود المصالحة ستؤول إلي الصفر، ولن تتقدم خطوة واحدة وهناك مخاوف متصاعدة أيضاً من عدم نجاح الجانب المصري الذي رعا اتفاق المصالحة في حسم الخلاف حول القضايا الشائكة بين الطرفين، كما أن هناك العديد من التساؤلات المطروحة حول طبيعة التنسيق بين حماس الداخل وحماس الخارج، إذ إن قيادات من حركة حماس نفسها كانت قد أكدت بأن هناك جيوبا داخل حركة حماس في قطاع غزة لا تريد للوحدة الوطنية أن تتحقق. إنجاز المصالحة كما يري الكثير من المراقبين دون التوافق أولاً بين الفصائل الفلسطينية وعلي رأسها حركتا فتح وحماس علي برنامج عمل سياسي ونضالي يكون أيضاً برنامج عمل حكومة الوفاق الوطني حيث يتم تشكيلها، ومثل هذا البرنامج يجب أن يكون متساوياً مع شروط ومقومات العملية السياسية كما تحددت عربيا المبادرة العربية عام ،2002 ودوليا قرارات مجلس الأمن الدولي. كذلك كيف يمكن لهذه المصالحة أن تعرف طريقها إلي النور وهناك مخاوف حقيقية لدي الطرفين الرئيسيين "فتح وحماس" كل من الآخر إذا ما جرت انتخابات عامة، فلدي فتح مخاوف حقيقية بخسارة الضفة الغربية وفي المقابل هناك مخاوف حقيقية لدي حماس بخسارة غزة أيضاً، وهذا يعني نهاية حماس كقوة سياسية نضالية مؤثرة تماما مثلما يعني خسارة فتح للضفة الغربية نهايتها كقوة سياسية مؤثرة، وربما نهاية منظمة التحرير الفلسطينية أيضا وعلي الرغم من استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله والذي أظهر أن 37% من المستطلعة آراؤهم ازداد تأييدهم لحركة حماس عقب صفقة شاليط التي نفذت في أكتوبر الماضي، غير أن تأييد حماس لن يؤدي إلي تقدم في التصويت إذ سيصوت 43% منهم لفتح إن أجريت الانتخابات اليوم وهو انخفاض بفارق نقطتين عن آخر استطلاع قبل ثلاثة أشهر بينما احتفظت حماس ب 29% في حين حصلت الأحزاب الأخري علي 11%، وفيما يتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في مايو المقبل بحسب اتفاق المصالحة، يري 43% أن الانتخابات ستجري في موعدها المحدد، بينما لا يتفق معهم 47%. ولا نستطيع أن نغفل معادلة الصراع العربي مع أنظمته فالربيع العربي وضع المنطقة برمتها في دوامة عدم الاستقرار، والوضع الفلسطيني ليس بمعزل عن هذه الظروف، فحماس أساسا تتوقع الكثير من نتائج عملية التحول الديمقراطي في كل من تونس ومصر وغيرها من الدول المتأثرة في الوقت الذي أصبح وجودها في سوريا غريبا ومزعجا لها وللدولة المضيفة علي حد سواء، أما السلطة الفلسطينية وفتح في عصبها وصلبها فهي مازالت حائرة وتنتظر في ظل ربيع قد يطول ومن هنا فإنه من المستبعد أن ينطلق قطار المصالحة بالسرعة المتوقعة له ويصل إلي محطته المرجوة في الميعاد المحدد وبالذات في ظل عدم التوافق مع برنامج سياسي ونضالي تلتف حوله الفصائل الفلسطينية المختلفة ومن ضمنها حماس والذي مازال بعيد المنال؟!