كشف التقرير الأخير الصادر عن البنك المركزي المصري عن وجود زيادة مطردة في معدلات الودائع بالبنوك وتراجع ملحوظ في معدل الإقراض وتمويل المشروعات الاستثمارية خاصة في أعقاب ثورة يناير حتي الآن، وهو ما يثير عدة تساؤلات حول الآليات والطرق التي تلجأ اليها البنوك لتوظيف هذه الفوائض المالية حتي لا تمثل عبئا عليها ومدي امكانية اتجاه بعض البنوك لاستثمار جزء من هذه الأموال في سوق الاوراق المالية. عدد من مسئولي البنوك قالوا ان مسألة وجود فوائض مالية غير مستغلة بالبنوك ليس بالظاهرة الجديدة ولكنها موجودة قبل ثورة يناير بسبب "ظاهرة الأيدي المرتعشة" والانكماش في منح القروض وتمويل المشروعات المختلفة. وأكدوا انه من الصعب تماما توجيه البنوك لجزء من هذه الفوائض المالية المتاحة لديها لاستثمارها في سوق الأوراق المالية خاصة في ظل الظروف الحالية التي تعاني منها البورصة المصرية وارتفاع درجة المخاطرة بسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية. في البداية يقول محمد طارق شاهين مدير بنك مصر إيران فرع القاهرة إن الفوائض المالية الموجودة لدي البنوك حاليا يتم استثمارها في مجالات مختلفة من بينها ضخ جزء من هذه الأموال في أذون الخزانة والسندات الحكومية. ويضيف انه يمكن ايضا توظيف جزء من السيولة الزائدة في تمويل المشروعات الاستثمارية الصغيرة المتوسطة التي تهتم البنوك كثيرا في توفير القروض اللازمة لها حيث تخدم شريحة كبيرة من العملاء بالاضافة الي اهتمام البنوك ايضا بمنح التسهيلات الائتمانية المعتادة للشركات وتجديد القروض القائمة بالفعل. وردا علي سؤال آخر حول الآليات الأخري التي يمكن ان تلجأ لها بعض البنوك للتخفيف من عبء هذه الأموال غير المستغلة والموجودة لديها يذكر محمد طارق ان هناك عددا من البنوك التي تعاني من وجود سيولة لديها غير مستغلة وهذه قد تقوم بربطها بآلية "الكوريدور" بالبنك المركزي وذلك لمدة ليلة واحدة أو ليلتين فقط. ويري انه يجب ان تكون نسبة الإقراض تمثل 60% من اجمالي الودائع مشيرا الي ضرورة محافظة البنوك علي هذه النسب حتي لا ترتفع تكلفة الأموال الموجودة لديها. وفيما يتعلق بإمكانية إقدام البنوك علي توظيف جزء من هذه الأموال الزائدة واستثمارها في سوق الأوراق المالية أوضح محمد طارق شاهين ان هذا السيناريو غير مطروح الآن قائلا انه من الافضل الاتجاه الي توظيف هذه الفوائض المالية في مشروعات استثمارية تخدم الاقتصاد وتساعد في دوران عجلة الانتاج خاصة وان الاستثمار في البورصة حاليا محفوف بالمخاطر العالية نظرا لحالة عدم الاستقرار التي تسيطر علي هذه السوق. ويستطرد قائلا: إن الاقتصاد حاليا يحتاج الي إقامة مشروعات استثمارية ضخمة يكون لها دور في دعم السوق وتوفير سلع وايجاد فرص عمل جديدة. ومن جانبه يذكر رضا هاشم الخبير المصرفي ان الفترة الماضية شهدت حالة من الانكماش الواضح في منح القروض والتسهيلات الائتمانية وذلك علي مستوي جميع البنوك العاملة في السوق المصرية سواء قبل الثورة او بعدها. ويضيف ان ظاهرة "الأيدي المرتعشة" أسهمت بشكل فعال في زيادة الفوائض المالية الموجودة بالبنوك الآن مؤكدا ان التردد في منح القروض والتسهيلات الائتمانية وتوفير التمويل اللازم للمشروعات المختلفة علي مستوي القطاعات الاقتصادية نجم عنه زيادة مطردة في الودائع وتراجع في الائتمان عن النسب المتعارف عليها دوليا. ويذكر رضا هاشم ان ظاهرة الايدي المرتعشة في منح الائتمان والقروض اللازمة للمشروعات كانت تعاني منها البنوك قبل ثورة 25 يناير ولكنها تفاقمت حدتها بعد الثورة وترتب عليه وجود سيولة غير مستغلة لدي معظم البنوك. ويستطرد قائلا: إن المناخ والظروف الحالية سواء السياسية اوالاقتصادية لا تشجع المستثمرين علي الدخول في أية مشروعات استثمارية جديدة علي الاقل في الوقت الحالي مشيرا الي اتجاه الكثير من الصناع والتجار الي محاولة جمع الاموال الموجودة لديهم بالسوق خوفا من حدوث اية اضطرابات سياسية او اقتصادية جديدة. ويقول رضا هاشم ان حالة عدم الاستقرار هذه التي تمر بها السوق المصرية لعبت دورا مباشرا في تراجع معدلات الائتمان بالبنوك عن المعتاد ومن ثم زادت الفوائض المالية لديها.