ضربت أزمة الديون السيادية التي تعاني منها بعد دول الاتحاد الأوروبي سوق العقارات التجارية التي كانت تتعافي ببطء خلال العامين الماضيين وذلك بسبب مخاوف من حدوث ركود عالمي. وكان المستثمرون من زمن غير بعيد يشترون عقارات تجارية خصوصاً في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وبولندا والدول الاسكندنافية توقعاً منهم أن النمو الاقتصادي سيشجع الشركات علي تأجير الوحدات العقارية الأمر الذي يزيد نسبة الإشغال وينمي إيرادات التأجير. لكن أزمة الديون غيرت هذه التوقعات. فبدأت تتقلص الصفقات العقارية وتتوقف خطط التوسعات العمرانية ويحذر بعض المحللين من أن الشركات العقارية علي وشك ركود جديد. كما حذر بنك أوف أمريكا مؤخراً من إفراط قيمة كبريات الشركات العقارية المسجلة في سوق المملكة المتحدة الأمر الذي أدي إلي تصحيح حاد لأسعار أسهم لاند سكيوريتيز جروب وجريت بورتلند استيتس وديرونت لندن. وقال محللو البنك: ربما يكون من المناسب للقطاع العقاري أن يتداول أسهمه بأسعار مميزة توقعاً للنمو. غير أنه في ظل البيئة الاقتصادية الراهنة التي تفتقر إلي النمو لا يوجد ما يبرر تلك الأسعار المرتفعة. ويقول محللو العقارات إن نمو تأجير العقارات في العديد من كبريات الأسواق الأوروبية يكاد يتوقف. وبالنظر إلي أن الحصول علي التمويل أصبح أكثر صعوبة وأن المستثمرين ازدادوا حرصاً فإن إبرام الصفقات يستغرق وقتاً أطول بل إنه لا يوجد سوي القليل من هذه الصفقات. ويذكر أن حجم الاستثمار العقاري الإجمالي في أوروبا بلغ 26.2 مليار يورو في ربع السنة الثاني منخفضاً بنسبة 11.5% عن ربع السنة الأول بحسب تقرير عن أسواق العقارات التجارية الأوروبية خلال النصف الأول من العام الحالي أصدرته مؤسسة كوشمان أند ويكفيلد. وسجلت مجموعة سي بي ريتشارد إليس للخدمات العقارية أرقاماً مشابهة كما ذكرت هذه المجموعة أن الاستثمار عبر الحدود وهي الاستثمارات من دولة أوروبية في دولة أوروبية أخري تراجع بنسبة 19% خلال الربع الثاني من العام الحالي ما يعني أن المستثمرين ينسحبون في ظل اقتصاد أوروبي متذبذب. ويقول مايكل ريدرك رئيس الأسواق الرأسمالية الأوروبية في كوشمان أند ويكفيلد في وول ستريت جورنال: شهدنا تباطؤ أحجام الاستثمار في ربع السنة الثاني وهو أول تراجع ربعي منذ انهيار بنك ليمان براذرز عام 2008.. ورغم أن بعض المحللين يتوقعون زيادة حجم الاستثمار العقاري بنسبة 12% مقارنة بالعام الماضي إلا أن كوشمان آند ويكفيلد قلصت توقعها في شأن حجم الاستثمار العقاري التجاري الأوروبي إلي 124 مليار يورو هذا العام من سابق توقعها البالغ 135 مليار يورو. وفيما يظهر الاقتصاد مؤشرات الوهن عموماً فإنه من غير الواضح حتي الآن كيف ستتأثر إيرادات العقارات التجارية. ومع تفاقم مشاكل الديون السيادية في أوروبا وزيادة عدم اليقين الاقتصادي العالمي عموماً من غير المرجح أن يكون المجال العقاري هو الاستثمار المفضل. وقالت مجموعة سي بي ريتشارد إليس للخدمات العقارية: في ظل الأحوال الراهنة تتوجه رؤوس الأموال نحو الأصول التي تكفل أكبر سيولة التي لا تشمل القطاع العقاري حالياً. مصطفي عبد العزيز