حدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه الذي ألقاه قبل أيام حول أسس السياسة الأمريكية مع تحركات الشارع العربي، والمعادلة الجديدة للدفع بعملية السلام، ورغم أن الخطاب حاول أن يكون متوازنا، إلا أنه حمل تصعيدا شديدا تجاه سوريا وليبيا، والتفافا واضحا فيما يخص مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة أن الخطاب كان مخصصا بداية لتحريك عملية السلام، واستباق زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي. وبدا واضحا أن أوباما يفضل الانتظار حتي اتضاح الصورة الفلسطينية، عن الاستثمار كثيرا في عملية السلام في هذه المرحلة، خصوصا في ضوء الغموض وعلامات الاستفهام المطروحة في شأن شكل الحكومة الفلسطينية المقبلة وموقف حماس، ومستقبل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض فأمريكا تستعد لدور أكبر نهاية الصيف، ويسبق في الوقت نفسه جهود الإعلان الأحادي للدولة الفلسطينية عبر تقديم بديل يستميل الأوروبيين ويغير حسابات السلطة الفلسطينية، فواشنطن تنتظر شكل الحكومة الفلسطينية المقبلة قبل تحديد سياسة المساعدات، وأن هناك تحولات جيوسياسية محورية في المنطقة، تؤثر في حسابات الأطراف الفلسطينية، والتي مهدت لبيئة المصالحة، الأمر الذي انعكس سلبا علي الإدارة الأمريكية والكونجرس، والضبابية فيما يتعلق بالتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية المقبلة، بانتظار إعلان تركيبتها وبيانها الوزاري وصلاحيات الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية. وفي الوقت الذي تعالت أصوات الجدل داخل الإدارة الأمريكية في شأن فكرة تضمين الخطاب حدود عام 1967 كمرجعية للمفاوضات، إلا أن الخطاب جاء بوتيرة هادئة فيما يتعلق بحدود الدولة الفلسطينية عام ،1967 إذ أضاف لها بندا جديدا وهو المتعلق بتبادل الأراضي، الأمر الذي ينعكس سلبا علي شرعية الحدود الفلسطينية المحتلة عام ،1967 بما يعني امكانية مبادلة أراض حسب ما تري مصالح إسرائيل وبالتوافق بين الطرفين، ونوه أوباما في خطابه إلي أن جهود الفلسطينيين لانتزاع اعتراف بدولتهم في الأممالمتحدة لن تجدي نفعا، كما أن جهودهم لنزع الشرعية عن إسرائيل ستبوء بالفشل، ولوح إلي رفض المصالحة مع حماس عندما أشار إلي أن القادة الفلسطينيين لن يحققوا السلام أو الازدهار إذا أصرت حماس علي المضي في طريق الإرهاب والرفض، وأن الفلسطينيين لن يحققوا أبدا استقلالهم بانكارهم حق إسرائيل في الوجود. الصحافة الأمريكية التي رصدت وفندت خطاب أوباما قبل القائه قالت إن الأمريكيين خططوا بهذا الخطاب أن يخفضوا سقف توقعات الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وعلي الرغم من ذلك فقد جاء رد فعل نتنياهو سريعا ومباشرا، بأن إسرائيل لا تستطيع التفاوض علي حدود 1967 لأنها بذلك لن تستطيع حماية أمنها القومي، واستقرارها ولا يمكن الدفاع عنها وكان نتنياهو قد ألقي خطابا أمام الكنيست يتضمن أفكاره في عملية السلام، قبل أن يلقي خطابه أمام الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ في الكونجرس الأمريكي، حمل فيه مسئولية الجمود السياسي إلي الفلسطينيين، وطالب الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وهو ما اعتبرته وسائل الإعلام الإسرائيلية ضمن الحل الدائم، وليس شرطا مسبقا، ويعني بالنسبة لنتنياهو الاعتراف بحق اليهود في العيش في المنطقة كدولة سيادية. أما البند الثاني فهو أن الاتفاق يجب أن يؤدي إلي انهاء الصراع وانتهاء المطالب الفلسطينية من إسرائيل، والذي يعتبر انهاء جميع الخلافات وعدم مطالبة إسرائيل بتنازلات أخري، أما البند الثالث فهو أن قضية اللاجئين يجب أن تحل خارج حدود إسرائيل، الأمر الذي يعني منع عودة اللاجئين إلي البلدات التي هجروا منها عام النكبة، وبحسب البند الرابع فإن دولة فلسطينية منزوعة السلاح تقام بموجب اتفاق سلام لا يمس بأمن إسرائيل ويتضمن وجودا إسرائيليا في الأغوار، بما يعني وجودا عسكريا إسرائيليا، في حين سيتم اخلاء المستوطنات في الأغوار، والبند الخامس الذي تضمن ابقاء الكتل الاستيطانية تحت السيادة الإسرائيلية، يعني اخلاء المستوطنات المنعزلة في الضفة الغربية، أما البند السادس الذي تضمن إبقاء القدس عاصمة إسرائيل، فهو لا يتضمن كيف سيتعامل نتنياهو مع الفلسطينيين المقدسيين والحرم الشريف.