بعد أن اهتمت الصحف والفضائيات ومواقع الإنترنت بتطورات صحة الرئيس المخلوع مبارك منذ تنحيه، بل ازداد هذا الاهتمام بعد صدور قرار بحبسه، وانتظار ترحيله إلي سجن طرة أو إلي مستشفي عسكري، انشغلت وسائل الإعلام أمس الأربعاء باحتفال بعيد ميلاد الرئيس السابق في محبسه، بل بعض الصحف القومية نشرت تفاصيل هذا الاحتفال، وأكدت تلك الصحف أن "مبارك" احتفل بعيد ميلاده الثالث والثمانين وسط عائلته في مستشفي شرم الشيخ حيث يقضي فترة حبسه احتياطيا، وقام بتقطيع التورته بنفسه، وكان في حالة صحية ومعنوية جيدة، بل كان صابغا شعره كالعادة!. ولا يهمني في الوقت الحالي أن يحتفل مبارك بعيد ميلاده أو لا يحتفل، أو يصبغ شعره أولا يصبغ فتلك أمور شخصية، ولن أناقش مصداقية ما نشرته تلك الصحف في الأساس، أو حتي الحالة الصحية للرئيس المخلوع قبل أو بعد حفل عيد ميلاده، لأن الأهم من ذلك كله، هو معرفة ردود فعل الرئيس السابق وعائلته، وكذلك جهات التحقيق، من بيان وزارة الخارجية السويسرية الذي أصدرته يوم الاثنين الماضي وجاء فيه أن الحكومة السويسرية جمدت 410 ملايين فرنك سويسري من حسابات الرئيس المخلوع مبارك في بنوك سويسرية. كما أن هناك شكوي جديدة قدمت ضد سيدة مصر الأولي سابقا سوزان مبارك، بشأن وجود اختلاسات ومخالفات مالية في مشروع "القراءة للجميع" التي كانت ترعاه قرينة الرئيس المخلوع، مع العلم أن النيابة العامة لم تعلن حتي الآن نتائج التحقيق في المخالفات المالية بمكتبة الإسكندرية، والخلط بين بعض حسابات المكتبة والحسابات الخاصة لسوزان مبارك، وضياع مبالغ تقدر بملايين الدولارات من أموال المكتبة، ودخلت في ذمة قرينة السيد الرئيس السابق. وهناك طلبات رسمية قدمت من الحكومة المصرية إلي دول الاتحاد الأوروبي، بشأن تجميد أموال الرئيس السابق وعائلته، كما أن هناك تأكيدات بالتحفظ علي قصور وشقق يملكها مبارك وعائلته في دول أوروبية وأمريكا. نعم هناك لجان لحصر ممتلكات مبارك وعائلته في الداخل والخارج، كما أن هناك لجنة شكلتها الحكومة لاسترداد أموال الرئيس المخلوع وعائلته من الخارج، بالإضافة إلي جهود شعبية مشكورة تقوم بالتعاون مع منظمات بالخارج لاسترداد تلك الأموال، مثل المجموعة المصرية لاسترداد الأموال المصرية المهربة من الخارج والتي يرأسها صديقي الدكتور محمد محسوب عميد كلية الحقوق جامعة المنوفية. ولكن كل تلك الجهود سواء الرسمية أو الشعبية -في الداخل والخارج- لن تسفر عن شيء إلا بعد محاكمة عادلة لمبارك وأسرته، وكل ناهبو أموال مصر خلال الحقبة المباركية، وصدور أحكام نهائية بالإدانة. فلابد أن ينصب اهتمامنا الرسمي والشعبي والإعلامي علي كيفية استرداد أموال مصر من الخارج، خاصة أموال الرئيس المخلوع وعائلته، والذي ادعي في خطابه الأخير غير الرسمي عبر قناة العربية الفضائية وقبل حبسه احتياطيا بيوم واحد، إنه لا يملك جنيها واحدا خارج مصر، واتضح أنه يملك 747 مليون دولار في سويسرا فقط، وبالتالي لا يهمنا تطور صحة السيد الرئيس السابق سواء أصيب بالارتجاف الأذيني أو التراجع الميترالي أو التهابات في الرأس نتيجة صباغة شعره طوال تلك السنوات، ولكن يهمنا محاكمة عادلة وسريعة له، لا لكي نشمت أو نتشفي فيه، ولكن من أجل إرساء وترسيخ قواعد العدالة في "مصر الجديدة"، بعد الثورة، واسترداد أموالنا المنهوبة من الخارج، وليس أموال الرئيس وعائلته فقط، بل أموال كل من نهبونا خلال الثلاثين عاما الماضية ولاسيما كبار المسئولين الذين تاجروا بألام الشعب وإدعوا أنهم يقفون صفا واحدا مع الفقراء ويحمون مصالح محدودي الدخل، وهم في الحقيقة يسرقون فقراء الشعب ليل نهار بالقانون ودون حياء، أو خوف من رقابة رسمية أو شعبية أو حتي إلهية. حمدي البصير