يبدو أن الأزمات المتلاحقة التى تواجه العالم استمرارا لتداعيات الأزمة المالية العالمية سوف يكون لها تأثير كبير على سوق العمل العالمى خاصة أن التقارير الدولية أكدت أن عدد العاطلين عن العمل وصل إلى 205 ملايين فى عام ،2010 دون تغيير يذكر عن عام ،2009 بزيادة تقدر بنحو 27،6 مليون عاطل عما كانت عليه خلال الأزمة العالمية فى عام 2007 . وذكرت وكالة أنباء (شينخوا) فى تقرير لها أن المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان سومافيا قال إن منظمة العمل تتوقع ارتفاع معدلات البطالة فى العالم بنحو 6،1% خلال عام 2011 مما يعنى أن 203،3 مليون شخص سيكونون عاطلين عن العمل، فى الوقت الذى سجل فيه سوق العمل انتعاشا متفاوتا مع استمرار معدلات البطالة العالية، وهذه الاتجاهات تشكل مفارقة صارخة مع حالة الانتعاش التى تشهدها مؤشرات الاقتصاد الكلى الأساسية، فقد حقق الناتج الإجمالى المحلى والاستهلاك الخاص والاستثمار والتجارة الدولية وأسواق الممتلكات انتعاشا كبيرا عام 2010 يفوق معدلات ما قبل الأزمة، وقال سومافيا: "يوجد تحد مشترك واحد وهو الحاجة إلى إعادة التفكير فى سياسات الاقتصاد الكلى المعيارية وجعل فرص العمل ذات النوعية والعمل الملائم فى صلب سياسات الاقتصاد الكلى بجانب خفض التضخم وموازنة الميزانيات" . وأضاف: "الاستثمار فى الاقتصاد الحقيقى وأسواق العمل وزيادة الدخل هى الوسائل لدفع النمو بينما تضمن التدابير الرامية إلى توسيع الحماية الاجتماعية وتحسين نوعية العمل دخلا أكثر استدامة وهى الحل الأمثل بالنسبة للعمال وأصحاب العمل على حد سواء" فقد ذكر التقرير أنه من غير المتوقع أن يتغير معدل البطالة فى العالم بشكل كبير خلال عام 2011 مقارنة بما كان عليه العام الماضى . إذ ينتظر أن يقدر بنحو مائتين وثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف عاطل أى بتراجع بنسبة 6،1%، مقابل مائتين وخمسة ملايين فى عام 2010 ووفقا لأرقام التقرير فقد شهد عدد العاطلين حول العالم زيادة قدرت بسبعة وعشرين مليونا وستمائة ألف عاطل منذ بداية الأزمة الاقتصادية فى العام 2007 . وذكرت (شينخوا) أن التقرير السنوى الصادر عن الأممالمتحدة حول اتجاهات سوق العمل خلال عام ،2011 ذكر أن منظمة العمل الدولية تحذر من الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية السلبية التى يمكن أن تشهدها دول العالم فى ظل استمرار معدلات البطالة فى الزيادة منذ العام 2007 وحتى الآن . ويشير تقرير المنظمة إلى أن استمرار ارتفاع معدلات البطالة بين فئة الشباب يستدعى الانتباه حتى لا ينعكس ذلك بشكل سلبى على السلم الاجتماعى فى عدد كبير من الدول، وقال مسئول بوزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعى الصينية إن معدل البطالة فى المناطق الحضرية فى الصين وصل إلى 4،1% فى نهاية العام الماضى مع تسجيل 9،08 مليون شخص عاطل عن العمل . وذكرت (شينخوا) أن معدل البطالة فى الولاياتالمتحدة سيصل إلى 9،4% فى سنة 2011 حيث أكدت وزارة العمل الأمريكية أن معدل البطالة فى الولاياتالمتحدة وصل إلى 9،4% فى ديسمبر ،2010 فيما سجلت أعداد العمالة غير الزراعية خلال الشهر زيادة تقدر ب103 آلاف وأفاد التقرير بأن إجمالى الأمريكيين غير العاملين بلغ 14،8 مليون، مع تغير طفيف . ولم يحقق معدل البطالة أى تغير بشكل أساسى منذ 2010 . وأشارت إلى أن هيئة الاحصاء الفيدرالية الروسية التابعة للدولة ذكرت أن معدل البطالة فى روسيا ارتفع بنسبة 0،4% ليصل إلى 7،6% فى يناير الماضى، وهو أعلى ارتفاع فى ثمانية أشهر منذ مايو الماضى، وذكرت الهيئة أن عدد العاطلين بلغ 71 .5 مليون فى يناير، وأضافت أن معدل البطالة فى ديسمبر كان بنسبة 2 .7% . وقد حث الرئيس دميترى ميدفيديف الحكومة على إيجاد مزيد من الوظائف لمكافحة البطالة، رغم أن الهيئة ذكرت أن عدد العاطلين فى روسيا تراجع فى الأعوام الأخيرة . وقال الرئيس إن 5 ملايين روسى "مازالوا يبحثون عن العمل" . وفيما يتعلق بالبطالة فى اليابان ذكرت وزارة الشئون الداخلية والاتصالات اليابانية أن اجمالى عدد العاطلين فى اليابان قدر ب 3 ملايين شخص بانخفاض قدره 240 ألفا عن العام السابق وبهذا يكون معدل البطالة تراجع لتاسع شهر على التوالى . ووفقا لبيانات الوزارة تراجع عدد الأشخاص الذين طلب منهم ترك وظائفهم بسبب تعثر الشركات أو بسبب مشكلات تجارية أخرى بواقع 280 ألف شخص بينما لم يتغير عدد من تركوا وظائفهم بارادتهم عن شهر فبراير بواقع 60 ألف شخص . وفيما يتعلق بالبطالة فى الدول العربية حذر صندوق النقد الدولى من تداعيات أزمة البطالة فى العالم العربى، قائلا إن الكثير من دول المنطقة بحاجة لمواجهة هذه المشكلة التى أدت إلى ثورة شعبية عنيفة فى تونس، أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن على . وقال ديفيد هاولى، الناطق باسم صندوق النقد الدولى، إنه من المبكر التكهن حول التداعيات الاقتصادية الكاملة لما يجرى فى تونس، ولكن من الواضح أن النشاط الاقتصادى فى حالة تراجع . وأضاف: "لقد قدرت وزارة الخارجية التونسية وقوع خسائر تعادل 5 .4% من الدخل الوطنى، ولا يمكننى أن أتوسع فى التقييم حاليا" . وتابع: "وبالنسبة للمنطقة ككل، أؤكد أننا نرى تصاعدا فى التوتر الاقتصادى، ففى الدول الشرق أوسطية غير المصدرة للنفط حصل تراجع للنمو خلال الفترة السابقة، وإن كان هذا التراجع أقل بكثير من دول أخرى فى العالم" . وشرح هاولى أن النمو فى دول المنطقة غير النفطية قارب 5 .4%، وهى "نسبة تعد متدنية مقارنة بالاحتياجات الكبيرة لهذه الدول، على صعيد إيجاد وظائف وامتصاص اليد العاملة التى تدخل الأسواق كل سنة" بحسب تعبيره . ولفت هاولى إلى أن مواجهة ظاهرة البطالة المرتفعة "مطلب قديم ولكنه شديد الأهمية فى المنطقة" .