رغم أن قضية تعويم الجنيه تعتبر من القضايا القديمة الجديدة التي أثارت جدلا كبيرا في الأوساط الاقتصادية رغم حالة الاستقرار التي سادت بعد اصلاحات سوق الصرف في عام 2005 فإن فتح الملف مجدداً بتقديم عدد من البلاغات ضد جمال مبارك بأنه المحرك الرئيسي لقرار تعويم الجنيه في عام 2003 والذي نجم عنه مضاربات وتلاعب في الأسواق في عهد الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الاسبق والذي جاء بعد صدام بين المؤسسات الدولية وحكومة الدكتور الجنزوري التي رفضت تعويمه في ذلك الوقت . وذكرت الاتهامات أن جمال مبارك وحاشيته حققوا أرباحا طائلة بسبب المضاربات والتلاعب في السوق خلال الفترة اللاحقة للقرار لاعطاء صبغة قانونية لعملية التعويم التي ظلت مسيطرة علي الاجواء خلال الفترة الماضية ورغم تدارك سوق الصرف كبوتها بإصلاحات أعادت الاتزان لها بعد خطة الاصلاح المصرفي في عام 2005 فإن رياح الاصلاح وبحسب المتقدمين بالبلاغات تقتضي محاسبة ماوصفوه بالانفلات في أيام سوداء مرت علي السوق المصري وضربت الميزان التجاري وأججت من حالة اللايقين في أوساط المستثمرين . وتؤكد وثيقة كشف عنها مؤخرا أنه ووفقا لمحضر اجتماع رسمي مؤرخ في 8 يناير 2003 بين الدكتور يوسف بطرس غالي وديفيد وولش السفير الأمريكي بالقاهرة وقتها وقبل 20 يوما من قرار تحرير سعر الصرف، أخبر غالي السفير الأمريكي بأنه سيقوم بزيارة إلي أمريكا برفقة جمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني بعد أسبوعين أي في 21 يناير 2003 وطلب الوزير من السفير الأمريكي التعاون لانجاح الزيارة، وفي المقابل طلب السفير من الوزير حل مشكلة سعر صرف الدولار في مصر وضرورة إيجاد سوق ثانوية للعملات الأجنبية يتم فيها التداول بأسعار مختلفة عن الأسعار المعلنة من البنك المركزي. محافظ البنك المركزي الدكتور فاروق العقدة الذي عمد إلي تركيم الاحتياطات لخفض قيمة الجنيه خلال العامين الماضيين لتشجيع الصادرات بعد ضغوط من رجال الأعمال رغم نفيه لذلك فإن الخبراء قالوا إن مايحدث للجنيه لايقبل الاحتمالات ورغم أن العقدة أكد في أعقاب الثورة أن المركزي قوي وقادر وجاهز دائما للحفاظ علي سلامة القطاع المصرفي وإدارة سوق النقد بكفاءة.. وأن الجنيه المصري مازال قويا مع انتظام سوق الصرف.. والثقة في العملة المصرية موجودة ولم تتزحزح منذ 6 سنوات أو يتم فقدها مشيرا إلي أنه طالما وجدت القوة والثقة فلن تعود الدولرة مرة أخري.. وسوف يتحرك السوق تحركات طبيعية طالما أن السيستم الذي تم وضعه واجه أزمات كانت بمثابة اختبارات قوية أكسبته الخبرة الكافية وخرج منها بنجاح شهد له خبراء العالم حتي أصبح جاهزا لمواجهة أية مشكلات أو أزمات يتعرض لها السوق لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن علي الساحة ما هو مستقبل إدارة سوق الصرف وهل من الممكن أن تتدخل المصالح السياسية وتدفع إلي اتخاذ قرار في توقيت خاطئ وبيئة غير مهيئة؟ آثار التعويم الخبير المصرفي أحمد آدم وصف أحوال سوق الصرف بأنه أشبه بسوق ظاهره فيه الرحمة وباطنه العذاب.. فرغم الاستقرار الذي شهده سوق الصرف إلا أن الاثار غير المباشرة علي مدار السنوات السابقة هزت عرش الجنيه المصري فالخطأ ليس في التعويم لكن في التوقيت وفي الاجواء التي سيمارس فيها تطبيق القرار والاخطر من ذلك أن جمال مبارك استخدم ذلك لمزيد من الضغوط لتحقيق أهدافه من كسب رضا المؤسسات الدولية . وقال آدم إن المؤسسات الدولية لاينبغي أن يلقي عليها كل اللوم في النهاية هي تطبق أدوات استقرار أنية وليست طويلة الأجل لكن الأسلوب الخاطئ في التطبيق كان في ظل الحكومات السابقة . وتابع آدم قائلا إن المشكلة الحقيقية تكمن في اختزال آثار التعويم الخاطئ بحسب وصفه في اضطرابات سوق الصرف وغض البصر عما وصفه بالكارثة فالبورصة علي سبيل المثال باتت معقلا كبيرا للأموال الساخنة في المنطقة التي تجول فيها وتخرج فجأة محدثة آثارا وخيمة علي الاقتصاد المصري كما إتضح ذلك في الأيام السابقة قبل الثورة وتغاضت عنها الحكومة لانها ترغب في أن تكون هذه الاموال مصدراً هاماً لتمويل عجز الموازنة الذي خرج