بالرغم من أن مصطلح "الفوضي الخلاقة" شائع في الأدبيات السياسية خلال السنوات الاخيرة إلا أن الخبراء فضلوا استخدامه لوصف مرحلة مابعد 2008 والتي سارت في سيناريو "تراجيدي" بدأ بأزمة مالية عالمية تحولت إلي اقتصادية ثم أزمة اجتماعية في الدول النامية تجلت في أحداث تونس بحسب وصفهم فالكثير يتجاهل يد الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها في أحداث تونس وإذا كان الكثيرون قد ركزوا علي التأثيرات الآنية للاحداث في البورصة وحركة الأموال الساخنة إلا أن المستقبل يحمل الكثير في طياته لجميع اقتصادات المنطقة التي تعول علي جذب الاستثمارات خلال الفترة المقبلة وهو ما أكدته دعوات القمة الاقتصادية العربية الاخيرة لكن وفقا للمثل الشعبي "العيار الي مايصبش يدوش" تبقي تساؤلات تطرح نفسها حول التأثيرات المستقبلية للاحداث الجارية علي الاقتصاد المصري بداية من العملة الخضراء التي جنحت إلي معدلات لم تشهدها منذ سنوات وارتفاع أسعار النفط وتأثيرهما علي التضخم وتدفق الاستثمارات الاجنبية ومدي ضررها علي الاحتياطي النقدي. رؤية الخبراء كانت أكثر تكشفا ووضوحا في استقراء الاحداث أكدوا أن الفترة القادمة هي من كانت توصف في السابق بأنها الأسوأ وطالبوا بعدم الافراط في التفاؤل مشيرين إلي أن الاقتصاد المصري سيتأثر من خلال عدة محاور بداية من تقويض فرص جذب الاستثمار الاجنبي وتأثيرها علي الاحتياطي النقدي فضلا عن تراجع قيمة الجنيه وارتفاع التضخم فضلا عن تأثيرات سلبية تواجه مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. من جانبها قالت الخبيرة المصرفية بسنت فهمي إن الحديث الطويل الذي استمر علي مدار 2010 بتعافي الاقتصاد العالمي من آثار الأزمة المالية العالمية انتهي مع أحداث تونس الأخيرة مشيرة إلي قراءاة الأحداث الأخيرة بصورة أكثر عمقا عندما بدأت الأزمة المالية العالمية بالولايات المتحدة وامتدت إلي المنطقة الاوروبية التي تعتبر الشريك الاكبر في التجارة مع دول حوض البحر الابيض المتوسط وتعرضت لازمات أدت إلي إنتهاجها سياسات انكماشية وصفتها بالمخيفة لم ينجو منها سوي دولتين علي الاكثر وبالتالي تعرضت التجارة للركود تدريجيا وسط تطمينات الحكومات بأن الاوضاع مستقرة وفي ضوء سيطرة اقتصاد ريعي علي دول المنطقة وعدم وجود قواعد تنموية تعرضت أولي هذه الاقتصاديات لتأثيرات مايوصف بأذيال الازمة المالية العالمية والتي علي مدار عامين زادت من معدلات البطالة والغلاء وشظف العيش وسرعت من إنهيار سريع لم يستطع البعض تحديد أسبابه المفاجئة. سنوات عجاف وقالت فهمي إن المنطقة ستدخل في سنوات عجاف ستجف فيها منابع الاستثمار الاجنبي المتدفق عليها في ضوء سيطرة عدم الاستقرار وقالت ينبغي أن نتحلي بروح المكاشفة والمصارحة مشيرة إلي الاقتصاد المصري الذي يتحدث دائماً عن أهمية جذب الاستثمارات سيتعرض لمأزق شديد فالمسألة كما تقول فهمي لاتتعلق بتحليلات أنية للاحداث تقتصر علي متابعة حركة الاموال الساخنة لكن الاخطر بحسب فهمي هي تراجع الاحتياطي النقدي وارتفاع سعر الدولار بصورة كبيرة واستمرار تراجع قيمة الجنيه المصري وهذا كله مصحوب بتغيرات مناخية عالمية والمؤشرات تتحدث عن ذلك وتتنبأ بثورة عارمة في الأسعار العالمية لن تجدي معها مايسمي بالمظلة الحكومية علي الاسواق ومحدوي الدخل إذا كانت النظرة أكثر بعداً . وقالت فهمي إن الاقتصاد المحلي يبدو علي المحك مع أحداث ساخنة ستجعله عاجزا عن تحقيق الوئام مع معادلة صعبة تكتنف عمل السياستين المالية والنقدية فبينما تسعي الحكومة لوضع ضوابط لحركة الاموال الساخنة كما تتحدث تبدو أنها أكثر إحتياجاً إليها لانها الداعم الرئيسي لحركة اذون الخزانة والسندات التي تعتمد عليها الحكومة في تمويل الدين المحلي الذي قفز إلي 800 مليار جنيه في مقابل ودائع 900 مليار جنيه. وقالت فهمي إن السياسة النقدية لم تستطع خلال السنوات الماضية ومنذ إعلانها عن سياسة ماوصفته بإستهداف التضخم السيطرة علي معدلات جنوحه لانه ليس تضخماً نقدياً في كثير من الأحيان بل هو هيكلي يخضع لعدم وجود رقابة علي الاسواق بصورة أججت من الممارسات الاحتكارية وقالت إن السياسة النقدية ستكون في مأزق فلن تستطيع خفض سعر الفائدة من أجل مصالح المودعين والابقاء علي سعر فائدة مغرية لتمويل الدين المحلي من جهه ولن تستطيع رفع الفائدة لمجابهة أزمة في الأسعار العالمية ستنعكس علي الاسواق الداخلية بصورة أكبر في ضوء