بينما لجأت بعض حكومات الدول الأوروبية إلي برامج التقشف لمواجهة أسوأ موجة ركود اقتصادي تشهده منذ عقود لا تبدو أغلب شعوب الدول الأوروبية علي استعداد لتناول هذا الدواء "المر" وهو ما كشفت عنه سلسلة الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت القارة ضد برامج التقشف من اليونان إلي بريطانيا. فانيسي روسي المحللة الاقتصادية بمؤسسة "تشاتام هاوس" البريطانية تري في صحيفة الفاينانشيال تايمز أن المشكلة التي تواجهها حكومات الدول الأوروبية تدور حول كيفية اقناع مواطنيها بإجراءات التقشف بعد سلسلة من برامجها التحفيز الاقتصادي التي لجأت إليها بعد اندلاع الأزمة المالية قبل عامين. وتقول ستوريا تيودوربولو الباحثة بمعهد نقابات العمال الأوروبية "إن الشعوب تتساءل عما إذا كانت الحكومات الأوروبية ستمدد برامج التقشف في العام الجديد أم لا فهي شخصيا تخشي من احتمال تمديد خطط التقشف حيث إن الحكومات تقيم خططها علي تقديرات غير واقعية علي حد قولها فإذا جاءت النتائج أقل من توقعات الحكومات فإنها ستلجأ إلي مزيد من الخفض في ميزانياتها الأمر الذي يقضي علي القليل من الآمال لدي الناس. وتشير روسي إلي أن الأمور ستصبح أسوأ فإذا أجرت الحكومات مزيدا من خفض الانفاق علي الخدمات العامة فإن الشعوب التي اعتادت الحياة في ظل حكومات سخية يمكن أن تدرك فجأة كيف تكون الحياة في غياب هذه الحكومات وتضيف أنه في مرحلة ما إذا جري تقليص الخدمات الحكومية لن يكون هناك عمل لهذه الحكومات وقد تصبح الأوضاع علي غرار الاتحاد السوفييتي عندما لم يعد العاملون في الدولة يحصلون علي أجر. أما شعوب الدول الأقل تضررا من الأزمة الحالية مثل ألمانيا فقد تري أنه لا يجب الاهتمام كثيرا بها باعتبارها مشكلات شعوب أخري وهو ما تعتبره تيودوربولو نظرة يجانبها الصواب لأنه من الخطأ تسويق الأمر باعتباره مشكلة ايرلندا أو اليونان فقط فإذا لم يتم انقاذ هذه الدول من المشكلات التي تواجهها فقد تصبح مشكلة لألمانيا ودول أوروبا الأخري. وتقول الصحيفة إن الغموض هو سيد الموقف بالنسبة لأزمة الديون السيادية التي تواجه العديد من دول "منطقة اليورو" التي تضم في عضويتها 16 دولة وألقت بظلالها الكثيفة علي بقية اقتصادات القارة العجوز.